لروح امحمد بن عريبية تحية لك سيدي


حنان بن عريبية
الحوار المتمدن - العدد: 6135 - 2019 / 2 / 4 - 00:59
المحور: سيرة ذاتية     

بابتسامة بنقاء خيوط الفجر وعذوبة نبع الصفاء ودعنا.. هل أرثيك يا أبتي ؟
أم أقتلع جذور الحزن التي تسري بمفاصل القلب وتبكيه؟
وهل في رثاء من علمني تدفق الحياة إنصاف يسعده!!
وهو من عاش بمحيّا يروي أوردة الثبات لكي لا يذبل زهر الصمود وبقسمات التفاؤل يسقيه..
يا أبتي كنت رائد الصمود حكيما تصغي لأنين فؤاد الكادح وتواسيه..
تصغي لكل من تهاوى أمام الجحود والنكران فتشد على يديه وتعتلي به وتعليه...
كصرح عتيد تحتضن الأخضر من الفيافي..وتغدق من عطفك وتغذيه..
كنت تحزن لكل مظلوم ولا تبتغي أن يراك المحزون حزينا لكي لا يضعف أمام ما يؤذيه..
في خلوتك يا أبتي شاهدتك تتضرع لرب رحيم وتدعو بالصلاح لمن فقدوا ضمير الإنسانية..
شاهدتك يا أبتي تحمل هم من لا تعرفهم..كم أنت عظيم يا أبتي..
كنت تقول أن أرواح الظلمة هائمة لا مستقر لها كالعدم..
فعلا هي كذلك إذا حطت على همم قلاع الإبحار تعطل شجاعة المرافئ والصحو يتحول كئيبا ..ونعلم ما يبكيه..
كنت في الضباب وتلبده سراجا منيرا تضيء مسار النجاة.. وخير مؤنس واليأس أمامك ذليل تطرده من النفوس ولا تبقيه..
كنت خير قبطان نجما يوجه سفن التعب وتصمد صلبا أمام كل العواصف..وتطرد الخوف ولا تستبقيه..
وكنت لا تنسى يا أبتي أين التدافع وأين جموع نفسي نفسي كنت لا تنسى كسير خاطر فتمسك بيده وتحتويه..
يا أبتي ذكريات معك لا تحصى ولا تعد.. أذكر أني وجدت مع الصغار حمامة فقلت سيعالجها بابا وجلبتها لك حمامة ملتاعة لا تطير.. فتبسمت لنا وباركت فعلنا وقلت لا تحزنوا ستحلق من جديد..
وشاهدناك يا رمز الطيب الطيب كيف تضمد ساقها برفق.. كنت منتبهة جدا لأناملك.. كم أنت عظيم.. شاهدناك وسمعناك يا بابا تقول ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.. ويوم وفاتك ابتسمت وأنت تودع هذه الدنيا..لتستقبل السماء روحك الزكية.. رحلت عنا بهدوء.. نمت يا أبتي نمت مطمئنا.. وهم يشيعون جثمانك الطاهر شعرت أن رحم الأرض كفردوس ينتظرك لا قبرا.. فلقد كانت تعتلي قسمات وجهك سكينة وطمأنينة ما أروعها..شاهدت فيها تجليات كل الكون..
قبّل الصغير والكبير جبينك يا أبتي وكل من يفعل يود لو يحتضنك مطولا..
حي يا أبتي بتنفسي.. بروحي.. بنبض القلب حي..
غرفتك كما هي دافئ فيها فراشك
نظاراتك..مفكرتك..هاتفك..كل أشيائك كما هي
خزانة ثيابك مرتبة..رائحتك روح وريحان يا أبتي..
دائم حضورك وهيبة مقامك..
كل ما يخصك ينبض بحضورك..
فكيف أرثيك ؟ وعزائي في ثلاث
لوفاة أب
لوفاة صديق مخلص
لوفاة رمز من رموز العطاء بلا مقابل..
وبأي أبجدية أنصف صرح غنى نفسك..
يا أبتي اكتسبت منك أنت كل المبادئ والقيم.. عرفت منك جوهر الإنسان وما معنى النعم.. لم اكتسب تاج الخير والكفاح إلا منك.. لم أعرف الشهامة ومنارة الصمود إلا منك.. تحية لك سيدي..
تحية لأنك لا تتحدث عما تفعله من خير.. لكنه رسم بمحياك طيلة حياتك ويوم وفاتك..
تحية سيدي لأنك كنت تعيل اليتيم وتقول كل من عليها فان ويبقى ذو الجلال والإكرام..افعلوا الخير..
كيف أنصفك فما كتبته لا شيء أمام مسيرة رجل عاش ومات غني النفس..
كل حروف الدنيا لا تنصف ظلك الذي كان يحتوي كل من يلجأ إليه.. وتحمي من يحتمي بك من لفيح الجحود والنكران..
تحية سيدي لأنك تستحق لا تكريما فقط بل مقاما مدونا بالقلوب لا ينسى .. لأنك أمام التبجح والخواء كنت تخدم الحياة.. فعلت الكثير من الخير بصمت.. تحية سيدي لأنك كنت تمقت الظلم ولا تستفزك أشواكه..
تحية لأنك أبتي لأنك سيدي بما تحمله تحية الأسياد.. لك مني سيدي تقديرا واحتراما
فكيف أرثيك ؟ وعزائي في ثلاث
لوفاة أب
لوفاة صديق مخلص
لوفاة غني نفس.. تحية سيدي.. ولروحك الطاهرة ألف ألف سلام.