العلمانية مكسب في يد الشعوب


التيتي الحبيب
الحوار المتمدن - العدد: 6121 - 2019 / 1 / 21 - 10:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     


العلمانية بما تعنيه فصل الدين عن السياسة وفصل السياسة عن الدين توفر الإطار الديمقراطي للعيش المشترك.
في موضوع الدولة وعلاقتها بالدين تساعدنا العلمانية على إعطاء وتصور البديل لما نحن فيه.
عند طرح البديل للدولة الحالية بالرجوع للدولة الإسلامية سواء تحت شعار الإسلام هو الحل أو تحت شعار الخلافة على منهاج النبي محمد فإننا لا نختلف جوهريا عن الدولة المغربية الحالية التي تؤسس دستوريا لإمارة المؤمنين.
في التصور الأول الدولة دينية وهي تنطلق من تفسير وقراءة معينة للدين وتتحزب للدين من منطلق سياسي يواصل إرثا وتقليديا يصبغ على نفسه شرعية مقدسة يأخذها لنفسه غصبا أو “إقناعا” لأنه استغل أوضاع الناس ومشاكلهم الحياتية كما هي اليوم ووظف الخلفية الايديولوجية الدينية من أجل ثورة الجياع فيقيم بهم خلافة إسلامية على المنهج النبوي. أما التوجه الثاني الذي يعتبر الدولة القائمة هي بدورها دولة الإسلام وتضمن علو كلمته عبر مؤسسة إمارة المؤمنين وها هي قد نجحت في استقطاب فريق من الإسلام السياسي، فريق الإخوان المسلمين الذين إمامهم السيد البنا وقطب وابن تيمية. هذا الفريق له “اجتهاداته” وله مراجعاته بررت وأفتت بالتحالف مع دولة إمارة المؤمنين وقد استطاع هذا الفريق الوصول إلى نتائج مبهرة في أسلمة المجتمع والدولة أكثر مما يستطيعه الفريق الغريم. إنهم توصلوا أو وصلوا إلى مبتغاهم في التمكين.
إن الموقف من الدولة في العصر الحديث بات معيارا لطبيعة المشروع المجتمعي الذي يصرح به صاحب الموقف. فالصراع من أجل بناء الدولة يقسم القوى الراغبة فيه إلى فريقين الأول يرى الدولة جهازا فوق الطبقات يمكن الاستيلاء عليه والحفاظ على بنياته مع إدخال تعديلات وتحسينات بما فيها عقيدتها. وفي هذا الصدد يَعتبر الإسلام السياسي أن تحقيق الانتصار يحصل عندما يتمكن من أسلمة الدولة لتصبح جهازا ينفذ الشريعة ويطبق أحكام الدين كما يفهمها هو كتيار سياسي، وكمشروع يخدم في الحقيقة مصالح طبقية. إلى جانب هذا التصور هناك أيضا تصورات انقلابية أو إصلاحية للدولة سواء من داخلها أو من خارج مؤسساتها. هذا الاتجاه لا يعتمد بالضرورة على الدين كأيديولوجية، فهو قد يعتمد على خليط من الايديلوجيات. في مقابل هذه التصورات وعلى نقيضها هناك تصور يعتبر الدولة جهاز السيطرة لطبقة أو لكتلة طبقية سائدة، ولأنه كذلك، فلا يمكن إصلاحه لا من الداخل ولا من الخارج. إنه جهاز تجب الإطاحة به وبناء جهاز جديد، عقيدة وتنظيما وأساليب عمل، وبنية بشرية وإدارية. ولكي يكون جهازا ديمقراطيا أي يخدم مصلحة الأغلبية الساحقة من المجتمع بغض النظر عن دينها وعرقها وجنسها، فإنه يتبنى العلمانية التي تعامل المواطنات والمواطنين على قدم المساواة في الحقوق والواجبات.