عمال فرنسا: خطوة جديدة للامام


فاتح شيخ
الحوار المتمدن - العدد: 1523 - 2006 / 4 / 17 - 10:22
المحور: الحركة العمالية والنقابية     

في فرنسا، ومع اضرابات وتظاهرات الثلاثاء 4 نيسان، خلق العمال والطلاب مرة اخرى حركة كبيرة وانتصار جديد. في الحقيقة، لقد صب الخطاب الاستفزازي لشيراك، والذي القاه يوم الاربعاء اثر توقيع القانون الذي هو مبعث سخط واحتجاج (اتفاقية التوظيف الاول)، حطب جديد على نار الحركة الاحتجاجية للعمال.
ان جبهة الحكومة والبرجوازية في فرنسا، وامام هذه الحركة المفعمة بالاقتدار، قد دب الصدع فيها بصورة لم يسبق لها مثيل. تحطمت واصابها الشلل والارباك والرعب. في الوقت الذي يصر دوفيلبان على تنفيذ هذا القانون، فانه في الحقيقة ربط مصيره السياسي به. اما وزير الدولة ومنافسه في الحزب الحاكم لانتخابات رئيس الجمهورية المقبلة، ساركوزي، الذي هو داعية الغاء هذا القانون، يبغي وبصراحة من الجو القائم ازاحة دوفيلبان والحاق الهزيمة به. ستكون، وبوضوح، الهزيمة مصير توقيع شيراك قبالة الحركة الحازمة للعمال الهزيمة، وان حكمة هذا الموقف تستند اساساً الى الاصطفاف بجنب دوفيلبان وبوجه ساكوزي في الصراع الداخلي للحزب الحاكم. من جهة اخرى، تبغي الاحزاب التقليدية اليسارية المنافسة للحزب الحاكم ايضاً، وبالتوافق مع النقابات التابعة لهم، الاستفادة من التحرك الراهن للطبقة العاملة كأداة للدفع بجبهته في الصراع الانتخابي لرئاسة الجمهورية والذي سيجري في العام المقبل.
وقبالة مجمل الصراع داخل البرجوازية الحاكمة والمعارضة، فان النضال الطبقي الجاري للعمال ذا توجه اخر. ان القادة والطليعيين العماليين والطلاب الراديكاليين، وتعقباً لاهدافهم في هذه الحركة، اناس اصحاب مسعى قيم تنشر مجرياته الشبكات الخبرية اليومية للفعالين والقادة العمالين انفسهم.
من الزاوية البراكتيكية والتكتيكية، ان السعي لادامة، توسيع الاحتجاجات وتعميق راديكاليتها، واستنادها على العمل الجماهيري المباشر مثل اغلاق الشوارع، محطات القطار والموانيء، خلق المجاميع المتحركة لمجابهة شرطة ضد العصيان هي اوجه بارزة للحركة الاخيرة. من جهة اخرى، ان السعي من اجل توضيح معنى ومدى نصر هذه الحركة جارٍ بحرارة: في الوقت الذي قصرت فيه النقابات امرها على سحب هذا القانون بهدف سياسي وهو الاطاحة بدوفيلبان، فان القادة الراديكاليين والاشتراكيين اكدوا على الغاء جميع القوانين المخلة بامان العمل، وهي القوانين التي صودق عليها في السنوات الاخيرة صوب اطلاق ايادي اصحاب العمل بطرد العمال. انهم كانوا يسعون الى تحويل التخندق بوجه قانون "التوظيف الاول" الى مكسب اكبر للدفاع عن معيشة وتامين عمل الطبقة العاملة. ان هذا القانون نفسه قد اصبح ميتاً فعلا وان البرجوازية الفرنسية ستدفع بوضع هذا القانون جانباً ثمن وضريبة اقل من الاصرار على تنفيذه.
من زاوية تنظيم الحركة الراهنة، ثمة تقدم مهم: الحركة المتصاعدة للطليعة العماليين، التخلي عن النقابات الاصلاحية الرسمية وتشكيل النقابات واللجان التضامنية كبدائل تستند الى التجمع العام. في الحقيقة، تنظم من اسفل وبوجه النقابات حركة واسعة للتجمع العام. ان عقد التجمعات العامة ومجالس ممثلي هذه التجمعات في محلات العمل والاجواء الطلابية هي مستمرة، وقد ادت الى هنا الى خلق "مجلس عام للنضال" متشكل من ممثلي التجمعات المحلية للنقابات والجمعيات الطلابية. على هذا الاساس، ان الحركة التي شرعت قبل عدة اسابيع لم يخفت نبضها، بل ان مسار ادامتها وتعميق راديكاليتها هما امكانية واقعية وافق يمكن تحقيقه.
بهذا الخصوص، ان ما يغدوا اكثر بروزاً يومياً، وهو الامر الذي يعكسه الجدل وابحاث الشبكات الخبرية للفعالين والطليعيين الراديكاليين والاشتراكيين، هو الحاجة الى افق واستراتيجية اشتراكية عمالية، والتي في الوقت الذي يشرفان على كسب اوسع مايمكن من نصر للحركة ذاتها، بوسعها مد يد العون في اتخاذ خطوات مهمة ومؤثرة صوب اتحاد وتوعية وتنظيم صفوف الطبقة العاملة. ان القيادة والتنظيم مقولتان محوريتان، تجري الابحاث الراهنة لهذه الشبكات حولها. ان هذا في الحقيقة مسعى في قلب حركة حية وواسعة طبقية عمالية للاجابة الصحيحة على السؤال الكلاسيكي "مالعمل؟".
في عالم اليوم المتعولم والمتلازم والذي خلقته الثورة المعلوماتية والقنوات غير المحدودة امام توسيع الاممية العمالية والتدخل الشيوعي، ينبغي مد يد العون باي وسيلة ممكنة وواقعية لطيف العمال الطليعيين والاشتراكيين في فرنسا في مسعاهم من اجل صياغة افق واستراتيجية عمالية وتنظيم القادة العماليين وجماهير العمال والفعالين الراديكاليين في الاجواء الطلابية حوله. ان الحركة الراهنة للطبقة العاملة في فرنسا تستحق احر اشكال التضامن الاممي.

ترجمة: فارس محمود