هل هي عودة الروح للنقابات؟


النهج الديمقراطي العمالي
2019 / 1 / 7 - 21:48     

افتتاحية:
هل هي عودة الروح للنقابات؟
نطرح السؤال من منطلق غيرتنا على العمل النقابي وقناعتنا الراسخة بأهميته الكبرى وبضرورة تقويته لما يشكل من سلاح في يد الشغيلة والعمال والفلاحين للدفاع عن حقوقهم وصد الاعتداء على مكاسبهم. من جهتها فان البرجوازية الكبيرة وملاك الاراضي الكبار وجهاز دولتهم يدركون اهمية هذا السلاح ولذلك يمنعونه بشكل سافر او بشكل مراوغ مثل تشجيع التشتت النقابي وتكسير الصفوف تحت مبرر التعدد ومغرب الحريات.
نهاية شهر دجنبر قررت قيادة الاتحاد المغربي للشغل وهي تهيء مؤتمرها الوطني خوض سلسلة من النضالات النقابية ابتداء من 10 يناير ومن جهتها قررت قيادة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تسيير قافلة السيارات إلى طنجة للاحتجاج على التضييق على العمل النقابي في هذه المنطقة الصناعية والعمالية والتي تتواطأ الدولة والشركات المتعددة الجنسيات على العمل النقابي بتجريمه وطرد المكاتب النقابية او المناضلين النقابيين.وفي خطوة نضالية دعت أهم النقابات والتنسيقيات المشتغلة في قطاع التعليم الى اضراب عن العمل يوم 3 يناير.واستطاعت نقابات القطاع الاساسية توحيد دعوتها وإعلان الاضراب المشترك الوحدوي.
كل هذه المبادرات جيدة وواعدة، إذا صدرت عن قناعة بأن الاوضاع تدهورت إلى حد لا يطاق، وبأن ليس للشغيلة سواء في القطاع الخاص او العام من منفذ للدفاع عن ذلكم النزر البسيط من المكتسبات إلا تنظيم الصفوف وخوض النضال النقابي الموحد والمنظم والواضح في مطالبه وفي أساليبه.
لقد كانت سنة 2018 سنة التراجعات الكبرى عن العديد من الحقوق، وحمل قانون المالية لسنة 2019 العديد من الإجراءات لتطبيق تلك التراجعات؛ وأكد بألا إمكانية للخروج من نفق التقشف وضرب الخدمات العمومية في التعليم والصحة وتهشيش الشغل. وان دوامة الغلاء مستمرة، في نفس الوقت تعطى التشجيعات والمساعدات للبرجوازية الطفيلية وكبار ملاك الاراضي والمضاربين العقاريين وغيرهم من سماسرة الريع.انها سنة تفاقم الفوارق الطبقية وتدهور وتفقير المفقرين بل حتى تقهقر الفئات الوسطى والرمي بها إلى صفوف الطبقات الاجتماعية الدنيا.
هذه الوضعية الاجتماعية هي التي تفسر الى حد لا باس به هذه الهبة في نهوض العمل النقابي وتصدره من طرف الفئات الوسطى من شغيلة قطاع التعليم أو الوظيفة العمومية وحتى بعض القطاعات المهنية في الصيدلة والطب.
ان تلعب النقابات دورها في التعبير عن الغضب والاحتجاج وتنظم نضالات هذه الفئات، أمر جيد ومطلوب كحد أدنى، لكن سيكون من ألأهم هو حشد كل القوى للمتضررين وهم كثيرون في صفوف الطبقة العاملة سواء في القطاع الخاص أو العام، وكذلك حشد المنقبين في المهن الحرة من تجار التقسيط والمهنيين في النقل والخدمات الاخرى. إن تنظيم كل هذه الفئات على أهم المطالب وهي مطالب تكاد تتشابه إلى حد التطابق، سيوفر الضغط ويبني موازين قوة تجعل المفاوضات والحوارات ذات مغزى وتمكن من فرض التراجع على الدولة.إن أية مركزية تنجح في تنظيم مثل هذا الحشد ستتمكن من استعادة القوة لصفوفها وتصبح قوة نقابية ذات تأثير.
من جهة ثانية لا يقل أهمية عن كل ما ذكرناه من حشد وتوسيع لدائرة النضال لقطاعات أخرى، وهذا أمر يتعلق بالمناضلات والمناضلين المقتنعين بوحدة العمل النقابي ويرفضون واقع التشتت؛ ولذلك وجب على هؤلاء النضال من اجل العمل الوحدوي لمركزياتهم وفي قطاعاتهم. إنها مهمة صعبة وتتلقى الرفض والعرقلة حتى من داخل المركزيات النقابية خاصة من طرف أجهزة ومسؤولين يعتبرون العمل الوحدوي يضرب دورهم ومصالحهم في الهيمنة على المركزية التي يتولون قيادتها.إنجاح العمل الوحدوي يصبح من مهام القواعد المناضلة وهي من يجب ان تفرضه على قياداتها.
إن تجربة اضراب 3 يناير يجب ان تصبح لبنة لمثل هذا العمل الوحدوي اليوم في قطاع التعليم ويجب تقويتها حتى تنجح معارك هذا القطاع لان إضرابا واحدا لن يكفي، وعلى هذه القاعدة يجب ان تلتحق قطاعات أخرى .هل يستطيع المناضلون النقابيون جعل تجربتهم الناجحة لإضراب 3 يناير قطعة الدومينو التي تجر وراءها كل قطاعات المنظومة النقابية بالمغرب؟ سؤال آخر نطرحه لأننا لنا يقين راسخ بأن الاجابة عنه بالإيجاب يستوجب توفير شرط سياسي وفكري وتنظيمي نوعي لا زال غائبا عن الساحة الاجتماعية والطبقية ببلادنا وهو الحزب المستقل للطبقة العاملة. إن حضور مثل هذا الحزب وتواجده في غمرة النضال النقابي سيساعد على الحشد وعلى ترقية العمل النقابي الى مستوى يحاصر التشتت ويبني الوحدة النضالية النقابية. لذلك نلقي على أنفسنا أيضا واجب الاسراع في إنجاز بناء هذا الحزب بناء حقيقيا، نوعيا، تعتبر الطبقة العاملة أنها من خلاله أصبحت طبقة لذاتها، تتدخل في الحياة السياسية العاملة بالبلاد وتقود النضال الى آفاقه المتحررة والمشيدة للمجتمع الديمقراطي الشعبي في أفق بناء المجتمع الاشتراكي.