الأكْفَانُ تُعيدُ الحَياة إلى مِلف حَامِلي الشَّهَادات العُليَا


ادريس الواغيش
2019 / 1 / 4 - 05:15     

الأكْـفَانُ تُعـيدُ الحَـياة إلى مِلـف حَـامِـلي الشَّهَادات العُـليَـا
بقلم: ادريس الواغيش
بدأت "مَسيرة الأكْـفان" لمُوَظفي حاملي الشهادات العليا تجُوب شوارع الرباط يوم الأربعاء02 يناير 2019 صباحا، انطلاقا من أمام مقر وزارة التربية الوطنية بـ"باب الرُّواح"، لكن هذه المرة بتعبير أكثر رُقِـيًّا لم يألفه سكان الرباط، وفي نفس الوقت يُعَـبر عمَّا وصلت إليه حالة التعليم ببلادنا من وضع مأساوي، بعد لغط طويل ونقاشات وحوارات فتحت ولم تغلق أبوابها، كأننا أمام "حوار الطرشان" بين الفرقاء الاجتماعيين من نقابات وقطاعات حكومية ثلاث، كل واحدة منها ترمي كراتها في سلة الآخر، وبدأت التصريحات والتصريحات المُضادة، ثم بدأت بعد ذلك لغة التخوين تطفو تدريجيا على السطح بين المناضلين والمركزيات النقابية إن سرا أو علنا على صفحات الفضاء الأزرق.
وجاءت تصريحات كان قد أدلى بها وزير التربية الوطنية سعيد أمزازي في وقت سابق كماء بارد على ملفات ساخنة، معتبرا فيها أن ملف حاملي الشهادات العليا هي مسالة مقبولة من حيث المبدأ، لكنها تتطلب موافقة أطراف أخرى إضافة إلى وزارته، أولها وآخرها سعد الدين العثماني بوصفه رئيسا للحكومة ومنسقا بين هذه القطاعات. هناك من التقط هذا التصريح على أنه مؤشر على بداية ليونة في الموقف الحكومي حول موضوع طال أكثر من اللازم، رغم أنه لا يتطلب أكثر من تمديد مرسوم سابق عمل به عبد الإله بنكيران. كان رجال ونساء التعليم يطوفون وراء نعش أبيض تتقدمهم أكفان بيضاء يلبسها نساء ورجال التعليم في إشارة إلى موت التعليم ببلادنا، وكأنهم يرددون مع أنفسهم قصيدة أبي نواس التي يقول في مطلعها:
دَعْ عنك لوْمي فإن اللوم إغـرَاء = وَداوني بالتي كانت هيَ الـدَّاء
في اليوم الموالي 3 يناير 2019م سارعت سِتُّ نقابات، بما فيها نقابة حزب"البيجيدي" الحاكم، إلى إعلان انضمامها فعليا لهذا الإضراب، ليُصبح وطنيا بعد أن كان فِـئويا، ولم يقتصر الأمر على النقابات الست، بل دعَّـمته سبعُ تنسيقيات أخرى وثلاث جمعيات للمديرين وتنسيقية المفتشين وملحقي أطر الإدارة والاقتصاد وتنسيقية الأساتذة حاملي الدكاترة بالمغرب، في انتظار التحاق الباقى.
ستتسارع الأحداث بعد ذلك بشكل متواتر، وسيعلن مصطفى الخلفي الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة، ولأول مرة في تاريخ الإضرابات بالمغرب، بان نسبة المشاركة في الإضراب غير مهمة، وأن "باب الحوار" لازال مفتوحا لحل كل هذه الملفات، علما بأن كل التقارير تقول أن نسبة الإضراب فاقت ال90 في المئة في كل المدن. لكن الطرف الآخر، المتمثل في وزارة الداخلية، وكما في المرات السابقة، حسب كثير من المنابر الإعلامية، سارعت إلى الإعلان عن تحديد تاريخ جديد لبدء مفاوضات "جادة" مع النقابات الأكثر تمثيلية تفاديا" لكل ما من شأنه"، ما فسَّـره البعض على أنه بداية لحل الملفات العالقة التي عمَّرت طويلا، أو حل بعضها على الأقل. فهل تصدق نبوءة زرقاء اليَمَامة؟.