حول نظام دوترتى و الذكرى الخمسين لتأسيس الحزب الشيوعي الفليبيني


شادي الشماوي
الحوار المتمدن - العدد: 6102 - 2019 / 1 / 2 - 11:26
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

حول نظام دوترتى و الذكرى الخمسين لتأسيس الحزب الشيوعي الفليبيني
حوار صحفي مع خوسي ماريا سيسون الرئيس المؤسّس للحزب الشيوعي الفليبيني – أجراه الد. رينار وورنينغ لصحيفة أخبار ألمانيا ، بتاريخ 27 ديسمبر 2017

سؤال 1 : في البداية ، أظهر الرئيس دوترتى حماسا كبيرا لعقد إتّفاق مع الجبهة الوطنيّة الديمقراطية الفليبينيّة / الحزب الشيوعي الليبيني / الجيش الشعبي الجديد. و منذ نهاية 2017، غيّر سياسته و صار ينعت كلّ هذه المنظّمات ب " الإرهابيّة " . ماذا وراء هذا التغيّر الكلّي ؟ و هل هو مؤّهل جسديّا و عقليّا لقيادة البلاد ؟
جواب 1 : دوترتى سياسي محتال. فقد إعتبر نفسه يساريّا و إشتراكيّا غير أنّه حتّى عندما كان لا يزال واليّا لمدينة دافاوو، كان بعدُ مخرطا في التعاطى بوجهين مدّعيا التعاون مع الحركة الثوريّة بينما كان عمليّا يخدم مصالح إستغلال المناجم و قطع أشجار الغابات و نقلها و المزارع و مصالحه الخاصة الرأسماليّة البيروقراطيّة ؛ و كان يزوّد المخابرات الرجعيّة المعادية للحرة الثوريّة بالمعلومات .
و قد لاحظت الجبهة الوطنيّة الديمقراطيّة الفليبينيّة أنّه كان كاذبا لمّا تراجع عن وعده بالعفو العام و بإطلاق سراح كافة المساجين السياسيّين . و منذ أن أصبح رئيسا في 2016 ، شنّ حربه الشاملة ضد الجيش الشعبي الجديد . فهاجمت قوّاته المسلّحة الحزب الشيوعي الفليبيني والجماهير الشعبيّة في المناطق الريفيّة بالرغم من فترات إيقاف إطلاق النار أثناء مفاوضات السلام بين الحكومة و الجبهة .
و سرعان ما إفتضح أمر تحالفه السرّي مع أسوأ الأوليغاشيّين و النهّابين المتمركزين في لوزون ، على غرار أتابع ماركوس وأتباع آرويو و أتباع أسترادا و أتباع نريل و ما شابه . و بالفعل ، قدّم هؤلاء نسبة نقاط الأربعة عشرة بالمائة لتضاف إلى الخمسة و عشرين نقطة التي كانت بحوزه من أصوات فيسايان ، ليتمكّن من الحصول على الرئاسة ب 39 بالمائة من الأصوات في البلاد بأسرها .
و قد ركبه جنون السلطة و الفساد و هدفه هو تركيز دكتاتوريّة فاشيّة عبر تغيير دستوري نحو نوع مزيّف من الفيدراليّة يكون فيها هو الدكتاتور الفاشي مطلق السلطات و ينتقى عنلاءه في الجهات و المحافظات من ضمن السلالات الحاكمة و أمراء الحرب .
وهو كذلك مريض جسديّا و نفسيّا . و قد إعترف هو ذاته بأنّه يعانى على ألقلّ من مرضين إثنين أوهنا جسده . و قد بات مدمنا على دوءا الفنتانيل و تقريبا بشكل يوميّ يطلق تصريحات متضاربة تكشف إختلال توازنه العقليّ . جسديّا ونفسيّا هو غير مناسب ليكون رئيسا للفليبين .
سؤال 2 : يهدف دوترتى و قادة عسكريون لهم تأثيرهم إلى" تحطيم " الحزب الشيوعي الفليبيني في غضون سنة 2019 ! فما رأيك في ذلك ؟
جواب 2 : يستحيل على دوترتى و أتباعه العسكريين أن يحطّموا الحزب الشيوعي الفليبيني في غضون 2019 و لا حتّى في غضون سنة بعد ذلك للأسباب الآتي ذكرها :
1- تزداد أزمة النظام الحاكم شبه المستعمر شبه الإقطاعي سوءا و بسرعة . و تدفع ظروف تصاعد الإضطهاد و الإستغلال الشعب نح مقاومة نظام دوترتى و النظام الحاكم و نحو الإلتحاق بالحركة الجماهيريّة القانونيّة و كذلك بالحركة الثوريّة المسلّحة .
2- يفاقم نظام دوترتى أزمة النظام الحاكم . فمحاولات النظام الوحشيّة لتحطيم القوى الثوريّة و بثّ الرعب في صفوف الجماهير تحثّ عدادا متزايدة من هذه الجماهير على الإلتحاق بالحزب الشيوعي الفليبيني و بالجيش الشعبي الجديد .
3- ما فتأ الحزب الشيوعي الفليبيني و الجيش الشعبي الجديد و ما فتأت المنظّمات الجماهيريّة الثوريّة و الأجهزة المحلّية للسلطة السياسيّة ( التي تشكّل حكم الديمقراطية الشعبيّة ) تكسب القوّة و تقطع خطوات إلى الأمام .
4- يجرى تطبيق خطّ الثورة الديمقراطية الشعبيّة عبر حرب الشعب وهذا فعّال و يلحق الهزيمة بكلّ مخطّط إستراتيجي عملي لتحطيم القوى الثوريّة منذ زمن نظام ماركوس الفاشيّ .
5- و بصفة خاصة ، لا يمكن تحطيم الحزب الشيوعي الفليبيني بإعتبار كسبه قوّة على طول البلاد و عرضها من خلال النضال و جذوره ممتدّة عميقا في صفوف جماهير العمّال و الفلاّحين . و كان ينشط على الدوام نشاطا سرّيا . و بالتالى على دوترتى أن يقتلى 100 إلى 1000 إنسان غير شيوعي قبل التمكّن من قتل شيوعي واحد .
سؤال 3 : في 26 ديسمبر يحتفى الحزب الشيوعي الفليبيني بالذكرى الخمسين لتأسيسه . ما هي أهمّ مكاسب الحزب طوال العقود الخمسة الأخيرة ؟ و ماذا عن الأحزاب الشيوعيّة الأخرى في المنطقة – علاوة على تلاشى الفيتنام ؟
جواب 3 : لقد حقّق الحزب الشيوعي الفليبيني مكاسبا كبرى إيديولوجيّة و سياسيّة و تنظيميّة في الخمسين سنة الماضية . و يعود نجاحه إلى تكريسه الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة و خطّه العام للثورة الديمقراطية الشعبيّة عبر حرب الشعب لطويلة المدى و المبدأ التنظيمي للمركزيّة الديمقراطيّة .
1- في الحقل الإيديولوجي ، أنتج الحزب الشيوعي الفليبيني كتابات نظريّة و سياسيّة مطبّقا الماركسيّة - اللينينيّة - الماويّة على تاريخ الشعب الفليبيني و ظروفه الملموسة . و قد قاتل النزعات الدغمائيّة و التجريبيّة للذاتيّة ، وتجاوزها بفضل النقد النقد الذاتي و حركات التصحيح الجدّية .
و رفع الحزب الشيوعي الفليبيني راية الإستقامة و النظرة البروليتاريّة الثوريّة بمقاومة التحريفيّة و الإصلاحيّة و الإنتهازيّة داخله و في صفوف أحزاب أخرى و كذلك الإستعمار الجديد و الليبراليّة الجديدة الذين تقف وراؤهما الإمبرياليّة . و درّب عشرات آلاف أعضاء الحزب و المرشّحين إلى عضويّة الحزب الموجودين في المنظّمات الجماهيريّة و في الجيش الشعبي و في مؤسّسات أخرى . و كانت التكنولوجيا المتقدّمة ذات فائدة إذ يسّرت تربية و تدريب كوادر الحزب و نشطاء الحركات الجماهيريّة .
و منذ إعادة التركيز التام للرأسماليّة في البلدان التي كانت تحت حكم أحزاب تحريفيّة في سنوت 1989إلى 1991 ، ظلّ الحزب الشيوعي الفليبيني متمسّكا بصرامة بخطّ أنّ دخول الصين و روسيا مسرح الأوساط العليا للقوى الإمبرياليّة سيسرّع في نهاية المطاف بإنهيار الإمبرياليّة الأمريكيّة و في إحتدام التناقضات بين الإمبرياليّات في النظام الرأسمالي العالمي المتهالك .
2- و قد رسم الحزب الشيوعي الفليبيني الخطّ السياسي العام للثورة الديمقراطية الشعبيّة ذات الأفق الإشتراكي عبر حرب الشعب الطويلة المد ضد الرأسماليّة الإحتكاريّة و الإقطاعيّة المحلّية و الرأسماليّة البيروقراطية . و طبّق بنجاح هذا الخطّ تطبيقا صريحا . و بيّن الحزب الشيوعي الفليبني أنّ الفصيل المتقدّم للبروليتاريا وللشعب الفليبينيين . و طوّر حركة نقابيّة من 20 ألف منخرط فحسب في منطقة العاصمة القوميّة سنة 1969 إلى مئات الآلاف عبر البلاد الآن . و طوّر فضلا عن ذلك حركة فلاحيّة من 80 ألف سنة 1969 إلى الملايين الآن . و أنشأ الجيش الشعبي الجديد من 60 مقاتلا أحمرا كانوا يتقاسمون تسعة بنادق أوتوماتيكيّة فحسب و 26 سلاحا أدنى قوّة ناريّة و ذلك في محافظة ريفيّة واحدة بترلاك ، إلى الآلاف الذين يملكون بنادق ذات قوّ’ ناريّة عالية في أكثر من 110 جبهة أنصاريّة في 73 من 81 محافظة من محافظات الفليبين .
و مزج الحزب الشيوعي الفليبيني النضال الثوريّ المسلّح بالثورة الزراعيّة بما هي المضمون الأساسي للثور الديمقراطيّة و ببناء قاعدة جماهيريّة لتشكيل منظّمات جماهيريّة مرتكزة في الريف ، من أصناف متنوّعة لبناء أجهزة سلطة سياسيّة محلّية . و في ظلّ قيادة الحزب الشيوعي الفليبيني ، نشط الجيش الشعبي الجديد في حماية الحكم الديمقراطي الشعبي المركّز في الريف في تعارض مع الحكم الرجعيّ المركّز في المدن ، حكم الكمبرادوريين و الإقطاعيين و البيروقراطيين الفاسدين الكبار .
و تحمّل الحزب الشيوعي الفليبيني مسؤوليّة تطوير الحركة الجماهيريّة للجماهير الكادحة من العمّال و الفلاّحين ، و البرجوازية الصغيرة المدينيّة و قطاعات متباينة ذات مصالح مشتركة . وهو يبنى و يقود و يمكّن الحكم الشعبي من إنجاز برامج تعليم عمومي و إصلاح زراعي و إنتاج و رعاية صحّية و إنشاء مجارى الصرف الصحّي و أعمال ثقافيّة و دفاعيّة و قضائيّة و عدليّة و التخفيف من آثار الكوارث الطبيعيّة و حماية البيئة إلخ .
و قد إستنهض الحزب الشيوعي الفليبيني و عبّأ الشعب بملايينه بواسطة الحركة الجماهيريّة و الجبهة المتّحدة . و نجح في الإطاحة بنظام ماركوس الفاشيّ و نظام أسترادا الفاسد في 1986 و 2001 ، تباعا ، من خلال إحتجاجات جماهيريّة عملاقة و التشديد من حرب الشعب بالريف .
3- و في الحقل التنظيمي ، يمكن فهم مكاسب الحزب الشيوعي الفليبيني بيسر أكبر إنطلاقا من واقع أنّه كان يملك في البداية 80 عضوا يوم تأسيسه في 1968 و اليوم يعدّ أعضاؤه 70 ألف عضو موزّعين في أجهزة الحكم الشعبي و المنظّمات الجماهيريّة و الجيش الشعبي و مؤسّسات متنوّعة .
يقع إنتداب أعضاء الحزب الشيوعي الفليبيني من الحركة الجماهيريّة و الجيش الشعبي . و لأعضاء الحزب جذور عميقة في صفوف الجماهير الكادحة من العمّال و الفلاّحين و يصهر النضال الثوري هؤلاء الأعضاء . المنتشرون الآن في كافة محافظات الفيليبين . و يرمى المخطّط الخماسي الراهن للحزب الشيوعي الفليبيني إلى تنمية عضويّة الحزب بعلى الأقلّ 500 ألف.
سؤال 4 : هل تتوقّعون تصعيدا و حتّى حربا أكثر دمويّة ضد القوّأت المسلّحة الفيليبينيّة ؟
جواب 4 : لقد إنتهج دوترتى سياسة حرب شاملة منذ صعوده إلى سدّة الرئاسة سنة 2016 و قد أنهى رسميّا مفاوضات السلام بين الحكومة و الجبهة الوطنية الديمقراطية الليبينيّة . و كلّ يوم يصخب ضد الحركة الثوريّة و يدعو أتباعه المسلّحين إلى القتل و مزيد القتل لكلّ من يشتبهون في أو يمكن أن يكون عضوا في الحزب الشيوعي الفليبيني و الجيش الشعبي الجديد. و في الوقت نفسه ، يضاعف من إستغلال و إضطهاد الشعب بأسره .
و بالتالى ، لا تملك الحركة الثوريّة للشعب بقيادة الحزب الشيوعي الفيليبيني خيارا آخر عدا تشديد الكفاح المسلّح الثوري لأجل الإطاحة بدوترتى و التقدّم بالنضال الثوري الطويل الأمد للإطاحة بالنظام الحاكم . نظام دوترتى هو المسؤول عن وضع نهاية لمفاوضات السلام و عن إطلاق العنان لإرهاب الدولة و إستفزاز الشعب و الجيش الشعبي ليخضوا مقاومة مسلّحة .
السؤال 5 : ماذا عن إمكانيّات حصول مفاوضات سلام أخرى بين الجبهة الوطنية الديمقراطية الفيليبينيّة و حكومة جمهوريّة الفليبين في زمن حكم دوترتى ؟
الجواب 5 : تبقى الجبهة الوطنيّة الديمقراطيّة منفتحة على مفاوضات سلام مع حكومة الجمهوريّة الفليبينيّة قصد الحيلولة دون تمادى دوترتى في مخطّطاته الرامية إلى إرساء دكتاتوريّة فاشيّة تماما و قصد عقد إتفاقيّات بخصوص إصلاحات إجتماعيّة و إقتصديّة و سياسيّة تعالج جذور النزاع المسلّح و تعبّد الطريق لسلام عادل و دائم .
و من الممكن أن يدرك دوترتى أنّه لا طائل من قمع الثورة المسلّحة بإستخدام القوّة العسكريّة الوحشيّة و يمكن أن يقع إقناعه بالتوجّه نحو العودة إلى طاولة مفاوضات السلام . لكن ليس بوسع الشعب أن يعوّل على شخصيّة دوترتى الضالة . فهذا الأخير يتّسم بنزعة نفسيّة مريضة تعمد إلى العنف و ترسم مخطّطات لإرساء دكتاتوريّة فاشيّة عبر تغيير في الدستور من أجل نوع مزيّف من النظام الفيدرالي .
سؤال 6 : هل سيُنهى الرئيس حتّى مدّة رئاسته التي تنتهى سنة 2022 ؟
الجواب 6 : لا يبدو أنّ دوترتى سيُنهى مدّة رئاسته بإعتبار إنخراطه فى القتل الجماعي و الهجمات العسكريّة على الجماعات الفقيرة في المدن و الأرياف ، و في إنتشار الفساد على نطاق غير مسبوق ، و المتاجرة بالسيادة الوطنية و خيانتها و بيع الإرث الوطني إلى الصين و لغيرها من القوى الأمبرياليّة الأخرى ، و الإنغماس في ديون زائدة عن اللزوم من الدائنين المحلّيين و الأجانب ، و فرض جباية أقسى على الجماهير الشعبيّة و التسبّب في أفرتفاع المشطّ و السريع في أسعار السلع و الخدمات الأساسيّة .
و لدوترتى أيضا نقاط ضعف جدّية جرّاء تداعى صحّته الجسديّة و النفسيّة و تنامى التصدّعات في صفوف أعالى البيروقراطيّين و العسكريّين و الشرطة نظرا لقراراته و توزيع الإمتيازات الإعتباطيّة و تقلّباته و تناقضاته الذاتيّة المتكرّرة. و في عدّة مناسبات ، صرّح هو عينه على الملأ بمخاوف أن تجري الإطاحة به عن طريق إنقلاب ضبّاط الجيش الموالين للولايات المتّحدة و المعادين للصين .
و في الوقت نفسه ، هناك عدد متنامى من العسكريّين و ضبّاط الشرطة و المجنّدين ذوى النزعات الوطنيّة و الديمقراطية الذين يستعدّون لسحب دعمهم لدوترتى بمجرّد بلوغ الإحتجاجات الجماهيريّة مستوى مئات الآلافأو الملايين في مانيلا . و هم في ذلك يحاكون أمثلة 1986 و 2001 حينما إلتحق ضبّاط الجيش و الشرطة بالحركة الجماهيريّة للإطاحة بماركوس و أسترادا .
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++