على هامش انعقاد المؤتمر الوطني السادس للك.د.ش: هل يتم الحد من سطوة الانتهازيين في الأجهزة المختلفة؟.....6


محمد الحنفي
2018 / 12 / 31 - 18:23     


دور الانتهازيين في تراجع الإشعاع النقابي:.....1

فلماذا تراجع العمل النقابي، إلى درجة اختفاء الحديث عنه في صفوف العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟

هل هذا التراجع مرتبط بعدم احترام المبادئ النقابية: الديمقراطية والتقدمية والجماهيرية والاستقلالية والوحدوية؟

ولماذا لا يحترم النقابيون هذه المبادئ، مع أن احترامها يكسب النقابة والعمل النقابي دينامية معينة، ترفع مكانتهما في المجتمع؟

فهل يمكن أن تتحلى القيادة بمبدإ الصرامة في احترام المبادئ، من أجل إعادة الاعتبار إلى ذلك الاحترام؟

هل يمكن احترام مبادئ الكونفيدرالية، في ظل استمرار سيادة الممارسة الانتهازية، في مختلف الإطارات النقابية، وفي مختلف القطاعات، وخاصة منها ذات الطبيعة القطاعية العامة أو المركزية العامة؟

أليس الأولى أن يضع المؤتمر الوطني السادس خطة لجعل الك.د.ش تتخلص من كافة الانتهازيين، وإذا أصروا على الاستمرار في الك.د.ش، فإن عليهم أن يقدموا نقدا ذاتيا للك.د.ش وأن يعتذروا إلى العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟

وهل يكفي تقديم النقد الذاتي والاعتذار للعمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟

أم أن الأمر يقتضي شيئا آخر، لضمان الاستمرار في الانتماء إلى الك.د.ش، والنضال في إطارها، لصالح العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟

وهل يتوقف بعد المؤتمر الوطني السادس للك.د.ش تفريخ الانتهازيين في الإطارات النقابية المختلفة؟

أم أن هذه الإطارات ستعرف وضعا آخر مختلفا، يستحيل معه أن تتحول إلى مفرخة للانتهازيين المنتجين للممارسة الانتهازية؟

وهل تتحول الك.د.ش، بعد التخلص من الانتهازيين، بطريقة أو بأخرى، إلى إطار مبدئي، مبادئي، يخلص في طرح مطالب العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين، والدفاع عن مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية؟

وإذا صار الأمر كذلك، هل يمكن أن تتحول الك.د.ش إلى إطار لتوعية العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين، بمشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، وكيف يراها الحكام، وكيف يجب أن تراها الك.د.ش؟

وهل يمكن أن يرتفع العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين، إلى العمل على تحقيق الأهداف الكونفيدرالية، بعد الوعي بالأوضاع المادية والمعنوية، وبعد الوقوف على مضامين البرنامج الكونفيدرالي، والانطلاق من أولويات البرنامج الكونفيدرالي، أملا في تحقيق الأهداف الكونفيدرالية؟

وهل تساهم الك.د.ش، ومن أجل العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين، في بناء عقلية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية متقدمة، ومتطورة، تصير في خدمة سائر الكادحين، الذين توجههم لمواجهة الحكم، والمستغلين، وكل من يجعل ثروات الشعب المغربي وسيلة لتحقيق الثراء المهول، على حساب الشعب المغربي؟

وكيف تصير الك.د.ش إطارا للعمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين، يعتمدونها في تنظيم أنفسهم، في عملية المواجهة التي لا تتوقف؟

إن الانتهازيين يعملون، وبإخلاص، لا من أجل جعل الك.د.ش في خدمة الكادحين، بل من أجل جعلها في خدمة مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، التي تنقلهم من وضعية مادية متخلفة، إلى وضعية مادية متقدمة ومتطورة. وهو أمر يقتضي اتخاذ وضع حذر للكادحين من الانتهازيين، ومن الممارسة الانتهازية، كمنتوج تحريفي، في الإطارات الكونفيدرالية، الذي يتناقض مع منتوجها الأدبي، منذ تأسيسها، وإلى يومنا هذا، بهدف جعل الكادحين يواجهون الانتهازيين المنتجين للممارسة الانتهازية، بهدف جرف الك.د.ش عن مسارها الصحيح، وتحويلها إلى إطار لتحقيق التطلعات الطبقية للبورجوازية الصغرى، المتمثلة بالخصوص، في زمرة الانتهازيين، المتسربين إلى الأجهزة الكونفيدرالية المختلفة.

فالكونفيدرالية، إما أن تحافظ على هويتها المبدئية والمبادئية والنضالية، والدفاع عن مصالح العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين. وإما أنها ستنساق وراء حرص الانتهازيين على تحقيق تطلعاتهم الطبقية.

ففي الحالة الأولى، نجد أن الك.د.ش، تصير مخلصة في النضال من أجل الكادحين، ومن أجل المحافظة على المكاسب المتحققة، والنضال من أجل انتزاع مكاسب جديدة، يترتب عنها الاستمرار في تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية للكادحين، مهما كانت الفئة التي ينتمون إليها.

وفي الحالة الثانية، نجد أنها سوف تنساق وراء العمل على تحقيق التطلعات الطبقية للبورجوازية الصغرى، لتفقد بذلك مبدئيتها ومبادئها ومصداقيتها، في صفوف العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين، لتتحول الك.د.ش إلى إطار تتناقض ممارسته الميدانية مع نظريته المضمنة في أدبيات الك.د.ش الصادرة عن مؤتمراتها المختلفة.

ولذلك، فإن على المناضلين الكونفيدراليين، المتمسكين بالمبدئية وبالمبادئ وبالإخلاص إلى العمال، وباقي الأجراء وسائر الكادحين، أن يعملوا من أجل وضع حد لهذه الازدواجية القائمة في الممارسة الكونفيدرالية. ولهذا التناقض الصارخ، بين النظرية والممارسة في الإطارات الكونفيدرالية، لهذه النقابة المبدئية والمبادئية، حتى تقوم بدورها المنوط بها، منذ التأسيس، إلى يومنا هذا.

ونحن فيما نذهب إليه، نبني أفكارنا على رصد الممارسة، وعلى رصد الأفكار الواردة في الأدبيات الكونفيدرالية، والوقوف على التناقض القائم بين النظرية والممارسة، في الساحة النقابية.

ولذلك نجد أن:

1) تراجع العمل النقابي، إلى درجة اختفاء الحديث عنه، في صفوف العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؛ لأن العمل النقابي، اتسم بالموسمية، ولم يهتم بجوانب العمل النقابي الأخرى، التي تجعل المقرات النقابية كخلية النحل، التي لا تتوقف عن العمل، تبني الشهد، وتجلب الرحيق لملئه حتى يصلح غذاء للنحلن ولليرقات التي تتلقى العناية الكاملة، من قبل النحل الشغال، لتصل خلية النحل إلى مرحلة النمو والانقسام إلى الخلية الأم، والخلية الفرعية. وكذلك الأمر بالنسبة للنقابة، والعمل النقابي، الذي لا يجب أن يقتصر على التعبئة، من أجل خوض المعارك النضالية، بل هناك أمور أخرى لها علاقة بالتنظيم والتكوين وإقامة أيام دراسية، حول ملفات مطلبية معينة، بالإضافة إلى العمل على إيجاد إشعاع نقابي، يهدف إلى جعل النقابة (الك.د.ش)، محترمة جماهيريا، وفي صفوف العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحي،ن وإقامة عروض وندوات حول مواضيع محددة، يقتضيها الوضع النقابي، وأوضاع العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين. فاقتصار النقابة، والعمل النقابي، في الاشتغال على المشاكل الفردية، التي يمكن أن تسوى بناء على وضعية العلاقة مع الإدارة المباشرة، ومع الإدارة الإقليمية، والإدارة الوطنية، ودونما حاجة إلى النقابة، هو حكم على النقابة بالجمود، وهو تحجيم للنقابة وتجميد لها، في مستوى معين، وفي منخرطين معينين، لا يمكن أن يحدث إشعاعا، أو تطورا في النقابة، وفي العمل النقابي، الذي يحتاج إلى شيء آخر، إلى جانب الاهتمام بالمشاكل الفردية، في العلاقة مع الإدارة، كما أن النقابة والعمل النقابي، ليسا هما فاتح مايو، الذي يتم الاحتفال به سنويا، بل إن النقابة والعمل النقابي هما الاهتمام بالدينامية التنظيمية وبالدينامية الاجتماعية وبالدينامية التكوينية، في أبعادها المختلفة، بالإضافة إلى الدينامية، التي لها علاقة بالبرنامج، الذي يقتضي من المناضلين النقابيين، العمل على الالتزام بأجرأة بنوده المختلفة، بما فيها تنفيذ القرارات النضالية، مما يجعل الإطارات النقابية، في مستوياتها المختلفة، لا تعرف الراحة أبدا، إن أردنا أن تكون النقابة والعمل النقابي، وسيلة لجعل الإطارات النقابية، لا تعرف الراحة. ودائرة المنتمين إلى النقابة تتسع باستمرار، لتصير الك.د.ش محققة لوحدة العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين.

2) وهذا التراجع الذي تعرفه النقابة والعمل النقابي، مرتبط أساسا بعدم احترام مبادئ الديمقراطية والتقدمية والجماهيرية والاستقلالية والوحدوية، الأمر الذي ترتب عنه فقدان مصداقية النقابة والعمل النقابي، في العديد من الإطارات الكونفيدرالية، التي لا تحترم فيها المبادئ المذكورة.

والمصداقية عندما تفقد في النقابة وفي العمل النقابي الكونفيدرالي، تصبح الكونفيدرالية الديمقراطية للشغل، كباقي النقابات البيروقراطية، أو الحزبية، أو إطار الإعداد والاستعداد لتأسيس حزب معين، والعمل على التصدي للممارسة الانتهازية وللانتهازيين، في مختلف الإطارات النقابية الكونفيدرالية، وعلى جميع المستويات التنظيمية، يعتبر من باب الأولويات، لإعادة الاعتبار للك.د.ش، على مستوى استعادة مصداقيتها، التي لم تعد قائمة، كما كانت.

والتصدي للانتهازية والانتهازيين يقتضي:

ا ـ ضبط الممارسة الانتهازية، من خلال العمل على إشاعتها في الإطارات الكونفيدرالية المختلفة، ومن خلال حرص الانتهازيين على التركز في المسؤوليات الأساسية، ومن خلال توظيف النقابة والعمل النقابي، من أجل خدمة المصالح الخاصة، التي يترتب عنها تحقيق التطلعات الطبقية.

والكونفيدراليون عندما يضبطون الممارسة الانتهازية، يشقون طريقهم في اتجاه محاربتها واستئصالها من الجسد الكونفيدرالي، في أفق أن تصير النقابة والعمل النقابي بدون انتهازية. وهو ما يترتب عنه استعادة مصداقية النقابة والعمل النقابي في الإطارات الكونفيدرالية.

ب ـ التوضيح اللازم للمبادئ النقابية المعلنة وغير المعلنة، في أذهان العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين، من خلال دورات تكوينية وإقامة ورشات، ولإجراء ندوات وعروض تتمحور حول المفاهيم، التي تقتضيها المبادئ المعلنة وغير المعلنة، حتى يستوعب الجميع المفاهيم المذكورة، مما يجعل العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين، يتحولون إلى الك.د.ش ويتمثلونها تنظيميا وبرنامجيا وأهدافا، نظرية وممارسة، حتى لا تبقى الممارسة الكونفيدرالية غير مؤطرة بالنظرية، وغير محترمة لمبادئها.

ج ـ العمل على مراجعة الذات الكونفيدرالية، من خلال الوقوف على الإيجابيات، والعمل على استثمارها، وعلى السلبيات، والعمل على تجنبها، لتأكيد مصداقية الك.د.ش، التي يقوم فيها العمل النقابي على أساس ربط القول بالعمل، والانطلاق من معاناة المال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، والحرص على التحقق من حدة تلك المعاناة، اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا، سعيا إلى جعل جميع شرائح المجتمع، ترتبط بالك.د.ش، وتنتظم في إطاراتها، وتتأطر بنضالاتها المطلبية التي لا بد أن تنتزع المزيد من المكاسب، لصالح العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين، الذين تستهدفهم الك.د.ش، بالتعبئة المستمرة، لخوض المعارك النضالية، لانتزاع المزيد من المكاسب، ولحماية ما تحقق منها.

3) والنقابيون الذين لا يحترمون المبادئ، فإن ذلك يعني أن الانتهازية تسربت إلى ممارستهم النقابية، وأنهم تحولوا إلى انتهازيين، لأن احترام المبادئ النقابية، التي تكسب النقابيين دينامية معينة، ترفع مكانتهم في المجتمع، التي تتناقض تناقضا مطلقا مع ما يسعى إليه النقابيون الانتهازيون، الذين يحرصون على استغلال العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين، وعلى توظيف النقابة والعمل النقابي لخدمة مصالحهم الخاصة، التي تدخل في خدمة المصالح الطبقية: الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية.

والعمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين، عندما لا يتصدى للممارسة الانتهازية، وللانتهازيين، فإن ذلك يعني أنهم أصبحوا مجالا لتصريف الانتهازية، التي أصبحت عندهم جزءا لا يتجزأ من النقابة والعمل النقابي، فكأن النقابة مجرد سوق نرتاده لقضاء ما نحن في حاجة إليه، وما سوى ذلك، فالنقابة والعمل النقابي، في نظر الانتهازيين، يجب أن يرتبط بخدمة المصلحة الفردية، وليس التخفيف من حدة الاستغلال المادي والمعنوي، بعد الاستجابة للمطالب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية.

وإذا كان لا بد من الوعي بالممارسة الانتهازية وبالانتهازيين، يجب رصد الممارسة اليومية للنقابيين الممارسين للانتهازية، والوقوف على الأضرار التي تلحق النقابة والعمل النقابي، كما تلحق العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين، الأمر الذي يترتب عنه انبثاق الوعي بالانتهازية والانتهازيين. وهو ما يترتب عنه الدخول في مواجهته مباشرة للانتهازية، والانتهازيين، في أفق القضاء عليها، والتخلص من الانتهازية بشكل نهائي، لتصير الك.د.ش خالية من الممارسة الانتهازية، وليتمكن المناضلون الأوفياء من الوصول إلى القيادات الكونفيدرالية، في مستوياتها المختلفة، من أجل الحرص على جعل الك.د.ش، كما يجب أن تكون، في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

والتصدي للانتهازية، والانتهازيين، في مختلف الإطارات النقابية، في الك.د.ش، التي تأسست على أساس محاربة البيروقراطية والبورصوية، كمظهر من مظاهر الانتهازية، التي يمارسها الانتهازيون البورصويون، يصير من أوجب واجبات المناضل الكونفيدرالي، وخاصة، إذا كان هذا المناضل الكونفيدرالي يساريا، حتى يعمل على بناء نقابة بدون انتهازية، وبدون انتهازيين، وبدون استغلال النقابة، والعمل النقابي، لخدمة المصالح الخاصة، التي تعبر عن الممارسة الانتهازية، مهما كانت هذه الممارسة بسيطة، لا تلفت انتباه العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين ينتظمون في إطار الك.د.ش، والذين يجب أن نحافظ على انتظامهم فيها، باعتبارهم القوة الضاربة.

وعدم التصدي للانتهازية والانتهازيين، في الإطارات الكونفيدرالية المختلفة، لا يعني إلا إفساح المجال أمام الممارسة الانتهازية وأمام الانتهازيين، باعتبارهم مرغوبا فيهم، نظرا لدورهم في الظهور بتنشيط النقابة والعمل النقابي، والظهور بجعل النقابة والعمل النقابي في خدمة مصالح العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين، في الوقت الذي لا يخدم الانتهازيون، بممارستهم الانتهازية، إلا مصالحهم الخاصة، والخاصة جدا، التي تدخل في إطار تحقيق التطلعات الطبقية، على حساب المخلصات والمخلصين، من الكونفيدرالية والكونفيدراليين.