ثلاثية الإيمان والعقل والدين 8/8


ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن - العدد: 6096 - 2018 / 12 / 27 - 11:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     


في تقديري إن الله يريد من الإنسان أن يكون بالدرجة الأولى وقبل وبعد كل شيء، أن يكون إنسانا، ويعيش إنسانيته، وينفتح بإنسانيته على إنسانية الآخر المغاير. وهناك زخم كبير من النصوص الدينية في الإسلام وغيرها من الأديان يؤيد هذا المعنى، أذكر منها «إنما الدينُ المعاملة»، «لا تغترّوا بصلاتهم ولا بصيامهم، فلعلهم اعتادوهما، بل اختبروهم في صدق الحديث وأداء الأمانة»، «عدل ساعة خير من عبادة سبعين سنة، قيام ليلها وصيام نهارها»، «ينادي منادٍ يوم القيامة: من له حق على الله فليقم، فيقوم العافون عن الناس، فيقال لهم ادخلوا الجنة بغير حساب»، «أقربكم إلى الله يوم القيامة أصدقكم حديثا، وآداكم للأمانة، وأحسنكم خلقا»، «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، والمقولة المسيحية الشهيرة والرائعة «الله محبة»، وكذلك «أحبب عدوك»، وغيرها كثير مما يشير إلى أن وزن تقوى المعاملات أو تقوى الأخلاق أثقل في ميزان الله آلاف المرات وعشرات الآلاف من المرات مقابل تقوى العبادات أو تقوى الأحكام، وعندما أذكر هذه النصوص، فلا يعني غضّ الطرف عن نصوص تعارضها، هي التي تجعل الدينيين اللاعقليين يتطرفون ويبثون باسم الدين وباسم الله روح الكراهة وثقافة التكفير، ومن ثم العنف والإرهاب، بينما يجعل العقليين الظنيين يأولونها إلى ما ينسجم مع ضرورات العقل، أو تجعل اللاأدريين الدينيين يعولون على أحكام العقل، لا على نصوص الدين، وتجعل اللادينيين العقليين يدينون بيقينية الواجبات العقلية، ويتركون الممكنات الظنيات، ويرجحون تنزيه الله على تنزيه الدين، مع احتمال الكفر الديني، لا الكفر الإيماني، مفضلين إياه على الإيمان الديني المقترن بنفي التنزيه عن الله سبحانه جلّ وتنزه وتسامى.
وغدا عندما أسافر إلى الله، أنوي أن آخذ معي متاعي في سفري هذا إليه، وهو ليس يقيني بصواب ما أؤمن به، إلا اليقين بألا إله إلا الله، ثم ثقتي برحمته، وصدقي معه.
وقبل أن أقدم على هذا السفر، أسأل الله أن يمنحني عمرا ووقتا وحرية وإرادة، لأترك كتابا [أرجو أن يكون هذا الذي بين أيديكم وسابقه ولاحقاته] فيه عصارة المخاضات، إذا كان فيها ما ينفع أحدا من بعدي، وأملي أن تجمع البشرية يوما بين روحانية الإيمان، وعقلانية التفكير والسلوك، وإنسانية العلاقات، لنصوغ وطنا ونصوغ مجتمعا بشريا، أي الوطن الأصغر (العراق)، والوطن الأكبر (كوكب الأرض)، يملؤهما العقل والصدق والعدل والرحمة والحب والجمال والخالقية والإبداع والعلم والسلام.