ثلاثية الإيمان والعقل والدين 7/8


ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن - العدد: 6095 - 2018 / 12 / 26 - 11:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

ثلاثية الإيمان والعقل والدين 7/8
ضياء الشكرجي
[email protected]o
www.nasmaa.org
بينما المؤمنون العقليون اللادينيون، وبسبب حسن ظنهم بعدل الله ورحمته، حتى لو احتملوا أن إيمانهم اللاديني هو بحساب الله لون من الكفر، فلا مشكلة لديهم، لأنهم يعتقدون أن كفرهم من النوع الذي يتسامح بشأنه الله، ولا يعاقب عليه، بل ربما يحبه ويثيب عليه. نعم هم يمارسون الرقابة الذاتية، ويستشعرون رقابة الله لهم، هذا الذي يسمى بالمصطلح الديني، أو حتى الإيماني الأعم، بالتقوى، فيحاسبون أنفسهم فيما فرّطوا من تجسيد إنسانيتهم في علاقاتهم ومعاملاتهم مع الآخرين.
شخصيا أعتمد الإيمان العقلي. ولا فرق عندي بين أن يختار المؤمن العقلي أن يكون عقليا دينيا ظنيا تأويليا، أو عقليا لادينيا [وهو ما أنا عليه]. المهم أن يعتمد عقيدة التنزيه، أي تنزيه الله. وفي تصوري إن التنزيه هو المرتبة العليا من التوحيد، والتوحيد نفسه مراتب، أدناه عقيدة الشرك التي تجعل الله أعلى الآلهة أو إله الآلهة، كأولئك الذين يعبر عنهم القرآن، بأنهم «الَّذينَ اتَّخَذوا مِن دونِهِ أَولِياءَ؛ ما نَعبُدُهُم إِلّا لِيُقَرِّبونا إِلَى اللهِ زُلفى». ثم التوحيد العددي، أي إن الله لا يتعدد، ثم التوحيد الوحدوي، أي إن الله لا يتجزأ، ثم التنزيه للصفات الذاتية دون الصفات الفعلية، ثم التنزيه الكلي، أي تنزيهه في كل من الصفات الذاتية والفعلية، وبما في ذلك تنزيهه عن الدين، أو عن ثمة دين، أو ثمة فهم للدين، إذا ثبت للمنزه ثبوتا واقعيا، أو ثبوتا ظاهريا، أن دينا ما، أو فهما دينيا، يعتمد مقولات تتعارض مع جلاله وجماله وحكمته وعدله ورحمته، أو أنه يمثل مصداقا للطاغوت، ولكون الاستمساك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها لا يكون بمجرد الإيمان بالله، بل لا بد من أن يقترن هذا الإيمان بشرط الكفر بالطاغوت، بعد نفي الإكراه في الدين إذ «لا إِكراهَ فِي الدّينِ، قَد تَّبَيَّنَ الرُّشدُ مِنَ الغَيِّ [بالدلالات العقلية] فَمَن يَّكفُر بِالطّاغوتِ وَيُؤمِن بِاللهِ فَقَدِ استَمسَكَ بِالعُروَةِ الوُثقى لَا انفِصامَ لَها وَاللهُ سَميعٌ عَليمٌ».
في تصوري إننا في حاجة إلى حوارات، ليس فقط بين الأديان، ولا فقط بين المذاهب، من أجل التقريب والتعارف والتفاهم، أي أن نزاول حوارات التعرّف على الآخر، والبحث عن المشتركات معه، بدلا من حوارات السجالات والمغالبة أو المباهلة، أقول لا يكفي الحوار بين الأديان أو بين المذاهب، بل نحتاج إلى حوار بين الدينيين العقليين، وبين الدينيين العقليين الظنيين، والمؤمنين العقليين اللادينيين. لكن بَعدُ لم تتهيأ ربما الأرضية لهكذا حوار بشكل كاف، ولكنها يمكن أن تتهيأ في مرحلة قريبة قادمة، فبشائر مخاضات الولادة الجديدة غدت بائنة اليوم بدرجة أو أخرى في كل بلدان المسلمين، بل في عموم العالم.