الكذب السافر لسلطة الاسلام السياسي الفاشلة


سمير عادل
الحوار المتمدن - العدد: 6086 - 2018 / 12 / 17 - 03:44
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق     

ليس بجديد ان يكذب رموز وشخصيات قوى واحزاب الاسلام السياسي. فالكذب مهنة وفن في العالم البرجوازي ويمكن تعلمه بسهولة اليوم ومجانا من ترامب الرئيس الامريكي، الا ان الحرفية وامتهان مهنة الكذب بأتقان عالي لمزاولته وتأمين مستقبلك فلا يمكن الحصول عليه الا من مدرسة الاسلام السياسي الحاكم في العراق.
التقرير الذي نشره موقع "ايلاف" الالكتروني السعودي قبل يومين عن دائرة الاحصاء المركزي والادارة التنفيذية لاستراتيجية التخفيف من الفقر في وزارة التخطيط وبالتنسيق مع البنك الدولي حول رفاهية الفرد المواطن في العراق دون ان يذكر كلمة "الرفاهية" يكشف عن مدى الصفاقة بالكذب السافر وبشكل علني. فالتقرير يقول بأن مسحا اجرته تلك المؤسسات المذكورة، يظهر بأن 72 % من الاسر العراقية تمتلك المساكن وان نسبة البطالة اقل من 14 % وان 41 % تمتلك سيارة ويبلغ معدل انفاق الاسرة شهريا 1700 دولار. ان المرء الذي يقرا هذه الارقام او يسمع بها، يشعر بأنه يتحدث عن اي بلد في العالم ولكن ليس العراق. وليست تلك الارقام مزيفة مثل ارقام مهزلة مسرحية الانتخابات السمجة التي اجريت في ايار المنصرم فحسب بل انها متناقضة وبشكل كلي مع الارقام التي اعلنتها من قبل نفس وزارة التخطيط ودائرة الاحصاء المركزي.
تلك الارقام الهدف من ورائها التعمية عن نسبة الفقر والبطالة السرطانية التي تنهش جسد جماهير العراق جراء النهب والسلب الذي تمارسه سلطة الاسلام السياسي بجميع احزابها والتي فرضت بحراب المارينز الامريكي عنوة على العراق وتم تعويمها واضفاء الشرعية عليها من قبل المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. ان هذه التعمية لم تكن مجانا بل من اجل اعطاء صورة خادعة وكاذبة عن الواقع لجلب الشركات العالمية الى السوق العراقية وتسويق مشهد سياسي وامني واقتصادي وردي عن حرامية ولصوص قوى الاسلام السياسي الحاكمة في العراق وبأنهم قادرون على تأمين ذلك السوق وازدهاره. وبالتالي تلك الصورة تستفيد منها مؤسسات مثل البنك الدولي الذي ساهم في وضع ذلك التقرير المخادع لتنفيذ مشاريعه الجهنمية في افقار المجتمع لصالح تلك القوى الاسلامية التي تحمي مشاريع الدول الامبريالية في العراق.
وقبل بدء سرد الارقام نشير الى ان المسح الذي اجرته تلك المؤسسات لا يمت الى اية صلة بالعلمية، فالتقرير يقول بأن المسح اجري على 8640 اسرة بواقع 360 اسرة كل محافظة باستثناء بغداد واقليم كردستان بواقع 900 اسرة، وكأنها تجري استطلاع راي حول موضوع ما وليس مسحا سكانيا يحتاج الى احصاءات دقيقة. وهذا يكشف عن حجم كذب التقرير ولا علميته والشبهات التي يثيرها. فصحيح ان سلطة البرجوازية في العالم وعن طريق اقتصادييها وسياسييها والمؤسسات التابعة لها تكذب دائما او تحاول اخفاء حقائق نسب الفقر والبطالة والعوز في المجتمعات التي تحكمها، ولكن الصحيح ايضا انها تحاول عدم المبالغة كثيرا بالارقام التي تعلنها لسبب بسيط هو ان هناك صحافة حرة نسبية وهناك معارضة برلمانية تراقب الاوضاع وتحاول ان تستثمر اكاذب السلطة لصالحها من اجل تحسين اوراقها السياسية وكسب اصوات لصالحها في اية انتخابات مقبلة. ولكن في العراق الكل في الحكومة والكل في المعارضة وحسب بورصة السوق اليومية، واي كان الاداء الحكومي فلن تغير الانتخابات في موازين القوى.
لنعود الى لغة الارقام ، فقد تزامن مع صدور ذلك التقرير المذكور تقرير اخر نشر في صحيفة "العربي الجديد" يوم 12 من هذا الشهر ويقول ان نسبة 12 % من العراقيين يعيشون في العشوائيات موزعين في بغداد وكربلاء والنجف والسماوة وبابل وواسط والبصرة. ويشير التقرير ان 3 ملايين شخص يعيشون في العشوائيات فقط في بغداد. هنا نطرح سؤال بسيط ولا يحتاج الى عناء او حتى انفاق سعرة حرارية واحدة بالتفكير وهو لماذا لم تجرِ المؤسسات الرصينة نفس المسح على سكان العشوائيات؟ وقد اكد على ارقام العشوائيات التي هي نموذجا للفقر والعوز ونقص الخدمات، عبد الزهرة الهنداوي ممثلا عن وزارة التخطيط في تصريح له عبر الفضائيات. وفي تقرير اخر لمفوضية حقوق الانسان ذكر بأن 400 الف اسرة تعيش في العشوائيات، مع الاخذ بأن عدد افراد الاسرة الواحد يتراوح بين 5 – 6 اشخاص حسب نفس التقرير المذكور، ومع هذا تبقى جميع الارقام التي تبرهن عن واقع الفقر الذي بلغ من يعيشون تحت خطه في العراق نسبة اكثر من 30 % او 6 ملايين شخص حسب وزارة التخطيط في عام ٢٠١٧ وهي اعلى بكثير من ارقام المؤسسات التي بينت كم ان الانسان العراقي مرفه ويعيش الحلم العراقي بدل من الحلم الامريكي. لنستمر في ذكر ارقامنا، فالتقرير يقول ان نسبة البطالة هي اقل من 14% بيد ان الحقيقة هي ان نسبة البطالة بلغت اكثر من 22.6 % حسب احصائية نفس الجهاز المركزي في اب من هذا العام، وفي تقرير اخر في ايار نفس السنة ذكر صندوق النقد الدولي ان نسبة البطالة بلغت 40 % في العراق. فمن اين جيء برقم اقل من 14 %... العلم عند المالكي واعوانه. الا ان ما يضحك في التقرير هو ان نسبة انفاق الاسرة شهريا 1700 دولار! هل يحتاج هذا الرقم الى تعليق؟ ولكن يبدو ان من وضع الرقم 1700 دولار هو مؤسسة تابعة لجلال الدين الصغير القيادي في المجلس الاسلامي الاعلى في خطبة له في جامع براثا عام 2014 عندما نصح الشعب العراقي بعدم شراء النستلة من اجل شد الاحزمة على البطون وتجاوز سياسة التقشف التي اعلنتها حكومة العبادي، وطبعا عاونه في وضع التقرير مؤسسة تابعة لموفق الربيعي عندما رد في احدى اللقاءات عن ما الت اليه اوضاع العراقيين من فقر وعوز تحت سلطة الاحزاب الاسلامية مقارنة بزمن النظام السابق، رد بأن كل مواطن عراقي يملك موبايل وهو بفضل سلطة الاحزاب الاسلامية،. في الحقيقة هذا ما تسمح لنا به هذه المساحة من تعليق على التقرير،وهناك الكثير كي ننبه القارئ ونكشف عن ضحالة ولا علمية وصفاقة واضعيها تلك التقارير، انه تجميل لوجه كف حتى ان يقال عليه بالقبيح.