على هامش انعقاد المؤتمر الوطني السادس للك.د.ش: هل يتم الحد من سطوة الانتهازيين في الأجهزة المختلفة؟.....5


محمد الحنفي
الحوار المتمدن - العدد: 6084 - 2018 / 12 / 15 - 03:50
المحور: الحركة العمالية والنقابية     

التجربة المرة للانتهازيين في صفوف الك.د.ش:.....2

ومن منطلق احترام المبادئ، باعتبارها مشكلة لهوية الك.د.ش، ومعيارا أساسيا للانتماء إليها، فإن الانتهازيين المتسربين إلى صفوف الك.د.ش، والذين استطاعوا التمركز في المسئوليات المختلفة، وخاصة منها المسؤوليات الأساسية: محليا، وإقليميا، وجهويا، ووطنيا.

لقد استطاع الانتهازيون دوس المبادئ الكونفيدرالية، والعمل على تناسيها، والتصرف في الملفات النقابية، وكأن الك.د.ش غير قائمة، ومبادئها غير مستحضرة، وغير محترمة، وهو ما يدفع بنا إلى القول: بأن الك.د.ش، التي عايشنا تأسيسها، والتي لا زالت بطائقها تحمل نفس المبادئ، ليست هي الك.د.ش، التي نعايشها في العديد من الفروع، والأقاليم، والجهات، وعلى المستوى الوطني، في الكثير من الأحيان، والتي لا علاقة للعديد من مسئوليها، وخاصة الذين تعودوا على انتهاز الفرص، بتلك المبادئ، التي لا يذكرونها، إلا من أجل دوسها، وإعادة دوسها، آناء الليل، وأطراف النهار، ما دام يمارس الانتهازية، من منطلق أن المبادئ تقف سدا منيعا ضد أي ممارسة انتهازية، كيفما كان نوعها.

والانتهازيون الذين اختاروا الانتماء إلى الك.د.ش، دون غيرها من النقابات، يدركون جيدا:

ــ ماهي الك.د.ش؟

ــ وبما ذا تتميز عن الاتحاد المغربي للشغل، وعن الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والاتحاد الوطني للشغل، والفيدرالية الديمقراطية للشغل، والمنظمة الديمقراطية للشغل؟

فالك.د.ش، ليست هي كل هذه النقابات. إنها تتميز عليها بمبدئيتها، وبمبادئها المختلفة، وخاصة، بديمقراطيتها، التي إن تم احترامها من قبل المسئولين النقابيين الكونفيدراليين، ستصير الك.د.ش، فاعلة في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وستجذبهم إلى الانضمام إليها، وسينتظمون فيها، لا لأنها سوف تحقق مطالبهم، بل لأنها سوف توحدهم جميعا في صفوفها، سواء كانوا عمالا، أو باقي الأجراء، أو سائر الكادحين، نظرا لاحترام المسئولين النقابيين، لديمقراطيتها.

أما التجربة التي تخوضها الآن الك.د.ش، في مرحلة تسرب الانتهازيين إلى القيادات المختلفة، فلا يمكن وصفها، أبدا، بالديمقراطية؛ لأنها لا تبث في القوانين التي تضعها القيادة، وتعمل عل تطبيقها، قبل أي مؤتمر: قطاعي، أو مركزي، ولو كان الاتحاد المغربي للشغل يفعل ذلك، قبل تأسيس الك.د.ش، لقلنا إنه بيروقراطي / برصوي. وإلا استمر تمسكنا بترديد هذا الوصف، لعقود طويلة، حتى وإن تخلى الاتحاد المغربي للشغل عن بيروقراطيته، وعن بورصويته.

وبما أن العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يقبلون أيدي القائد البيروقراطي / البورصوي، في الاتحاد المغربي للشغل، كأنه هو رب النقابة الأعلى، مع أن الك.د.ش، لو تم تصفية الانتهازيين بالتصدي إليهم، لكانت هي الأعلى، ولكن في الممارسة الديمقراطية، ولعل ما صارت عليه في العديد من المؤتمرات القطاعية، والمركزية، يمسك العصا من الوسط، فالنقاش الذي يجري بين الكونفيدراليين، لا يمكن أن يكون إلا ديمقراطيا، وخاصة فيما يتعلق بالتقارير، والبيانات القائمة في الواقع، ولكن، عندما يتعلق الأمر بتشكيل الأجهزة، فإن الأمر أصبح بيد القيادة، وقبل أن يجتمع المؤتمر، كما أصبح تعيين المسئولين النقابيين محليا، وإقليميا، وجهويا، بيد القيادة، ولا عبرة بالقواعد النقابية، التي تستغرب ممارسات القيادة، بالإضافة إلى أن القائد العام، لا يترك أمر انتخابه إلى الهيأة التي ينتخبها المؤتمر، أو يصادق عليها، على الأقل، بعد اقتراحها من قبل لجنة الترشيحات، بالإضافة إلى المنتخبين من الأقاليم، والجهات، والفروع.

والذين يكتسبون عضوية القيادة، الذين لا يحتاجون إلى مصادقة المؤتمر على عضويتهم، خاصة وأن عضوية، مثل هذه، وفي إطار مشروع قانون، لم يصادق عليه المؤتمر، إلا بعد الانتخاب.

فهل الانتهازيون الذين يتمكنون من التحكم في القيادات المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، سيحولون الك.د.ش، من منظمة ديمقراطية، تقدمية، جماهيرية، مستقلة، ووحدوية، إلى منظمة نقابية بيروقراطية، كباقي النقابات البيروقراطية، التي لا علاقة لها بالمبادئ المذكورة؟

وهل بصيرورة الك.د.ش، نقابة بيروقراطية، يمكن أن نقول: إن العمل النقابي عفا عليه الزمن؟

ألا يمكن القول: إن الك.د.ش، تعاني من حالة التشويش؟

ألا نعتبر أن الكونفيدراليين، الآن، أكثر من أي وقت مضى، أصبح من واجبهم إعادة النظر فيما صارت عليه الك.د.ش؟

أليس الأجدى بالك.د.ش، أن تعود بالك.د.ش، إلى مرحلة العز، الذي رفع شأن العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين؟

إن الك.د.ش، الآن، وأكثر من أي وقت مضى، تدرك، جيدا، أن الأولوية للنضال الديمقراطي، وأن هذه الأولوية، تفرض عليها أن تكون ديمقراطية، وأن تحرص على احترام مبادئها المقررة في أدبياتها التاريخية، والراهنة، وخاصة، مبدأ الديمقراطية في شقه الداخلي بالخصوص؛ لأنها تؤدي دورين أساسيين:

الدور الأول: عدم إتاحة الفرصة أمام تسرب الانتهازيين للقيادات المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، ولأن الديمقراطية في شقها الداخلي، تستلزم المحاسبة الفردية، والجماعية، والنقد، والنقد الذاتي، في كل الإطارات النقابية. وهو ما يوقع الانتهازيين، في كل الإطارات النقابية، في حيص بيص، ويفضح أمرهم، ويجعلهم يفضلون الابتعاد عن الأجهزة النقابية.

والدور الثاني: أن الديمقراطية الداخلية، هي إطار لتربية العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، مما يمكنهم من المساهمة في التربية على الديمقراطية في المجتمع، من خلال الأسر، ومن خلال العلاقات العائلية، والإنسانية في المجتمع، في أفق النهوض به، من أجل تحقيق الديمقراطية.

ولهذا، فسعي الانتهازيين إلى تفعيل المبادئ في الك.د.ش، وخاصة، تلك التي لها علاقة بتفعيل الديمقراطية، في شقها الداخلي، التي تستلزم المحاسبة الفردية، والجماعية، كما تستلزم النقد، والنقد الذاتي، كمبدأين ملازمين لتفعيل الديمقراطية الداخلية، في إطاراتها المختلفة.

أليس عدم تفعيل المبادئ الكونفيدرالية، نظرا لكونها تتناقض تناقضا مطلقا مع الممارسات الانتهازية، أنى كان مصدرها، سواء كانت عن قصد، أو عن غير قصد؟

أليست الانتهازية المعتمدة، من قبل العديد من الانتهازيين، الذين سيطروا على العديد من المسؤوليات، في مستوياتها المختلفة، هي التي وقفت، وتقف وراء الأزمات الحادة، التي عرفتها الك.د.ش؟

ألا نعتبر أن تخلص الك.د.ش، في مؤتمرها السادس، ومن بعده مباشرة، من ذلك الكم الهائل من الانتهازيين، يعتبر شرطا لاستعادة الك.د.ش لعافيتها، ولمبدئيتها، ولاحترام مبادئها، ولتفعيل تلك المبادئ، التي لا بد أن تؤدي إلى الارتقاء بالنقابة، والعمل النقابي، في أفق تحقيق الأهداف المحددة؟

أليس احترام المبادئ، تعبيرا عن الالتزام بالنقابة، وبالعمل النقابي، إخلاصا للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وللتاريخ، ولجغرافية الوطن، وعلى جميع المستويات؟

والإخلاص معناه: الاستماتة في العمل، والاستماتة في بناء الوطن، والاستماتة في التضحية من أجل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وعدم الالتزام: يأتي تعبيرا عن عدم الالتزام بالنقابة، والعمل النقابي، وخيانة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وخيانة للتاريخ، والجغرافية. وفي نفس الوقت، خيانة للوطن؛ لأن الإخلاص للكادحين، إخلاص للوطن، فالكادحون هم الوطن، والوطن هو الكادحون. والذين لا يهتمون إلا بتكديس الثروات، ونهبها، وبالارتشاء في الإدارة المغربية، فلا يهمهم من الوطن، إلا ما يكدسونه من ثروات، على حساب تعميق إفقار الكادحين، من أجل أن يهربوا ما جمعوه، من استغلال الكادحين، ومن النهب، ومن الاتجار في المخدرات، ومن الرشوة، ومن الاتجار في الممنوعات، وفي السموم، ومن امتيازات الريع، إلى الأبناك الخارجية، حيث يقتنون مساكن يستقرون فيها، عندما يغادرون الوطن، وإلى الأبد، ولذلك، اعتبرنا أن الكادحين هم الوطن، وأن الوطن هو الكادحون، الذين خرج من صلبهم المضحون، والشهداء، من أمثال الشهيد المهدي بنبركة، والشهيد عمر بنجلون، والشهيد محمد كرينة، والشهيد عبد الله مناصر، والشهيد جبيهة رحال، والشهيد محمد بنونة، والشهيدة سعيدة لمنبهي، وغيرهم من الشهداء، الذين تطول قائمتهم على مر الأيام؟

والتضحية، ومهما كانت هذه التضحية، لا بد أن ينال الكادحون، بواسطتها، هدفا معينا. وهذا الهدف، لا بد أن يثلج صدور كادحي الشعب المغربي. والشعب المغربي لا بد أن يفرز من بين كادحيه من يضحي من أجلهم. وتحقيق كل أهداف كادحي الشعب المغربي آت، لا محالة، إن عاجلا، أو أو آجلا.

ولذلك، فما يمارسه الانتهازيون في مختلف إطارات الك.د.ش، هو مسالة أساسية، لجعل النقابة، والعمل النقابي، في خدمة مصالحهم الخاصة. وتحقيق تطلعاتهم الطبقية يلحق الضرر الكبير بالك.د.ش، وبالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وبالشعب المغربي، وبمستقبل النقابة، والعمل النقابي. وهو ما يقتضي من المؤتمرين في المؤتمر الوطني السادس، وفي غيره من المؤتمرات اللاحقة، ومن كل هيأة تقريرية، بعد المؤتمر، وعلى المستوى المحلي، والإقليمي، والجهوي أن يعمل، وأن تعمل، على الحد من تواجد الانتهازيين، أنى كانوا، وأنى كان لونهم السياسي، في الإطارات الكونفيدرالية، التي أساءوا إليها كثيرا، كما أساءوا إلى العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ولعبوا دورا كبيرا، وأساسيا، في جعل الك.د.ش، تعرف التبقرط، في العديد من المواقع، التي تعرف التراجع في نضاليتها، وفي ارتباطها بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، والتراجع في اعتبارها منظمة ديمقراطية تقدمية جماهيرية مستقلة وحدوية، مما أدى بالضرورة إلى التراجع في نضاليتها، التي لم تعد ترعب الأعداء، كما كانت، والخصوم على السواء، ولا ترضي الكونفيدرالية، خاصة، وأن الإطارات الكونفيدرالية، لم تعد لها نفس القاعدة، التي كانت لها من قبل، ولم تعد تهتم بالمشاكل، التي تهم القطاع الخاص، خاصة، إذا كان ذا طابع محلي، أو إقليمي، أو جهوي.

فالقطاعات التي يتم التركيز عليها ، هي القطاعات العمومية، التي يمكن أن تتوفر فيها الإمكانيات البسيطة، التي تجذبها إلى الانخراط في الإطار النقابي، الذي يعنيها، والذي يقف إلى جانب العاملين في القطاع، من أجل مواجهة الشروط الموضوعية، التي تحول دون تمكنهم من انتزاع مكاسب معينة، حتى لا تؤدي إلى تحسين أوضاعهم المادية، والمعنوية؛ ولكن، في نفس الوقت، تمكن الانتهازي من تحقيق التطلعات الطبقية، عن طريق الامتيازات الريعية، التي تقف النقابة وراءها، خدمة لمصالح النخب، التي تقود مختلف الإطارات النقابية. وهو أمر لا يمكن تفسيره، إلا بأن أغلب النخب النقابية، ذات طبيعة انتهازية، مما يجعل مبادئ الك.د.ش في واد، وممارسات أغلب النخب النقابية في واد آخر. والقيادة الكونفيدرالية تجعلنا لا ندري:

هل هي مع مبادئ الكونفيدرالية، أو مع ما تسعى النخب النقابية إلى تحقيقه؟

لأنه، من المفروض أن تكون على علم، وعلى بينة، مما يمارسه الانتهازيون النقابيون، في العديد من الفروع، وفي العديد من الأقاليم.

والخلاصة، أن الانتهازية تبقى انتهازية، مهما كانت الشروط، التي تعمل فيها تلك الانتهازية، والإطار النقابي الذي تعودت الانتهازية على استغلاله لصالحها، تبقى مستغلة له، شاء من شاء، وكره من كره؛ لأن من شب على شيء، شاب عليه، كما يقولون. والانتهازيون شبوا على استغلال النقابة لصالحهم، وسيستغلونها لصالحهم، مهما كانت الشروط، وكيفما كانت، ما دام احترام المبادئ، غائبا، وما دامت الديمقراطية في شقها الداخلي، غير مفعلة، وما دام مبدأ المحاسبة الفردية، والجماعية، والنقد، والنقد الذاتي، لا يفعلان، إلى درجة أن الإطارات النقابية، عندما تجتمع، إن كانت تجتمع فعلا، على المستوى المحلي، وعلى المستوى الإقليمي، وعلى المستوى الجهوي، لأنه غالبا ما يحل اثنان، أو ثلاثة، على الأكثر، محل الجهاز النقابي المنتخب، أو المتوافق عليه، أو معين من قبل القيادة النقابية، في ما يتعلق بالقائد النقابي: المحلي، أو الإقليمي، أو الجهوي. وتلك هي كارثتنا الكبرى، التي تفرغ النقابة من مضمونها.