ثقافة البوح الحلقة 1


ماجدة منصور
الحوار المتمدن - العدد: 6080 - 2018 / 12 / 11 - 05:20
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم     

إخترت أن أؤسس ثقافة جديدة لم يتطرق لها كتابنا و مثقفينا و نقادنا....إنها ثقافة البوح.0
أن نبوح مافي صدورنا دون شعور بذنب أو تأنيب ضمير.
كلنا مخطئون...و خير المخطئين هم اللذين يتعلموا من أخطائهم.
نحن نحتاج للبوح ما في صدورنا و ما يتغلغل في أعماق أنفسنا و خبايا ضميرنا....و هذه أزمة...نعم إنها أزمة...بأن لا نعترف بعجزنا و قصورنا و أخطائنا و نذالاتنا و جرائمنا و هفواتنا و تعريصنا و قهرنا و ذلنا و فجورنا و انكساراتنا

و طيشنا....إنها (تعاليم العيب المخفي) التي تعودنا عليها منذ أن خلقنا في أرحام أمهاتنا .
( إذا بليتم بالمعاصي....فإستتروا )....هذه المقولة لم تعد تنفعنا لا من قريب أو بعيد في وقتنا الراهن هذا.
أقول لكم : إذا إبتليتم بالمعاصي....فافضحوها....فمن قلب تلك المعاصي تكمن عبرا كثيرة و دروسا قيٌمة سوف نتركها للأجيال القادمة حينما نرحل عن تلك الأرض المخروبة بتعريصنا و شرمطتتنا.
أنا أدعوكم بشخصي...إنه نداء لكل مثقف و حر ضمير...أن يعترف على صفحتي بنذالته و ضعفه و سقوطه و جرائمه ...ليس لغاية...إنما فقط من أجل أن نتطهر.
نحن بحاجة ماسة كي نحاسب أنفسنا و نعاقب ذواتنا على الجرائم التي إرتكبناها....بحق أنفسنا و بحق الآخرين أيضا.
ليس من العدل أن نظهر للملأ و كأننا ملائكة ...
ليس من العدل أن نخفي سقطاتنا...و هفواتنا...
فمن لديه الشجاعة: ليعلق مشكورا على مقالتي تلك.
سأبدأ بنفسي أولا...
كنت سارقة كتب و مجلات ...من الطراز الأول
كنت حرامية قطط و طيور و نباتات و زهور ..من الطراز الأول.
ذلك حينما كنت صغيرة لا أدرك معنى العيب.
إن سرقاتي الماضية تثقل ضميري حتى هذه اللحظة بعد أن دخلت مرحلة منتصف العمر.
حان الوقت الآن....كي أتطهر
حان الوقت الآن....كي لا أدعي القداسة و الطهارة و التحضر و التنمق .
كنت حرامية بالمعنى الحرفي.
سرقت الكتب و الزهور و الحيوانات و النباتات....و تطورت بي السرقة لدرجة أني قد تجرأت و سرقت خاتما ذهبيا يعود لأختي.
ما كان يؤرقني....أنني كنت أبكي كثيرا بعد كل سرقة أرتكبها!!!
سارت بي الأيام و مر بي العمر...و علمني الدهر...بأنه خير لي أن أتوقف عن سرقة الأشياء .
ها هو ناموس الكون و عبرة الوجود و قد أرسل لي رسائل صارمة....قوية....حادَة....جازمة....صارمة....بأن أتوقف فورا عن سرقاتي الصغيرة....فأنا لا أكف عن البكاء بسبب الأذى الذي سببته لضحاياي.
لقد جعلني الوجود أدفع ثمنا غاليا لسرقاتي الصغيرة....فقد تعرضت لسرقة جميع مجوهراتي و هي تقدر بمئات الآلاف من الدولارات.
حينما تعرضت للسرقة...فإني قد أدركت للتو بأنه : على الباغي تدور الدوائر.
لقد دارت الأيام و سُرقت جميع مجوهراتي.
للكون رسائل خفية ..يبعثها لنا دائما....دون كلل أو هوادة.
إنها (الكارما)
إنه المكر السيئ: ( لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.)
حين تعرضت لسرقة مجوهراتي الثمينة: توقفت فورا عن سرقة الأشياء ومهما كانت غالية و ثمينة.
لقد اعترفت لنفسي بأني واطية ....وضيعة...حقيرة....سافلة...نذلة....وعندما إعترفت لنفسي بكل سفالتي و نذالتي....توقفت تماما عن سرقة أي شيئ.
حينما إعترفت لنفسي...تحررت.
إنه الحق: الحق يحررنا.
الحق يطهرنا.
الحق يريحنا.
الحق يؤدبنا.
الحق يجعل منًا بشر يستحقون العيش بحرية و كرامة.
أيها السيدات و السادة: نحن نحتاج (و بشدة ) لثقافة البوح.
لنؤسس ثقافة جديدة و لنسميها ( ثقافة البوح)
نحن نكتب منذ سنوات طويلة و طالما عشقنا أن نصًدر للقراء ما معناه أننا قوم....مثقفون....ونخبة....ومحترمون....نكاد أن نقول للقراء بأننا ملائكة...لها أجنحة!!!!
يا لبؤس النخب فينا!!!
يا لكذبنا و دجلنا و نفاقنا و تعريصنا و سقطاتنا.
يا لنرجسيتنا المقيته.
دعونا نصارح أنفسنا أولا و قرائنا ثانية عن كل لحظات سقوطنا و ضعفنا و رذالتنا...فنحن اللذين نكتب ...طالما خدعنا قرائنا ...بكلماتنا المنمقة و عباراتنا الذهبية...و أفكارنا المنتقاة..و طالما أظهرنا للقراء صورة هي ليست بالحقيقية
و ليست بالمثالية ....
من الجائز أننا صدرًنا لهم صورا عنًا بما ينبغي أن نكون.
هي كلمتي أقولها للقراء: نحن بشر قد بهدلتهم الخطايا و أثقلتهم الذنوب و شرشحتهم الدنيا ....بشتى أنواع الشرشحة.
(( أليس الزمن اليوم للرعاع؟؟؟ لكن الرعاع لا تفقه ما العظيم و ما الحقير و ما المستقيم و ما الصادق! إنها معوًجة من غير قصد و وعي، أنها تكذب دائما.)
( و إذا ما كٌتب للحقيقة أن تنتصر مرٌة، فلكم أن تتساءلوا بريبة مبرٌرة: ( أي ضلال مكين قد ناضل من أجل إنتصارها؟)
(لتحترسوا أيضا من العلماء و الكتُاب، إنهم يحقدون عليكم، ذلك أنهم عقيمون! إن لهم عيونا باردة وجافة، و كل طائر في عينهم مجرد من الريش فهؤلاء يتبجحون بأنهم لا يكذبون ، لكن العجز عن الكذب لا يعني دوما حب الحقيقة
لتحترسوا إذا....مني و من هؤلاء الكتًاب اللذين لا يكفون عن الكذب و التزوير...و إذا أردتم بلوغ الأعالي، فلتكن أرجلكم هي التي تحملكم إليها! لا تدعوا أنفسكم تُحملون و لا تمتطوا ظهور و رؤوس غيركم)
و عندما تكون أمام هدفك، ستكون درجتك العالية و هي ستعثر قدميك- أيها الإنسان الراقي)
هكذا تحدث زرادشت
هذه صفحتي الخاصة على منبر الحوار المتمدن....قد فتحتها لثقافة جديدة...إنها ((_ثقافة البوح))
لنجعل البوح و الإعتراف منصة قادمة لتتحرر أرواحنا المقيدة بثقافة العيب!!!!
العيب هو أن نخفي زلات نفوسنا و فساد سريرتنا.
العيب هو أن نخفي عكس ما نظهر.
العيب هو أن نكذب على أنفسنا و على غيرنا بإستمرار.
العيب هو أن لا نتطهر.
العيب هو أن نستمر في نفاقنا الى حين ((نفطس)) فيه بلا نفس أو حراك.
ما أجمل البوح!!!!
هل هناك لذة تضاهي بإعترافك لنقائصك؟؟؟
عن نفسي سأحدثكم أيها السيدات و السادة المحترمين: سوف أجعل من صفحتي في الحوار المتمدن...صالونا لكل حر و إنسان ((يتمتع بإنسانيته)) كي يعترف بنقائصه و سقطاته...فإن الإعتراف هو سبيلكم الوحيد كي تكونوا أحرارا.
هنا أقف
من هناك أمشي
للحديث بقية