البصمة الصهيونية على جريمة اغتيال خاشقجي : تبادل الأدوار بين نجمي دولتي الإرهاب في الشرق الأوسط : محمد بن سلمان و نتنياهو / 1-2


حسين علوان حسين
الحوار المتمدن - العدد: 6074 - 2018 / 12 / 5 - 02:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

على نحو استثنائي ، إنشغل الرأي العام العالمي منذ الثاني من شهر اكتوبر / 2018 بمتابعة الأخبار المروعة لآخر السلسلة المستطيلة من الجرائم المرتكبة تنفيذاً لأوامر ولي عهد آل سعود المسعور محمد fk سلمان الذي تآمر مع شقيقة خالد - السفير الهارب حالياً من سفارته في واشنطن - بالسعي الممنهج لاستدراج الصحفي السعودي المنشق جمال خاشقجي إلى قنصلية بلhده في اسطنبول لكي يتم خنقه فيها حالاً بتكفين رأسه بكيس بلاستيكي من طرف 18 جلميزاً طيّرهم هذا المسعور إلى اسطنبول خصيصاً لهذا الغرض ، و من ثم تقطيع جثته بمنشار طبي و أخفائها . و هي الجريمة التي اعترف النظام السعودي بارتكابها رسمياً - بعد طول انكار و استنكار مكشوف - في 19 اكتوبر رغم اخفائه المتعمد لجثة القتيل المقطعة الأوصال بالمنشار ، لتصبح أول جريمة قتل رسمية في التاريخ بدون جثة . و قد أكدت تحقيقات السي آي أي الأمريكية قناعتها بتورط المسعور أبو منشار محمد بن سلمان شخصياً بهذه الجريمة ؛ كما تشير العديد من التحقيقات الصحفية إلى مشاركة أطراف حكومية دولية عديدة أخرى له في ارتكاب هذه الجريمة الشنعاء ، بضمنهم شركائة : المخابرات الامارتية و جهاز الموساد ، و غيرهم ممن حرصوا على الإنكار المضحك المبكي لتورطهم الفاضح فيها .
و كان الموظف السابق في الاستخبارات الأمريكية ، إدوارد سنودن ، هو أول من وجه الاتهام لشركة "NSO Group Technologies" الاسرائيلية ، بالتورط في مقتل جمال خاشقجي . فقد نقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية - هآرتس و تايمس أوف إسرائيل - عن سنودن قوله ، خلال مشاركته عبر جسر فيديوي في مؤتمر مغلق نظمته يوم الأربعاء الماضي الاستخبارات المحلية في تل أبيب ، إن قتلة خاشقجي قد استخدموا برنامجاً إلكترونياً معنوناً باسم "Pegasus" في تنفيذ عمليات التجسس للتنصت على الاتصالات التي قام بها الصحفي السعودي المنشق مع صديقه الخاص عمر عبد العزيز في كندا . وفي الثالث من الشهر الجاري ، نشرت شبكة "السي أن أن" الإخبارية مقالة للصحفيين : "نينا دوس سانتوس" و "مايكل كابلان" بعنوان : "الرسائل الخاصة لجمال خاشقجي على تطبيق الواتسأب من شأنها أن تقدم الأدلة الجديدة على الإغتيال" و التي كشفت النقاب عن وقوف هذه الوكالة على أدلة جديدة دامغة تثبت التورط الأسرائيلي في نسج فصول هذه المأساة من خلال تزويد اسرائيل لجهاز مخابرات هذا المسعور بالبرمجيات التي أستخدمت لاختراق هاتف صديقه الناشط السعودي المعارض عمر عبد العزيز في منفاه بكندا . حيث دأب الشاب عمر عبدالعزيز على تبادل الرسائل الخاصة على الواتسأب مع جمال خاشقجي يوميا تقريباً طوال الفترة المحصورة بين أكتوبر/ تشرين الأول 2017 وأغسطس/ آب 2018، و التي تمخضت عن تشكيل "جيش إلكتروني من النحل" سعى لإشراك الشباب السعودي في الداخل في فضح الدعاية السعودية الرسمية على وسائل الإعلام الاجتماعية . وتبين الرسائل المكشوفة بأن خاشقجي قد حوّل في أغسطس الماضي مبلغ خمسة آلاف دولار أمريكي لعمر عبد العزيز لهذا الغرض ، كما وعد بإرسال 30 ألف دولار لاحقاً ، و كذلك بجذب ممولين أغنياء لتحقيق هذا الهدف . غير أن مسعاهما هذا قد وئد في المهد جراء الإختراق المخابراتي لجهاز هاتفه و كشف خططهم ، وهو ما أدى إلى قيام المسعور محمد بن سلمان باصدار الأوامر لإلقاء القبض على عدد كبير غير معروف من أصدقائه الشباب النشطاء داخل المملكة ، و إيقاف نشاطهم السلمي المشروع هذا ، و من ثم السعي للفتك بعمر عبد العزيز و بخاشقجي معاً بكل الوسائل . هذا ، و قد رفع عمرعبدالعزيز الآن دعوى قضائية ضد الشركة الإسرائيلية للمعروفة بإسم : "أن أس أو غروب" (NSO Group) المتخصصة بإنتاج البرمجيات المستخدمة في اختراق هاتفه . كما صرح هذا الشاب المعارض لشبكة "سي أن أن" بأن "قرصنة هاتفي قد لعبت دوراً كبيراً فيما حدث لجمال ، و أنا آسف حقاً لهذا القول". ليضيف بعدها : " إن الشعور بالذنب يقتلني".

نص مقالة شبكة السي أن أن :

""الرسائل الخاصة لجمال خاشقجي على الواتسأب من شأنها أن تقدم أدلة جديدة على الإغتيال"
لندن (سي أن أن)
في كتاباته العلنية ، كان انتقاد جمال خاشقجي للعربية السعودية و ولي عهدها محمد بن سلمان محسوباً بعناية . أما في كتاباته الخاصة ، فإن كاتب العمود في الواشنطن بوست كان يطلق العنان لنفسه . ففي أكثر من 400 رسالة على الواتسأب موجهة لزميله في المنفى خلال السنة السابقة على مقتله داخل القنصلية السعودية باسطنبول ، يصف خاشقجي إبن سلمان - المشار إليه غالباً بالمختصرالانجليزي للأحرف الأولى لإسمه "أم بي سي" - بـ "الوحش" و "الباكمان" الذي يسرط كل من في طريقة ، حتى مؤازريه .
وقد حصلت السي أن أن على الإطلاع الحصري على المراسلات الجارية بين خاشقجي و الناشط السعودي عمر عبد العزيز في مقره بمونتريال (كندا) . و ترسم هذه الرسائل المتبادلة مع عمر عبد العزيز - و التي تتضمن تسجيلات صوتية و صوراً و فديوهات - صورة لرجل ينتابه الإحساس العميق بالقلق ممّا كان يعتبره "النكد" المتمثل بأمير المملكة الشاب المتجبر .
"كلما ازداد أكله للضحايا ، كلما ازداد طلباً للمزيد" ، يقول خاشقجي في إحدى رسائله خلال شهر آيار (من هذا العام) ، و ذلك بعد فترة وجيزة من إطباق (أجهزة القمع السعودية) على مجموعة من النشطاء السعوديين . و "لن تتملكني الدهشة إذا ما طال القمع حتى سمّاره الحاليين " .
نص رسالة جمال خاشقجي :
"إن هذه الاعتقالات غير مبررة و هي لا تخدمه (هذا ما يقوله المنطق) ، و لكن الاستبداد لا يعرف المنطق ، غير أنه يعشق السلطة و الظلم و هو بحاجة إلى التبجح بهما . انه يشبه الوحش ، الباكمان ، الذي كلما ازداد عدد من يأكلهم في طريقه ، كلما طلب المزيد . و لن اندهش إذا ما طال الظلم حتى اولئك الذين يسامرونه ، و من ثم آخرين و آخرين و هكذا دواليك . الله يعلم . "
نص استجابة الناشط السعودي عمر عبد العزيز :
"عجيب . هل هناك إحتمال بأنه إذا ما أصبح ملكاً فأنه سيعفي عنهم كبادرة منه لإظهار العفو و الرحمة ؟"
نص رد جمال خاشقجي :
"هذا ما يقوله المنطق ، و لكنني لم أعد أؤمن بذلك في تحليل ذهنية هذا الرجل ."
و تظهر الرسائل المتبادلة بينهما تقدماً في الإنتقال من الكلام إلى الفعل - حيث بدأ الإثنان بالتخطيط لتكوين حركة شبابية على الشبكة تستهدف محاسبة الدولة السعودية على جرائمها . و كان جمالاً يؤمن بأن محمد بن سلمان هو القضية ، و هو المصيبة ، قائلاً بأن "هذا الزعطوط يجب لجمه "، حسبما صرح بذلك عمر عبد العزيز في مقابلته مع سي أن أن .
و لكن ، و بحلول شهر آب ، فقد تولدت القناعة لدى جمال خاشقجي باحتمال قيام السلطات السعودية باختراق الحوارات الجارية بينه و بين عمر عبد العزيز ، فتملكه الإحساس بالشؤم ، ليقول : " عسى أن يحمينا الله".

بعدها بشهرين تم اغتياله ."

يتبع ، لطفاً .