الله هيغل, الملكية والشيوعيين, والزمن وبدايته!


طلال الربيعي
الحوار المتمدن - العدد: 6073 - 2018 / 12 / 4 - 05:17
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

دار نقاش, ساخن بعض الشئ وكالعادة وكدليل على تحمس كل منا لافكاره, بين الرفيق العزيز فؤاد النمري ومعي بخصوص موضوعات منها موضوعة الله, موقف الشيوعية من الملكية, بداية الزمن والانفجار العظيم.
http://www.ahewaتr.org/debat/show.art.asp?aid=619833

وبسبب طول تعليقي بعض الشئ على مقالته وتوخيا مني لاتاحة الفرصة لمناقشة الموضوعات قيد النقاش من قبل جمهرة اوسع من القراء ارتأيت نشره كمقال.
-------
الرفيق العزيز النمري
شكرا على مقالك وتعليقاتك! واني ارحب باتفاقك معي على اهمية الابتعاد عن الشخصنة والى ان نتقيد بمناقشة الموضوعات المطروحة, ولكن لا ضير ابدا من الاختلاف, فالعلم والمعرفة لا يمكن لهما بدونه ان تتطور او بدون ممارسة النقد والتمحيص وخصوصا في المسلمات من الامور. ومسرح الماركسي العظيم برتولت بريخت في التغريب هو مدرسة فكرية وفنية غنية تعني بالتساؤل والتشكيك.

اود التعليق على بعض المواضيع المهمة التي تناولها نقاشنا.

اولا, ان زعمي بانك هيغلي, كما قلت اعلاه, ليس مسبة. ان الله او الفكرة المطلقة حسب هيغل هو ليس الله الابراهيمي للديانات الثلاث وانما هو, وهذا ما يعتقده سبينوزا وآينشتاين ايضا, هو القوانين الطبيعية, وهذا هو ايضا مفهوم الله, الى حد كبير, لدى الفيلسوف البريطاني واستاذ برتراند رسل, وايتهيد, الذي سبق وان كتبت عنه سلسلة من عدة حلقات وعن علاقة فلسفته بالديالكتيك, وهي متوفرة في الانترنيت ولا يمكنني تلخيصها باي حال في تعليق او مقال موجز كهذا.

الله لم يتم بحثه بشكل مجرد عن الدين من قبل الماركسية. والماركسية تتكلم عن وظيفة الدين وليس عن وظيفة الله, الابراهيمي بالطبع, لانها نظرية مادية, ولكن هيغل وسبينوزا كانوا ايضا ماديين هم الآخرين عند مساواتهم الله بالقوانبن الطبيعية. المادية والمثالية ليستا لونين من ابيض واسود, فهناك الكثير من التداخل بين الاثنتين بوعي وغالبا بدونه او بسبب سوء فهم او بسبب عدم اطلاع كاف على الفلسفة وتاريخها ومدارسها.

الماركسيون عندنا عندما يتكلمون عن الله فهم يعنون الله الابراهيمي وليس الله هيغل. واذا اجبرني احد على ان اختار بينهما, الله الابراهيمي او الله هيغل, فاني اختار الله هيغل.

ثانيا, ان رجائي منك ان تشرح موقف الشيوعيين في بلدك من الملك قد يكون مخطئا وصحيحا ايضا في نفس الوقت. كيف؟

مخطئا عندما يعرضك ذلك الى مشاكل امنية في بلدك لا اتمناها لك ابدا وباي حال من الاحوال, ولكن ذلك طبعا لا يتعلق برغبتي وهو احتمال يبقى واردا لاني لا اعرف الا اقل من القليل عن الوضع الامني عندكم, لذلك كان علي ان اتوخى الحذر. ارجو المعذرة ان سبب لك طلبي اي نوع من الضيق او الازعاج.

صحيح ايضا لكون الشيوعية, باعتقادي الغير الجازم, لا تقتضي بالمطلق ابدال الملكية بالجمهورية. واني يمكنني ان اقول ان الجمهورية لا يعني انها دوما اقضل من الملكية-خذ العراق الآن كمثال منذ انقلاب 1963 او حتى قبله.

ثم هل ان الوضع في فرنسا الجمهورية- لا ننسى الصدامات الحالية بين الجماهير والسلطة وقمع الاخيرة الوحشي لها, مثلا, افضل من الوضع من الملكية في بريطانيا او نيوزيلندا او كندا او استراليا. لا اعتقد. اي اني لم ارد منك ان تجيبني بان تقول انك ضد الملكية الخ. يمكن ان تكون مع ابقاء الملكية وبدون ان يؤثر ذلك على شيوعيتك. ان مناقشة هذه الموضوعة تعد عندنا من المحرمات او التابوهات, واني اعتقد ان الشيوعيين انفسهم في منطقتنا مساهمون, بالخفاء اكثر منه بالعلن, عن وجود مثل هذا التابوه والذي لا داع له. والقضية لا تتعلق بالجمهورية او الملكية بحد ذاتها بقدر تعلقها بطبيعة السلطة ولمن تنحاز, والملك يمكن ان يكون دستوريا فقط. وشيوعيو كمبوديا مثلا لم يكونوا ضد الامير سيهانوك ولم يدعوا الى خلعه. ولا ادري شيئا عن موقف شيوعيي بريطانيا او استراليا او كندا من الملكية, ولكني اعلم ان حزب العمال في بريطانيا وحتى الآن, وكذلك زعيمه اليساري جيرمي كوربين, ليس ضدها.

وفي المحصلة فان شعب الاردن وشيوعييه هم من يقرر واني اعتقد ان الحزب الشيوعي الاردني لا يدعو الى الغاء الملكية ولكني لست متأكدا من هذا. وسؤالي لذلك كان بدافع فضول فكري او معرفي لا غير.

ثالثا, اسمح لي ان اختلف من جديد معك بموضوعة بداية الزمن والانفجار العظيم. واني استشهد بما يقوله احد اكبر الفيزيائين الذين عرفهم التاريخ وخليفة نيوتن, ستيفن هوكنغ وكتابه تاريخ موجز للزمن او كتابه سهم الزمن.

فحسب هوكنغ
-إن النظرة العامة للفيزيائيين هي أن الزمن بدأ عند نقطة محددة قبل حوالي 13.8 مليار سنة مع الانفجار الكبير/ العظيم Big Bang، عندما توسع الكون بأكمله فجأة من تفرد شديد لا متناهي، لدرجة لا متناهية، وهي نقطة حيث قوانين الفيزياء كما نفهمها ببساطة قد تحطمت (اضع خطا تحت تحطمت). هذا يمكن اعتباره "ولادة" الكون (التشديد بوضع قويسات هو من قبلي) وبداية الوقت كما نعرفه. قبل الانفجار الكبير لم يكن هناك مكان أو وقت (وهذا ايضا ما قلته اعلاه)، ولا يمكنك أن تعود إلى الوراء أكثر من الانفجار الكبير، بنفس الطريقة التي لا تستطيع أن تذهب إلى الشمال أبعد من القطب الشمالي.

كما يلاحظ الفيزيائي النظري ستيفن هوكينج في كتابه عام 1988 "تاريخ موجز للوقت او الزمن"، حتى لو لم يبدأ الوقت مع الانفجار الكبير، وكان هناك إطار زمني آخر قبله، فنحن لا تتوفر لنا معلومات عن ذلك الإطار الزمني السابق، وأي أحداث وقعت عندها لن يكون لها أي تأثير على الإطار الزمني الحالي. أي ان اية أحداث مفترضة قبل الانفجار العظيم يمكن اعتبارها بلا معنى فعليًا (أو على الأقل هي موضوعة تخمينات فلسفية، وليست حقائقا فيزيائية).- انتهى الاقتباس
Time and the Big Bang
http://www.exactlywhatistime.com/physics-of-time/time-and-the-big-bang/
ونفس المقال يفصل المراحل المختلفة لنشوء الكون في فترات زمنية في منتهى القصر او في اجزاء قليلة جدا من الثانية او ما يسمى نانوسيكند, او اقل.

ارجو اني وضحت الامور الآن لازالة اي سوء فهم.

مع تمنياتي لك بالصحة والعمر المديد!
----------
ملاحظة
نشرت المقال ضمن محور ابحاث يسارية فهو الاقرب الى محتوى المقال, وان كان ذلك ليس امرا دقيقا بالكامل!