الرد على تحديات المستقبل من خلال قراءة غرامشي لماركس


زهير الخويلدي
الحوار المتمدن - العدد: 6031 - 2018 / 10 / 22 - 09:52
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية     

" هل بالإمكان حدوث إصلاح ثقافي وترقية لحضارة الطبقات الدنيا من المجتمع بدون أن يسبق ذلك إصلاح اقتصادي وتغيير في مركزها الاجتماعي وموضعها في العالم الاقتصادي؟"1
استهلال:
لقد ظل فكر أنطونيو غرامشي1891 -1937حاضرا بقوة في السياقات الثقافية الغربية والجغرافية البعيدة ويمارس تأثيرا كبيرا وسلطة مرجعية على التصورات التجديدية والمراجعات الفكرية ويحتل مكانة بارزة في النقاشات الدائرة بين الأوساط السياسية الأكثر بعدا عن الماركسية واختلافا مع الشيوعية بالرغم من التعثر الذي تعرضت لها الاشتراكية في العملية الانتخابية واختتام الدورة التاريخية التي تتنزل ضمنها2 . لقد بدأ غرامشي رحلة العمل العضلي والفكري باكرا وكان جسده النحيف يتألم من شدة الإرهاق في حين تمكن عقله الخلاق من انجاز العديد من الابتكارات في فترة وجيزة حيث التحق بجامعة تورينو لدراسة علم اللغة وأحرز تفوقا ملحوظا وقرر بسرعة مغادرة الحياة الأكاديمية للحاق بالحياة السياسية. لقد افتتن بالنزعة الإنسانية لدى الفلاسفة المثاليين وخاصة كروتشي ولكنه سرعان ما أصبح اشتراكيا وأبدى اهتمامه الكبير بالحركة العمالية وعارض بشدة انتهازية الاشتراكية الديمقراطية ونقد بقوة النزعة الاقتصادوية وتزعم "حركة المجالس العمالية" وعدها أداة فعالة لتحقيق الثورة الاجتماعية وساهم في بعث صحيفة "العهد الجديد" التي لعبت دورا في تنظيم العمال وإعدادهم للسيطرة على وسائل الإنتاج وطرح مسألة القضاء على الاستغلال والانتهازية واستلام الطبقة العاملة السلطة على الصعيد القومي وجمع بين العمل النقابي والعمل السياسي ونظم الاحتجاجات والإضرابات وبنا الحزب بالمعنى اللينيني في اتجاه تحقيق أهداف سياسية وحاول الاستغناء عن النزعات الميكانيكية والمثالية التي طبعت الماركسية الستالينية وحارب الماركسية الإنسانية للبرجوازية الصغيرة وربط عضويا بين العملية التاريخية والفعل البشري. ثم انفصل عن الحزب الاشتراكي سنة 1921 وشارك رفاقه في تأسيس الحزب الشيوعي الايطالي وزار غرامشي موسكو عاصمة الاتحاد السوفياتي حيث شارك في تظاهرات عمالية واحتفالات سياسية حيث خضع للعلاج وتمكن من التزوج وساعده ذلك من الصعود بالانتخاب إلى أمانة العامة للحزب الشيوعي الايطالي عند عودته سنة 1924 ومن نحت صورته إلى جانب الزعماء التاريخيين لليسار الأممي3 .
والحق أن التفلسف حسب غرامشي يعادل التفكير في العصر بواسطة المفاهيم والعثور على المشاكل التي تطرحها ثقافتنا في مواجهة التحديات وبلورة التفكير النقدي للواقع الاجتماعي وتأسيس مشروع تحرري والتصميم التاريخي على العبور من حال التجزئة والانقسام والتردي إلى وضع الرشد والتقدم والوحدة.
لم يكن غرامشي مجرد مفكر اقتصادي أو منظر سياسي اقتصرت مهمته على بناء نظرية نقدية للطبقة العاملة وإنما عرف بأنه قائد ثوري بامتياز ومهندس اجتماعي التصق بالمصير التاريخي للحركة العمالية وسعى جاهدا لتبيئة الفكر اليساري ضمن النسيج الاجتماعي الخاصة به وتغيير المقولات والأطر القديمة.
إن أي محاولة للتخلص والابتعاد عن هذا المفكر التراجيدي للشيوعية في القرن العشرين هو عمل غير مجدي ومجهود عبثي بالنظر إلى أن الذهاب إلى مابعد ماركس يتيح لنا العثور على غرامشي والقفز إلى مابعد غرامشي يتيح استعادة ماركس في أبهى صوره ويفعل نصوصه النقدية من أجل قراءة الواقع4 .
لماذا نقرأ نصوص كارل ماركس من خلال نظّارات غرامشي من أجل الرد على تحديات المستقبل ؟ وبأي معنى يمكن أن يمثل غرامشي من خلال قراءته لماركس مفكرا سياسيا للقرن الواحد والعشرين؟ كيف تتحول اللحظة الغرامشية في الصيرورة الماركسية إلى لحظة إعادة الإحياء وامتلاك الوعي؟ وماذا يفيد غرامشي مسار الثورة الاجتماعية عند العرب ؟ وهل يعد مفهومه عن الكتلة التاريخية منعرجا تاريخيا ؟ لماذا بقيت كراسات السجن تفيض بالحيوية الخارقة للعادة؟ وكيف أعاد فكره تشكيل العالم المعاصر على مستوى علاقات السلطة والمعرفة بين الحكام والمحكومين وعلى مستوى توزيع بين الدول؟
1- العناصر الأساسية المكونة للسياسة:
" من لا يعرف التاريخ محكوم عليه بأن يعود اليه" – كارل ماركس-
ما الفرق بين الهيمنة والسلطة؟
لقد سبق غرامشي بعقود ميشيل فوكو في التمييز بين السلطة والسيادة وبين القوة والقدرة وبين الحكم والقيادة ووقع مفهوم الهيجيمونيا الذي يفيد الهيمنة الايديوولويجية والقيادة الاجتماعية للحقبة التاريخية.
يسعى غرامشي إلى التمييز بين الدولة والحكم وبين المجتمع السياسي والمجتمع المدني ويدعو إلى اندماج الدولة في المجتمع المدني وذلك في اتجاه تركيز مجتمع منظم ذاتيا يستغني عن ضغط الدولة وتسلطها:
" إن تفوق فئة اجتماعية معينة يتجلى في طريقتين: بماهي سيطرة أو بماهو قيادة فكرية وأخلاقية.في مقدور فئة الفئة المعنية أن تمارس القيادة حتى قبل استيلائها على سلطة الدولة لا بل يتوجب عليها ذلك لأن القيادة شرط أساسي من شروط الاستيلاء على السلطة. ولن تحقق الفئة المعنية سيطرتها إلا عندما تباشر ممارسة السلطة ولكن مهما كانت سيطرتها مكينة على مقاليد السلطة تبقى مضطرة الى الاستمرار في ممارسة القيادة إلى جانب ممارستها السيطرة "5 . في نفس الاتجاه التحليلي لعلاقات القوة المجالية يقر بأن "هذا الأفق لا يؤدي إلى ليبرالية جديدة رغم أنه يضعنا على عتبة عصر حرية عضوية"6 .
على هذا النحو ينطلق غرامشي من جملة من المقدمات الماركسية : لقد تعرضت الماركسية لعملية تحريف مزدوجة ، اذ اندمجت في التيارات المثالية من جهة وتزاوجت مع المادية التقليدية كشرط للمحافظة على النقاوة الأخيرة من جهة ثانية وتحولت في عدة تجارب سياسية إلى ايديولوجيا الطبقة الحاكمة وساهمت في ميلاد ثقافة جديدة ومكنت المجتمعات من التعبير عن حاجات عصرها ومارست الاستقطاب ودفعت إلى الممارسة. في هذا الصدد يعترف غرامشي بأهمية ماركس عندما ربط الإنسان بظروفه الاجتماعية بقوله:" إن التجديد الكبير الذي أدخلته الماركسية على علم السياسة وعلم التاريخ هو البرهان على عدم وجود طبيعة مجردة وثابتة"7 . إلا أنه عمل على بلورة مراجعة نقدية لعدة بديهيات وأوليات انبنت عليها النصوص الماركسية وتعطل دورها الاجرائي ووظيفتها التفسيرية وهي مقولات الحزب و السياسة والدولة والحزب والثورة والاقتصاد والفلسفة والايديولوجيا والثقافة والدين والفرد والديمقراطية والأخلاق والمادية والحرية والقيمة واللغة والنظرية والممارسة والتاريخ والقيادة والطبقة والأمة والقومية والحرب.
لم يبق ميدان السياسة أمرا مغمورا بالاقتصاد والاجتماع ويحتل منزلة ثانوية كماهو الشأن عند ماركس بل درسها من حيث هي حقل مستقل على غرار الأمير عند نيكولا ميكيافيلي واعتبره نشاطا إنسانيا مركزيا يوجد داخل أطر راسخة بفضل التطور التاريخي ويسمح للوعي الفردي بالاتصال بالواقع الاجتماعي.
أما الدولة فلم تعد مجرد جهاز تخترعه الطبقة المهيمنة من أجل المحافظة على مصالحها عن طريق التحكم في الطبقات الأخرى وإنما صارت تعني المجال التنظيمي للمجتمع عن طريق القيادة السياسية وتتعالى على مصالحها الفئوية وتتخطى منزلة الأداة وتتحول إلى غاية بالنسبة إلى الأفراد والمجموعات.
في حين أن الفلسفة مرتبطة بالحقبة التاريخية وتتنزل في الواقع الملموس وتمارس وظيفة ايديولوجية ثورية وتلعب دورا نقديا في علاقة بالحكمة الشعبية والحس السليم والدين والرؤى العالم والمعتقدات.
بعد ذلك قلب غرامشي المعادلة حول الاقتصاد بماهو بنية تحتية والثقافة والدين والأخلاق والايديولوجيا بماهي بنية فوقية تعكس الواقع الاقتصادي ورفض تسيد الاقتصادي على الثقافي والسياسي وفسر حركة المجتمع خارج إطار الحتمية التاريخية والقوانين الموضوعية وطالب باستقلالية الثقافة بالمعنى الشامل وتصور التاريخ كتطور تراكمي للإرادات الحرة وقدم نظرية جديدة في الثورة تصنع قوة هيمنة مضادة.
الطبيعة البشرية هي شبكة من العلاقات الاجتماعية التي يتم تحديدها من خلال الوقائع التاريخية ويمكن رصدها عن طريق مناهج النقد وعلم اللغة وإسناد مبادئ خاصة لعلم السياسة مستقلة عن الدين والأخلاق وتمثل في حد ذاتها رؤية للعالم وتدور حول القانون والقوة والحكم والقيادة والتنظيم والإدارة والتوجيه8 .
يصر غرامشي على استكمال الثورة الفكرية والأخلاقية التي دشنها ميكيافلي وجعلها وعاء للثقافة الوطنية ويفصل بين المذهب الذرائعي والسياسة وبين الفلسفة التأملية وموضوعية المعرفة وبين السيطرة والتربية.
إن الطبقة الثورية للعصر الذي عاش فيه غرامشي هو الشرائح الاجتماعي التي تمثل الاتجاه التقدمي من التاريخ وتسعى للتخلص من الأدوات العتيقة في الإنتاج والتصور وإيجاد أدوات جديدة ضمن عالم جديد.
إن السياسة علم مستقل يحتل حيزا معينا وحقلا خاصا يبني فيه نظرة منسجمة متماسكة للعالم والإنسان، وإن العمل السياسي يظل في وضع جدلي باستمرار وينتمي إلى البنية الفوقية ويشمل قاع المجتمع برمته.
الإصلاح عند غارمشي ليس حدثا تاريخيا يتحقق بشكل ملموس داخل السياق الثقافي للنظام القديم يساعده على إحلال التوازن المفقود وإنما هو مسار جذري يتقصى أصول التحديث ومصادر الثورة ويعيد تشغيل طاقات الرفض لدى قطاع واسع من الشعب ويطلق حركة تغييرية تعمل على تركيز نظام ثقافي جديد.
لقد اشتغل غرامشي في الأمير الحديث على تشكيل الإرادة الجمعية التي تعبر بشكل عملي وفعّال عن التنظيم السياسي وعلى الإصلاح الثقافي والأخلاقي مستهدفا علمنة العلاقات التقليدية والحياة في مجملها.
يشترط تنظيم إرادة جمعية محددة ذات أهداف سياسية بابتكار خيال حسي يؤثر على الشعب يحرك العاطفة ويحفز الناس نحو العمل المنتج والتضحية بهم من أجل الوطن ويشكل هذا الهوى دافعا نحو تأسيس الدولة.
لكن ماهو المنظور الغرامشي للعوامل المساعدة على الانتقال من الثورة إلى الدولة؟

2- تشريح الثورة بين الارتداد والتقدم:
"إني أرى أن مقولة روزا لوكسمبورغ القائلة باستحالة معالجة بعض القضايا الماركسية لأنها لم تصبح بعد قضايا راهنة في سياق التطور التاريخي العام أو بالنسبة لفئة اجتماعية معينة – لا تزال مقولة مفيدة وخصبة."9
يحلل غرامشي مفهوم الثورة السلبية من خلال تثبته من صلاحية مبدأين أساسين في الماركسية هما:
- ما من تشكيلة اجتماعية تختفي ما دام أن قوى الانتاج التي نمت داخلها لا تزال متسعا للنمو
- ان المجتمع لا يطرح على نفسه من المهمهات الا تلك التي نضجت الظروف الضرورية لحلها.
يقوم غرامشي ببلورة نقدية للفكرتين وذلك من جهة تبعاتها ويعمل على تطهيرها من الآلية والقدرية ويمررها على لحظات التحليل الأساسية: توزان القوى الاقتصادية والسياسية والعسكرية. كما يعترض غرامشي على التصور الغاندي للمقاومة السلمية في علاقة بالمستعمر وعلى نظرية تولستوي فيلامقاومة العنف ويشبهما بالمرحلة الأولى من المسيحية ويعتبرهما تنظيرين ساذجين بمسحة دينية10 .
والحق أن الثورة السلبية هي الثورة الردة تحدث عندما تنضب الموارد السياسية والأخلاقية التي رميت في المعترك والعجز عن التجاوز الجدلي للخصوم وذلك إما نتيجة سوء فهم نظري للحقبة التاريخية والعجز عن استيعاب الموقف المضاد بصورة تجاوزية والإبقاء على طاقته الصراعية. تعد الثورة السلبية ثورة العودة بالوضع الثوري بعد الثورة المضادة تطرح انتقال النضال السياسي من حرب حركة حرب مواقع.
يدعو غرامشي هنا إلى تحويل الصراع السياسي من حرب مناورة الى حرب مواقع وذلك بعد الهزائم الكبيرة التي لحقت بالقوى الثورية عند انخراطها في مناورة دون القيام بتحضير إيديولوجي وإعداد سياسي جيد للمعكرة ودون نقد ذاتي والاكتفاء بالتصفية والإبعاد والتخلي عن العناصر المتخاذلة.
على اثر ذلك تراهن حرب المواقع على العنصر البشري وعلى التعبئة الثورية قصد حيازة طاقة مقاومة كبيرة تجمع بين قوة التنظيم والقوة الكاريزماتية للقيادة السياسية مع تفادي الحركات الشعبية الديماغوجية وارتجالية القوى التقليدية العضوية والتفاعل مع القوى الديمقراطية الجذرية التي يكون لها وزنها في ميزان القوى النهائي نتيجة تبنيها خيارات أكثر تقدمية وأكثر حداثة.11
هكذا تتشكل النظرة الإستراتيجية للثورة الوطنية من إبرام الأشخاص القياديين والمجمع الثوري ميثاق سياسة عضوية جديدة12 . فماهي العناصر التكوينية لهذا الميثاق الثوري؟ وكيف يخلص الشعب من التخلف ويحقق التقدم؟ وما الفرق بين التقدم والصيرورة؟
تتحرك نظرية غرامشي ضمن ثلاثة دوائر وتتمسك بتحقيق مبادئ الدولة ضمن الفكر السياسي والقيمة ضمن الفكر الاقتصادي والإنسان من جهة إرادته وتجاوز وضعه وصنع مصيره ضمن الفلسفة13 .
بيد أن الحرص على تحديث الدولة يرتبط باستقلالية المجتمع المدني عن المجتمع السياسي والسعي وراء تحقيق القيمة يتوقف على مقاومة الرؤية الاقتصادوية وتقدير الإنسان يتطلب تفعيل دور المثقف العضوي.
تتحقق الغرامشية من خلال فلسفة البراكسيس من حيث هي رؤية للعالم مبنية على النصوص الماركسية واستقلالية الذات من خلال النشاط النقدي والممارسة العضوية والتاريخ الحي قيد التكوين. أما الدور العملي للفلسفة فيقوم على بناء الحزب الثوري والكتلة التاريخية وحرب المواقع والثورة الثقافية14 .
بهذا المعنى لا تقدر القوى الذاتية الحقيقية في الثورة الاجتماعية من استلام القيادة السياسية إلا إذا تمكنت من الاتصال بالواقع الملموس وتحويل الثقافة العضوية إلى قيمة سياسية مضافة من خلال بلورة وعي شعبي عام وثقافة ملتزمة بالتغيير تعمل على اعادة كتابة التاريخ عن طريق ربط الصلة بين الظروف الموضوعية والمبادرات الذاتية في صنع الأحداث. فكيف تتمكن القوى الذاتية للثورة من امتلاك البصيرة الفكرية لظروف الصراع وتحوز على الحس السياسي التاريخي الضروري للخروج من المأزق؟
3- أهمية التعبئة الإيديولوجية في التغيير الاجتماعي:
" الايديولوجيات صادقة من الوجهة النفسية لأنها تنظم الجماهير البشرية وتكون المجال الذي يتحرك عليه الناس ويعون مواقفهم ويكافحون"15
ماهي العوائق التي عطلت عملية التغيير؟
يعيد غرامشي الاعتبار لمفهوم الايديولوجيا الذي تعرض إلى تشويه وسوء فهم واستعمالات سيئة وتحدث البعض عن نهايتها وبؤسها وإفلاسها المعرفية وعطالتها الوظيفية وطالب آخر بتعويضها بالابستيمولوجيا.
انه لجوهري إبراز أهمية اللحظة الايديولوجية من أجل فهم الصيرورة التاريخية الخالية من كل أثر للحتمية. ان نظرية ماركس في الايديولوجيا ضرورية لفهم ولادة حركة تاريخية ضمن الشروط البنيوية التحتية المعينة لأنها المبدأ الأساسي الذي يسمح ببناء نظرية في المعرفة والحقيقة . فكل معرفة هي ايديولوجيا ويرتبط كل حقيقة وخطأ بالطريقة التي يعي بها الناس واقعهم التاريخي والاجتماعي.
لا تدل الايديولوجيا عند ماركس إلا على جملة أفكار ومعتقدات هي انعكاس مقلوب ومشوه وهمي ومزيف للبراكسيس والواقع الاجتماعي والطبيعي ولذلك يستعملها غرامشي على جهة الذم والقدح ويميزها عن الفلسفة. بعد ذلك يستعمل غرامشي ايديولوجيا أو بنية فوقية من جهة كونها النظرية التي لا تنفصل عن البراكسيس التاريخية. على هذا النحو تمثل الايديولوجيا جملة من الأفكار موضوعية كانت أو وهمية لها دائما مدخل تاريخي وصلة بالبراكسيس الإنسانية ومعقوليتها أو لامعقوليتها ، صحتها أو عدم صحتها هو نمط من التاريخية والممارسة العملية. من هذا المنظور إن خلق إرادة جمعية مرتبط ببناء وحدة ايديولوجية عضوية تلغي الفصل بين الثقافة العالية والجماهير وتنتج المثفقف الجمعي. يبدي غرامشي إعجابه بقولة ماركس في مقدمة كتابه نقد الاقتصاد السياسي:" إن البشر يعون الصراعات البنيوية على صعيد الايديولوجيات"16 . ويمنح هذه القولة قيمة عرفانية ونفسانية وأخلاقية في اتجاه بناء جهاز مهيمن وإصلاح الوعي وولادة حيز إيديولوجي جديد يقوم بتحطيم نظام اجتماعي قديم وتثبيت نظام قيمي جديد.
يرى غرامشي أن الايدولوجيا كانت تمثل وجها من أوجه المذهب الحسي أو من المادية الفرنسية في القرن 18. والكلمة تعني أصلا علم الأفكار وبعد ذلك صارت تعني تحليل الأفكار أي تحليل مصادرها وهذا يتطلب إرجاع الأفكار إلى عناصرها الأساسية التي هي الأحاسيس. ثم يطرح بعد ذلك السؤال المهم التالي: كيف اكتسبت الايديولوجيا أي علم الأفكار وتحليل مصادرها معنى جديدا هو نظام فكري معين؟
في الواقع لا يوجد مفهوم واحد للايديولوجيا ولا استعمال فريدا لها وإنما عدة مفاهيم وعدة استعمالات وبالتالي يمكن الحديث عن عدة ايديولوجيا أو بعبارة أخرى عدة مقاربات ايديولوجية للثقافة والمجتمع:
" الايديولوجيا في المصطلح الماركسي تنطوي على حكم سلبي وقد رفض مؤسسها إرجاع الأفكار إلى مصدرها الحسي، وبالتالي إلى مصدرها الجسماني. لا بل تعتبر الماركسية أنه ينبغي تحليل الايديولوجيا تاريخيا بوصفها جزء من البنية الفوقية للمجتمع. ينطوي تقييم الايديولوجيا على خطأ شائع ينجم في العادة عن كوننا نطلق تسمية ايديولوجية إما على البنية الفوقية الضرورية لأية بنية مجتمعية ، وإما على الأفكار الكيفية التي يطلقها أفراد معينون. وقد شاع استعمال المصطلح بمدلوله التجريحي وهذا ما شوه التحليل النظري للايديولوجيا كمفهوم. ويسلك مرتكبو هذا الخطأ المنحى التالي: - يفصلون بين الايديولوجيا والبنية التحتية – القاعدة الاقتصادية – ثم يذهبون الى أن الايديولوجيات هي التي تغير البنى التحتية لا العكس، - ينعتون حلا سياسيا معينا بأنه حل ايديولوجي بمعنى أنه عاجز عن تغيير البنية التحتية في حين يتصور نفسه قادرا على ذلك، - ينتهون الى أن الايديولوجيا مجرد وهم أي أنها تافهة وعديمة الجدوى."17
لكن بأي تتحول الايديولوجيا من انعكاس ووهم إلى نظرية علمية لتحليل الواقع وايتيقا ثورية للتحرر؟
يعود غرامشي الى عبارة ماركس الشهيرة: "تتحول الأفكار إلى قوى مادية عندما تعتنقها الجماهير" ويعيد الاعتبار للايديولوجيا كمحرك أساسي للثورة:" من هنا يتوجب علينا التمييز بدقة بين الايديولوجيات التاريخية العضوية – وهذه ضرورية لبنى اجتماعية معينة- والايديولوجيات الاعتباطية التي هي عقلانية وإرادية. ولأن هذه الايديولوجيات ضرورية تاريخيا ، فإنها تكتسب فاعلية نفسانية ذلك أنها تنظم الكتل البشرية وتشكل المرتكز الذي يتحرك عليها البشر، والمجال الذي يعون فيه أوضاعهم ويخوضون نضالاتهم، الخ. في حين لا تفضي الايديولوجيات الاعتباطية إلا إلى الحركة الفردية والسجالات ، وما شابه...ولابد من التذكير بما يردده ماركس باستمرار حول صلابة المعتقدات الشعبية بوصفها عنصرا ضروريا من العناصر المكونة لوضع معين. وهو يتحدث عن نمط تفكير له قوة المعتقدات الشعبية، ويؤكد أن معتقدا شعبيا غالبا ما يتمتع بدينامية لا تقل عن دينامية القوة المادية...وهذا قول خطير يثبت صحة مفهوم الجبهة التاريخية ، حيث القوى المادية هي المضمون والايديولوجيا هي الشكل"18 . فماذا يترتب عن اعتماد منهجية غرامشي مطعمة بالماركسية في قراءة الأحداث الراهنة التي عرفتها المنطقة العربية؟
4- المعالجة الفلسفية للتحديات المستقبلية:
" لا تمارس سياسة ولا يصنع تاريخ دون هذا الشعور- أي بدون الرابط العاطفي بين المثقفين والشعب-الأمة."19
لماذا حاد المسار الثوري عن استحقاقاته؟ ومن صادر الإرادة الشعبية والتف عليها؟ وهل تترجم المحطات الانتخاباتية المطالب الثورية للجماهير؟ وكيف تبتكر المجتمعات التابعة طرق التحرر وأدوات الاستقلال؟
يطرح غرامشي في كتاب الأمير الحديث مسألة بعد النظر والمنظور أو المنظور المزدوج في الفعل السياسي وفي حياة الدول ويختزله في مستويين وفق مقاربة ميكافلي للعلم السياسة: الوحشية والإنسانية، القوة والرضا، سلطة الصلاحية والهيمنة ، العنف والحضارة، المرحلة الفردية والمرحلة الكلية ، الكنيسة والدولة، التحريض والدعوى، التكتيك والاستراتيجية... يرفض غرامشي اختزال المنظور المزدوج في القرب والمباشراتية ويرى أن الابتعاد الثاني لا يكون في الزمان وإنما في إطار علاقة جدلية ويقر بأن بعد النظر هو الرؤية الجيدة للحاضر والماضي على أنهما حركة: الرؤية الجيدة هي التحديد الدقيق للعناصر الأساسية والدائمة للعملية ويربطها بالحياة الإنسانية : " كل ما ازداد الفرد بالمدافعة عن وجوده الجسدي المباشر ، كلما ازداد تثبيته لنفسه برؤيتها من زاوية أكثر القيم الحضارية والإنسانية سموا وتعقيدا."20
النظر المزدوج ليس بعد نظر يقوم على الموضوعية الخالصة وإنما اعتباطي وتحكمي ويقوم على التحيز البحت بامتلاك العناصر الضرورية لتحقيق فعل الإرادة في الواقع: "إن من له بعد نظر له في الحقيقة برنامج يود لو ينتصر، وبعد النظر هو على وجه التحديد أحد عناصر الانتصار" . لذا لا يتحول بعد النظر إلى رؤية موضوعية إلا عندما يرتبط ببرنامج متسق ومتوازن ضمن اللعبة العامة للسياسة العملية.
إن إحراز الانتصار في الحركات الاجتماعية يرتكز على تحليل الأوضاع السياسية وفق علاقات القوى وليس وفق علاقات قيم وضمن صراع بين الطبقات وليس مجرد تنافس بين الأحزاب وفق لعبة انتخابية.
يمكن العثور على أنفسنا في قراءة غرامشي لماركس من خلال طرحه للمسألة الجنوبية ومعالجة مفهوم subalternité التابعية وفي فهمه للماركسية على أنها علم جدلي بالتاريخ وفي جعله التاريخ كلا منسجما مع السياسة والاقتصاد وإيمانه بالصيرورة والتقدم في الفكر وبالفلسفة الإبداعية والكتلة التاريخية الأممية ونلتقى معه أيضا في نظرية المثقفين ودورهم في الصراع الطبقي واستبدال العفوية الثورية بالتوجيه الواعي ورفضه مقولة أن تكون الثورة متسامحة ونقده للحزب والدولة البرجوازية والمادية المثالية ومراهنته على الأديان في التثوير وتعامله مع الماركسية على أنها إصلاح أخلاقي وسياسي للبشرية.
هذه محاولة لتحرير غرامشي من النزعة الفاشية التي حاصرت عقله ومنعته من الإبداع وتخليص فكره من الاختزال والتحريف والتشويه وفتح عصرا جديدا للفلسفة وللإنسان وأملا في التقدم والانعتاق من الظلم فهو القائل:"أعتقد أن العالم قد تحضر ولم نعد نشاهد المشاهد التي رأيناها نحن عندما كنا أطفالا"22 .
تشريح الثورات بالتمييز بين الثورة السلبية والثورة الردة وبين حرب مناورة وحرب مواقع وبين العنصر البشري والتعبئة الثورية: تناول الثورات بماهي لحظة انفجار لحركات شعبية تسعى للتحويل الجذري في السلطة والمجتمع وبيان العلاقة بين الظروف الموضوعية والظروف الذاتية في صنع الحدث التاريخي .
" تشكل البنية مع البنى الفوقية كتلة تاريخية واحدة بمعنى المجموع المركب والمتناقض والمتنافر للبنى الفوقية هو انعكاس لمجمل علاقات الإنتاج الاجتماعية. من هنا ، فإن إيديولوجية شمولية هي الإيديولوجية الوحيدة القادرة على التعبير ، عقلانيا، عن تناقض البنية وإدراك اجتماع الظروف التي تسمح بإحداث انقلاب في الممارسة... يعتمد هذا التحليل على التفاعل الضروري بين البنية والبني الفوقية."23
دراسة الطبقات والتمثيل الطبقي: أهمية التنظيم في إبرام مصالحة شعبية على مستوى العلاقة بين الريف والمدينة وبين الهوامش والمركز وضرورة عقلنة الفوارق الاجتماعية، وعلاقة الدولة بالمجتمع المدني.
تحقيق الملاءمة بين النظرية والممارسة في مرحل الانتقال عندما تتسارع حركة التغير بإمداد القوى الدافعة الفاعلية والشمول والتنظيم لكي تصبح أكثر عملية وأكثر واقعية وذلك: "بالانطلاق من ممارسة معينة لبناء نظرية تصادف العناصر الحاسمة في هذه الممارسة وتتمثل بها فتعجل من العملية التاريخية الجارية وتضفي على جميع عناصر الممارسة المزيد من الاتساق والتماسك والفاعلية... الانطلاق من موقف نظري معين لتنظيم العنصر العملي الذي هو شرط تطبيق الموقف النظري نفسه".24
إن مسؤولية القيادة السياسية من حيث هي قيادة ثورية تتمثل دور القيادة العسكرية دون أن تحاكيها وتعمل على تحقيق النجاح في تعبئة سياسية ثورية للقوى الشعبية قادرة على طرد الغزاة وكنس المفسدين ومنع المستبدين من العودة بواسطة هجوم معاكس مباغت وينبغي إحداث تغيير في القيادة السياسية وتمكين مسؤولين فعليين ضمن قيادة سياسية حاذقة من استبدال السياسات الخاطئة التي اتبعها سياسيون عديمي الكفاءة بسياسة صحيحة تعمل على تحقيق أهداف ملائمة للأدوات التي تعتمدها في حرب المواقع.
ان جملة الحركات النظرية والممارسات النظرية التي توفرها فلسفة البراكسيس تتمثل فيما يلي:
- التأكيد على أهمية اللحظة الثقافية في الروابط العضوية بين الفيلسوف والشعب والدفاع عن الحريات الفردية وتأكيد الإرادة الفاعلة في التاريخ.
- إعادة النظر في المسألة الوطنية: الهيمنة الاجتماعية والثقافة العضوية، ومشكل القيادة السياسية والقيادة العسكرية والنفوذ الاقتصادي.
- الإستراتيجية الإبداعية واستقلالية البراكسيس: الفعالية الفلسفية للمثقف العضوي تقوم بإدماج البعد الديني ضمن نظرة تاريخية تقدمية.
- الفلسفة الماركسية في أصالتها الجذرية هي مستقلة عن كل التيارات المادية ولا تحتاج إلى دعائم نظرية خارجية ولا تقوم على أسس معرفية متباينة.
كل هذه الأشكال النضالية والمهام الثورية يقوم بها مجموعة من المثقفين العضويين دون أن يمثلوا طبقة مستقلة وقائمة الذات ودون أن يكونوا شريحة من المختصين المهنيين والخبراء في مجالات معرفية معينة.
" يحق لنا القول بان جميع البشر مثقفون مع الاستدراك بأن جميع البشر لا يمارسون وظيفة المثقفين في المجتمع ... هذا يعني أنه إذا كنا نستطيع التحدث عن مثقفين ، فالحديث عن غير مثقفين لا معنى له"25 .
فماهي الشروط التي تسمح بولادة المثقف العضوي؟ وكيف يعمل على نقد النشط الفكري السائد ويشارك بشكل مباشر في عملية التغيير ويضطلع بعملية الاستيعاب والتجاوز ويفتك وظيفة الهيمنة والقيادة؟
خاتمة:
" ماهي فلسفة المجتمع اللاطبقي؟ ولكن اذا كانت فلسفة البراكسيس هي أيضا تعبيرا عن التناقضات التاريخية وكانت تعبيرا كاملا عنها أي تغييرا واعيا ، فليس معنى ذلك أنها هي أيضا مرتبطة بالضرورة لا بالحرية التي لا توجد ولا يمكنها أن توجد تاريخيا."26
ينبغي تخليص الماركسية من النزعة الوثوقية والقراءة الاقتصادوية والحتمية التاريخية الصارمة والنزعة المثالية وفك الارتباط بالمركز المهيمن وإبعاد الفعل السياسي عن الوقوع في النظرة الاستعمارية وإفراغ الحقل الأكسيولوجي من الالتجاء إلى العنف الثوري وتشريع التعدد والحاجة إلى المشترك المجتمعي.
تكمن أهمية استعمال غرامشي لمفهوم التطهير في الدور التطهيري الاجتماعي الذي يسمح بالانتقال من أنانية الاقتصاد الحر إلى القيمة الأخلاقية السياسية ومن وعي البنية الى وعي البنية الفوقية ومن الضرورة والموضوعي إلى الحرية والذاتي. " بذلك تتحول البنية من قوة خارجية تسحق الإنسان وتبتلعه وتشل نشاطه إلى سبل للتحرر والى أداة توليد شكل أخلاقي- سياسي جديد يطلق مبادرات جديدة"27 .
يمكن تحصيل جملة من الفوائد عند اعتماد القراءة الغرامشية للنصوص الماركسية هي على النحو التالي:
- فائدة أنثربولوجية: تمكين الإنسان من المشاركة الفعلية في صناعة مصيره
- فائدة حضارية: الثورة الثقافية وتغيير الذهنيات والنهل من الإنسانية التقدمية
- فائدة سياسية: تشييد الكتلة التاريخية الوطنية من خلال تمزيق العالم القديم والشروع في بناء العالم الجديد.
- فائدة اقتصادية: تصور نموذج تنموي تعاوني يقوم على المواءمة بين الكم والكيف.
أما فائدة اجتهادية فتقوم على إزالة سوء التفاهم التاريخي بين الهويات الثقافية والقيم الكونية والكف عن إطلاق أحكام معيارية مسبقة على الواقع المباشر والتصدي للتيارات المحافظة والرجعية بالرفع من المستوى الثقافي وتشغيل طاقة الثورات التحررية على رفض الرداءة والعار والمذهبية الجامدة. من هذا المنطلق يمكن استلهام ثورة غرامشي على رأس المال من أجل إعلان ثورة المشرقيين على تراثهم المتكلس وسياساتهم الخاطئة وتجاربهم التنموية الفاشلة وتحديثيهم المتخلف ونهضتهم المتعثرة. هكذا يطالب غرامشي بأن يكون " الإصلاح الثقافي والأخلاقي مرتبطا ببرنامج للإصلاح الاقتصادي، وبالإضافة إلى ذلك، فإن برنامج الإصلاح الاقتصادي هو بحد ذاته الطريقة العينية التي يتمثل فيها كل إصلاح ثقافي وأخلاقي."28 لكن كيف يؤدي حزب ثوري دورا رجعيا؟ وهل يساهم حزب محافظ في قيام تغيير جذري؟ وما الفرق بين الوظيفة الرجعية والوظيفة التقدمية للحزب السياسي فترة الانتقال وزمن التحولات التاريخية؟ والى أي مدى يساعد بعد النظر السياسي على تخطيط استراتيجي للمستقبل؟
الإحالات والهوامش:
[1] أنطونيو غرامشي، الأمير الحديث، قضايا علم السياسة في الماركسية، ترجمة زاهي شرفان وقيس الشامي، منشورات الجمل، بيروت، بغداد، طبعة 2017، ص30.
[2] Razmig Keucheyan, Gramsci, un penseur devient monde, in le monde diplomatique, juillet 2012, p3.
[3] أنطونيو غرامشي، الأمير الحديث، قضايا علم السياسة في الماركسية، مصدر مذكور، ص31.
[4] Domenico Losurdo, Avec Gramsci, par-delà Marx et par-delà Gramsci , lien : https://www.cairn.info/revue-nouvelles-fondations-2007-3-page-210.htm
[5] أنطونيو غرامشي، في الوحدة القومية الإيطالية، ترجمة فواز طرابلسي، منشورات المتوسط، ميلانو، ايطاليا، طبعة أولى، 2017، ص39.
[6] أنطونيو غرامشي، الأمير الحديث، قضايا علم السياسة في الماركسية، مصدر مذكور، ص153.
[7] أنطونيو غرامشي، الأمير الحديث، قضايا علم السياسة في الماركسية، مصدر مذكور، ص31.
[8] أنطونيو غرامشي، الأمير الحديث، قضايا علم السياسة في الماركسية، مصدر مذكور، ص31.
أنطونيو غرامشي، قضايا المادية التاريخية، ترجمة فواز طرابلسي، منشورات المتوسط، ميلانو، ايطاليا، طبعة 2، 2018، ص55.
أنطونيو غرامشي، الأمير الحديث، قضايا علم السياسة في الماركسية، مصدر مذكور، ص104.[9]
[10] أنطونيو غرامشي، الأمير الحديث، قضايا علم السياسة في الماركسية، مصدر مذكور، ص120.
[11] أنطونيو غرامشي، في الوحدة القومية الإيطالية، مصدر مذكور، ص145-146
[12] أنطونيو غرامشي، الأمير الحديث، قضايا علم السياسة في الماركسية، مصدر مذكور، ص31.
[13] أنطونيو غرامشي، قضايا المادية التاريخية، ترجمة فواز طرابلسي، منشورات المتوسط، ميلانو، ايطاليا، طبعة2، 2018. ، ص103.
[14] أنطونيو غرامشي، في الوحدة القومية الإيطالية، مصدر مذكور، ص137
[15] جاك تكسيه ، غرامشي ،دراسة ومختارات، ترجمة مخائيل ابراهيم مخول، منشورات وزارة الثقافة والارشاد القومي، دمشق، 1972.ص98
[16] أنطونيو غرامشي، قضايا المادية التاريخية، مصدر مذكور، ص67.
[17] أنطونيو غرامشي، قضايا المادية التاريخية، مصدر مذكور، ص78.
[18] أنطونيو غرامشي، قضايا المادية التاريخية، مصدر مذكور، ص77-78-79.
[19] أنطونيو غرامشي، قضايا المادية التاريخية، مصدر مذكور، ص113.
[20] أنطونيو غرامشي، الأمير الحديث، مصدر مذكور، ص ص75-76.
[21] أنطونيو غرامشي، الأمير الحديث، مصدر مذكور، ص 76.
[22] أنطونيو غرامشي،رسائل السجن، رسائل أنطونيو غرامشي الى أمه، 1926-1934،عيد بوكرامي، ترجمة س دار طوى للنشر، لندن، طبعة أولى، 2014. ص38.
[23] أنطونيو غرامشي، قضايا المادية التاريخية، مصدر مذكور، ص68.
[24] أنطونيو غرامشي، قضايا المادية التاريخية، مصدر مذكور، ص67.
[25] أنطونيو غرامشي، قضايا المادية التاريخية، مصدر مذكور، ص145.
[26] جاك تكسيه ، غرامشي ،دراسة ومختارات، مرجع مذكور، ص198.
[27] أنطونيو غرامشي، قضايا المادية التاريخية، مصدر مذكور، ص69.
[28] أنطونيو غرامشي، الأمير الحديث، قضايا علم السياسة في الماركسية، مصدر مذكور، ص30.

المصادر والمراجع:
-Domenico Losurdo, Avec Gramsci, par-delà Marx et par-delà Gramsci , lien : https://www.cairn.info/revue-nouvelles-fondations-2007-3-page-210.htm.
-Razmig Keucheyan, Gramsci, un penseur devient monde, in le monde diplomatique, juillet 2012, p3.
-أنطونيو غرامشي، الأمير الحديث، قضايا علم السياسة في الماركسية، ترجمة زاهي شرفان وقيس الشامي، منشورات الجمل، بيروت، بغداد، طبعة 2017،
- أنطونيو غرامشي،رسائل السجن، رسائل أنطونيو غرامشي إلى أمه، 1926-1934،عيد بوكرامي، ترجمة س دار طوى للنشر، لندن، طبعة أولى، 2014.
-أنطونيو غرامشي، في الوحدة القومية الإيطالية، ترجمة فواز طرابلسي، منشورات المتوسط، ميلانو، ايطاليا، طبعة أولى، 2017.
-أنطونيو غرامشي، قضايا المادية التاريخية، ترجمة فواز طرابلسي، منشورات المتوسط، ميلانو، ايطاليان، طبعة 2، 2018.
" قسم من مداخلة قدمت في ملتقى ماركس، من تنظيم مخابر الفلسفة بالجامعة التونسية وبالتعاون مع مؤسسة روزا لكسمبورغ أيام 19 و20 و21 أكتوبر ، بتونس"

كاتب فلسفي