انتخابات الناصرة بمنظار علم النفس الاجتماعي


نبيل عودة
الحوار المتمدن - العدد: 6028 - 2018 / 10 / 19 - 12:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

يبدو ان المعركة الانتخابية اتحفتنا بمواهب تستحق لشدة تفاهتها جائزة نوبل، لكن نوبل ابن العرص لم يخصص مثل هذه الجائزة، لذا سأقترح على رئيس البلدية بعد الانتخابات علي سلام ان يخصص جائزة لأهم موهبة في التفاهة، ورؤية مسار الانتخابات كلعبة شيش بيش.. وهذا النص هو تحليل لبعض النصوص الانتخابية التي لا ترى الحقائق، بل ترى ما بنفس يعقوب.
على راس اصحاب النصوص مبدع يصيغ مقالات لا أظن ان هناك تافهين يقرأون منها اكثر من العناوين وربما سطرين آخرين. اقسم ان قراءة سطرين من عبقريته في التفاهة تكشف لي كل مضمون نصوصه، باركه الله وعمق ما هو به. ما زال يدافع عن عربة فقدت الدابة التي تجرها، بظن انه بكلماته يستعيض عن قوة جر الدابة ، يرحمها الله.
ما العمل.. اليست معركة انتخابية حامية الوطيس في ناصرتنا والكلام لا ضريبة عليه؟ صدقوني اني اتمتع كلما رأيت صورته غير المشرقة، يذكرني باهل الكهف الذين ناموا مئات السنين، ثم استيقظوا ليجددوا حياتهم في عالم صار غريبا عنهم، وعن عقليتهم العتيقة، ولم تعد تنفع في رتق الثوب المهلهل، او العقل المفكك.
في علم النفس الاجتماعي يوجد موضوع يتعلق بأجهزة الحماية للشخصية، وبنودها الأساسية: "الامتناع والانضباط"، لكن يمكن كسرهما بالتنويم المغناطيسي، ففي حالة وجود الانسان بحالة النوم ينفذ كل اوامر المُنوم. فهل هذه هي حالة صاحبنا، أي انه منوم كل الوقت؟ لكن الطب اكتشف امرا غريبا، ان المنوم مغناطيسيا يمكن ان ينفذ أمر المنوم بعد ان يستيقظ ايضا. عالم النفس الشهير فرويد فسر هذه الحالة بأن الناس يتصرفوا بعد التنويم دون التفكير بسلوكهم. واضاف امرا ينطبق بالكامل على صاحبنا الشاطر، ان المُنوم بعد استيقاظه، يعتقد انه شخصية كبيرة وهامة، لذلك هو على قناعة ان كل تصرفاته مبررة وواعية، وهذا قاد فرويد لوضع قانونا طبيا هاما وهو ان الانسان ممكن ان يغير تصوراته عن نفسه، أكثر مما يغير تصرفاته عن الأوضاع حوله، وهذا ما نستنتجه من نصوص نقرأها للموهبة الفذة، لذلك كل كتاباته لا تخاطب الا حالته النفسية. كان الله بعونه، وليزيدنا اتحافا بنصوصه.
اما الاكتشاف الأهم لفرويد في هذا المجال، فهو ان الانسان، يمكن ان يلعب دورا معارضا للأنا الشخصية مسقطا جهاز الامتناع. لكن ذلك لا ينفي ان تلك الشخصية بحالة وعي فجائي قد تلتزم بجهاز الانضباط، لكن يبدو ان الحالة التي أمامنا قد فك رسنها وانطلقت بلا ضوابط .
علم النفس أيضا يطرح موضوعا مثيرا عن جهاز انساني آخر أسمه "جهاز الخيال"، حيث يتصور الشخص نفسه غاضبا من كل ما يحيط به، واذا كان في جلسة قد يخرج غاضبا لا يرى الطريق أمامه وقد يسقط بحفرة للصرف الصحي. كما حدث مع صاحبنا سابقا لكن وقع بحفرة الاعتقال، حتى انقذه منها شخص قادر على نشل الساقطين .طبعا لتفريغ الغضب انتجت المجتمعات المختلفة اساليب عديدة، في أمريكا انتجوا افلاما عن شخصيات تاريخية مشهورة، حيث يتصور الانسان نفسه كأحدهم. لكن في اليابان وضح رأسمالي ياباني على مدخل مصنعه تمثالا مطاطيا يشبهه تماما، وذلك ليوجه العمال غضبهم وحقدهم على التمثال المطاطي ويخففوا توترهم ضده. اذن سنصل يوم الانتخابات ونجمع ثروة كبيرة من المقالات الكاريكاتورية وقد اقوم بكتابة دراسة علمية عن ظاهرة نصوص هرطقية وشخصيات منفلتة والفاقدة لأبسط شروط المنطق والواقع. اهلا بالانتخابات، رغم ارهاقها الا انها تتحفنا بالكثير من النصوص والشخصيات النموذجية التي تستحق ان نطبق عليها دراسات فرويد ومختلف العلماء والباحثين في علم النفس الاجتماعي.