|
غلق |
|
خيارات وادوات |
مواضيع أخرى للكاتب-ة
بحث :مواضيع ذات صلة: ضياء الشكرجي |
العدل الإلهي والجبر والاختيار
قضية الجزاء الإلهي الأخروي واجه سؤالا مركزيا ومهما، ألا هو ما إذا لم يكن الإنسان مُجبَرا في الكثير من ملامح شخصيته، ببعديها الذهني والنفسي، بعناصر قوتها وبعناصر ضعفها، مما له تأثير على كل سلوكه وخياراته في هذه الحياة. والإشكال يقع في جانب العقاب دون الثواب، بكون الإنسان السيئ لم يكن الخيار بيده أن يكون سيئا، وبالتالي لم يقترف الأعمال السيئة مختارا، حتى يستحق العقاب عليها. وهذا صحيح إلى حد كبير، ولكن ليس بالمطلق كما سيتبين. صحيح كون كل من الجانب الذهني للإنسان فيما يتعلق بإداركاته وقدراته وملكاته الذهنية، والجانب النفسي أو العاطفي والميول النفسية الإيجابية منها والسلبية، كلها أو لنقل جلها ليست من صنع الإنسان نفسه، فمنه ما يمثل موروثا فسيولوجيا (جينيا) من أبويه وما علاهما من آبائه وأجداده من جهة الأب ومن جهة الأم، ومنه ما يمثل موروثا ثقافيا من المجتمع الذي فتح عينيه فيه على الحياة ونشأ فيه، فورث منه الدين والعرف والثقافة ومنظومة القيم. ثم تأتي المؤثرات الخارجية الأخرى من جو أسري ومدرسي ومجتمعي ضيق، ومجتمعي واسع، ومن ظروف حسنة أو سيئة، وفرص واسعة أو ضيقة، أو تكاد تكون معدومة أحيانا، ومن وضع صحي له هو الآخر تأثيراته على كل من ذهنيته ونفسيته، علاوة على كل تجربته في الحياة. هذا جانب، ولكن هناك جانب آخر هو وعيه وإرادته وضميره وفطرته وعقله، مما يجعله قادرا على تغيير الكثير من السلبيات، واتخاذ الموقف المسؤول بإرادة حرة واختيار مستقل. ولكن حتى الإرادة ومدى قوتها أو ضعفها، والضمير ومدى توقده أو خفوت جذوته، والوعي ومدى عمقه أو سطحيته، كل ذلك هو الآخر بنسبة ما، ضئيلة كانت أو كبيرة، هو ليس من صنعه، بل إلى حد كبير من صنع ما ذكرنا من مؤثرات أسهمت في صياغة تركيبة شخصية ذلك الإنسان، بتألقاتها وانحداراتها، أو توسطها بين ذا وذا، وذلك ذهنيا وسايكولوجيا وأخلاقيا وروحيا. ولكن وفي نفس الوقت كل إنسان يدرك بالبداهة أنه يفعل الكثير من أفعاله، ويتخذ الكثير من مواقفه، بمحض إرادته، مستقلا وخارج المؤثرات الخارجية.
|
|
| ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد | نسخ - Copy | حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | اضافة موضوع جديد | اضافة خبر | | |||
| نسخة قابلة للطباعة | الحوار المتمدن | قواعد النشر | ابرز كتاب / كاتبات الحوار المتمدن | قواعد نظام التعليقات والتصويت في الحوار المتمدن | | غلق | ||
المواضيع المنشورة لا تمثل بالضرورة رأي الحوار المتمدن ، و إنما تمثل وجهة نظر كاتبيها. ولن يتحمل الحوار المتمدن اي تبعة قانونية من جراء نشرها |