الحراك الشعبي في اليمن5-7


عدلي عبد القوي العبسي
الحوار المتمدن - العدد: 6020 - 2018 / 10 / 11 - 01:09
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية     

الحراك الشعبي في اليمن 5-7
عدلي عبد القوي العبسي

الحركه الزيديه الوطنيه في الشمال

هي حركه اجتماعيه جديده ظهرت في شمال البلاد في منتصف التسعينات وانطلق نشاطها من محافظه صعده والمناطق المجاوره لها بشكل اوضح مطلع العقد السابق .
وهي في وجه من اوجه الشبه تشبه تلك الحركات الاجتماعيه التي ظهرت في عالمنا هذا بسبب مظلوميات متنوعه كالاقاليم المهمشه تنمويا وسياسيا او الاقليات المحرومه من حقوقها او الفئات المضطهده سياسيا او اجتماعيا او ثقافيا
واخذت هذه الحركه تنشط على مستوى الساحه الوطنيه ككل وجعلت من اسقاط النظام الظالم هدفا رئيسا لها واتجهت باتجاه النضال السياسي الثوري من اجل تغيير النظام واستبداله بنظام جديد عادل لا يعاديها او ينكر حقوقها ولا يقمعها وانما يسعى لاشراكها في الحكم واعاده الحقوق المسلوبه لتلك القطاعات الشعبيه المضطهده التي تدافع عنها .
وفي الاساس من نشوء هذه الحركه نرى البعد الصراعي الاجتماعي الطبقي واضحا فمعظم القواعد الاجتماعيه للحركه هم من الفلاحين الفقراء وكادحي المدن ومثقفي الطبقه الوسطى المفقرين في مواجهه التحالف الطبقي الحاكم : البورجوازيه الطفيليه وبقايا الاقطاع ومن ورائهم البورجوازيه الامبرياليه ودوائر نفوذها .
وقد تطور نشاطها وخطابها السياسي بعد اصطدامها السياسي والعسكري المباشر مع سلطات النظام في العام 2004
البدايه كانت مع تنظيم الشباب المؤمن والمنبثق من جماعه سياسيه استقلت بنفسها عن حزب الحق الزيدي
بدأت هذه الجماعه نشاطها الثقافي الدعوي بهدف ( احياء الزيديه ) كمذهب ديني اصيل عمره اكثر من الف عام
هذا المذهب الذي ساد في شمال البلاد طوال هذه الفتره والذي صار من المكونات الاساسيه للهويه الثقافيه في شمال البلاد كاد ان يضمحل في مناطق انتشاره التاريخي لاسباب تاريخيه سياسيه وكذلك بسبب منافسه مذاهب سنيه اخرى له دخلت حديثا الى البلاد وحملت نزعات تكفيريه ومتطرفه احيانا تجاه بعض تفرعات هذا المذهب وتهميشيه اضطهاديه في غالب الاحيان تجاه اتباع المذهب ككل.
في البدء كان النشاط الثقافي الدعوي المحصور في بقعه جغرافيه معينه تمارسه الجماعه ثم بعد ذلك تطور نشاط هذه الجماعه الى حركه سياسيه رفعت الشعارات الوطنيه والاجتماعيه والمطالب الحقوقيه ونددت بكل صنوف التهميش السياسي والتنموي والاضطهاد الثقافي وفساد النظام العسقبلي وتبعيته الاقتصاديه للمنظمات الامبرياليه التي فرضت السياسات الخاطئه وكذا الوصايه السعوديه والنفوذ الاستعماري السياسي والاقتصادي والثقافي في البلاد
ودعت الحركه الى اتباع النهج الاسلامي الوطني المستقل في وجه الاستعمارالجديد وسياساته الظالمه المفروضه على البلد وضروره الانحياز الى مطالب الغالبيه الشعبيه الفقيره والتمسك بالهويه والثقافه الاسلاميه والاسترشاد بالمنهج القراني للخروج من حاله الضعف والهوان الذي وقعت فيه الامه ودعت الى نبذ نزعه التكفير في خطاب القوى الاسلاميه المتطرفه واخذ خطابها السياسي والفكري يحمل بعدا قوميا واسلاميا ممانعا عبر دفاعها عن القضيه الفلسطينيه واعلان تاييدها للمواقف المبدئيه لمحور المقاومه في صراعه ضد الصهيونيه.
تأثر اهالي هذه المناطق الممتده من شمال اب في الوسط الى محافظه صعده اقصى الشمال بالافكار السياسيه والايديولوجيه للقائد الروحي الفكري والسياسي لهذه الحركه السيد حسين بدر الدين الحوثي وهو احد العلماء الدينيين الكبار وينتمي الى النسب الهاشمي الرفيع وله مكانه اجتماعيه كبيره في البلاد .
مع بدء تنامي نشاط الحركه الثقافي والاجتماعي والسياسي في اوساط المجتمع وظهوره بشكل ملحوظ في العاصمه وبدء ترديد الشعارات المندده بسياسات الهيمنه الامبرياليه الاميركيه وتبعيه الحكومه لها ، بدأ القلق يساور جهات عده في النظام وكذلك في الخارج وصدرت توجيهات بالتصدي لهذا النشاط وقمعه بكل الاساليب الممكنه .
بعد ذلك تطور المشهد دراماتيكيا الى تدخل سلطوي عنيف ادى الى حدوث الصدام المسلح بين الحركه والنظام في العام 2004 وذهبت الامور باتجاه انهيار تام للثقه بين المكون السياسي المعارض الجديد والسلطه العسقبليه الغاشمه .
وهكذا اندلعت الحرب الاولى في صعده هذه المحافظه الجبليه الوعره التضاريس والواقعه في اقصى الشمال وتعقد الصراع اكثر بعد استشهاد قائد الحركه السيد حسين بدر الدين الحوثي وهو الجرم المؤسف الذي اغضب انصاره كثيرا ودفعهم الى الاستماته في مواجهه النظام المعتدي .
راحت بعض اطراف النظام تبرر استخدامها العنف المفرط وشن الحرب على انه مواجهه مع جماعه مارقه رفعت السلاح في وجه الدوله ولديها اجنده طائفيه سلاليه وان هدفها المباشر هو اعاده الامامه والقضاء على الجمهوريه وانها مدعومه من جهات خارجيه معروفه ! وراح البعض بتعبئته المذهبيه الجاهله يشتط ويذهب مذهب الحديث عن فئه ضاله عقائديا وراح يزين للناس البسطاء من عامه الشعب فكره كونها جماعه مارقه عن الدين ودفع بالكثير من الشباب الغر لمحاربتها تحت عناوين واهمه من الدفاع عن العقيده والوطن !!.
بينما اخذت اطراف رجعيه اخرى كبعض القوميين المتعصبين ذوي النزعه الشوفينيه الفاشيه ( بعثيين عراقيين وبعض ادعياء الناصريه ) تعلن الاستنفار العروبي في وجه ما اعتبروه الخطر الفارسي على الامن القومي العربي !! وهي الاسطوانه المشروخه ونظريه المؤامره التي صممتها بدهاء الدوائر الاستخباريه الاميركيه والصهيونيه والرجعيه العربيه ووراحت تروج لها عبر وسائل الميديا والمنتديات ومراكز الابحاث وتسوق لها في اوساط الاحزاب السياسيه والمنظمات المدنيه وراحوا يصورون الجماعه على انها جزء من مخطط جهنمي ايراني يستهدف كل البلدان العربيه في مغالطه واضحه لحقيقه ان ايران هي دوله ممانعه للامبرياليه والصهيونيه وحليف للمقاومه العربيه والفلسطينيه منها بخاصه وتمثل العمق الاستراتيجي والظهير للعرب في مواجهه الغطرسه الامبرياليه الاطلسيه والصهيونيه بالاضافه الى كونها تمثل قوميه مضطهده ( بفتح الهاء ) وتتعرض هي نفسها لخطر تدمير دولتها وتقسيم اراضيها والاطاحه بنظامها الممانع ولخطر الطمع الامبريالي في نهب ثرواتها وكذا لازاحتها عن مشهد الدفاع عن القضيه الفلسطينيه .
استفادت اطراف في السلطه من هذا الصراع المشتعل بين النظام والحركه ذا الدوافع الاقتصاديه السياسيه الواضحه وراحت تستغله وتوظفه سياسيا وماليا ودعائيا وتستخدمه للهروب من الاستحقاقات الديموقراطيه ولابتزاز الخارج ماليا واستعطاف دول الجوار وخاصه المملكه السعوديه عبر فزاعه ايران وحزب الله .
وقام البعض في السلطه بتهييج الشارع مذهبيا ضد الحركه مستغلين انتشار الاميه التعليميه والثقافيه والدينيه في اوساط المجتمع ، واتهمت السلطه ( الجماعه الحوثيه ) هكذا اسمتها بانها جماعه متمرده وخارجه على القانون وتسعى الى الانقلاب على النظام واعاده النظام السياسي الملكي المتوكلي القديم !!. في محاوله بائسه لاستحضار شعارات زمن انقضى ولاسقاط صفات مكون سياسي قديم في الستينات على مكون سياسي جديد يختلف عنه جذريا في كل شئ سياسيا وفكريا واجتماعيا ولاختلاف البيئات السياسيه والظروف الاجتماعيه والثقافيه وفي التعميه على حقيقه تبدل الاحوال والتحالفات وتغير الايديولوجيات وكذا طبيعه المصالح الاجتماعيه الطبقيه التي يمثلها اطراف الصراع !!!
رفضت المعارضه السياسيه ممثله باحزاب اللقاء المشترك رسميا منطق الحرب على صعده وتعاطفت مع مظلوميه ابناء صعده باعتبارهم مواطنين في منطقه مهمشه تنمويا وسياسيا ومضطهدين ثقافيا من قبل سلطه المركز العصبوي القبلي
وطالبت بوقف الحرب العبثيه الظالمه التي راح ضحيتها اعداد غفيره من السكان المدنيين والعسكريين في قرى ومدن صعده وكذا اعداد غفيره من جنود الجيش اليمني .
استمرت الحرب لمده ست سنوات وتكررت ست مرات تخللتها فترات هدوء قصيره وفشلت في كل مره محاولات محليه وخارجيه لانهاء الحرب وتضرر الاقتصاد اليمني كثيرا جراء هذه الحروب العبثيه التي كلفت الحكومه مبالغ طائله كان يفترض ان تذهب الى مكانها الصحيح وهو التنميه الاقتصاديه والاجتماعيه ودعم استراتيجيه اجور موظفي الدوله والتي لم ينفذ منها الا جزء ضئيل لا يكفي لسد الحاجات الاساسيه للموظفين واسرهم وكذلك لدعم الضمان الاجتماعي والمشاريع التنمويه التي تمتص البطاله خصوصا انها ( الحروب ) حدثت في فتره وفورات نفطيه جراء ارتفاع اسعار النفط عالميا
ولم يستفد من هذه الحروب سوى تجار السلاح في الداخل والخارج وقطاع من زبانيه النظام وكذا استفادت بعض مراكز القوى في النظام في دفع القوى المنافسه لها في الحكم للتصادم مع هذه الحركه املا منها في التخلص من الطرفين وانهاكهما معا !! وهذا ما فسر الرغبه المحمومه انذاك في اطاله امد الحرب !! مابين 2004 - 2010

يتبع