مملكة الأغبياء .‏


فريد العليبي
الحوار المتمدن - العدد: 6008 - 2018 / 9 / 29 - 15:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

غدا الفايسبوك مملكة حقيقية للأغبياء عدا استثناءات قليلة ، فعلى مدى أيام والضجيج يملأ أرجاء تلك المملكة في تونس ‏عن القبلة المتبادلة بين تلميذ وتلميذة ، وما جرته من حكم بالسجن بستة أشهر مؤجلة التنفيذ ، تفجرت العواطف وعمت ‏الحسرة وعاد شيوخ الى صباهم ، وبكى شبان على حظهم العاثر في العشق ونسوا عثراتهم في الشغل ، وتكلمت نائبة ‏برلمانية داعية الى مراجعة القوانين المتعلقة بالأخلاق الحميدة ، وتنظيف القضاء من النفوس المريضة ، واقترح مدرسون ‏تقديم دروس عن القبلة في المعاهد ، وتفتقت قريحة حقوقيين على تخصيص يوم للقبلة في الشارع الرئيسي بالعاصمة : ‏وأرغد وأزبد رجال دين ، محرمين منددين متوعدين ، ثم تكلم قاض ليقول :‏
خلافا لما تم تداوله في بعض المواقع الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي ، فإن التلميذة عمرها إثنى عشر عاما ‏والواقعة جدت بمعهد في العاصمة ، وتم ضبط الشاب مع التلميذة في مرحاض للرجال، وأهله اصطنعوا له شهادة من معهد خاص للتخفيف عليه.‏
كما أوضح الناطق الرسمي بإسم المحكمة الابتدائية يوم الجمعة 28 سبتمبر 2018، أنّ القضية تتمثّل في ضبط المعني ‏بالأمر في موقف مخلّ بالآداب رفقة فتاة قاصر وأنه ليس تلميذا ويبلغ من العمر ثمانية عشر عاما وثلاثة أشهر، حارس ‏في مدينة ملاهي جلس مع تلميذات وكسب ثقتهن ثم أغوى احداهن ورافقها الى المعهد ومنها الى مرحاض وعندما تنبه ‏الحارس اليه دق الباب فلم يفتحه له فاستدعى الشرطة التي ألقت عليه القبض متلبسا .وتبين أن الموضوع لا يتعلق بقبلة حبيب لحبيبة ‏بل بجريمة .‏
في مملكة الأغبياء يسري الخبر دون تدقيق ولا تحقيق ، سريان النار في الهشيم ، والويل لمن يصدقه فيبيت ويصبح على ‏الكذب ، إنه التلاعب بالعقول وممارسة التحكم بها عن بعد وفي الخفاء ، و تبدو الوسيلة هنا بسيطة وصغيرة أما النتيجة ‏فضخمة ...في تونس اليوم يفقد كثيرون صوابهم ويصبحون رعايا في مملكة الغباء الإلكترونية .‏