أغانٍ إلى حفيدتي الملكة مارجو 5


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 5984 - 2018 / 9 / 4 - 22:01
المحور: الادب والفن     

كيفَ لا تدركُ الآلهةُ كُنْهَ الأشياءِ في المعابِدِ؟ إني أدركُ. كيفَ لا توقنُ بالعبادِ؟ إني أوقنُ. كيفَ لا تتيقنُ من شواذِّ الطبعِ؟ إني أتيقنُ. ماذا عنِ الذينَ هم لا تفوتُهُم شاردةٌ ولا واردةٌ الذينَ هم مطبوعونَ على الخيرِ الذينَ هم يواجهونَ الشدائدَ بشجاعةٍ الذين هم أشدُّ بياضًا من بياضِ العينِ وأشدُّ سوادًا من سوادِ القلبِ وأشدُّ حُمْرَةً من حُمْرَةِ الورقِ الذينَ هم يدفعونَ النارَ بشرَرِهَا الذينَ هم يُشَاركونَ في المُلْكِ الذينَ هم يُشْرِكونَ غيرَهُم في فرحِهِم الذينَ هم يتشاركونَ في المسئوليةِ الذينَ هم يبيعونّ ويشترونَ يبيعونَ نفوسَهُم ويشترونَ نفوسَ غيرِهِم الذينَ هم يشترونَ الجنةَ لنفوسِهِم الذينَ هم يشاطرونَ المتألمَ ألمَهُ والنادمَ ندَمَهُ والتائبَ توبتَهُ الذينَ هم يشعرونَ بالإثمِ فلا يرتكبونْ وبالسعادةِ فلا يَحْرِمونْ وبالضَّعْفِ فلا يقوونْ وبالضيرِ فلا يَظْلِمونْ وبالحَصْرِ فلا يُرْهِقونْ الذينَ شِعارُ الحريةِ لهم شعارُ العصرِ الذينَ شِفاءُ الغليلِ لهم يُشفي بِهِم على حافةِ اليأسِ الذينَ الشكُّ المنهجيُّ لهم لا يَشَقُّ غُبارُهُ الذينَ هم يمارسونَ شعائرَ الدينِ ولا يقطعونَ شعرةَ معاوية الذينَ هم يُشْعِلُهُمُ اللهُ حبًا ولا يرقى إليْهِمُ الشكُّ الذين هم لا يشتعلونَ غَضَبًا ولا يَشْكُونَ أمرَهُم إلا إلى اللهِ الذينَ هم يتشاغلونَ عنِ الضجرِ بالعملِ ولا يَشُنُّونَ حربًا على المجاعةِ في اليمنِ الذين هم يشتغلونَ بالتجارةِ ولا يُشْهِرُونَ سيفًا على الجمركةِ في الدوحةِ الذينَ هم تشتهيهُمُ النساءُ ولا يجدونَ شيئًا يشتهونَهُ


انحنى على غائطِهِ
وشمَّهُ
أخذَهُ بإصبعِهِ
ووضعَ منهُ قليلاً على لسانِهِ
وذاقَ
ووضعَ منهُ كثيرًا في فمِهِ
وراحَ يمضُغُ
كانت إحدى شهواتِهِ الطبيعيةِ
ووضعَ منهُ أكثرَ في فمِهِ
وراحَ يمضُغُ ويبلعُ
ووضع منه أكثرَ وأكثرَ في فمِهِ
فلم يعدْ يقدرُ على البلعِ
اختنقَ
فوضع وجهَهُ في المرحاضِ
وشهقَ
وشهقَ وشهقَ
وشهقَ وشهقَ وشهقَ
حتى ارتاحَ
كانت فرصتُهُ الذهبيةُ
التهمَ غائطَهُ بشفتيهِ وأسنانِهِ
نشوانَ
وعادَ يمضُغُ ويبلعُ
ويهمهمُ
ويبسملُ
ويكلمُ نفسَهُ غائبًا عن الوعي
بعد قليل
نهضَ لينظِّفَ أسنانَهُ
كانَ غائطُهُ يغطيها ببقعٍ كبيرة والَّلَثَّةُ عليها منهُ أطنانٌ
أخذَ منِ المرحاضِ بالفرشاةِ بعضَهُ
وبدأَ يُفَرْشِي أسنانَهُ وأسنانُهُ تزدادُ بغائطِهِ وتزدادُ بغائطِهِ وتزدادُ بغائطِهِ وتزداد حَمِيَّتُهُ ويضاعفُ من حركةِ فرشاتِهِ وغائطُهُ يسيلُ على ذقنِهِ وعلى صدرِهِ وعلى عرشِهِ وعلى سلالتِهِ وعلى أربابِهِ وعلى تريليوناتِهِ بينما أسنانُهُ وأحلامُهُ وجرائمُهُ وعمرُهُ كلُّهُ وكلُّ عمرِهِ كلُّهُ المَسْخُ كتلةُ غائطٍ تزدادُ بغائطِهِ
عندما انتهى تأمل أسنانَهُ الملوثةَ بالغائطِ
ابتسمَ لنفسِهِ
وفكرَ في التوضؤِ


متى تموتُ يا أبي لأُمِيتَ المملكة؟ متى تفيضُ روحُكَ فتفيضُ الحاجات؟ متى أقبضُ على أَعِنَّةِ السلطان؟ أطلتَ البقاءَ كثيرًا في جنازةِ الحياة، مَعَكَ أحسُّ أن قلبي ينقبضُ من رتابةِ العيشِ، فآخذ من خدِّ الموتِ قبلة، هكذا أنا أبيعكُ بالحنان، ولما يريدُ الموتُ مني القُبَلَ تقبيلاً أبيعكَ بألفٍ وسبعمائةٍ وخمسينَ جلدة، وبقطعِ اليدين، وبقشطِ الحلمتين، وبتعليقِ الأطيارِ من ألسنتِهَا، والقططِ من أذيالِهَا، والجِمالِ من أسنمتِها، يا لَسَأَمِي في جنازةِ الحياة! دعني قليلاً يا أبي أتسلى! القبائلُ تستعدُّ منذ أن أمرتُهَا لموتِكَ، الرمالُ، الشمسُ العمياءُ، صديقي اللهُ، قلبُهُ كقلبي ينقبضُ من رتابةِ العيشِ مَعَكَ، فارحمِ اللهَ يرحمْكَ، ولا تَحْيَ أكثرَ مما حييت، آهٍ من رتابةِ العيشِ! آهٍ من رتابةِ الحياة! قدمي مرساة! أصابعُ قدمي مكةُ والمدينةُ والطائفُ ونجدٌ والرياض، تطولُ أصابعُ قدمي فتغدو لتاريخِ جزيرةِ العربِ أخطبوطَ العربِ القادمِ منِ الشرقِ والغربِ ومنِ الشَّمالِ والجنوبِ ومنِ كلِّ جهةٍ هي للبحرِ نافذةٌ وباب، الأبواقُ يُنْفَخُ فيها لموتِكَ ولأصابعِ قدمي عاليًا، رتابتها من رتابةِ نعشٍ محمولٍ على الأكتاف، آهٍ من رتابةِ العيش! آهٍ من رتابة الحياة! أنفي منقارُ صقرٍ يفرشُ جناحيهِ في الأجواء، ينقضُّ على الكعبةِ، وبمنقارِهِ يدقُّ الحجرَ الأسودَ، فيفلِقُهُ نصفين، نصفٌ لي ونصفٌ لكلِّ الأغبياءِ في ديني وفي دنياي، لهم دينهُم ولِيَ تنين، صدقَ اللهُ العظيم! ومنِ السَّأَمِ أبيعُ نصفي في الوولِ ستريتَ لقبرِكَ، ومنِ السَّأَمِ أتركُ القبائلَ تقرعُ طبولَها لموتِكَ، ومنِ السَّأَمِ أذهبُ مشيًا على القدمينِ إلى جنتِكَ، وعلى إيقاعِ الطبولِ أتحولُ إلى ديدان، أتحولُ إلى ديدان، أتحولُ إلى ديدان، في كلِّ مكانٍ أضعُ قدمي، أتحولُ إلى ديدان، أتحولُ إلى ديدان، أتحولُ إلى ديدان، جيوشٌ منِ الديدانِ أنا تزحفُ لتلتهِمَ السعوديةَ، لتلتهِمَ العالمَ، لتلتهمَ الجنةَ والنارَ، وتزحفُ الديدان، وتزحفُ الديدان، وتزحفُ الديدان، ببطءٍ كبيرٍ تزحفُ الديدان، والوقتُ يزحفُ ببطءٍ كبيرٍ مَعَ الديدان، العقاربُ تتحركُ أو يكاد، والأقدام، وكثبانُ الرمل، والأمواج، ببطءٍ كثيرٍ تزحفُ الديدان، ببطءٍ كبيرٍ، تغطي سطحَ الأرض، وتغطي سطحَ القمر، وتغطي سطوحَ الكواكبِ والنجوم، وما خلقنا الأرضَ والقمرَ والكواكبَ والنجومَ إلا لتكونَ للديدانِ سطوحًا وغيوم


قالُ له الخادمُ
أحضرتُ فُطُورَكَ ليتناوَلَهُ سموُّكَ في السرير
فُطُورُكَ المفضل
وكشفَ عن صحنٍ رائحتُهُ زكية
غائطُ ترامب قالَ الخادم
فلم تَبْدُ على وجهِ وليِّ العهدِ أماراتُ السرورِ كما توقع
أكلتُ منهُ كُلَّ يومٍ حتى عافتْهُ نفسي قالَ الأمير
وليسَ هناكَ أشهى إلى نفسي من شيءٍ العالمُ كلُّهُ يَعْرِفُهُ
لكنكَ كالسيفِ المهندِ قالَ الخادم
تقطعُ وتقطعُ
تناولَ شريحةَ خبزٍ وبالسكين
قطعَ من غائطِ ترامبَ قطعةً كما يقطعُ الزُّبدة
دهنها
ثم قضمها ومضغها وهو يفكرُ في موتِ أبيهِ ويتأمل
قطعَ من غائطِ ترامبَ قطعةً ثانية
ودهنَ بها شريحةَ الخبزِ مضيفًا إليها مِلْعَقَةً منِ العسل
ودفع شريحةَ الخبزِ كلَّهَا في فَمِه
أشارَ إلى كوبِ العصيرِ والخادمُ يقولُ
بَوْلُ ترامب قبل أن يضيفَ كالعادة
فجرع سموُّهُ الكأسَ كلَّهَا
أُفَضِّلُ بَوْلَ ترامب على غائطِهِ همهم
وبسكِّيِنِهِ قطعَ مِنْهُ قطعةً دهنَ بها الخبزَ
وقضمها وهو يتنهدُ ويقولُ إنه يفضِّلُهُ على العسلِ
الأفواهُ أذواق قالَ الخادمُ
وذوقُ سموِّكَ أنْدَرُهَا
حملَ سموُّهُ صحنَ الغائطِ ودلقَهُ في فمه
وأخذَ يلعقُ بلسانِهِ شفتيهِ اللتينِ سالَ الغائطُ عليهِمَا
وأطرافَ فَمِهِ التي تنقطُ وهو ينطُّ بلسانِهِ على الصحنِ لاحسًا لاهثًا كمن فيهِ مسٌّ شبقيّ
ثم حمدَ اللهَ
واكتفى


أيتها الدنيا آه ما أجْمَلَكِ ما أرْوَعَكِ ما ألَذَّكِ ما أطْيَبَكِ ما أرَقَّكِ ما أحَنَّ قلبَكِ نَغَمُ الحياةِ أنتِ بكلِّ الآلاتِ الموسيقية بكلِّ المشاعرِ العاطفية بكلِّ الأحلامِ الحقيقية أرقصُ معكِ على إيقاعِ الموتِ نافورةً للحياة الموتُ الذي سيجعلُ مني مَلِكًا يرقصُ على الجثث يقيمُ منها السدود يُشَيِّدُ بها الهياكل يفجِّرُ فيها الآبار يصوغ منها التيجان يسرقُ من جيوبِهَا المليارات يصنعُ منها للكنيستِ الكبابيد وللكونغرسِ السيجارات ولداعشَ الفياغرا يشقُّ فيها الطرق يَنْسُكُ عليها لله يَسْلِبُهَا من رؤوسِهَا العَظَمة يروِّضُها ترويضَ النمور يربيها تربيةَ النمل يُدَجِّنُها تدجينَ الدجاج يجعلُ منها السياراتَ للنساءِ وللنساءِ مواخيرَ البطاطا والسمبوسةِ والتُّمَّنِ والراغبِ فيهنَّ وللرجالِ مواخيرَ الراغبِ فيهم مواخيرَ القّوَّامينَ على النساء القَوَّامينَ على فروجهنَّ وأدبارهنَّ وأفواههنَّ مواخيرَ الطهارة مواخيرَ البراءة مواخيرَ النزاهة ومواخيرَ العلوم ومواخير الفنون ومواخيرَ الجنون ومواخيرَ المشاريعِ الكبرى الوطنية والاقتصادية والسياسية ومواخيرَ الحضاراتِ العظمى الوهابية البطيئة كالحلزوناتِ البطيئة والإسلامية السريعة كالوجبات السريعة والإسلامية اللابطيئة اللاسريعة كاش أو بالتقسيط ومواخيرَ الفقوسِ الإلكترونيّ ومواخيرَ القرعِ التكنولوجيّ ومواخيرَ الباذنجانِ الرقميّ ومواخيرَ لاس فيجاس ولوس أنجلس ونيويورك المقدسةَ قداسةَ معابدِ الإيدز ومواخيرَ قناةِ سلوى –أيها المسكين يا تميم!- ومواخيرَ قناةِ السويس ومواخيرَ قناةِ بنما ومواخيرَ العبادةِ البترودينيةِ في الدَّمَّام ومواخيرَ العبادةِ البتروماركسيةِ في الإمارات ومواخيرَ العبادةِ البترو سي آي إيهية في نجران ومواخيرَ حقوقِ إنسانٍ مصنوعةٍ صُنْعَ البطيخِ على شكلِ فخذي جثةٍ سعوديةٍ مفتوحتينِ تشتهي الشمس


انحنِ يا سيدي أكثرَ
رجاهُ الخادمُ
أكثرَ من هذا؟
صاحَ سموُّهُ غاضبًا
ونهضَ
رفعَ صولجانَهُ
وأخذ به ضربًا وسبًا
ثم سكنَ
أشبعني إني أموتُ جوعًا
همهمَ
وتوسلَ
بربِّ الكعبة!
انحنِ يا مولايَ
عادَ الخادمُ يرجو
هكذا؟
أكثرَ
هكذا؟
أكثرَ أكثرَ
هكذا؟
أكثرَ أكثرَ أكثرَ
............
............
هكذا؟ هكذا؟ هكذا؟
هكذا! هكذا! هكذا!
وإذا بِهِ يُطْلقُ صرخةَ أمةٍ مهيضةِ الجناح
ومنه يسيلُ دمُها ومنيُها وغائطُها
جمعَهَا له الخادمُ في كأسٍ وقالَ اشربْ
فَشَرِبَ حتى ارتوى