“ أنا ما قتلت” التي كشفت الكعبة!


لمى محمد
الحوار المتمدن - العدد: 5969 - 2018 / 8 / 20 - 21:11
المحور: الادب والفن     

منظرنا كان جميلاً:
نيل بحجابها و ثيابها الملونة المتفائلة، غاردينيا بثياب أقل ما يقال عنها أنها كلاسيكية فارهة، أمنية بالعباءة و الحجاب الاعتباطي.. و أنا ببدلة الطبيب الزرقاء وشعري المضفور..
الدنيا عيد.. لمَ لا نحلم بغدٍ لا يغادر فيه الشباب أوطانهم..

و كتبت في يوم العيد:
لا تعتقد بتميّزك لأن ذلك سيجعل منك كائناً فوق الناس و من هو فوق الناس لا يستطيع أن يكتب لهم..
جنون العظمة سيحطمك إذا ما فشلت..
سيحولك إلى وحش نرجسي إذا ما نُقِدتَ.. و سيبعدك عن طعم الجوع!

من رواية عليّ السوريّ :بقلم لمى محمد
********

قال لي طفل حافٍ يبيع علب السجائر المهرّبة على رصيف عربي أنّ عمله مؤقت لأن “ سيدي الذي أعمل عنده في الحج” ..
و قلتُ في نفسي:لم يبقَ من قصة “ ابراهيم” إلا العبرة و الكناية.

في عام 2018 و قبل عيد الأضحى تماماً طار غطاء بنيّة ابراهيم -كما سمّاها ابن الأثير-.. و ظهر سقفها كاشفاً عورات العرب و المسلمين.

كان هذا في شرع المتأسلمين ابتلاء، و سمعوا معه أصوات كل عام و أنتم كما أنتم!

و كان في شرع المسلمين: كناية!سمع أصحاب الضمير مع طيرانه: صراخ أطفال اليمن، و صوت إسراء الغمغام تقول: “ أنا ما قتلت”…
*******

ليست المرة الأولى التي تكون فيها الكعبة شاهدة على ضلال كثير من أهل الدين:أصلها بلا سقف و أول سقف لها بناه الملك اليمني “تبع” المعروف أيضاً ب “ أسعد الكامل” و هو من أوائل من اعتنق اليهوديّة من ملوك العرب.

رُمِيَتْ بالمنجنيق لأول مرة بأمر من المسلمين .. أمر بذلك يزيد بن معاوية لإجبار عبد الله بن الزبير على مبايعة يزيد.. و احترقت.. عندها دام حصار المكان إلى وفاة يزيد..انتصر ابن الزبير و قرر هدم الكعبة و بناءها من جديد.

في العصر الأموي قرر عبد الملك بن مروان أنه أحق بالمكان فأرسل جيشاً عرمرماً بقيادة الحجاج بن يوسف الثقفي، تحصن ابن الزبير في الكعبة ، فقصفها الحجاج بأمر من عبد الملك.. و احترقت..بعد انتصار عبد الملك أمر بإعادة بناء الكعبة على ما كانت عليه زمن قريش.. و كيما يلمّ سخط البعض أغرقها بالذهب و دخلت مظاهر البهرجة إليها لأول مرة منذ العصر الجاهلي.

في العصر العثماني تهدمت جدران الكعبة بفعل أمطار غزيرة في نيسان عام 1630 و سقط بعض جدرانها، فأمر السلطان العثماني بتجديدها . و تم الأمر بأيدي مهندسين مصريين و هذا كان آخر بناء للكعبة.
ما حدث بعده كان تجديداً و ترميماً.هكذا أيها الرفاق، تحكي الكعبة التاريخ الإسلامي.. و تقول لنا أن استخدموا عقولكم فيما صار و يصير.. كيف تلحقون السائد دونما تفكير؟
********

أركان الكعبة أربعة وهي: الركن الأسود والركن الشامي والركن اليماني والركن العراقي ما الركن الشامي: فقد دمرته يد المتأسلمين عندما قسمت الناس إلى طوائف، و عاثت فساداً في بلاد الشام…الركن العراقي: فقد دمرته يد العمالة الغربية: عندما اُستبيح العراق ليخدم سوق النفط في أمريكا و بريطانيا…
الركن اليماني: حطمته الكراسي التي أصبحت أغلى من العقول.. فأهلكت الأطفال في ليالٍ تدعي الإسلام..
بقي الركن الأسود: يشبه النفط و الغاز و تتم التجارة به على مرأى و مسمع المسلمين.. و بأموال الفقراء بها أحق.

**********

في زمن الفقر، الجوع، السبيّ، النهب، الظلم، القهر.. عهر الفكر.. عولمة الغايات..
في زمن احتاج الإسلام إلى المؤمنين ليحموه من (المسلمين)..
في زمن تحولنا إلى إرهابيين.. و أصبحت ألقابنا عنوان مظالم لا تعد و لا تحصى..
في زمن صار المال الناطق الرسمي باسم الإسلام !و أصبح التاريخ الإسلامي قوت يوم اللحى الكسولة التي تستخدم معاليقها لكسب المال و الجاه…
في زمن صرنا فيه بلا سقف: عرضةً للذل و للمهانة بسبب أفعال المتأسلمين.. و إذا ما نطق أحدنا بكلمة العقل و الحق، ظهر الضالون للتشهير به.. تماماً كما حدث مع “ ابراهيم”..
في زمن العار هذا أصبحنا نخاف إن نحن قلنا: يا الله.. و لم ندعوا للملوك.. أيّ شرك هذا إذا ما أصبح الحج قبل الشهادتين؟

كل عام و فينا صوت حق مسلمُ القلب لا مسلم المظهر و النفاق..
كل عام و أنتم.. بخير.