طريقتان في فهم الخالقية وعلاقتها بالحكمة والعدل 2/4


ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن - العدد: 5962 - 2018 / 8 / 13 - 11:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

طريقتان في فهم الخالقية وعلاقتها بالحكمة والعدل 2/4
ضياء الشكرجي
[email protected]o
www.nasmaa.org
والإلهيون العقليون يرون أن كلا من هذه الاستنتاجات باطل. فعدم وجود الخالق ممتنع عقلا، بحسب دليل واجب الوجود، لامتناع تسلسل العلل، ودليل النظم والدقة والإتقان، ودليل استحالة الصدفة، مع عقلاء الإلهيين العقليين لإشكالات الملحدين المعتبرة. أما وجود خالق غير عادل وغير حكيم ممتنع كذلك، ووجود خالقَين على النحو الأخير ممتنع وباطل أيضا، ولا نجد في الواقع من يؤمن بأي من ذلك إلا قلة ضئيلة، أو فرق اندثرت.
الطريقة الثانية:
يجري البحث عن سر الوجود ومبدئه، فيُكتشَف بأدلة عقلية أن لا بد من وجود علة أولى، أي من خالق متصف بكل صفات الكمال. إذن العقل يوجب وجود الخالق، ووجوب كونه واحدا متوحدا، حكيما عادلا. وبالتالي يمتنع عقلا عدم وجود خالق، كما يمتنع عقلا وجود أكثر من خالق، وكذلك يمتنع عقلا وجود خالق لا يتصف بكل صفة من صفات الكمال، أو لا يتصف بكل منها على نحو الإطلاق. عندئذ يكون من الواجب أن كل ما في الخلق لا بد أن يكون مخلوقا على أساس الحكمة والعدل.
بعد أن ننتهي من هذه الحقائق العقلية الواجبة، لنا أن نحاول فهم الحكمة والعدل في تفاصيل الكون، ونرى هل نستطيع اكتشاف انطباق كل مفردات الخلق مع شرائط الحكمة وموازين العدل، وإذا لم نكتشفها كاملة، ندرك يقينا على ضوء المقدمات آنفا، أن بحثنا لم يكتمل، بل هناك ما لم نتوصل بعد إلى اكتشافه، والذي ربما سيكتشفه الإنسان مستقبلا عبر عملية التطور والنمو والتكامل المطرد في معارفه واكتشافاته، إما في هذه الحياة، أو في ثمة حياة بعد هذه الحياة.
في بحثنا هذا وفي تأملاتنا هذه لا بد أننا سنصل إلى إحدى نتيجتين:
1. النتيجة الأولى: إننا نفهم الحكمة والعدل في كل مفردات الوجود، أي نكتشف فعلا أن كل ما في الخلق مستوف لشرائط الحكمة، وموافق لموازين العدل. فيكون ذلك تأكيدا على حكمة وعدل الخالق، ولكن هذا الافتراض عسير التحقق، وإن البعض يدعي تحققه بتكلف ادعاء أدلة ليست هي بأدلة، وذلك خوفا أو هربا من الوقوع في الشك أو التشكيك.
2. النتيجة الثانية: إننا نكتشف الحكمة والعدل في بعض، أو في الكثير من مفردات الخلق، لكننا لا نستطيع أن نكتشفهما في البعض الآخر، أو لا نستطيع أن نفهم تماما كيفية الانطباق والتوافق معهما.