مفاهيم دينية متداخلة بلا حدود


عباس علي العلي
الحوار المتمدن - العدد: 5955 - 2018 / 8 / 6 - 22:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

النبي الرسول بالكتاب
تعريف النبوة لغة هي النباوة الارتفاع ، أو المكان المرتفع من الأرض و"النبى" هو العلم من أعلام الأرض التى يهتدى بها، ومنه اشتقاق "النبى" لأنه أرفع خلق الله ، وذلك لأنه يهتدى به، والنبأ هو الخبر، يقال: نَبِأ أنباء ومنه النبى، لأنه أنبأ عن الله.يعني أخبر عنه{وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}فاطر14،ونَبأ و"النبوءة" و"النبوة" الإخبار عن الغيب، أو المستقبل بالإلهام، أو الوحى.
واصطلاحا: عرف الإنسان منذ القدم كلمة "النبوة"، فقد وجدت فى جميع اللغات واللهجات، غير أن استعمالاتها تعددت وتنوعت، ففى اليونانية القديمة كانت تطلق على المتكلم بصوت جهورى، أوعلى من يتحدث في الأمور الشرعية، وعند الفراعنة كانت تطلق علي كهنة آمون، كما أطلقت على "إيزيس" في مصر القديمة، وعلى زرابيس فى روما، وكلاهما لايخرج عن هذا المعنى .
أمتازة فكرة النبوة في الإسلام بوحدة المعنى والدلالة فالنبي ليس المتنبئ بالمعنى العرفي بل هو من حمل نبوءة الله للبشر ليبلغها فقط دون أن يكون مسئولا عن صدقها ومصداقية التحقق، فهو مبلغ ونذير من عاقبة عدم العمل بها، النبي في الإسلام ليس شرطي الله ولا هيلمانه في الوجود {قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ}الأحقاف23، فليس من وظيفة النبي الأساسية غير النصيحة والإبلاغ أن يكون حاكما باسم الله ولا سلطانا يجعل من الدين قانون الحياة وضابطها.
هذه الفكرة هي بالتحديد ما تجهلها المسلمون وظنوا عامدين أن دين الله مكسب للسلطان ومقدمة للتحكم به، فعرف بعدها مفهوم الخلافة الذي يعني الإصرار على جعل السلطانية بديلا عن فكرة النصح والإصلاح، لذا فقاعدة أستخلاف النبي قاعدة فاسدة من حيث قدسية النبوة، فمن يخلف أحدا ليكون محله مساويا في الوظيفة والمعنى لا بد أن يماثل سلفه، وحيث أن لا أحد من المسلمين يعتقد أو يؤمن أن من تزعم خلافة النبي سيكون له كالند للند، فهم بذلك يبطلون قاعدة الحاكمية من حيث لا يشعرون.
لو عدنا لمواصفات ووظائف النبوة في الإسلام والتي وردت في النص الديني لا نجد لها أي دلالة على أن إرادة الله من البوة هي فرض الدين كشرط أساسي في وجودية المجتمع كنظام، ولكن كروح وجوهر أخلاقي يتصل بالقيم العقلية والمعرفية التي تساهم في بلورة رؤية الحياة للمؤمنبن نعم، {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}الأعراف62، ولعل النص الأبرز في ذلك قوله تعالى {وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ}الأنعام52، فالوظيفة النبوية هي وظيفة أخلاقية طالما أن النبي قادر على التواصل مع المجتمع.
في هذه الجزئية ظن المسلمون المحمديون أن تجربة الرسول في بناء مجتمع هي تجربة مثال سيكون مستمرا طالما أن الأداة الإرشادية في ذلك باقية وهي الرسالة أو ما موجود في الكتاب، لذا أصروا على أعتبار وجود النبي في المجتمع هو مشروع دولة مجتمعية وليس مشروع أجتماعي أخلاقي بموجب عقد أجتماعي تنازل فيه المؤمنون بطاعتهم الوجوبية للنبي كي يقودهم سياسيا وأجتماعيا وتنظيما لأنه الأفضل والأكمل ولا يتصور أحد أن هناك أعلم منه في إدارة المجتمع وقيادته، وهذا ما يعنيه الله بالضبط في النص الديني لمرحلة ما بعد النبي أو في غيابه مع وجود الرسالة {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} الشورى38.
فمشروع الإسلام الدولة مشروع قام على (شبهة الخلافة والإمامة) تتعلق من حيث الأصل بـ (وهمين) أولها أستناده على فكرة أن النبي (ملك حاكم بأمر الله) والملكية لا بد أن تتوارث من بعده لمن هو أحق بالملك من غيره، وثانيا خلطهم في معنى الأحكام أو حكم الله بأعتبره خلاصة الرسالة وغايتها {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ }البقرة213، فحكم الناس هو الهدف من إنشاء دولة.
في الشبهة الثانية والتي أسست للأولى وأستندت في مضمونها على معنى الحكم، أعتبر رواد مجتمع النبوة الأول على النص خارج محتواه أولا وخارج سياقه القصدي ثانيا، فالمحتوى وإن جاء بلفظ (ليحكم) لدلالة على حق الحكم والسلطان في الفصل بين ما يتنازعه الناس من أمورهم، بمعنى قضاياهم البينية إلا أنه لا يتضمن أي تخويل لا تصريحا ولا تلميحا لمعنى الحكم السياسي الرأسي للمجتمع، أي لم يجعل هذا النص النبي رأس المجتمع وقائده السياسي بما يتضمن سلطانية فاصلة في كل الأمور.
لننظر لبقية النصوص التي وردت في معنى الحكم وتناقضها مع المعلن العملي وبالترتيب:
• {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوْتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ }آل عمران23.
• {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }المائدة47.
• {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }النحل124.
• {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ }النور48.
• {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }النور51.
• {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَـئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ}المائدة43.
• {وَإِن كَانَ طَآئِفَةٌ مِّنكُمْ آمَنُواْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَآئِفَةٌ لَّمْ يْؤْمِنُواْ فَاصْبِرُواْ حَتَّى يَحْكُمَ اللّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ }الأعراف87.
• {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىَ يَحْكُمَ اللّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ }يونس109
• {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيّاً قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُواْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقاً مِّنَ اللّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّىَ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ }يوسف80.
• {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }الحج52.
• {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ..... ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }الممتحنة10.
ملاحظات عقلية منطقية على النص.
من دراسة النصوص هذه وفقا للسياق المعنوي نجدها تسجل النقاط التالية:
1. الحكم هنا بمعنى تقرير حالة بين حالتين أو أكثر أستنادا إلى محدد معلوم سابق بين الطرفين المتنازعين.
2. الحكم المذكور لا يتعدى شكلين حكم الله الأصلي وإرادته المقررة بالنصوص الثابته المعلومة لهم، والثاني حكم الرسول بين تناقض بين حالتين أو أكثر أستنادا لحكم الله.
3. الحكم هنا جزئي وخاص في قضية محددة براهنية الإشكال ذاته ولا تتعداه لأكثر من محتواها.
4. كل النصوص تشير لمعنى التحكيم لا لمعنى الحكم العام كقاعدة عامة.
5. تخصيص النبي ولوحده بما له قدسية مفترضة به ذاتيا وليس لأحد أن يمارسها بغيابه أو يخلافته مهما كان، لأن الله خصص النبي لهذه الوظيفة والمخصوص غير قابل للتعميم إلا إتباعا لنفس مفردات وظروف القضية.
6. خلو النصوص كلها من فرض حكم الرسول بالقوة القهرية إن لم يرغب الطرفان المختصمان بالتحكيم أو تجنبوه، فبالتالي هم تحكيم أختياري ولكنه ملزم بحدوده لمن قبل به وأختاره قاصدا أن ينهي الخلاف.
7. التحكيم لا يشمل فقط المؤمنون بالنبي على وجه الخصوص فبعض الأحكام تعدت وجودهم إلى أخرين لا يؤمنون أصلا بنبوة النبي ولا يخضعون له على أنه حاكم مطلق الحكم بما يراه أستنادا لصفته وذاته كاليهود خصوصا وأهل الكتب عموما.
8. بعض النصوص أشارت لتحكيم من لم يكن حاكما بل نبيا وهو لم يمارس الحكم ولم يدع به.
من خلال هذه النصوص والكثير منها أجملت من حيث السياق على مسألة التحكيم الجزئي في قضايا خلافية تتعلق بالعقيدة لا تتعلق بالمجتمع ككائن فيه إنشغالات وقضايا عديدة أكبر من حدود العقيدة ووضيفتها، إنها فقط قضايا الدين التي تتنازع بين الجديد (الإسلام المحمدي) وبين القديم فيما أشارت له كلمة (أهل الكتاب) وأيضا فيما يشجر بين القوم ذاتهم في حدود عقيدتهم نفسها، لذا لن تجد في أي نص يدع لحاكمية النبي كرئيس بكوجب النص أي كملك إلا في حالة واحدة صرح بها النص وضربها مثلا وإن كانت له دلالاته فيما أرتبط بها من ظرف {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }البقرة247.
لقد أدى النبي رسالته وختمها دون أن يمارس الحكم كونه ملكا أو رئيسا دنيويا على أحد، بل وحتى في خطاب الإكمال لم يقل إني أنشأت لكم نظاما سياسيا مستندا للدين وعليكم أن تسيروا خلفه أو بموجبه بل قال مشيرا إلى غائية يتجاهلها المسلمون المحمديون عن عمد إنحيازا لفكرة أعتنقوها بلا مبرر {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }المائدة3، فالإكمال تم على الدين وليس على التجربة الأجتماعية أو السياسية عامة.
البعض يرى في هذا الإكمال وإن كنا لا نتواقع في جزئيات الفكرة أن أكتمال فكرة النظرية الحاكمية المستندة على الدين لم تتم مع نزول هذا الحكم بل تبلورت في وقت لاحق وتأسست على قراءات أعتباطية لاحقة، فيقول هيثم عبد الله في منشور يعرض للفكرة ما نصه، "اليوم أكملت لكم دينكم" تعني فيما تعنيه شعور النبي بانتهاء دوره كفرد فيما يسميه بطور التنزيل وبداية دور الناس كجماعات تأويلية في تشكيل الدين واعادة انتاجه في طور الشرح والتأويل. ولعل هذا التقويل يعود إلى احساسه أيضا بصعوبة التحكم آنذاك بتصادم النصوص واضطرابها سواء بين العهدين المكي والمديني ام بين نصوص العهد اليثربي ذاتها بفعل ما أصبحت تفرضه تعقيدات الواقع اليومي على نحو متجدد. غير ان ما يهمنا هو ان دين محمد لم يكتمل في الواقع الا في عصر التدوين بعد أكثر من قرن ونصف على وفاة نبي المسلمين. حيث اقتضى الأمر مجهودات جماعية جبارة وصراعات مريرة بين أعداد كبيرة من المفسرين والمعلقين والمهمشين بحواش أصبحت مناسبة للتعليق عليها بحواش أخرى عادة ما كانت تضيع الحدود بينها وبين المتون التي سبق وجاءت تعليقا عليها .
فكرة أن النبي دولة وسلطان وحكم لا بد أن يجسد مثال بالنتيجة هي من وضع لاحق أستهدف بالأصل أستلهام التجربة النبوية ولكنها أي كفكرة لم تلحظ أن المصدر التشريعي غير متناسب مع الواقع، النبي كانت أفكاره كما هي مجرد تطبيق لأمر رباني يلاحظ تطور زمني لمفردات ما يريد وبالتالي ما يمكن معالجته لا يأت عن طريق الخضوع لمنطق الواقع ونتائج التجربة البشرية بل تعود له وحده عبر النبي، هذا ما نص عليه الدين بحذافير المعنى وطبقه الرسول {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }النساء59.
فالتنازع المشار إليه محصورا في أمر الدين وإن جاء مطلقا ولكنه مطلق فيما لحصر الموضوع كليا بالإيمان وحده، الإيمان بالله ورسوله بمعنى المقدس الذي يجب أن لا يدنس بأفكار بشريه، وهو بالتالي لا يتكلم عن الشيء مطلقا كون الإنسان أصلا هو شبكة من الأشياء (قضايا وإشكالات وتساؤلات ورؤى) كلها تدور في الوجود الحسي والمعنوي لوجوده، وإن كان الدين قادرا على البعض منها بوجود الله بوجود من يخاطبه أو أولي الأمر الذي سنرى أنهم بخصيصة خاصة جزء من المقدس، لكنه ليس بديلا عن العقل وتجربته في الحياة.