مع مطالب ثورة الغضب الشعبي 2/2


ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن - العدد: 5955 - 2018 / 8 / 6 - 02:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

مع مطالب ثورة الغضب الشعبي 2/2
ضياء الشكرجي
[email protected]o
www.nasmaa.org
بعدما تناولت في الجزء الأول خمسة من أهم المطالب المركزية، لما أسميته مجازا بـ «ثورة الغضب الشعبي السلمي»، أواصل تناول المطالب الثلاثة المتبقية.
6. مطلب إلغاء الدستور: لا يمكن لدولة أن تكون بلا دستور، بل الدستور يحتاج إلى تعديل في العديد من مواده. مع العلم إن الدستور العراقي الذي أقر عام 2005، والذي طبخ على عجل وعلى نار عالية، ومع وجود كل الملاحظات عليه، هو من أفضل الدساتير التي مر بها العراق، بل من أفضل الدساتير في المنطقة. إذن العيب يكمن في سوء تطبيق الدستور، وفي الانتهاكات الدستوية، وعلى الأرجح كذلك في المحكمة الاتحادية التي لا تتحلى بالقدر الكافي من الاستقلالية والشجاعة، لاسيما في مواجهة الضغوطات السياسية التي تمارس عليها، خاصة عندما تكون هناك مادة دستورية لم تجرِ صياغتها بالقدر المطلوب من الدقة والوضوح، مما يجعلها من «المتشابهات»، أي التي تتحمل أكثر من معنى، مما يؤدي إلى تعدد المعاني التي يجري تأويلها إليها. نعم هناك مواد دستورية تمثل ألاغما، يجب حذفها أو تعديلها. نعم يمكن أن يكون مطلب إلغاء الدستور صحيحا، إذا اقترن بالدعوة إما إلى تعديل جوهري شامل، وإما إلى كتابة دستور جديد، والخيار الأول هو الأكثر واقعية، على أن يكون الالتزام بالدستور الحالي ملزما لهذه المرحلة، أي لحين إجراء التعديلات المطلوبة، ومنها إلغاء المادة الثانية، وتوضيح المقصود بالكتلة الأكبر*، بجعلها الكتلة التي حصلت من خلال الانتخابات حصرا على أكبر عدد من المقاعد، وليس من خلال التحالفات المابعدية، أي التي تجري بعد ظهور نتائج الانتخابات. أما تشكيل الائتلاف من قبل الكتلة الأكبر، إذا لم تمتلك الأكثرية المطلقة، بل الأكثرية النسبية فقط، يكون حصرا لغرض تشكيل الحكومة الائتلافية ذات الأكثرية المطلقة، وعلى أن يكون الائتلاف الحكومي قائما على أساس البرامج، وليس على أساس المحاصصات والانتماءات الطائفية والعرقية، كما يجب إلغاء التزامن بين الانتخابات النيابية وانتخاب رئيس الجمهورية، كي لا يمرر ذلك بصفقة على أساس ما يسمى بالسلة الواحدة سيئة الصيت (رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب)، كما يجب إعادة صياغة توزيع الصلاحيات الاتحادية (المركزية) والصلاحيات المحلية للأقاليم والمحافظات، وغيرها من التعديلات، وأهمها تثبيت مبدأ المواطنة الذي يجب أن يسري سريانه على كل تفصيلات العملية السياسية، وحظر مخالفته، التي تصل عقوبتها إلى درجة منع الحزب السياسي أو الشخصية السياسة المرتكبين للمخالفة من مزاولة العمل السياسي، بشكل دائم أو لمدة يحددها القانون، حسب درجة المخالفة وضررها.
7. مطلبا إلغاء نتائج الانتخابات وإقالة الحكومة: إنهما مطلبان منفصلان، إلا أني دمجتهما، لأنه تترتب عليهما نفس التبعات. بلا شك لا يمكن لبلد أن يبقى بلا حكومة وبلا مجلس نواب، من هنا إذا تحقق هذا المطلب، فلا نملك إلا أن تكون الحكومة الحالية حكومة تصريف أعمال، وهي حاليا من الناحية الدستورية كذلك. لأننا إذا أردنا أن نختار رئيسا آخر للحكومة، ليشكل حكومة تصريف أعمال موقتة، فبأي آليات، وكيف سيجري الاتفاق على رئيس هذه الحكومة وعلى الوزراء، فبتصوري إن هذا سيدخل البلاد في مأزق. نعم يمكن المطالبة بإلغاء الانتخابات والدعوة إلى انتخابات جديدة يحدد لها موعد. لكن هل سنضمن ألا يتكرر السيناريو الذي حصل في الثاني عشر من أيار الماضي؟ هذا يحتاج أولا إلى تحقيق المطلب المهم والصعب في نفس الوقت، وهو إلغاء كل الأحزاب المدانة بالفساد والطائفية السياسية والمحاصصة وعسكرة المجتمع والولاء لدول أجنبية. وإذا افترضنا أنه حصلت المعجزة وتحقق لنا ذلك، فمن أين نأتي بأحزاب بديلة، وطنية، ديمقراطية، علمانية، نزيهة، كفوءة، ذات برامج سياسية واضحة، ومؤثرة، وذات شعبية كبيرة، تمنحها فرص الفوز الذي يؤهلها لإدارة السلطة التنفيذية للمرحلة المقبلة. هذا كله نحتاج إليه من أجل أن نحقق دولة ديمقراطية علمانية قائمة على أساس المواطنة.
8. مطالبة المرجعية بتحديد الموقف: صحيح إن هذا ليس مما هو متفق عليه، فقد أعلن أحد المتحدثين باسم التظاهرات في كلام له ينم عن وعي ووضوح، أن المتظاهرين لا يتحدد موقفهم لا من خلال موقف المرجعية، ولا موقف التيار الصدري وزعيمه مقتدى الصدر، ولا موقف الحزب الشيوعي. فهم لم يخرجوا استجابة لنداء من المرجعية، وسيواصلون التظاهر، سواء أيدتهم المرجعية أو لم تؤيدهم. ولكن ظهرت أصوات هنا وهناك تشير إلى تعويل أصحابها على المرجعية. والموقف الصحيح عدم التأثر بموقف المرجعية، بتحديد موقف المتظاهرين في ضوء موقفها، وكذلك عدم التعويل عليها، فإن كان موقفها مساندا، فيجري الترحيب بموقفها، دون إعطاء انطباع أن المتظاهرين إنما يخرجون مستجيبين للمرجعية، أو معولين عليها، وإذا افترضنا أنها اتخذت موقف عدم الاكتراث وعدم الدعم، فهذا أيضا لا ينبغي أن يؤثر على التظاهرات؟
9.. المطالب المناطقية: إن المطالب المناطقية لهذه المحافظة أو تلك مشروعة ومهمة ويجب أن تطرح، لوجود ثمة خصوصية لكل محافظة أو منطقة، ولكنها لا يجب أن تتخذ موقع الأولوية والمحورية، بل لا بد من التركيز على المطالب التي تشمل كل محافظات العراق، وعلى رأسها إصلاح النظام السياسي.

*: الأصح «الكتلة الكبرى»، لأن مؤنث (أفعل) للتفضيل هو (فُعلى)، لكن هذا الذي شاع خطأً استعماله في العراق.
04/08/2018