موجة الانتفاضة تهدف الى ارجاع الإنسانية و السلطة للجماهير!!


سمير نوري
الحوار المتمدن - العدد: 5949 - 2018 / 7 / 31 - 06:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

موجة الانتفاضة تهدف الى ارجاع الإنسانية و السلطة للجماهير!!
منذ 2011 الجماهير يوما بعد يوم تتراكم النقمة و الغضب لديها و في كل مرة تطور النضال الجماهيري بشكل ارقى و اوسع و اوضح و تطرد قوى سياسية برجوازية خلالها و تنمو القوى الجماهرية و تتمرن على النضال الثوري و نضال الشوارع و تتمرن كيف تعيد تنظيم صفوفها و تطرد القوى المعادية لها. بعد مجيء داعش و السيطرة على 40% من الأراضي العراقية التظاهرات لم تهدأ لم يرضى بما وعدوا بها حكومة حيدر عبادي و قوى رجعية و جبهة الرجعية باسم المدنية تحالف الحزب الشيوعي و التيار الصدري، و كان سكوت الناس لفترة وجيزة كان هدوءا قبل العاصفة. وكان فرصة للصدرين و حلفائهم من التيار الما يسمى بالمدني لمحاولاتهم لكي يجربوا حضهم، و الآن انتهت هذا المرحلة ايضا.
الانتخابات كانت فيها دروسا قاسية لأحزاب السلطة و الأحزاب النصف المعارضة. الجماهير رفضت المشاركة و عاقبت الأحزاب بشكل واضح و كانت رسالة ومباشرة بانكم لستم اهلا لقيادة هذا البلد و كان تهديدا واضحا لهم و وضعهم في مأزق. اننا في افتتاحية العدد 215 من نحو الاشتراكية قلنا بشكل صريح بان "الانتخابات تعمق ازمة البرجوازية"، و الآن بينت صدق كلامنا نرى كيف ينهشون بأجساد البعض و كل قوة من القوى و الأحزاب يتهم الثاني بالتزوير. الآن فقدوا البرلمان الكاريكاتوري و انهم يعيشون في فراغ "قانوني" حسب بياناتهم و كلامهم، و الحكومة ليس لها سند شرعي و تشريعي و يواجه اصعب الأيام. الهيئة الحاكمة من كل القوى الاسلامية و القومية و العشائرية و ميليشياتهم تتعمق خلافاتهم يوميا بعد يوم و لا يوجد امامهم افاق واضحة متى يشكل البرلمان و الحكومة الجديدة،و الجماهير لا تقبل بهم بكل حماس و قوة و ترفضهم من الأسفل.
هذه القوى التي دمرت المجتمع و مسحت كل اوجه التمدن و الحضارة و الأنسانية بسبب وجودهم و بسبب اجنداتهم التخربية و بسبب انتمائاتهم العالمية والدول الأقليمية و اجندات المنطقة من امريكا و السعودية و ايران و تركيا و غيرها من الدول فانهم يعملون كقوى مرتزقة مجرمة فاسدة و لا يقدمون غير النهب و السلب و الحروب و تجويع المجتمع. لا توجد اي افاق بحل وضع المجتمع من قبل هذه القوى مهما كانت الوعود و الادعائات. المجتمع العراقي لكي يصل الى ابسط حقوقه يجب ان ينتظر في ظل سلطة و هذه القوى ان يتحسن وضع المنطقة و هذا من سابع المستحيلات و تعني افاق قاتمة و حل اوضاع المنطقة لا احد يعرف او يتنبأ بها و حتى قوى عالمية كامريكا و روسيا ليس لهم افاق و انهم يعيشيون في تخبط، كون القوى العراقية في السلطة مرتبطون بعشرات الخيوط بوضع المنطقة لا يبقى خيار امام الجماهير الا ازاحتهم.
هذه المرة نزل مئات الالاف من الجماهير المحرومة و الغاضبة الى الشوارع و بمطالب اساسية بسيطة لكن حياتية كماء الشرب و الكهرباء و العمل و بدون هذه الأساسيات تتحول الحياة الى جحيم لا يطاق. و اعلنوا بان الأحزاب الحاكمة بدون استثناء يجب ان يتركوا السلطة و اكثرية المدن العراقية تعيش غليانا و انتفاضة ثورية جماهيرية حقيقية و محقة. و الجماهير الغاضبة ضد الأسلام السياسي و احزابها و ممثليها و شخصياتها و مقراتها و حتى المرجعة و الصدر لم ينجوا هذه المرة من غضب الجماهير و انهم امام اعتراضات و نيران انتقادات الجماهير المنتفضة.
الحكومة تارة تتهم المظاهرات بوجود المندسين في صفوفهم و تارة بغير "سلمية" و كان قواهم المسلحة و مجرميهم من الميليشيات الحشد الشعبي لا يرحمون المتظاهرين و قتلوا اكثر م 13 شخصا و مئات الجرحى و اعتقالات عشوائية و هادفة بالمئات ضد الناشطين و قادة المظاهرات لا يختلفون عن الحكومات الدكتاتورية مثل حسني مبارك و صدام حسين و بن علي و استعملوا القوى المفرطة و الأسلحة النارية و الذخيرة الحية و المدرعات و كل اشكال التعذيب و التنكيل و التعذيب. ان العالم كله يشهد بان الجماهير و الناشطين يطلبون العيش الكريم و انهم يعرفون حق المعرفة بان هذه القوى لا يستطيعون تلبية ادني مستوى من المطالب و لا يردون ذلك.
تاريخ العراق و المنطقة مرت بسلطة القوميين و لعشرات السنين، جربو ا سلطة البعث و جرائمهم، و خلال قرابة عقدين من سلطة الإسلاميين و شركائهم من القوميين الكرد بينوا بانهم ليس في جعبتهم جلب اي افاق لحياة انسانية و شريفة للناس. الآن القوتين الذين حكموا المنطقة و العراق و نقصد بالقوميين و الإسلاميين حرقت كل اوراقهم و الجماهير جربوهم و ذاقوا المر على ايادي هذه القوى البربرية و الهمجية و القوتين لا يستطيعان ان يحكمان شعوب المنطقة الا بقوة السلاح و الاستبداد و البربرية و ابادة الناس و غرقهم في الدم كما نراه اليوم.
ان شعارات المظاهرات و تطلعاتها هي تطلعات انسانية و مدنية و علمانية و حضارية و هذه التطلعات لا يمكن تحقيقها من قبل البرجوازية و قواها السياسية البربرية ، ان هذه التطلعات هي تطلعات يسارية و ترتبط بالأنسان و الأنسانية و لهذا هذه المظاهرات في محتواها هي يسارية و اشتراكية و نقصد بالأشتراكية و اليسارية ليس اليسار القوميى و الاسلامي امثال الحزب الشيوعي العراقي. نقصد يسار اجتماعي و انساني تسعى لارجاع الأنسانية و ارجاع الأختيار للانسان و قدسية الأنسان. هذه لا تتحق الا ببناء السلطة و الحكومة الأنسانية و المجتمع الأنساني. ان فرض عبودية العمل المأجور تشكل المبنى لكل سلطة برجوازية واي قوى برجوازية مهما يكن من ادعائاتها لا تستطيع ان تخرج من اطار فرض عبودية العمل المأجور و افقار و تجويع المجتمع و فرض البطالة المليونية عليهم. اي سلطة تأتي يطبق سياسة صندوق النقد الدولي من الخصخصة و فرض الفقر و البطالة و طرد العمال من اعمالهم و قطع تقاعدية المتقاعدين و تحويل المؤسسات التعليمة و الصحية و الخدمية الى مؤسسات جلب الربح. يجب انها ء عبودية العمل المأجور و يجب تجفيف المياه الأسنة من مصادرها، ان عبودية عمل الماجر تشكل اساس كل المظالم في المجتمع العراقي.
الخطوة الأولى في هذه الأتجاه هي الغاءالسلطة الحالية و ازاحة كل هذه القوى من السلطة و فرض سلطة الجماهير و التدخل المباشر في المصير السياسي للمجتمع و بناء سلطة جماهيرية في كل المستويات و رفض اي سلطة فوقية و مفروضة على الجماهير من الفوق، و تطبيق الديمقراطية المباشرة، هذه السلطة هي السلطة المجالسية و الكومونية و تعني تشكيل سلطة مجالسية هرمية من الاسفل الى القمة و ليس العكس. السلطة البرلمانية جربت بختها الأسود و لم يقدم الا سلطة محاصصاتية قومية دينية و عشائرية و مثلت و تمثل مصالح الأقلية في المجتمع ويجب رفضها حاضرا و مستقبلا. النماذج الأخرى الذي تطرح كبدائل الآن بشكل ما مثل النظام الرئاسي الجمهوري( في الحقيقة الدكتاتوري) او حكومة الأنقاذ الوطنى ( اعادة الحياة لحكومة قومية- دينية)و غيرها من المسميات لا تهدف الا ابعاد الجماهير في تدخلها في مصيرها السياسي و الأقتصادي. السلطة الوحيدة هي سلطة الجماهير المليونية و لا يتحقق هذا الا بتشكيل المجالس الجماهرية و بناء حكومة انسانية مجالسية على صعيد البلاد بعد خلع سلطة الحكومة الحالية.