تأسيس قاعدة البحث في العقائد 1/7


ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن - العدد: 5945 - 2018 / 7 / 27 - 13:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

لا بد قبل المباشرة بمباحث الميتافيزيك، أن نقرر القاعدة التي ننطلق منها في البحث والاستدلال.
تحديد الموقف من كل من الثنائيات أدناه:
1. هل نحن واقعيون أم مثاليون؟
2. هل نحن - إذا كنا واقعيين - عقليون أم تجريبيون؟
3. هل نحن - إذا كنا عقليين - إلهيون أم ماديون؟
4. هل نحن - إذا كنا تجريبيين - إلهيون أم ماديون؟
5. هل نحن - إذا كنا إلهيين - عقليون أم نقليون أي وحيويون؟
6. هل نحن - إذا كنا إلهيين عقليين - دينيون أم لادينيون، أم دينيون ظنيون؟
7. أين نحن من الدينية (الدين)، واللادينية الملحدة أي (الإلحاد)، واللادينية المؤمنة (الإيمان)، بتعبير آخر: بين اللادينية اللاإلهية واللادينية الإلهية.
8. هل يجب أن يكون الدارونيون ملحدين بالضرورة؟
1) هل نحن واقعيون أم مثاليون؟
المقصود هنا بالواقعية والمثالية الفلسفيتان أو النظريتان منهما، وليس بالواقعية والمثالية العمليتين أو الأخلاقيتين، أو السلوكيتين. فالواقعيون هم الذين لا يشكون بوجود العالم المادي الذي يعيشون فيه. بينما المثاليون يحتملون عدم وجود هذه الماديات، إلا في عالم المثال، أي الخيال، كما هو الحال في أحلام المنام أو أحلام اليقظة أو في حالات الوهم أو الهلوسة، ومن هنا لا يكون المثالي متيقنا إلا من وجوده هو، باعتباره يعي هذا الوجود، بل وحتى وجوده يحتمل أن يكون محض وجود مثالي، أما وجوده المادي، فمن الممكن بالنسبة له أن يكون محض خيال من خيالات نفسه الممثلة لوجوده المثالي أو الروحي. ويسمى المثاليون أيضا بـ(اللاشيئيين)، لعدم إيمانهم أو عدم يقينهم بالعالم الواقعي، أي بوجود الأشياء المادية، بمعنى (لا شيء) ماديا موجود أو ثابت الوجود عندهم، إلا ربما على نحو الاحتمال.
بالرغم من أننا لا نستطيع أن نقول بشكل قاطع بأن القول بالوجود المثالي على ضوء المثالية الفلسفية هو من الممتنعات العقلية، على ضوء العقل الفلسفي المحض، ولكننا نجد بوضوح أن المفكرين وعلماء الطبيعة وعلماء الاجتماع وأهل السياسة عبر تاريخ الإنسانية يكادون كلهم، إلا في حالات استثنائية نادرة جدا، قد رتبوا الأثر على إيمانهم بالوجود الواقعي، أي المادي مما هو مُدرَك بالحواس، وغير المادي مما هو مُدرَك بالعقل والأحاسيس والانفعالات والتفاعلات النفسية، بل حتى أولئك اللاشيئيون قد وقعوا في التناقض، عندما كتبوا وألفوا وحاضروا لأناس، يفترض ألّا وجود لهم في الواقع بحسب نظريتهم.
والواقعيون لا ينكرون على الأعم الأغلب عالم المثال، حتى لو كانوا ماديين، فهم يقرون بالانفعالات النفسية، وإن حاولوا أن يفسروها تفسيرا ماديا، بينما المثاليون ينقسمون إلى من ينكر الواقع، أي عالم المادة، وإلى من يرى أن الواقع، أي عالم المادة غير ثابت التحقق بالضرورة، أي غير يقيني التحقق، فهم يحتملون وجوده وعدمه، باعتباره من الممكنات، وليس من الممتنعات العقلية، ويمكن نعتهم فيما يتعلق الأمر بالوجود المادي الواقعي باللاأدريين.