مسيل الدموع


فلاح علوان
الحوار المتمدن - العدد: 5944 - 2018 / 7 / 25 - 00:10
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية     

لم نكن يوما بحاجة الى ما يسيل الدموع، فهي تسيل منذ عقود حزنا وكمدا، زادتها سنوات العهد الجديد. الثكالى تنوح وتندب ابناءها، والبنات اللواتي صودرن مثل الممتلكات وجرى بيعهن بين زعماء الدولة الاسلامية، سالت دموعهن ودموع امهاتهن وذويهن. وسالت دموع الاباء لفقد ابنائهم طويلا.
نحن محاطون بمسيل دموع منذ عقود، وزادته سنوات الحكم الحالي.
تسيل دموع الاطفال الفقراء المحتاجين، والجدات اللاتي يحصين ما بقي من ايام في هذا العالم، ويخشين مغادرته وهن قلقات على مصائر الجيل الذي حبلن به وجئن به الى هذا العالم المكتظ بالضياع والغربة والحزن. تندب الجدات سنوات القحط وتبكي الحاضر وتنتحب على مستقبل غير مأمون.
هناك من الدمع ما يكفي ليغرق ومضات الفرح القصيرة، وما يغرق الامال التي تشرئب باعناقها في الايام الحالكة والايام الدامية.
لدينا اكثر من سبب يسيل الدموع، وقد خرج الناس الى الشوارع ليقولوا كفى لمجرى الدموع، كفى لبكاء الثكالى، كفى لبكاء الايتام، كفى لضياع فتاة تبكي في اخرة الليل مصيراً وضعتها فيه ظروف الحاضر، والقتها على الارصفة دون امل في العودة الى عالم البراءة والامل والاحلام ومقاعد الدراسة.
خرج الناس المقهورون باسم مشروعية قضيتهم ومشروعية مطالبهم، ليقولوا كفى.
20 تموز، بغداد- ساحة التحرير، قوات العبادي وقوات النظام الذي سيل دموع الملايين بظلمه، وافقاره الناس، جهزوا بنادقهم ليسيلوا دموع المحتجين.
لسنا بحاجة الى مسيل للدموع، خرجنا لوقف الدمع والعويل والنحيب.
انتم سبب البكاء والحزن والعويل، انتم مصدر القهر، انتم مسيل الدموع. ها أنتم تواجهوننا بمسيل للدموع في وسط العاصمة، ومسيل للدماء في البصرة والديوانية والعمارة والسماوة والنجف والكوت.
لقد سالت دموع المتظاهرين، ولكنهم لم يدمعوا حزنا ولا انكسارا، وسيذرفون المزيد من هذا الدمع، دمع الغضب، دمع الاحتجاج.
ستسيلون الدمع بالظلم وبالقنابل المسيلة للدموع، وستسيلون الدم. ولكن يوماً آتٍ، لن تجدوا فيه حتى الوقت للبكاء والندم.