رمز كبير للنضال من اجل الحرية / العالم يحتفل بالذكرى المئوية لميلاد نيلسون مانديلا


رشيد غويلب
الحوار المتمدن - العدد: 5943 - 2018 / 7 / 24 - 00:16
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية     


لقد كان رمزا للنضال من أجل الحرية: نيلسون مانديلا ، الذي ولد في 18 تموز 1918 ، والذي يحتفل العالم بمئويته الأولى ،تحول مع اشتداد نضال جنوب أفريقيا ضد الدكتاتورية العنصرية ، واتساع حركة التضامن العالمي، والمطالبة بمقاطعة نظام الفصل العنصري في ثمانينيات القرن العشرين، الى الوجه الأول لنضال شعبه العادل.
كان وجه مانديلا ، الذي كان جالسًا في السجن منذ ربع قرن، أحد الرموز الأكثر وضوحًا للمقاومة في عصره. وظهرت صورته على طوابع ،في العديد من البلدان من اوربا الاشتراكية الى اعماق القارة الأفريقية.
وهتفت الملايين وغنىت لاطلاق سراحه ورفاقه، واتسعت اشكال الابداع في اطار حملة التضامن العالمية التي كانت تمثل في البلدان الاشتراكية السابقة سياسة رسمية، في حين تبنت الاحزاب الشيوعية وقوى اليسار والحركات الاجتماعية والنقابات وقوى الديمقراطية ومنظمات الدفاع عن حقوق الانسان في جميع بقاع العالم حملة التضامن من اجل اطلاق سراح مانديلا ورفاقة، وتحرير بلادهم من نير التميز العنصري.
لقد طافت سماء العالم كلمات نيلسون مانديلا، في الخطاب الذي القاه في قاعة المحكمة في عام 1963 عندما سمح له بالقاء كلمة أخيرة، باعتباره المتهم الأول في محاكمة ريفونيا الشهيرة: "لقد ناضلت ضد سلطة البيض، وناضلت ضد سلطة السود. لقد كرمت المثل الأعلى لمجتمع ديمقراطي حر ، يعيش فيه جميع الناس سوية في انسجام وتكافؤ الفرص. وهذا مثلي الذي اعيش ، لاراه يتحقق. ولكن يا سيادة القاضي إذا تطلب الأمر ، فأني مستعد للموت من اجل مثلي هذا". واضاف مانديلا جملة "اذا تطلب الأمر" نزولا عند رغبة محامية، الذي ساوره القلق على مصير موكله، لانه اعتقد ان مانديلا بكلماته هذه يستفز القاضي العنصري ويعجل في موته. ووجه المدعي العام الى المتهمين العشرة تهمة التآمروالتخريب. وكان قرار الحكم السجن مدى الحياة. وامضى مانديلا بموجبه 27 عاما خلف القضبان، قبل ان يطلق سراحه، ويصبح في عام 1994 اول رئيس اسود لجمهورية جنوب افريقيا الديمقراطية.
لقد بدأ نضاله من اجل العدالة في بلاده قبل لحظة وقوفه في قفض الاتهام بوقت طويل. ولد مانديلا في 18 تموز 1918 في احدى قرى منطقة كيب الشرقية الصغيرة ، وكان أول من دخل المدرسة من أفراد عائلته. وفي عام 1941 انتقل إلى جوهانسبرغ، وعمل حارس أمن في منجم ودرس القانون. وفي مدينة الذهب التقى مانديلا أعضاء الحزب الشيوعي في جنوب أفريقيا، وحضر اجتماعاتهم ، ورأى في الصراع بجنوب افريقيا، صراعا ضد العنصرية، اكثر منه صراعا طبقيا. وفي وقت لاحق، قرأ ماركس وإنجلز، وانتمى إلى الحزب الشيوعي في جنوب إفريقيا.
وعندما سقط النظام العنصري، تبى أيقونة النضال من أجل الحرية سياسة واقعية. وعلى اساس نتائج المفاوضات السرية مع حكومة التمييز العنصري، استلم المؤتمر الوطني الأفريقي السلطة السياسية، ولكن رأس المال لم يمس، وبهذا فان حلم ومثل مانديلا لم تتحقق بالكامل.
ونادرًا ما يحتفل بالكامل بإرث مانديلا، وكثيراً ما تبذل محاولات لحصر مانديلا في تبنيه سياسة التسامح والمصالحة و رفضه الانتقام بعد اطلاق سراحه وتوليه السلطة، وعلى الرغم ان مانديلا اعطى العالم درسا في تحقيق العدالة الانتقالية، الا ان الاعلام التقليدي، وخصوصا في البلدان الغربية، يتناسى ان الولايات المتحدة كانت تعتبر مانديلا حتى عام 2008 ارهابيا. ولم يتم رفع اسمه من قائمة الارهاب الأمريكية، الا في وقت قصير قبل احتفاله بعيد ميلاده التسعين. ومنذ ثمانينيات القرن العشرين ضمت القائمة جميع الأعضاء البارزين الآخرين لحركة التحرير والمؤتمر الوطني الأفريقي. وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية ، كوندوليزا رايس ، إنه "من المحرج" أن نمنح في كل مرة تصريحا خاصا للحائز على جائزة نوبل للسلام، لكي يتمكن من زيارة الولايات المتحدة الامريكية. وتحتفل الأمم المتحدة يوم 18 تموز من كل عام باليوم العالمي لنيلسون مانديلا. ويشكل الاحتفال هذا العام مناسبة للتأمل في حياته وتراثه، من أجل تحقيق رسالته من اجل عالم أفضل. وفي كلمته بهذه المناسبة، قال الأمين العام أنطونيو غوتيريش إن نيلسون مانديلا كان مدافعا عالميا شامخا عن العدالة والمساواة. ولا يزال يُلهم العالم من خلال المثال الذي جسّده في الشجاعة والتعاطف. وأضاف "في هذا اليوم الذي يشهد ذكرى ميلاد (نيلسون مانديلا) المئوية، فإننا نحتفل بما قدمه من عطاء طوال حياته، ولا نكاد نجد شخصا واحدا في التاريخ قدم مقدار ما قدمه مانديلا لشحذ أحلام الناس وتجسيدها واقعا. ويتواصل هذا النضال من أجل المساواة والكرامة والعدالة. فما تركه ماديبا (مانديلا) من إرث يضيء لنا الطريق".