الجديد فى قانون الدولة الصهيونية ..


حمدى عبد العزيز
الحوار المتمدن - العدد: 5941 - 2018 / 7 / 22 - 16:29
المحور: القضية الفلسطينية     

قانون الدولة اليهودية الذي أقره الكنيست الصهيوني يكشف وجوهاً متعددة أهمها ذلك الخوف والفزع الذي يسيطر علي العقل الصهيوني علي أثر سقوط وانهيار حل الدولتين وهو ماوضح تماماً عقب نقل السفارة الأمريكية إلي القدس ..

الصهاينة يدركون تمامًا أن نضال الشعب الفلسطيني لن يتوقف وأنه غير قابل للتلاشي بمرور الوقت حتي ولو كان يمر بأسوء حالاته ولوكانت ظروف نضاله الذاتية تمر بالتعثر ولو كانت ظروف المنطقة والعالم غير مواتية بالنسبة لقضيته الوطنية (وهو ما راهن الصهاينة عليه من قبل كثيراً ) ، هم يدركون أن الأجيال الفلسطينية المتعاقبة تولد بعقيدة الحق في الوطن الفلسطيني ، وأن تلاشي حل الدولتين سينقل الكفاح الفلسطيني المتزايد إلي داخل أحشاء الدولة الصهيونية وبكيفية سيعظم من فعاليتها النمو الديمجرافي للشعب الفلسطيني ، وهذا ماتخشاه مؤسسات الدولة الصهيونية ، ومايشكل عنصر فزع لدي الفكر المستقبلي لقيادات الدولة الصهيونية ..

ولذلك كانت البنود الخامس والسابع والثامن هي أخطر بنود القانون حيث يتم في البندين الخامس والسابع الحق لكل يهودي في العالم في القدوم والتوطن علي أراضي الشعب الفلسطيني ، بل ويرتب في البند السابع واجباً علي الدولة الصهيونية بأن تعمل علي لم "شتات" يهود العالم داخل الدولة ، ويوجب عليها في البند الثامن تدريس الخرافات التي قامت علي أساسها الدولة الصهيونية ومايسمي بتاريخ الشعب اليهودي كمواد تعليمية إلزامية في المدارس الإسرائيلية ..

ولذلك فالقانون يعبر عن حالة الخوف والهلع الصهيوني مما هو قادم فعلاً ليس فقط علي صعيد النضال الفلسطيني بل علي صعيد التمدد الديموجرافي السكاني للشعب الفلسطيني داخل الدولة الواحدة بعد انهيار حل الدولتين ، وكذلك بوادر الفشل الذريع الذي تواجهه مخططات صفقة القرن وأوهام السلام الدافئ الذي يستنسخ كامب ديفيد ..

ليس جديداً أن القانون يعبر عن الطابع العنصري للدولة الصهيونية فهي تأسست علي أفكار التطرف اليهودي والمزاعم العرقية والقومية الصهيونية ..

الجديد في الموضوع هو أن البعض من العلمانيين والليبراليين العرب أصبحوا في مأزق بعد صدور هذا القانون العنصري فهو يدمغ بالهراء أفكارهم حول إسرائيل الديمقراطية وإسرائيل النموذج العلماني للتعايش ، ويكشف عملية التزييف التي يروجون لها دائمًا عند الحديث عن حاجة الشعوب العربية للديمقراطية والحداثة .. لدرجة أوصلت السيد مسعد أبو فجر الذي يعرف نفسه بأنه ناشط سيناوي ، والذي تضمته لجنة الخمسين لكتابة الدستور وبهذه الصفة في صفوفها .. أوصلته إلي أن يتغزل فيما أسماه ب "الروح اليهودية" (الإسرائيلية) ويعلن عن إحترامه لها ويتحدث عن إحترامها لمبادئ العلمانية والديمقراطية الحديثة ..

هؤلاء قد أصبح ظهرهم عارياً مكشوفاً أمام الجميع بصدور هذا القانون الذي لن يؤخر أو يقدم بالنسبة للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في أرضه المختصبة ..

أيضًا لقد أصبح الضمير الأوربي والغربي بحكوماته وشعوبه في حالة انكشاف حقيقي بقبوله لدولة تعلن نفسها علي أساس قوانين شديدة العنصرية وشديدة التطرف من الناحية الدينية في حين ترفع الشعوب الأوربية والغربية لواء العلمانية ومضامين الحداثة التي ترتكز عليها قيم الحضارة الأوربية والغربية ..

أوربا بوجهها الإستعماري الذي أنتج تلك الدولة العنصرية لابد أنها ستنكشف أمام شعوبها التي تشكل قناعاتها القيم الإنسانية التي قامت علي أساسها الحداثة الأوربية ..

القانون الإسرائيلي الجديد ليس جديداً بالنسبة لواقع ونشأة الدولة الصهيونية ، لكن جديده هو سقوط المزيد من الأقنعة ..
وإنكشاف وهم السلام الدافئ ، وانفضاح زيف الدعوة إليه ..

ـــــــــــــــــ
حمدى عبد العزيز
20 يوليو 2018