الاصلاح الديني ومشروعية الاجتهاد


زهير الخويلدي
الحوار المتمدن - العدد: 5937 - 2018 / 7 / 18 - 11:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

" الصعوبة التي يعانيها المحدثون في دراسة الدين هي أن هذا الضرب من التجربة، ولو أنه قد يكون عاديا جدا في بدايته، يشير في ازدهاره واكتماله إلى مستويات من الوعي غير معروفة"1

تعاني الحالة الدينية من الكثير من المشاكل المستعصية التي شكلت هي في حد ذاتها أزمة لا يقدر الإنسان المعاصر على الخروج منها وتتمثل في هيمنة التقليد على التجديد والمسموع على المعقول وتغليب النزعة المذهبية على النزعة الاجتهادية والموقف الإيديولوجي على الخيار المعرفي وسلطة النص على حرية الضمير والمصلحة الفئوية على الخير العمومي.
والحق أن أسباب الأزمة تكمن في النقاط التالية:
- الجمود المذهبي والعقم على مستوى الاجتهاد ومعاداة الروح العلمية والفكر النقدي
- الصراع بين الملل والنحل وحدوث سجال بين التفاسير وغياب المعيار المنطقي للحكم.
- الغربة عن الواقع والاهتمام بالشكليات والسقوط في العموميات والمبالغة في المجردات.
- سيطرة الاهتمام بأقسام العبادات والشعائر على أقسام المعاملات والأحكام العملية.
- ظهور الأفكار القصووية وتفشي البدع والتعصب للرأي واللاّتسامح في الفرق الجديدة.
فكيف يمكن إضفاء المشروعية على تجارب الإصلاح الديني؟
- مشروعية دينية: ضرورة إحياء الإيمان وتنشيط الاعتقاد وتطوير الدين من خلال الاجتهاد والتأويل.
-مشروعية تاريخية: الوعي بالتاريخ والمشاركة في صناعة المستقبل يتم بإحداث القطيعة مع الماضي.
-مشروعية سياسية: تحويل الدين إلى قوة مؤثرة في الفضاء العمومي يطلب ترشيد السياسة الدينية للدولة.
-مشروعية قانونية: تأليف بين ثقافة حقوق الإنسان والحريات الفردية يقتضي تحريك بنية العقل التشريعي.
لكن ماهي المجالات التي يمكن أن يصلها الإصلاح الديني ؟
يشمل الإصلاح الديني مجالات الحياة اليومية في أبعادها المادية ويتصل بالحياة الفكرية في عناصرها الرمزية أيضا:
-البعد المعرفي:
إنتاج نظرية في العلم تواكب روح العصر وتحقق المواءمة بين المنهج القرآني والنبوي والرؤية التحديثية الإنسانية
- البعد القيمي:
إيجاد نسق قيمي توجيهي للسلوك البشري يمثل مرجعية أكسيولوجية في المعاملات المالية والجمالية والأخلاقية
- البعد الوجودي:
تصحيح رسالة الإسلام بما يتفق مع الرمزية الحضارية للملكة والمناحي الكونية للوحي وللسيرة النبوية.
يمكن المراهنة في هذا السياق من طرف العلماء الملتزمين بصدق القضية على تخليص الشريعة الإسلامية من الجهالات الموروثة والقراءات الزائغة وتطهيرها عبر الفكر النير والإيمان العقلاني والدين المدني.
يأتي الإصلاح الديني مع الحراك الاحتجاجي والانتفاضة الاجتماعية
يتلازم الإصلاح الديني مع الثورة الثقافية ويسمح بتهذيب الذوق الفني.
يسبق الإصلاح الديني الإصلاح السياسي ويدعم المسار الديمقراطي
يمهد الطريق ويساعد على التنمية الاقتصادية والازدهار المادي.
النتيجة: لا يتم الإصلاح الديني بالمعنى المنشود إلا حينما يتساوي التقدم المدني على الصعيد القانوني مع النمو الروحي والتهذيب التربوي على الصعيد القيمي وذلك لكي يحقق توازنا نفسيا للذات الفردية مع تربية أخلاقية للجماعة التاريخية.
في المجمل " عندما يبرز بعض المفكرين الجدد الأبعاد الرمزية والأسطورية التي يتضمنها الخطاب القرآني فإنهم يظهرون بذلك كم يمثل القرآن حقيقة أزلية...فالقرآن كلام مقدس يعطى معنى لماض نحن ورثته ، لكنه يعطي فوق ذلك أيضا، معنى لحاضر الناس ومستقبلهم"2 .
فماهي شروط إمكان إصلاح جذري للتدين يسمح بقيام خطاب ديني انساني؟
الهوامش والإحالات:
1- محمد إقبال، تجديد الفكر الديني، دار الجنوب للنشر صفاقس، تونس ، طبعة 2006، ص104
2- رشيد بن زين، المفكرون الجدد في الإسلام، ترجمة حسان عباس، دار الجنوب للنشر صفاقس ، تونس، طبعة2009 ص263
كاتب فلسفي