هل انهت جبهة الناصرة دورها التاريخي؟


نبيل عودة
الحوار المتمدن - العدد: 5929 - 2018 / 7 / 10 - 16:46
المحور: المجتمع المدني     

هل انهت جبهة الناصرة دورها التاريخي؟

نبيل عودة

• استهجن ان حزبا شيوعيا عريقا وله تاريخه وفكره السياسي والأيديولوجي، يتصرف بحماقة حول قضية تخص المواطنين وليس علي سلام تحديدا.
• فن الممكن هو اختيار أسلوب النشاط المناسب في الزمن المحدد، وقواعد اتخاذ المواقف، التي تساهم برفع شأن التنظيم. هل حقا تصرفتم على أساس هذه المعادلة؟
• اول مبادي الماركسية تحقيق مكاسب للشعب. أنتم حققتم خسارة 7 مليون شيكل. هل هذا يبعث الفرح في نفوسكم؟ هل تعتبرونه انتصارا؟ ضد من؟ ضد علي سلام؟
• أحد قادة الجبهة البارزين في الوسط العربي، قال ان الجبهة في الناصرة بوضع فوضى وتسيب، وان التصويت ضد الميزانية كان انفلاتا مخجلا بلا ضوابط فكرية وسياسية.

أعود مرة أخرى لتصويت المعارضة في بلدية الناصرة ضد إقرار ميزانية البلدية للعام 2018. سأتناول الموضوع من زاويته الفكرية والسياسية.
الحديث بالأساس هنا عن مجموعة جبهة الناصرة الديموقراطية، والتابعين الذين فقدوا تفكيرهم المستقل وانجرفوا وراء موقف الجبهة. خاصة شباب التغيير الذين انشقوا عن الجبهة والحزب الشيوعي وينفذون نفس السياسات التي جعلتهم ينشقون. ليتهم يشرحون منطقهم المريض لجمهورهم، انا لست بحاجة لشرح مقعدين سياسيا وفكريا.
تعالوا أولا نحدد واقع مجلس بلدية الناصرة.
في الانتخابات المعادة لرئاسة البلدية حصل رئيس البلدية علي سلام على 62% من أصوات الناخبين، وحصلت الجبهة وسائر التابعين لها في التصويت على نسبة38% من الأصوات. وبحساب بسيط علي سلام هو الأكثرية المطلقة، لأنه لو جرت انتخابات معادة للعضوية لكان لديه الآن 12 – 13 عضو في المجلس البلدي، وعندها أنتم ستكونون مجرد تعبئة الكراسي ليكتمل الرقم الى 19 عضو بلدية .. وصوتوا واصرخوا كما يحلو لكم!!
اذن المنطق ان تأخذوا نسبة ال 62% من اهل الناصرة المؤيدين لعلي سلام بحسابكم السياسي، وحسابكم في النشاط البلدي، وعدا ذلك، تعلنون انكم فوضويون ومفلسون سياسيا.
استهجن ان حزبا شيوعيا عريقا وله تاريخه وفكره السياسي والأيديولوجي، يتصرف بحماقة حول قضية تخص المواطنين وليس علي سلام تحديدا .. وأنا شخصيا كتبت عن الحزب الشيوعي باعتزاز مئات الصفحات في سلسلة "يوميات نصراوي" المنشورة بتوسع في المواقع اللكترونية، كما يبدو انه في مرحلة الشيخوخة المتقدمة، ان التصويت على ميزانية خدمات بلدية، يختلف جوهريا عن التصويت على ميزانية الحكومة. هناك اسقاطها أمر بالغ الأهمية، لأنها ميزانية حرب، ميزانية افقار الطبقات الفقيرة، ميزانية تمييز عنصري، ميزانية احتلال وعدوان متواصل ضد الشعب الفلسطيني والعالم العربي.
كنت أتوقع ان يكون لدى بقايا الجبهة، وعيا سياسيا بعيدا عن الأحقاد الشخصية، للأسف هذا افتقده منذ وقت طويل جدا. الحزب الشيوعي وجبهته او ما تبقى منهما في الناصرة وسائر البلدات العربية، يحتاجون الى فهم مبادئ أولية وراء منهجهم في النشاط السياسي، وهو فن الممكن .. او فن المستحيل كما يروق لبعض الباحثين هذا الاصطلاح.
فن الممكن هو اختيار أسلوب النشاط المناسب في الزمن المحدد، وقواعد اتخاذ المواقف، التي تساهم برفع شأن التنظيم. هل حقا تصرفتم على أساس هذه المعادلة؟
نجحتم بأفشال ميزانية 2018، وجرى حل المجلس البلدي، لكن رئيس البلدية باق ويواصل ادارة نشاط البلدية التطويري والخدماتي، حسب ميزانية 2017 التي هي اقل ب 7 مليون شيكل عن الميزانية التي اسقطتموها بغباء سياسي وحقد لا يليق بتنظيم له تاريخ نضالي لا أحد ينكره، رغم ان التحول جعله حزبا للصبيان الجاهلين لمبادئ الفكر السياسي النضالي الشيوعي ويدعون الماركسية وهم لا يعرفوا ألف باء الماركسية.
اول مبادي الماركسية تحقيق مكاسب للشعب. أنتم حققتم خسارة 7 مليون شيكل. هل هذا يبعث الفرح في نفوسكم؟ هل تعتبرونه انتصارا؟ ضد من؟ ضد علي سلام؟ علي سلام لن يخسر من تصويتكم. سيواصل قيادة المجلس البلدية وبرامج التطوير، والجمهور يعي تماما ان تصويتكم كان تخريبا وضررا ضد مصالحه وحقوقه بميزانيات تساهم في تطوير الناصرة. ربما أنتم قدمتم هدية لعلي سلام بكشف محدودية عقولكم، محدودية فهمكم لإدارة سلطة محلية، محدودية فكركم السياسي ومحدودية فهمكم لألف باء الماركسية التي تتلفعون بها وأنتم اجهل خلق الله بها!!
ثاني مبادى الفكر السياسي الشيوعي هو البحث عن حلول فيها منطق، أي عبر التفاوض، فأنتم بهذه الحالة لا تفاوضون حكومة بنيامين نتنياهو، واليمين المتطرف، بل رئيس بلدية جاء من صفوف الجبهة، وانتصر عليها بعد ان حاولت الجبهة ان تتآمر عليه بطريقة مهينة. ليس هذا المطروح الآن، انما رئيس بلدية او مجلس محلي عربي يعمل ويطور ويغير بشكل ملموس وعميق جدا، فتنشطون في محاولة لعرقلة نشاطه. هل هذا هو دوركم الذي تفخرون به؟ ام ارتكبتم بتصويتكم جريمة سياسية ستدفعون ثمنها قريبا؟
فكروا معي، واستشيروا رئيس بلدية الجبهة السابق، هل كان يرتكب مثل هذه الحماقة بإسقاط الميزانية؟
كشفتم تفكيركم الصبياني الفاشل، لا منطق لديكم. الخدمات البلدية ليست للاحتلال، بل لمدينة الناصرة وأهالي الناصرة بغض النظر عن ميولهم السياسية. أنتم صفعتم الجميع. والصفعة سنردها لكم اضعافا. وانتم تعرفون انه لا مستقبل لكم بالعودة لإدارة بلدية الناصرة. وتصرفاتكم في المجلس البلدي لا تشرف أي عاقل.
علي سلام فاز بأكثرية مطلقة، الجبهة وقادتها رفضوا تهنأته، وفعلوا المستحيل لإسقاطه بحجج بضع اصوات، أخيرا تقرر إعادة الانتخابات وهو الحل المنطقي والقانوني، واثبت المواطنون ثقتهم بعلي سلام، كان على الجبهة ان تهنئ المنتصر وتتعاون معه. كنتم ستكسبون احتراما كبيرا. وتبنون الثقة من جديد مع ابن الجبهة الذي قدم 20 سنة من عمره في خدمتها وخدمة مواطني مدينة الناصرة. لكن من يعجز عن التفكير يتصرف كما تصرفتم.
أحد قادة الجبهة البارزين في الوسط العربي، طلب ان لا أذكر اسمه قبل ان يتحدث معي، قال ان الجبهة في الناصرة بوضع فوضى وتسيب، وان التصويت ضد الميزانية كان انفلاتا مخجلا بلا ضوابط فكرية وسياسية، بل من منطلقات حقد أعمى، وهذا الحقد هو الد أعداء التنظيمات السياسية. وخاصة تنظيم جبهوي ثوري ووطني، يحرص على مصالح العمال والجمهور العربي، يهمه مستقبل الناصرة المدينة الأهم بين البلدات العربية في إسرائيل.
رفاق من أيام نشاطي الحزبي والإعلامي في الصحافة الحزبية والتثقيف الفكري والسياسي والنشاط التنظيمي، اتصلوا معي لأمرين، ان أخفف عن رفاقهم في الناصرة، وانهم مقتنعون ان اسقاط الميزانية خطأ سياسي كبير، لن يقدم الجبهة خطوة واحدة في نضالها لاستعادة مكانتها في الناصرة. لم اسمع أي كلمة رفض لموقفي، كل ما هناك، انتقاد رفاقي و ..."خذهم على قدر عقولهم" (هل هي روضة أطفال؟) لعلهم يعودون الى وعيهم، وبعضهم قالوا انهم سيحاولون تغيير نهج الجبهة في الناصرة نحو عقلانية سياسية، للأسف "فات السبت..."
بدل ذلك علمت ان عضو كنيست جبهوي، اتصل بوسائل اعلام عديدة مطالبا بعدم المبالغة بنشر مقالات نبيل عودة واحمد حازم .. وانا عادة اكتب بدون ان أستعمل تعابير جارحة، وراجعت مقالات الزميل احمد حازم ولم أجد آية كلمة خارج المنطق الإعلامي. يطرح موقفه بمنتهى المنطق الإعلامي الأصيل.
هل تظنون انكم بهذا السلوب ستكسبون رضا الشارع؟ المنطق ان تعتذر الجبهة عن خطأها. إذا كانت تملك القدرة على النقد الذاتي وهو من أهم مبادئ الفكر الشيوعي إذا كانوا حقا يعرفون شيئا عن الشيوعية وفكرها.
للأسف لم احلم ان أرى نهاية الدور التاريخي لجبهة الناصرة!!
[email protected]