الإسلام أعظم دين في التاريخ


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 5926 - 2018 / 7 / 7 - 15:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

أنا أنظر إلى الإسلام

نظرتي إلى الدين تحت شروط محاولات تغيير العالم، فأفصل بين الرموز التي يعبر عنها ما هو مقدس وبين التلاعب بهذه الرموز لأغراض سياسية واجتماعية واقتصادية

لهذا

عندما أقول الإسلام أعظم دين في التاريخ، أنا لا أقارن الإسلام بغيره من الأديان، أنا أسعى إلى فهم دوره، أنا أنظر إليه كمؤسسات في بنيات سياسية واجتماعية واقتصادية وكوظائف لهذه المؤسسات في المجتمع، أنا أتعامل معه ككل علم، كمجموعة من الأفكار تخضع للتعديل والتغيير، وهذا يعني أن هناك صيرورة للإسلام، وأن هناك إعادة توازن للإسلام. في وضع طبيعي، هذه الصيرورة وهذه الإعادة للتوازن تكونان في علاقتهما بوسائل الإنتاج التي تقوم عليها البنيات الاجتماعية، وفي وضع غير طبيعي، في وضع صراعي –كما هو الحال في العالمين العربي والإسلامي- لن يكون هناك توازن للإسلام ولا صيرورة، سيكون هناك لا توازن ولا صيرورة بتدابير رجعية تدابير عكسية وهذا ما يحصل مع الإسلام اليوم

وعلى الرغم

من ضراوة الهجوم على الإسلام واستخدامه كأداة قمع فردي وجمعي نجده يجدد نفسه بنفسه دونما حاجة إلى من يدافع عنه، فهو دومًا هنا كعقيدة لنصف البشرية، وكأننا به يتحول من داخله، وكأننا به يستعيد حيويته

لكن

ما هو مدهش مع الإسلام أنه بالقدر الذي يقاوم فيه لأجل وجوده بالقدر الذي ينكشف به الوجود في التاريخ، فنفسر به الوضع الحالي للعالم، الأزمة التي يعيشها العالم، والأزمة التي تعيشها الأديان، ومن حيث لا يشاء المتلاعبون بالإسلام لأغراض مبيتة، يرجع الإسلام بصيرورته الرجعية –كما قلت فوق- كدين مطلق –كما يقول هيجل- إلى الإيمان بالروح القدس (المسيحية) وإلى المحاربة اليهودية للأيقونات كمذهب ديني يقاوم التعبد للأيقونات والصور والتماثيل الدينية (اليهودية)، فكأنه دين الأديان التوحيدية الثلاثة، ومن حيث لا يدري أعداء الإسلام هم لا يعملون على إضعاف الإسلام، هم يعملون على إضعاف اليهودية، هم يعملون على إضعاف المسيحية، هم يعملون على إسقاطهما من احتضان الإسلام لهما، وبالتالي هم يعملون على إسقاطهما كدينين، وبعد أن كانت المسيحية التعبير عن الدين كآخر دين كدين متعذر تجاوزه يثبت الإسلام أن الله لم ينته بعد من عمله وأنه لم يمت كما قال نيتشه

كلامي هذا

لا ينتمي إلى أباطيل العالم، ولا يغترف من أصداء أصحاب العواطف المشبوبة من المسلمين المتحمسين المنفعلين، ولا يمت بصلة إلى الأعراض المرضية لبعض المتدينين اليهود والمسيحيين، لأن المفبركين لإسلام آخر، إسلام إرهابي من ناحية، وإسلام رسمي من ناحية، جعلوه ينتج، ككل فكر ينتج نفسه من نفسه أو من غيره، إسلامًا لم يستهلك كل حقائقه. وفي الوقت الذي يقدم فيه الإسلام "خدماته" للمسيحية بصيرورته الرجعية، ولليهودية، كما فسرت فوق، لتصير اليهودية، لتصير المسيحية، يعلن، بشكل غير مباشر، عن هشاشة هذين الدينين، وعن الوهم الديني في مجموع الأديان، بما فيها الإسلام. ولولا أن الإسلام يعمل على التوافق بين الله والعقل والميتافيزيقيا الإغريقية والعلم، ويعبر بذلك عن إرادة التوحيد بين الديني والسياسي ليحمي نفسه كعقيدة، لكان مصيره الزوال. وعلى عكس كل ما قيل من جحيم عن "الإسلام السياسي"، بفضل هذه الإرادة في التوحيد بين السياسي والديني، ستكون للإسلام إرادة التفريق بينهما، في الظروف المناسبة، والتأسيس للعلمانية