فلسفة الليرة .‏


فريد العليبي
الحوار المتمدن - العدد: 5919 - 2018 / 6 / 30 - 15:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     




تقدم أستاذ الفلسفة المتقاعد بالجامعة التونسية أبو يعرب المرزوقي قبل أيام باقتراح مثير عندما كتب : " ‏أعْتقد أنّه من واجب كبار المفتين أن يفتوا بأنّ الزكاه هذه السّنة يحلّ صرْفها في ودائع ‏في بنوك تركيا " وذلك فى الوقت الذى عانت فيه الليرة التركية من انهيار بلغ خمس قيمتها وهو نفس ‏ما كان يعانيه الدينار في بلده تونس ويبدو أنه رأى ثغرة مالية في البنوك التركية ولم ير تلك التى تماثلها ‏بل ربما أكبر منها في البنوك التونسية مما طرح السؤال عن سر التفاته الى ترنح الليرة وإعراضه عن ‏الاهتمام بانزلاق الدينار ؟
‏ السيد المرزوقي منخرط في السياسة من بابها الواسع منذ أعوام خلت فقد كان قريبا من الوزير الأول ‏السابق محمد المزالي الذي كتب عنه مقالا وصفه فيه بالوزير الفيلسوف كما يذكر عنه مناشدته زين العابدين ‏بن على تولى عهدة رابعة والإقدام على اصلاحات تلافيا للمجهول وذلك قبيل احراق البوعزيزي جسده ‏بأشهر وهو ما نقلته عنه مجلة جون افريك ، كما وصف في جريدة القدس العربي قبل سنوات القذافي ‏وصدام والأسد وعبد الناصر بأبشع النعوت بينما تأسف على رحيل الملوك من فيصل الأول الى السنوسي ‏حتى فاروق.‏
وكان أن توج ذلك الانخراط بالتقدم الى انتخابات المجلس التأسيسي الذي أصبح عضوا فيه كما تقلد خطة ‏حكومية زمن الترويكا قبل أن ينسحب محذرا حركة النهضة التى رشحته على قائماتها من الذوبان في ‏العلمانيين والخضوع الى الغربيين .‏
ولأبي يعرب في السياسة تصريحات مثيرة فقد وصف السياحة بأنها بغاء سري و الساسة العلمانيين ‏الحداثيين بأنهم مدمنى خمور كما دعا الى الجهاد في سوريا الخ ...وهنا بالذات يتنزل مقترحه الأخير فهو ‏مهوس بإثارة الغبار من حوله والصياح في نفس الوقت بأعلى صوته أنه لا يرى شيئا حتى يتساءل ‏الناس عمن يكون وماذا يريد ؟ وهو يقدم نفسه على أنه داعية من دعاة النهضة الاسلامية وعندما ‏يصطدم بفقدانها لحامل سياسي قوي يرفع لواءها ويجسدها واقعيا يخترع لها قائدا عثمانيا ، أما حين يغرق ‏ذلك القائد في أزمة اقتصادية وتتربص به المؤامرات كما يرى المرزوقي فينبغي أن يهب فقهاء المسلمين ‏الى نجدته بما في ذلك اصدار فتاوى " المال" . وربما رأى في تونس ولاية عثمانية عليها ارسال الجباية ‏الى الباب العالي المخترع مجددا مثلما حصل طيلة قرون قبل أن يصاب الرجل المريض بالداء الذى ‏قضى عليه ويحاول الآن ورثته الايديولوجيون احياء عظامه وهى رميم.‏
بقي القول أن السيد المرزوقي يغلف ما يكتبه في السياسة بالفلسفة وهو يقدم نفسه في وسائل التواصل ‏الاجتماعي على أنه بروفيسور الفلسفة الذي يشمل اختصاصه فلسفة العرب كما فلسفة اليونان والألمان ‏ويبدو أنه فيلسوف من طراز خاص فتلك المواقف المثيرة في السياسة لا تقل عنها مواقفه الفلسفية اثارة ‏وهو الذى اعتبر مكفري الفلاسفة مثل ابن تيمية فلاسفة بينما اعتبر فيلسوفا مثل ابن رشد مجرد قشرة موز ‏توجب رميها بعيدا عنا