الوطن العربي كفريسة، بقلم الباحثة سحر محمود


محمد عادل زكي
الحوار المتمدن - العدد: 5898 - 2018 / 6 / 9 - 08:16
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم     

باستخدام أعلي درجات التجريد يمكن القول بأن التقسيم الدولي للعمل يتلخص في أن تتخصص بلدان في الربح وتتخصص بلدان آخري في الخساره؛ وقد كان وطننا العربي منذ الأزمنه البعيدة وقد أنشب الغزاة أسنانهم في حنجرته، ونحن الآن نعمل كخدام للامبرياليه الرأسماليه العالميه؛ نموذجاً للبلدان التي تتخصص في الخسارة. فلم نزل نواصل تلبية احتياجات السوق العالميه بوصفنا مصدراً للبترول، والحديد، والنحاس، وكل ما يلزم البلدان المتقدمه من أجل تجديد أنتاجها الاجتماعي؛ والحديث عن أسعار عادله لهذه الموارد في الوقت الحاضر فهو مفهوم من القرون الوسطي، نحن الآن في ذروة حقبة التجارة الحرة، وبقدر ما تزداد الحريه المتاحه أمام الاعمال بقدر ما يصبح من الضروري إنشاء المزيد من السجون من أجل من يضارون من جراء هذه الاعمال، فالكل يعمل لصالح، ومن أجل السوق، الخارجيه المسيطره؛ وهي التي تحقق شلالات من الأرباح تفيض من القروض والاستثمارات الأجنبيه الي الأسواق الداخليه الخاضعه لها، لذا فهم المالكون والمسيطرون علي كل شيء، لان رأس المال أصبح المسيطر ونحن نحصد التخلف والمزيد من التبعية.
فأن نمط الإنتاج وبنية الطبقات في كل بلد من بلدان الوطن العربي يتحدد من الخارج علي أساس اندماجها في العجله العالميه للرأسماليه، فأصبحت سلسله التبعيه المتتاليه للرأسماليه، ومن المؤكد إن ثرواتنا ومواردنا التي يتميز بها وطننا العربي كانت ومازالت تولد دائماً فقرنا، من أجل أن تغذي وتدعم المصانع في الدول المتقدمه؛ فلقد أصبح لدينا اعتقاد بأن هذه الثروات والموارد الطبيعيه التي حبانا بها الله؛ لم تجلب علينا يوماً خيراً؛ بل أن الطبيعه تعطينا ثم تغتصبها الامبرياليه العالميه لتتمتع بترف الازدهار علي تخلفنا وتبعيتنا لها.
وقد اكد رئيس البنك الدولي، وكان رئيس لمؤسسة فورد ووزيراً للدفاع أنذاك: "أن الانفجار السكاني في الوطن العربي هو سبب تخلفه، وأعلن أنه سيولي الاولويه في قروضه للبلدان التي تطبق خططاً لتحديد النسل، لان أمخاخ الفقراء تفكر بدرجه أقل بنسبة 25%".
وكانت المقوله الشهيرة لمنظمه الاغذيه والزراعه (FAO) ، اذا كنت غير قادر علي مضاعفة الخبز؛ فلابد أن تعمل كل ما يمكن لتقليل عدد الجالسين علي المائدة!
وتؤكد أحدي وثائق البنك الدولي أنه اذا أستطاع بلد علي طريق النمو، متوسط دخل الفرد فيه من 150 الي 200 دولار سنوياً، أن يقلل خصوبته بنسبة 50% خلال 25 عاماً، فإن متوسط دخل الفرد فيه بعد 20 عاماً سيكون أعلي بنسبة 40% علي الأقل ، وقد أشتهرت عبارة ليندون جونسون التي يقول فيها "إن خمسة دولارات مستثمرة ضد النمو السكاني أكثر فعاليه من مائة دولار مستثمره في النمو الاقتصادي".
الحاجه الي الأيدي العامله تقل بأستمرار مع التقدم التكنولوجي، بعد أن كانوا يستغلون الايدي العامله الرخيصه في بناء أوطانهم، الآن أصبح مشكلة البشر الفائض عن الحاجه موضع دراساتهم، لان الاحتياطي كثير ويتزايد الناس بأستمرار، فالنظام العالمي يتقيأ بشراً. إن كل هذه الممارسات التي تمارسها هذه المؤسسات الدوليه علي البلدان المتخلفه كلها تساعد علي تشويه الاقتصاد الوطني وأستنزاف ثرواته، فلقد أصبح وطننا العربي مثل الفم الذي يتلقي الغذاء ليمضغه ويطحنه وفي التوه يرسله علي التوالي الي الأجزاء المتقدمه من النظام الرأسمالي العالمي، ولا يحتفظ لنفسه سوي بطعم عابر أو بجزيئات تعلق بالصدفه بأسنانه. فلقد أصبح وطننا العربي البقره ولكن آخرون هم من يأخذون اللبن
ولم يزل النزييف مستمراً، ولم تزل الشرايين مفتوحه!!!