الأوهام الخطرة دور الأديان في تعطيل العقل وترهيبه بالخرافات – 1 -


جواد بشارة
الحوار المتمدن - العدد: 5895 - 2018 / 6 / 6 - 17:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

الأوهام الخطرة دور الأديان في تعطيل العقل وترهيبه بالخرافات – 1 -
د. جواد بشارة

هناك رقم أثار انتباهي وفزعي يذكر أن 4 مليار نسخة طبعت من الكتاب المقدس التوراة بشقيه العهد القديم والعهد الجديد ، وهذا الأخير يضم الأناجيل الأربعة التي اعتمدتها رسميا المؤسسة الكنسية المسيحية في جميع أنحاء العالم، ولا توجد لدي إحصائية دقيقة عن عدد نسخ القرآن التي طبعت ووزعت منذ أن بدأت الكتابة وعصر التدوين وهي بلا شك بمئات الملايين أو أكثر.
هل هذه الكتب حقاً سماوية، أي منزلة من السماء على أشخاص يقال عنهم أنهم أنبياء على اتصال بالإله الواحد القابع في السماء؟ أخبرني صديقي الكاتب والباحث المرموق د. خزعل الماجدي أنه توصل في أبحاثه إلى نتيجة مهمة ومثيرة وأصدرها في كتاب تقول أن هناك كثير من أنبياء التوراة ، أي أنبياء بني إسرائيل ، المذكور بعضهم في القرآن، هم في الحقيقة ملوك سومريين.
لقد روت لنا تلك الكتب المسماة مقدسة، قصصاً وأساطير وملاحم، منها خرافية، ومنها ما حدث فعلاً في نطاق التاريخ البشري ولكن على نحو مختلف تماماً عما ذكرته الكتب الدينية.
فحتى علم الآثار والحفريات وقع في مصيدة التفسير والتأويل التوراتي للملاحم والقصص والشخصيات الأسطورية مثل نوح وإبراهيم وموسى وباقي أنبياء التوراة. انطلاقاً من مسلمة فرضتها المؤسسات الدينية تقول أن كل ما ورد من أشخاص وأحداث في الكتب المقدسة حقيقي وحدث فعلاً كما جاء في النصوص المقدسة. لقد روت التوراة وأخذت عنها الكتب السماوية الأخرى، قصصاً وحكايات وأحداث موغلة في القدم وجرى تدوينها بين القرن الثامن والقرن السادس قبل الميلاد بلغة الميثولوجيا والسير الذاتية على أنها منزلة من الله وأضفيت عليها القدسية. ولقد هيمنت تلك القصص والحكايات على ذهنية وعقول الناس وسيطرت على المخيال الجمعي للبشر واحتلت مكانتها المقدسة عند المتلقي. ومن ثم شكلت القاعدة الفكرية والثقافية للمجتمعات اليهودية والمسيحية والإسلامية، وأضحت الكتب السماوية المقدسة الأكثر مبيعاً وقراءة. وصار لزاماً على العلم أن يركز، لا على النصوص نفسها بل على المسودات ودراستها لمعرفة تاريخيتها الحقيقية. لم يكن الهدف معرفة دقة وعلمية النصوص التوراتية، فعلماء الكونيات الكوسمولوجيين يعرفون منذ عقود طويلة أن عمر الكون المرئي ليس 6000 سنة كما يدعي العهد القديم، و لا يوجد عالم أحياء واحد على وجه الكرة الأرضية من يعتقد أن المرأة خلقت من ضلع الرجل " آدم" كما تقول الخرافة الدينية التوراتية، هل هناك آثار تاريخية يقرها العلم لوجود شخص يدعى آبرام، وفيما بعد أبراهام " إبراهيم" ؟ وهل قام علماء الأحياء والبيولوجيا في محاولة تحديد عمر وكيفية حدوث الطوفان، وعلماء الجيوفيزيائيين يوضحون لنا أسباب " الخروج الكبير" الذي ورد في التوراة؟
فالعهد القديم كتب باللغة العبرية واللغة الآرامية بين القرن الثامن والقرن السادس قبل الميلاد ومكون من 39 نص وأسفار، بثلاث مجلدات تحت تسمية التوراة البنتاكوك وكتاب النفيمي أي الأنبياء، وكتاب الكيتوفيم ، أو الكتابات والنصوص الأخرى التي تشكل ما يعرف عند الأقوام القديمة بالتناخ وهي تسمية أخرى للكتاب المقدس العبري الذي ترجم إلى 670 لغة ، ويليه كتاب العهد الجديد الذي كتب في وسط ونهاية القرن الأول بعد ولادة المسيح، ومكون من 27 صحاحاً وأربعة أناجيل معترف بها هي إنجيل متى وإنجيل مارك وإنجيل لوقا وإنجيل يوحنا وترجم إلى 1521 لغة ، و لا بد من الإشارة إلى وجود نصوص قديمة أقدم من التوراة بكثير دونت على رقم طينية بالكتابة المسمارية بين القرن الثامن عشر والقرن السابع عشر قبل الميلاد روت لنا ملحمة كلكامش وهي التي سرق منها التوراة قصة الطوفان، وملحمة الإلياذة والأوديسة التي كتبت في القرن الثامن قبل الميلاد، وقصة سرجون الأكدي التي سرق منه التوارة قصة موسى ، وهناك نصوص دينية أخرى قديمة ليست سماوية مثل البهاغفادا والجيتا الهنديتين اللتين كتبتا بين القرن الخامس والقرن الثاني قبل الميلاد ، وبالطبع القرآن الذي كتب في القرن السابع بعد الميلاد.
قام علم الجينوم او علم الجينيات والهندسة الوراثية الذي يدرس انتقال الخصال والصفات الوراثية من جيل إلى آخر، بتحليل جينات قيل أنها لأبراهام أو إبراهيم الأب المؤسس الأول للعنصر اليهودي من خلال إبنه إسحق من زوجته ساره ، والذي غير إسمه إلى إسرائيل، وللعنصر العربي كذلك من خلال إبنه الثاني من جاريته هاجر وإسمه إسماعيل، وأيضاً البحث عن الجذور الجينية للكنعانيين ، الذين أمر رب الإسرائيليين شعبه المختار بإبادتهم، هذه الدراسات الجينية ألقت أضواءاً جديدة على تلك الشخصيات والأحداث وكشفت أسراراً وتفاصيل مدهشة. فلقد كلفت أوساط دينية بعض علماء الهندسة الوراثية وعلم الجينات بإجراء تجارب فك الشيفرات الجينية لدى عينات من اليهود والعرب لإثبات الأصل المشترك الذي يعود إلى جد مشترك وبالتالي إثبات وجود شخصية إبراهيم تاريخياً. بعض هؤلاء العلماء أدعى وجود ADN حامض نووي خاص لسكان من أصل عبري أياً كان مكان سكناهم وفي ما أسموه الشجرة التطور الجينية l’arbre phylogénétique تأكيداً لتميز العنصر اليهودي عن باقي البشر وترسيخ أسطورة الجد التوراتي الأعلى للأقوام السامية ألا وهو أبراهام أو إيراهيم قبل 4000 سنة كما ورد في التوراة ، والزعم بوجود الكرموزوم y الموجود بوفرة لدى اليهود والعرب أو haplogroupe nommé J1، وهو تنويع للحامض النووي الذي تتناقله المجموعات السكانية المتميزة عبر أجيال عديدة ويحافظ على تكوينه وخصائصة فيما عدا فترات حصول الطفرات الوراثية التطورية. ولقد افترق أبناء الجذر الجيني الواحد قبل 4000 سنة إلى عرب وعبريين . بيد أن التحليلات الجينية للــ ADN و للــ haplogroupe nommé J1 أثبتت وجود أصل جمعي وليس فردي للشعبين العبري والعربي أي ليس جد أعلى وعائلته ومن تفرع عنه بل شعوب كاملة شكلت الأصل لما عرف في التاريخ بالأقوام السامية. عكس ما ادعته التوراة وما نص عليه العهد القديم. معنى ذلك أن " إبراهيم وجد تاريخياً ولكن ليس كشخص واحد بل شعب بأكمله بينما ركزت التوراة على شخص واحد ورفعته إلى صف الأسطورة ، ونفس الاستنتاج يمكن أن ينطبق على هارون وأخوه موسى فهناك العديد من الأشخاص الذين تنطبق عليهم مزايا وخصائص وسمات موسى وهارون. كما رفع علم الجينوم الغطاء عن الكنعانيين الذين لم يذكر الكتاب المقدس مصيرهم بعد غزو جوشوا Josué لهم في معقلهم في صيدون ، التي تقع في لبنان الحالي، حيث يذكر التوراة أنهم ابيدوا عن بكرة أبيهم، في حين يوجد الحمض النووي المشترك لدى 90% من اللبنانيين الحاليين وهذا الــ ADN يعود للعنصر الكنعاني ما يعني أنه لم تتم إبادة كل الكنعانيين.
يصف الكتاب المقدس غضب الرب على فرعون في سفر الخروج وتسليط اللعنة عليه وعلى شعب مصر وتحول مياه النيل إلى دم تنبعث منه رائحة النتانة والعفن بحيث لا يمكن للمصريين أن يشربوا منه وتسليط الحشرات وسقوط الضفادع مع الأمطار وفناء قطعان الماشية وسقوط الصواعق والبرد والماء المجمد أوالحالوب grêle وهجوم الجراد وإحلال الظلام لمدة ثلاث أيام فقط لرفض الفرعون خروج العبرانيين من مصر وكلها خرافات وأساطير مختلقة كتبها الأحبار، والحال يعتقد العلماء أن ما حدث ربما هو تفجر براكين خاصة ترتب عليها تلك الظواهر الفيزيائية، إلا أن التوراة عزتها إلى قوة إلهية خارقة وتحدث بشأنها عن القروح المصرية العشرة حيث ينطبق الوصف التوراتي في الواقع على تفجر بركان جزيرة سانتوريون الإغريقية الذي حدث حوالي 1613 قبل الميلاد حسب آخر المعطيات الآركيولوجية الأحفورية وتقديرات قدرها العلماء بواسطة عنصر كاربون 14 بعد تجارب أجريت على غصن لشجرة زيتون عثر عليه في بقايا البركان وحممه في جزيرة سانتوريون. تروي التوراة أن الكارثة ضربت مصر في 1450 قبل الميلاد أي أن تدوين النص حدث بعد 800 سنة من وقوع كارثة البركان المذكور أعلاه وتبعاته وتداعياته وما نجم عنه من كوارث ومآسي ودمار تناقلتها الألسن شفاهاً عبر أجيال وأجيال ، وهو الأمر الذي ألهم كتبة التوراة ونقلوا جغرافية الحدث إلى مصر الفرعونية في زمن موسى فلقد لفظ البركان على امتداد 100 كلم2 من المواد الحمم البركانية والرماد الأسود ، وهي مواد ألقيت في المياه واليابسة وعلى الصخور المتكلسة، وهو الحدث البركاني الأهم في تاريخ البشرية إلى جانب ما حدث في أندونيسيا في ساملاس سنة 1257 وتامبورا سنة 1815 بعد الميلاد. لم يشاهد سكان وادي النيل مباشرة حدث الانفجار البركاني لكن آثاره ومواده انتشرت وانتقلت بعيداً ومست أغلب شواطيء البحر الأبيض المتوسط كما أثبت ذلك العثور على بقايا الرماد البركاني في البحر الأسود في تركيا وفي جزيرة رودس وفي بعض بحيرات النيل. كما وردت نصوص على ورق البردي papyrus تحدثت عن كارثة الطوفان cataclysme وتداعياتها الصحية حتى بعد مرور قرنين على الواقعة البركانية وتقدم تفسيراً علمياً لما عرف في التاريخ الديني التوراتي بالقروح العشرة لمصر وهناك تشابه في الآثار الباقية في مصر مع شبيهتها الموجودة في جزيرة سانتوريوم الإغريقية إلى يومنا هذا. ورد في نصوص ورقة البردي المصرية أن هناك حروق سببتها المياه الحمراء والتي تركت آثاراً بيضاء وهي سمات وخصائص للحروق الناجمة عن حامض الكبريت acide sulfurique ومن المعروف أن المصدر الوحيد علمياً الذي يتسبب في حدوث مثل تلك الحروق هو الانفجار أو الثوران البركاني éruption volcanique. دللت الحسابات الفلكية على أن ما روته التوراة بخصوص معركة جبعون التي قادها خليفة موسى حسب كتاب جوشوا والتي تصف غزو بلاد الكنعانيين تنفيذاً لمشيئة الرب وفترة سقوط أريحا Jéricho ، قد حدث بالضبط في 30 أكتوبر 1207 قبل الميلاد قبل الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر، ولقد اقترن هذا الحدث بسلوك غريب للشمس والقمر اللذين توقفت حركتهما في وسط السماء كما جاء في الكتاب المقدس فلم تتجه الشمس نحو الغروب لمدة يوم كامل ، وهذه معجزة إلهية أظهرها الخالق الدائم الذي لايموت تأييداً لبني إسرائيل، والحال أن علماء الفيزياء وعلماء الفلك وعلماء الكونيات المعاصرين عزوا ذلك لحدوث كسوف كامل للشمس. ولمعرفة الفترة الزمنية التي وقع فيها الكسوف هناك الــ stèle الفرعون مرنبتاح Mérenptah، الذي يشير إلى تواجد بني إسرائيل في بلد الكنعانيين ولقد شيد هذا الــ stèle سنة 1199 قبل الميلاد. ومن جهة أخرى قدر علماء الآثار أن المنطقة كانت تحت السيطرة العسكرية للمصريين حوالي سنة 1450 قبل الميلاد، أي تنحصر المرحلة الزمنية بين 1500 و 1050 قبل الميلاد، وتمت مراجعة كل حالات الكسوف التي حدثت في تلك الحقبة الزمنية في بلاد الكنعانيين ، التي تضم اليوم فلسطين والأردن ولبنان، وجزء من سوريا، وجاءت النتيجة واضحة بلا لبس: لقد حدث كسوف للشمس في بلاد الكنعانيين في الفترة التي تمت دراستها فلكياً وذلك في 30 أكتوبر 1207 قبل الميلاد في الساعة 15.27 ولغاية الخامسة بعد الظهر . والمدهش في الأمر أن ذلك الكسوف كان حلقي annulaire ، أي أن قطر القمر كان أصغر من قطر الشمس ، بمعنى أن الكسوف لم يحدث ظلاماً دامساً تاماً أو ما يعرف بالليل النهاري الفوري بل قلل من سطوع الشمس إلى مايشبه ضوء الغروب وبعدها عاد النهار ولكن في لحظة حلول الغروب الحقيقي، وهذا في حقيقة الأمر هو ما وصفه العهد القديم عندما قال أن الشمس لم تكن متعجلة للغروب. وبنفس المنهجية حدد علماء الفيزياء تاريخ صلب المسيح في الثالث من نيسان سنة 33 ميلادية والتي حدث فيها خسوف قمري éclipse lunaire يفسر العتمة التي حلت لحظة الصلب. ولقد حدد عالم الفلك الأمريكي واين أوسبورن Wayne Osborn تاريخ وفاة موسى في الأول من آذار سنة 1399 قبل الميلاد بالنظر والتدقيق بكسوف آخر حيث يقول الكتاب المقدس أن السماء أعتمت عند وفاة النبي موسى. وهناك تناقض في الوقائع إذ أن غزو كنعان على يد خليفة موسى جوشوا حدث بعد فترة قليلة من موت موسى في حين أن هناك فترة قرنين بين الكسوف الذي حدده واين أوسبورن وذلك الذي حدده كولن هيومفري Colin Humphreys .
من الحكايات الأسطورية للتوراة قصة الطوفان وسفينة نوح التي روتها التوراة على شكل ملحمة. هناك نص طوفان مشابه حدث في أفريقيا قبل 100000 سنة وهذا ما أظهرت دراسة phylogénétique النشوء والتطور للأساطير وهي دراسة تعتمد على النظرية التطورية وتأخذ في الحسبان معالجة الإحصائيات والتدقيق في المعطيات والمعلومات. وعلينا أن نعود في هذا السياق إلى الأصل التاريخي للأسطورة التي دونت على ألواح طينية رافدينية يعود تاريخها إلى 2600 قبل الميلاد ، أي قبل تدوين التوراة ، وهي الأسطورة المعروفة بــ " ملحمة كلكامش" عن رحلة الملك كلكامش ورحلته للبحث عن الخلود ولقائه بأوتونابشتم ، الذي روى لكلكامش أن آلهة الحكمة أنذرته بأن طوفاناً وشيكاً هائلاً سيضرب الأرض ويدمر كل شيء وعليه أن يصنع قارباً وأن يصطحب معه زوجين من كافة أنواع الحيوانات معه لإنقاذها وإنقاذ النوع البشري من الهلاك والإبادة التامة. وهي قصة مطابقة تماماً لأسطورة نوح والطوفان التي تحدث عنها العهد القديم ما يعني أن الكتاب المقدس سرقها حرفياً من التراث الأسطوري الرافديني. وهناك أكثر من 300 أسطورة طوفان أحصيت في العالم، كما ذكر المؤرخ و الباحث في الأساطير بيرنارد سيرجنت Bernard Sergent و عالم الأنثروبولوجيا جون لويك لوكليك Le Quellec Jean Loic في كتابهما المعنون " القاموس النقدي للميثولوجيا" ولها جميعاً جذر مشترك حيث قام العلماء بتفكيك الأساطير والغوص في تفاصيلها وأساليبها وعزل من تتحدث من بينها عن علاقة الناجي من الطوفان بإله في السماء. ولقد تجمع لدى العلماء كم هائل من المعطيات وقاعدة معلومات هائلة بغية تسهيل مهمة التمحيص والمحاكاة الكومبيوترية الحاسوبية على غرار التفكيك في المنهجية الوراثية الجينية ، وتوصل الباحثون إلى أن الأصل يعود إلى قصة دمار البشرية بالماء حدثت في أفريقية قبل 100000 عام، ومن ثم حصلت عليها عمليات تنويع واستنساخ وتغييرات طفيفة أو جوهرية لا سيما في جنوب شرق آسيا ، حيث نجم الغضب جراء قتل أو جرح حيوان بري على يد أحد البشر بلا سبب ، كعلة وسبب لحدوث الكارثة. وهذه الأسطورة وجدت أيضاً لدى السكان الأصليين للقارة الأمريكية الشمالية قبل 20000 سنة، جراء وصول أقوام آسيوية إلى هناك عبر مضيق بيرنغ détroit de Béring واختلاطهم بالسكان الأصليين واندماجهم بهم. ولقد وجد نص طوفاني في آسيا الوسطى يعود تاريخه إلى 15000 سنة كما يقول العالم الأنثروبولوجي الهولندي ويم فون بنسبيرخن Wim Van Binsbergen، ومن ثم في منطقة الهلال الخصيب بين 9000 و 2600 سنة قبل الميلاد حيث تحالف أحد الآلهة مع بطل الأسطورة أو الملحمة الطوفانية لإنقاذه، ونجد مثيلاتها في الحضارة الإغريقية حيث يعطف الإله زيوس على دوكاليون إبن بروموثيوس ــ سارق البرق ــ ، وفي بلاد الرافدين كما ذكرنا أعلاه حيث يتعاطف إله الحكمة مع أوتونابشتم ، وفي التوراة حيث ينذر يهوه نوح بحدوث الطوفان وينقذه من خلال إيحائه له بصنع سفينة من الخشب . وهذا يعني في نهاية المطاف أن هناك، لجميع الظواهر التي وردت في التوراة، تفسير علمي طبيعي لا علاقة له بالغضب والعقاب الرباني.
يتبع