قصة قصيرة : في الحرب فقط تاكدت انني رجلا


قاسم محمد حنون
الحوار المتمدن - العدد: 5894 - 2018 / 6 / 5 - 21:19
المحور: الادب والفن     

كنت اصاب بالحمى عند مشاهدة الطائرات الحربية الايرانية وهي تفتح اصوات مرعبه فوق سطح دارنا المتكون من الطين والجص.وكنت اعتقد انها تهرب وراء السده.
اذ كنا نعتقد ان ايران وره السده . وذات ليلة في منامي .حلمت انني هرعت وراء السده وهي قريبة جدا من بيتنا .لارى ابي ماذا يفعل هناك ولما ساقوه عنوة الى الحرب.
كنت طالبا بالابتدائية . وشاهدت بناية عالية خرج منها صوت رجل يتزيا بزي الزيتوني.ارجهع ولك :
عدت الى البيت واختبئت تحت الفراش وحدي اذ كنت معتادا ان انام مع ابي واضع انفي تحت ابطه. رغم الاصوات والهمهمات التي كان يصدرها برعب هو الاخر.
نهضت ابكي وخائف مرتعب واستنجدت بصوت السماء كما كان يفعل جدي المؤمن. وكلما استيقظ اسمع صوت الرشاش. وحفضناه انه مدفع 55 والصاروخ السام. يلاحق الطائرة والطيارة .. كنت اتسائل هل يعود الصاروخ عندما يصل الطيار وراء السده.
هل ابي هناك. ماذا يفعل؟
وهو مع من واسالة طغت على عقلي الصغير؟اذ كنا نشك بحبه للوطن وللحكومه. لكنه لم يقول شيء حيال ذلك.
ارتدت بنطالي المقدف ذوو الخطوط الغليضه ولاعرف لما كانت الرقعه جميلهزحيث رماه اخي الكبير لي ذات يوم .كنت اعشق ذلك البنطال او ربما هو كان الوحيد الذي ارتديه لكنني لاشعر يوما بالعار منه. ربما كنت طفلا. ومع مرور الايام وحمل حقائب ابي للفرقه الحزبية حيث الرحيل داما زاعتقد ان سبب حزني هي تلك الذكريات الماثله امامي. كلما يغادر ابي اشعر بالخوف . وتنتابني الكوابيس. كان بوجوده يخرجني معه ويحميني من شر اخي الاكبر الذي تطوع للكلية العسكرية ليكون ضابطا عندما تعرض للضرب من قبل رجال الامن. كنا نفتخر بزييه امام الناس وهو يلتحق وسوف يكون ضابطا.كنت اعتقد انه سيحمينا. كان اخي ايضا ينهض ليلا ويصرخ وبسبب ربما صلعته : التي كانت طقس من طقوس الجيش ولاعرف لماذا. كنت اخاف منه لانني انام بقربهز وكنت فقط اكوي ملابسه واهيئها.تذكرت الان انني كنت العب دور البريء المسالم . والتجيء للدعاء عند مخاوفي والصلاة وايضا وانا اتحدث بان اخي سيكون ضابطا نوعا من الحماية . فكل شيء كان متعسكر. مازالت البيوت والشوارع من طين وحصان ابو علي وصوت جبار الحداد يملئان الدربونه .
ذات مره سقط الحصان بحفرة الدربونه وهرع جبار الحداد وهو مازال يتحدث مع الحصان ويسب الحكومه.
كان الجميع يخشى جبار الحداد ولم اعرف لماذا. كنت اعتقد بسبب سكره وكنا اطفالا نخاف السكارى. وكان فتى صديقي احد ابناء الحداد وهو حداد والعائله كلهم حداديين. داءما كنا نطهر البيت بالبخور والادعية. كلما دخلت الى دارهم وجدت جبار يضع العرق والعنب الابيض ويشغل سلمان المنكوب.منذ تلك اللحضة وانا لم اسمع المنكوب واصبت بالعقده.منه . كنت القي التحيه عليه وبكل ابتسامه كان يردها لي ويلاطفني.لكنني كنت خائفا منه كانه الشيطان.
كبرنا معا بايام الحرب. مارسنا الكرة والصداقات والصلاة. رافقتنا مشاكسات النساء مع بعضهن بسبب الازدحام والغيرة والتحدث بالاسرار.
كم اشتاق الى تلك اللحضات ووجه مسحونه وام فؤاد وام فاطمه والجلسات بركن الدربونه, حيث النساء والرجال هناك يستانسون. عندما ياتي شاب من الجيش او عندما ياتي ابي.يضج البيت بالجيران حولنا لفتراة طويلة. وندخل ببيوت بعضنا. واتذكر ان بعض الشابات الجميلات كنا يغسلن ملابسنا لمساعدة امي و رغم انها كانت قوية.
كنا نملك غرفة من طين مسقفه بالاعمدة الخشبية. حيث ذات يوم هجم عتوي علينا واصابنا بالهلع" .فقط والدتي كانت تصرخ بصوت واطي (منو ولك منو ) ,
ولااعرف اين مصير العتوي ربما قتلته الحرب ايضا..
ذات فجر ما ومع مخاوفي سمعنا صراخ يمه صباح بويه صباح... خرجنا ووجدنا تابوت لشهيد لشاب صغير يسكن امانا مباشرة.كانت زوجته سعاد جميلة جدا وهي تتمكيج عصرا وتقف بالباب بانتظارهزحتى جاء بتابوت وكنت اشم رائحة جواربه وهي ماتزال كذاكرة مؤلمه وليس مقززه. صرخات ابو صباح كانت تعلو فوق صوت الاذان. وكانت فطومه تحمل اغراضها للهروب من البيت. بسبب الفقر الذي كان يخيم على بيت ابو كاطع الذين يبعدون عن بيتنا . اربع ابواب. مازلت لادرك الواقع لم اصبح رجلا بعد. فالرجال بتلك المرحلة من يحمل حقيبته وقبعته السوداء ويلتحق للحرب . كان عندما يستدعون مواليد اصدقائنا الذين يكبرونا بعام. نشعر جميعا بانهم شباب ورجال. ولكن مع الوقت كانو يعودون اما هاربين وخائفيين ممصابيين. او بصندوق خشبي اعتدنا عليه مع الوقت. صراخ اخر من بعيد عراك بين العائله. سمعت احدهم وهو يقول ماذا حدث للناس وهي تتقاتل من اجل الكرونا. وهي سيارة كان يهديها النظام للشهداء. ويتصارع عليها الاشقاء. تزوج صديقي من زوجة شقيقه الشهيد: لذلك لم نفهم او نحتفل بهذا العرس. وكانه جنازه وتذكار لابنهم الشهيد. خيم السواد بالدرابين وعلى اجساد النساء. وطالت لحى الكبار. وكبرنا مع هذا الوضع. وتم استدعائنا للجيش والتدريب. غادرنا عوائلنا ونحمل ذاكرة جيراننا وقصصهم . ورايت الخوف منذ اول ارتدائي للبدلة العسكرية. وانا ملتحق ناداني رفيق بعثي اوكف مطي: سخر من شكلي كنت اشبه خيار عطروزي مصفركما وصفني.
.هكذا ناداني شباب اخر وقتها.
لاعرف ماذا فعلت. كنت اعتقد انني ساكون رجلا ومقاتلا. لما يهينني رغم انني بقيافتي كامله وملتحق بدون غياب او تاخير. وحجزني. بغرفة الحجز تذكرت حجز ابي وكيف كانوا يحملون البنادق على راسه لانه رفض الالتحاق وهو يقول انني اكثر من مرة التحقت للقتال. واضرم شيء بداخلي بنفسي كراهية شديدة لهولاء..
طرقت الباب بشكل عنيف وانا اصرخ بهم اتركوا ابي. هل انا احلم ام انني بكامل وعيي. جاء احدهم وضربني براجدي كما نقول نحن اهل الجنوب: انتابني الخوف ومازال منذ تلك اللحضة ينتابني. وانا مازال اراه زعند الكبار وخاصة السياسيين والشيوعيين .لانهم يقلبون بعيونهم ويبحثون عن شيء ما. عندما تحدثهم.
يسالون كثيرا من انت واين تسكن
ويحدقون بك كثيرا.
لذلك هم لايصادقون احدا وانما يستغفلونه بالشعارات واشياء اخرى .
هذا الخوف هو السبب بان يكون التاريخ كما اراد له المنتصرون
لاحد يتكلم او يتحدث
هذا الخوف كالهشيم ينتقل بسرعه
من جيل لجيل
رايت ذلك الحزبي وهو يتلعثم ويبدوا انه هارباز اشفقت عليه
لكنني ايضا كنت خائفا منه
ارتدى عقالا ومسبحه
سمعت انه يمارس الخوف والتخويف باحدى الثكنات الامنية بالعراق الجديد
لارى بذاكرتي وجه ابي ولااسمع صوته
فالخوف يلف المقابر
رحل ابي من الخوف
وتركنا خائفيين
ومازلنا لانتكلم لانعترض
واذا سمح لنا احد ما بالحديث
يصاب بالدهشه وينعتنا بالوقاحه
يعلو صوتنا
وكاننا حرمنا من الصوت العالي لفترات طويله
نصرخ بكل شيء
وما ان يصرخ بوجهنا.نعود للماضي للصمت
حيث وجه ابي . وهو يطرق راسه تحت العوز والبندقية.