-بلغت البطالة في الأَرض الفلسطينية المُحتَلّة أَعلى مُستوَى في العالَم...-: هل من نتائج لتقارير منظمة العمل الدولية؟


جهاد عقل
2018 / 6 / 5 - 15:12     

وفقا للتقرير: في ظل البطالة وفقدان فرص عمل محلية، هناك تشغيل بواسطة سماسرة يقومون بجباية مبالغ عالية مقابل تزويد عامل بتصريح. وتُقدر مدخولات هؤلاء السماسرة سنوياً ما بين 187- 292 مليون دولار يحصلون عليها من تجارة التصاريح بدعم ومباركة الاحتلال


يتناول التقرير أوضاع العمال والمزارعين في الجولان السوري المحتل في ظل قرار إسرائيل ضم هذه المنطقة لها قسرا وبشكل مخالف للمواثيق الدولية، ومن خلال قراءة التقرير يتضح أن حال العمال والمزارعين العرب السوريين في هذه المنطقة المحتلة في تدهور مستمر



* البداية
في الدورة السادسة والستين من العام 1980،اعتُمِد قرار إيفاد بعثة من قبل مدير عام منظمة العمل الدولية الى المناطق العربية المحتلة من قِبَل إسرائيل منذ العام1967، لتقصي الحقائق بخصوص أوضاع العمال في هذه المناطق وتقديم تقرير يوضع على جدول أعمال المؤتمر السنوي تحت عنوان: "تقريرالمدير العام، ملحق وضع عمال الأراضي العربية المحتلة"، يجري بحثه في جلسة خاصة لمؤتمر العمل الدولي في دورته السنوية من كل عام. وضمن القرار المذكور أعلاه تم تقديم التقرير ال -37 لجدول أعمال الدورة ال -107 لمؤتمر منظمة العمل الدولية الذي افتتح أعماله في مقر المنظمة بمدينة جنيڤ يوم 28 أيار والتي تستمر حتى يوم 8 حزيران 2018، بمشاركة أكثر من 4000 مندوب من 187دولة يمثلون النقابات العمالية والحكومات وأصحاب العمل.
كان مدير عام المنظمة قد قام بإرسال بعثته للمنطقة لإعداد تقريرها السنوي "خلال الفترة من 4 إلى 14آذار 2018"، برئاسة فرانك هغمان (Frank Hagemann) نائب المدير الإقليمي في المكتب الإقليمي للدول العربية، من أجل "إجراء أكمل تقييم ممكن لوضع عمال الأراضي العربية المُحتَلّة...بشأن وضع عُمّال في الأرض الفلسطينية المحتلّة (الضفة الغربية،بما فيها القدس الشرقية وغزة) والجولان السوري المُحتَل." وفق ما جاء في مقدمة التقرير (ص1).
وإضافة لذلك فان هغمان قام بنفسه بزيارة للمناطق الفلسطينية المحتلة وإسرائيل واستمع بشكل مباشر الى ما يعانيه العمال من ظُلم ومعاناة يومية من قبل قوات الاحتلال.


* لقاءات مع ممثلين عن مختلف الأطراف
بهدف وضع تقرير شامل قام أعضاء اللجنة بعقد لقاءات مع مختلف الجهات المتعلقة بموضوع العمالة وقضايا العمال في الاراضي العربية المحتلة من قِبل إسرائيل، ويظهر من ملحق التقرير جميع الأسماء التي قام أعضاء اللجنة بالاجتماع بها، من ممثلين عن حكومات ونقابات وأصحاب عمل ومنظمات مجتمع مدني وغيرهم، لكن اللافت للنظر العدد الكبير للاسماء في الجانب الفلسطيني وضآلة العدد في الجانب الإسرائيلي خاصة النقابي منه. ولن نستعرض تلك الأسماء مع أنّ لنا ملاحظات وتساؤلات تحمل علامات استفهام كبيرة على أحد المُشاركين في عرض وُجهة
الجانب الإسرائيلي التي حاول ممثلوها "تبييض" ممارساتها القمعية بحق العمال العرب من الأراضي المُحتَلّة!.




* أعلى نسبة بطالة في العالم؟

يشتمل التقرير بصفحاته الـ 56 على استعراض شامل لموضوع أوضاع العمال العرب في الأراضي العربية المحتلة، والأخطار القائمة على حاضر ومستقبل الطبقة العاملة الفلسطينية خاصة والعربية عامة في ظل الممارسات القمعية التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحقها.
لكن اللافت للنظر ما جاء في كلمة مدير عام منظمة العمل الدولية النقابي البريطاني غاي رايدر في تمهيد التقرير: "وبعد مضي خمسة وعشرين عاما على اتفاق أوسلو الأول، هناك حالة من فُقدان الأَمَل وشعور بالضَياع في الأراضي المُحتَلّة." كما أشار الى حالة الحصار القمعي لقطاع غزة وقضايا ممارسات الاحتلال في الضفة الغربية والقدس الشرقية ومحاولات تكريس ضم الجولان السوري المُحتَل لإسرائيل وآثار ذلك على الوضع الاقتصادي - الاجتماعي عامة وللعمال خاصة. وأضاف: "فقد بلغت البطالة في الأَرض الفلسطينية المُحتَلّة أَعلى مُستوَى في العالَم...". في إشارة الى ما يحدث للمجتمع العربي الفلسطيني من إفرازات تحطيميّة له جراء الممارسات التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي منذ خمسة عقود بشكل مُبَرمَج وَمُمَنْهَج.


* تقرير شامل ولكن...
يستعرض التقرير مختلف مناحي أوضاع العمال الفلسطينيين ومعاناتهم المستمرة في ظل الاحتلال الإسرائيلي وممارساته القمعية والذي يصفه معدو التقرير بـ "الاحتلال المُستحْكِم" بعد مضي خمسين عاماً لا يزال الاحتلال يُهيمِن على جميع جوانب حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وفي غزة، بل غدا الاحتلال أكثر إِستِحكاما، ولا تزال القيود المفروضة على حركة تنقُل الأشخاص والسِلَع، وكذلك على فُرص الوُصول إلى الموارد الطبيعيّة تُعيق الأَنشِطة الإقتصادية وسوق العمل."(ص3)
ومن خلال متابعاتنا لهذه الأوضاع نشهد أنّ موضوع فقدان فُرَص العمل المحلية وتَعَلُقِ كل طالب فُرصَة عمل بأمل الحصول على تصريح عمل في إسرائيل والمستوطنات الإحتلالية، في ظل البطالة وفقدان فرص عمل محلية، حتى بواسطة سماسرة يقومون بجباية مبالغ عالية مقابل تزويد عامل بتصريح (تُقدر مدخولات هؤلاء السماسرة سنوياً ما بين 187- 292 مليون دولار يحصلون عليها من تجارة التصاريح بدعم ومباركة الاحتلال، وفق ما جاء في التقرير)، والمعاناة على المعابر، وفقدان الحقوق الاجتماعية وغيرها من القضايا، وبالرغم من الإشارة في التقرير الى ارتفاع عدد التصاريح وعدد العمال الذين يعملون بواسطتها في اسرائيل (131 الف عامل) ووجود أكثر من 40 الفا يعملون بلا تصاريح وربط ذلك بما تعانيه الطبقة العاملة الفلسطينية في غزة جراء فرض الحصار المُستَمر على القطاع من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي يعود ويؤكد معدو التقرير، ما يصدر من تصريحات عن خطر الانفجار القائم في القطاع حيث جاء في خاتمته ما يلي: "وغالباً ما يوصف قطاع غزه بأنه مخزن بارود، وهو في واقع الأَمر كذلك، وتسير مؤَشرات العمل في إتجاه واحد فقط، خطوات إلى الوراء."(ص35).


* الوضع في الجولان العربي السوري المُحتَل

يتناول التقرير أوضاع العمال والمزارعين في الجولان السوري المحتل في ظل قرار إسرائيل ضم هذه المنطقة لها قسرا وبشكل مخالف للمواثيق الدولية، ومن خلال قراءة التقرير يتضح أن حال العمال والمزارعين العرب السوريين في هذه المنطقة المحتلة في تدهور مستمر. وجاء في نهاية التقرير بهذا الخصوص" وفي الوقت نفسه،لا يزال عدم تكافؤ فرص الحُصول على الموارد مثل
الأراضي والمياه يَضُر بالعُمّال السوريين في الجولان السوري المُحتَل. وقد تَحَوّل مُعْظَم العمال من الزراعة إلى البِناء والخدمات. أَمّا إَدْماج (ضم - ج.ع) هذه الأرض بما يَشْمَل سوق عَمَلها، في إسرائيل فلا يبدو أَنّهُ يَتَعَمّق".




ملاحظة لا بد منها
من أجل استعراض مختلف الجوانب الإحصائية الهامة والتحليلات المختلفة الواردة في التقرير بشكل شامل نكون بحاجة الى عدة حلقات، وربما نعود لتناول وبالتحليل بعض فصوله لأهميتها مثل موضوع تشغيل الأكاديميين والنساء، مبنى سوق العمل الفلسطيني وقانون العمل وغيرها من القضايا الهامة التي تم استعراضها بعُمق.
لكن لا بد من توجيه ملاحظة هامة تتعلق بهذه التقارير ورغم أهميتها، فنحن نتحدث عن التقرير الـ37 الذي يقدمه المدير العام لمنظمة العمل الدولية لمؤتمراتها، حيث وكما ذكرنا سيجري استعراضه أمام الهيئة العامة للمؤتمر في جلسة خاصة، إلا أن ما يجري في النهاية إصدار بيان بصيغة ربما تكون بـ "بكفوف من حرير"، وما يجري على أرض الواقع هو المزيد من البطش والظُلم تجاه حقوق وحال الطبقة العاملة الفلسطينية من قِبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.