الفاشية الجديدة : الحلف الصهيوني لنتنياهو و ترَمپ و آل سعود 3-10


حسين علوان حسين
الحوار المتمدن - العدد: 5890 - 2018 / 6 / 1 - 01:09
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

في الحلقة السابقة من هذه السلسلة ، أوضح الوصف لوقائع التاريخ كيف أن الشريف الحسين بن على قد آثر خسارة مملكته في الحجاز على القبول بتسميم بريطانيا و حلفائها آل سعود و الصهاينة الجسد العربي بمرضين خبيثين باتا ينخران فيه حتى وقتنا هذا و إلى المستقبل البعيد ، و هما : التجزئة القومية (معاهدة سايكس - بيكو) ، و الاحتلال الصهيوني لفلسطين (وعد بلفور ، و الانتداب البريطاني على فلسطين ) . و على الضد تماماً من هذا الموقف المبدئي الشريف ، نجد أن عبد العزيز آل سعود كان يتهافت منذ عام 1902 للفوز بالمال و بالدعم العسكري و السياسي البريطاني بأي ثمن لكي يبتلع أخيراً 70% من أراضي شبه الجزيرة العربية – بما فيها أرض نجران اليمنية – بفضل تنفيذه الأعمى بالفعل و بالقول لسياسة الإمبريالية البريطانية-الفرنسية في تجزئة العالم العربي و في فرض الاحتلال الصهيوني لفلسطين بالدم عليه حسبما يقطع به نص خطابه الممهور المشهور الموجه للمندوب السامي البريطاني "سير بيرسي كوكس" سنة 1915 (أي حتى قبل إعلان بريطانيا وعد بلفور) و الذي يقرأ :
"بسم الله الرحمن الرحيم . أنا السلطان عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل السعود أقر و اعترف ألف مرة ، للسيد برسي كوكس مندوب بريطانيا العظمى ، لا مانع عندي من أعطي فلسطين للمساكين اليهود أو غيرهم و كما تراه بريطانيا التي لا أخرج عن رأيها , حتى تصيح الساعة ".
هكذا يتكلم خونة العروبة و الإسلام من آلسعود الفاشيين لتقديم فروض الطاعة لأسيادهم الإنجليز باسم الإسلام و العرب . دينهم هو تكفير كل المسلمين ليتسنى لهم قتلهم و سلبهم و الزنا بحرائرهم و احتلال أراضيهم و شن الحروب المباشرة و بالنيابة عليهم ، و قبلتهم هي الانبطاح للإمبريالية و الصهيونية بثمن معلوم لتمكينهم من اغتصاب بلاد العرب و سلب ثرواتهم الطبيعية و تقتيلهم . و كلما كان عبد العزيز يتسلم مخصصاته الشهرية من الانجليز ثمناً لتفانيه في خدمته للمصالح السياقتصادية لأسياده هؤلاء ، فقد كان يتبجح على مسامع مشايخ التكفير حوله بفرية كون تلك الرشاوي إنما هي "أموال الجزية" التي يدفعها له أهل الذمة الإنجليز لقاء تكفله بتقديم الحماية لهم في بلاد المسلمين ! مَنْ يحمي مَنْ ؟
و بعد أن صنعت الامبريالية البريطانية لعبد العزيز مملكته على حساب بيعه لها الحقوق التاريخية الثابتة للشعب الفلسطيني فى أرضه ، فقد ربط تفانيه في خدمة مصالحها بشرط مواصلتها حماية نظام حكمه الفاشي و خدمة تطلعاته في أن يصبح سيد العرب و المسلمين . لذا ، فقد ساند رسمياً سياسة الحركة الصهيونية بالتنسيق مع سلطة الانتداب البريطاني في تمديد رقعة الاستعمار الاستيطاني الصهيوني لأرض فلسطين من طرف اليهود المهاجرين من شرق أوربا إليها خصوصاً . و هؤلاء اليهود ليسوا من الأقوام السامية البتة ، و لا هم من العبريين مطلقاً ، بل يعودون إلى عدة أصول قبلية "تُرك-قوقازية" موثَّقة تاريخياً باعتبارهم الأحفاد لشعوب امبراطورية " خاقانية الخزر" ( حوالي : 488 – 1242م) ذات الدين الوثني التي تأسست أولاً في بلغاريا لتتمدد تدريجياً إلى رومانيا و المجر و النمسا و بولونيا و الأورال و البانيا و جورجيا و أرمينيا و روسيا و اذربيجان و داغستان و غيرها من مناطق تركستان المحاذية لبحر قزوين (الذي يسميه المسلمون : "بحر الخزر") و السواحل الشمالية للبحر الأسود و أواسط أوربا ، و التي فرض على شعوبها من فوق ملكها " الخاقان سمندر" الديانة اليهودية عام 916 م لمواجهة ضغط انتشار الدينين التوحيديين المسيحي و الاسلامي على نفوذ مملكته ، و أستقدم إليها من بابل الكهنة اليهود لتعليمهم الديانة الجديدة . و بعد سقوط هذه الامبراطورية ، فقد تبنى أحفاد سكانها من اليهود الأشكنازية في أوربا الشرقية (و يشكلون حوالي 90% من يهود العالم) لغة "اليديش" الجرمانية و ليست اللغة العبرية السامية و ذلك خلال الفترة 1300-1500 م و حتى اليوم . المصدر :
http://s155239215.onlinehome.us/turkic/70_Dateline/KhazardatelineEn.htm
و لكي يصبح سيد العرب و المسلمين على حساب المتاجرة بحقوقهم مع الإمبريالية ، فقد خطط عبد العزيز لضربته التالية : ضم أراضي فلسطين و شرق الأردن و سوريا معاً في اتحاد فدرالي يقع ضمن مملكته لقاء قيامه هو بتأمين تأسيس منطقة حكم ذاتي لليهود في فلسطين حسب وعد بلفور لتستقبل المستعمرين الصهاينة الجدد و تؤمن لهم المستوطنات و تكون تحت وصايته ، و بحماية البريطانيين ، طبعاً ، وذلك بشرط قيام الحركة الصهيونية العالمية برشوته بمبلغ عشرين مليون ليرة استرلينية تدفع مقدماً لتسديد "تكاليف أتعابه" ! صاحب هذه الخطة ، مثل قبلها خطتي تمكين بريطانيا لإبن سعود من احتلال إمارتي الحائل و الحجاز ، ليس هو سوى نفسه الجاسوس البريطاني "جون فلبي" الذي انقلب من ضابط مجند و منوَّط في خدمة مصالح التاج البريطاني بالهند و العراق و نجد و الأردن و فلسطين ، إلى "المستشار الأكبر" لعبد العزيز آلسعود عام 1925. نشر جون فلبي هذه الخطة في صحيفة "النيويورك تايمز" في تشرين الأول عام 1929 ، فهلل لها زعماء العصابات الصهيونية الأمريكية ، بضمنهم "حاييم وايزمن" الذي كتب لاحقاً إلى "سومنر ويلز" – مستشار الشؤون الخارجية للرئيس روزفلت – ليؤكد له فيها أن هذه الخطة "تضمن المصالح الستراتيجية و الاقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية" في المنطقة ، و أنها :
" … properly managed, Mr. Philby s scheme offers an approach which should not be abandoned".
الترجمة :
"إذا ما تمت إدارتها على نحو مناسب ، فإن خطة السيد فلبي تعرض مقاربة لا يجوز التخلي عنها . "
المصدر :
Elizabeth Monroe (1973) Philby of Arabia. London: Pitman Publishing. p. 225.
و لكن ملايين الليرات المطلوبة كرشوة لم تصل لعبد العزيز من الصهاينة الأمريكان في الوقت المناسب حسب بنود الخطة بسبب معارضة بريطانيا لها بعد أن "شمَّت" الأهداف الحقيقية الكامنة خلفها : تمدد مملكة عبد العزيز على حساب بيعه حقوق الفلسطينيين حتى سواحل البحر الأبيض المتوسط ، و استبدال الليرات الذهبية المتدفقة من لندن على إبن سعود بتلك القادمة إليه من نيويورك .
غضب عبد العزيز و فلبي لفشل خطتهما هذه ، و قررا السعي لاستبدال السيد البريطاني تدريجياً بسيد امبريالي صاعد واعد أقوى : الولايات المتحدة الأمريكية . عندها ، رتَّب فلبي – الذي تحول إلى "الشيخ المسلم : عبد الله فلبي" : أكبر سمسار تجاري حصري للشركات الأمريكية مثل فورد و غيرها في المملكة – عقد صفقة تضمن حرمان شركة نفط العراق (IPC) البريطانية من حق التنقيب عن النفط في السعودية (رغم أن ذراعها في إيران كان هو السباق إلى تمويل البحوث الجيولوجية فيها منذ عام 1931 بطلب من فلبي نفسه) و ذلك عن طريق إقناعه عبد العزيز آلسعود عام 1933 بمنح امتياز حصري أمده ستون عاماً لشركة "ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا" (SoCal) الأمريكية للتنقيب عن النفط في منطقة الأحساء ، لتتأسس بعد ذلك شركة "أرامكو" ، التي تعتبر أغنى مشروع استخراجي رابح عرفه تاريخ الكرة الأرضية ! و بهذه الصفقة فقد أصبحت الإمبريالية الأمريكية و ليست البريطانية هي الحامية لفاشية آلسعود ، و مصالحها هي مصالحهم .
و منذ ذلك التاريخ إلى عهد سلمان بن عبد العزيز (الذي كان هم أول من جاهر مع ابنه القماص بتأييد اغتصاب الكيان الصهيوني لفلسطين علناً و ليس خلف الكواليس مثل من سبقوه ) دأب آلسعود على التأييد اللفظي للقضية الفلسطينية بأشح الأقوال الخجولة – مع نشرهم الممنهج لفرية كون الفلسطينيين هم الذين باعوا أرضهم للصهاينة لتعصيب الضحية بجرائم الصهيونية بحقها – و الوقوف بجانب الصهيونية الأمريكية بكل الأفعال المشهودة و بكل الأقوال خلف الستار ضد كافة حقوق الفلسطينيين .
لنتدبر هذه الواقعة التاريخية . بتاريخ 27 تشرين الثاني 1947 ، أرسل رؤساء البعثات الدبلوماسية العربية في الأمم المتحدة برقية لعبد العزيز يلتمسون منه الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية بالتهديد بوقف تصدير النفط للحيلولة دون إصدار الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها المرقم (181) القاضي بتقسيم فلسطين ، فكان نص برقيته الجوابية لهم يقرأ :
"إن المصالح الأمريكية في السعودية محمية ، و إن الأمريكيين هم أهل ذمة ، و أن حمايتهم و حماية مصالحهم واجب منصوص عليه في القرآن الكريم ."
و هو ما يقطع بإيمانه بكون حماية أشقائنا العرب الفلسطينيين المنزوعين السلاح من العدوان الصهيوني المسلح عليهم غير منصوص عليها في القرآن الكريم ؛ لذا ، فهي ليست واجبة على المسلمين لكون الفلسطينيين – اشقاؤنا بالدم و الدين – ليسوا من "أهل الذمة" ؛ أما حماية المصالح الإمبريالية الأمريكية و الصهيونية ، فهي واجب منصوص عليه في القرآن الكريم ! صدق الرصافي عندما قال :
وكم عند الحكومة من رجال
تراهم سادة و هم العبيد
كلاب للأجانب هم و لكن
على أبناء جِلدتهم أسود
و لتوصيف الدقيق للدور الإمبريالي الصهيوني الذي يضطلع به آل سعود في المنطقة ، و أول مبدأ فيه هو إشعال الحروب الاستباقية ضد كل العرب و المسلمين في كل مكان بأموال النفط العربي ، لنقرأ مقتطفات مما كتبه الملك السعودي فيصل بن عبد العزيز للرئيس الأمريكي جونسن بتاريخ 27 كانون الأول من عام 1966 فيما يعرف الآن بعنوان "الوثيقة الخطيرة لفيصل" و التي نشرها الرئيس اليمني الراحل على عبد الله صالح بتاريخ 29/11/ 2017 ، و المتوفرة على الشبكة . المصدر :
https://arabi21.com/story/1052862
مقتطفات من وثيقة الملك فيصل بن عبد العزيز الموجهة للرئيس الأمريكي ليندن جونسن و هو يرسم له و للصهاينة خطة حرب عدوانهم القادم في 5 حزيران 1967 (نكسة حزيران) على مصر و الأردن و سوريا بمناسبة غرة شهر رمضان ، شهر الطاعة و الغفران ، عام 1386 هـ :
"... لذلك يا فخامة الرئيس نقول لكم بصراحة ما قلناه لأسلافكم .. كلمة واضحة نقولها و هي : أن المصير الذي يربط الأسرة السعودية بأمريكا لا يستمد قوته إلا من نفس الأهداف التي تربط أمريكا بأسرتنا و بالاعتماد علينا في العالمين العربي و الاسلامي كقوة كبرى تحمي المصالح المشتركة و تكافح الشيوعية و تحارب المبادئ الهدامة ما ظهر منها و ما بطن و سواء جاءت هذه المبادئ بإسم الثورية أو الجمهورية أو محاربة الإمبريالية أو بإسم القومية العربية و الحرية و الوحدة و الاشتراكية أو بإسم الوحدة و الحرية و الاشتراكية .. فكل هذه المباديء لا تتصدى لها الأسرة السعودية إلا لكونها لافتات طريق الشيوعية العدوة اللدودة للجميع الساعية لابتلاع المصالح المشتركة التي تربط الجميع .
... فإنني أبارك ما سبق للخبراء الأمريكان في مملكتنا أن اقترحوه لأتقدم بالاقتراحات التالية :-
1. أن تقوم أمريكا بدعم اسرائيل بهجوم خاطف على مصر تستولي فيه على أهم الأماكن حيوية في مصر لتضطرها بذلك لا إلى سحب جيشها صاغرة من اليمن فقط بل لإشغال مصر بإسرائيل عنا مدة طويلة لن يرفع بعدها أي مصري رأسه بعيداً عن قتال ، محاولاً إعادة مطامع محمد علي و جمال عبد الناصر في وحدة عربية .. و نكون بذلك قد أعطينا لأنفسنا مهلة طويلة لتصفية المبادئ الهدامة من أجسادنا لا في مملكتنا بل في البلاد العربية .. و من ثم فلا مانع من اعطاء المعونة لمصر و شبيهاتها من الدول إقتداء بهذا القول (أرحموا شرير قوم ذل) و كذلك إتقاء لأصوات إعلامهم المكروهة .
2. أن سوريا هي الثانية يجب أن لا تسلم من هذا الهجوم ، مع اقتطاع جزء من أراضيها يشغلها عنا لكي لا تتفرغ هي الأخرى بعد سقوط مصر لسد الفراغ المصري في القومية العربية .
3. كذلك الاستيلاء على قطاع غزة الواقعة تحت الحكم المصري .. و الاستيلاء على الضفة الغربية من الأردن مهم جداً لكي لا تبقى للفلسطينيين أية مطامع في أية أرض عربية تسمح للفلسطينيين بعد ذلك بالتحرك من خلالها أو تستغلهم فيها أية دولة عربية بحجة تحرير فلسطين ، و حينها ينقطع أمل الخارجين منهم بالعودة و يسهل ضرب الرافضين منهم في أية دولة عربية مجاورة لإسرائيل ، لأنه ما من دولة تريد أن تتحمل نتائج أعمالهم ، كما تسهل عملية توطينهم في الدول العربية .
4. تقوية مصطفى البارزاني بإمداده لإقامة حكومة كردية في شمال العراق مهمتها إشغال أي حكم عربي ينادي بالوحدة العربية من على شمال مملكتنا في أرض العراق سواء في الحاضر أو المستقبل علماً بأننا في العام الماضي بدأنا بإمداد مصطفى البارزاني بالمال و السلاح من داخل العراق و عن طريق تركيا و إيران .
يا فخامة الرئيس .. إنكم و نحن متضامنين جميعاً سنضمن لمصالحنا المشتركة و لمصيرنا المعلق بتنفيذ هذه المقترحات أو عدم تنفيذها دوام البقاء أو عدمه . ..
المخلص : فيصل بن عبد العزيز
ملك المملكة العربية السعودية
27 ديسمبر 1966 م
الموافق 15 رمضان 1386"

إنتهت المقتطفات المقتبسة من وثيقة فيصل بن عبد العزيز (شرير قوم انفضح) الخطيرة .

يتبع ، لطفاً .