إبتسامة القائد


حمدى عبد العزيز
الحوار المتمدن - العدد: 5887 - 2018 / 5 / 29 - 15:40
المحور: سيرة ذاتية     

1981 إبتسامة في مواجهة الحصار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تصوروا هذه الإبتسامة العريضة التي علي وجه الأستاذ خالد .. كانت في ظل تعقد الأوضاع وتأزمها بالنسبة لمختلف فصائل الوطنية المصرية .. !!!

هذه الإبتسامة الحديدية
هي التي تحدي بها إجراءات السادات العنيفة الغير مسبوقة عندما قرر العصف بكامل الحياة السياسية المصرية وأخرج قرارات سبتمبر 1981 الشهيرة وزج بكل رموز وكوادر وتنوعات كل القوي الوطنية في السجن ..

كان الوقت عصيباً جداً
كنت أحد كوادر حزب التجمع في هذه الفترة
وكنا جميعاً نضع حقائب ملابسنا وأغراض حياتنا التي يمكن أن نحتاجها في السجون تحت أسرتنا محزومة ومعدة للرحيل مع سماع صوت طرقات القبضات البوليسية العنيفة التي كنا قد خبرناها جيداً طوال تلك الحقبة علي أبواب المنازل

قرر خالد محيي الدين أن يدعم كوادره وأعضاء حزبه الذين أصبحوا يواجهون الحصار الساداتي البوليسي الشديد الذي ضرب طوقه الأمني علي كافة الأنشطة السياسية بدءاً من تجمع أكثر من خمسة أفراد في مكان واحد ومروراً بالإجتماعات واللقاءات الحزبية الإعتيادية إلي اللقاءات الجماهيرية محدودة كانت أو موسعة
وأن يساند صلابتهم المعهودة
وربما أن يستدفئ بهم ويستدفئون به

طاف خالد محيي الدين مصطحباً من تبقي علي قيد الحرية خارج السجن من قيادات التجمع الشهيرة علي الأقاليم والمحافظات وكان تعقد تلك الإجتماعات واللقاءات في منازل بعض كوادر المناضلين إن أقتضي الأمر ذلك ..

هذه الصورة التقطت في أجواء سبتمبر المشحونة
في مدينة كفر الدوار العمالية
التي كانت إحدي قلاع الصناعة الوطنية في مصر
قبل أن يتم بيع وتصفية شركاتها وتسريح عمالها

(ملحوظه هامه جداً ..
كفر الدوار أصبحت فيما بعد عند مطلع القرن الحالي وعقده الأول معقلا لجماعات السلفية الدينية والإسلام السياسي وقد لاحظنا ذلك في نسب الإقبال وكذلك التصويت علي دستور الإخوان الشهير بنعم ، وهذه نتيجة منطقية للتمزق والضياع الإجتماعي الذي عاشته الأجيال التي نشأت في كنف الألاف المؤلفة من العمال الذين تم تشريدهم بسبب سياسة الخصخصة وتصفية الصناعات الوطنية إستجابة لسياسات التكيف الهيكلي المفروضة علينا من المؤسسات المالية الدولية وعلي رأسها صندوق النقد )

نعود إلي مايتعلق بالصورة
كانت كفر الدوار بالتالي وقتها معقلا للنضال العمالي والسياسي في مصر
ومعقلا للكوادر اليسارية فإلي جوار المناضل القيادي النقابي العمالي الراحل محمد متولي الشعراوي ، وسيد أبو زيد ، وعيد صالح ، ومحمود عطالله ، برز القيادي العمالي النقابي الإستثنائي عبد المجيد أحمد ، وبرز القيادي اليساري والدينامو السياسي والتنظيمي النابض للتجمع وقتها ولليسار في البحيرة وكافة أقاليم مصر مجدي شرابيه الذي كان إذا واجه التجمع في أحد المناقشات معضلة تنظيمية أو لائحية كان خالد محيي الدين يسأل (فين مجدى شرابيه ؟)
هذا بالإضافة إلي كوادر وقيادات كل منها يصلح كقاطرة نضالية من أمثال عبد اللطيف الشافعي ، وسعيد الصباغ ، و مجدي وهيب وعبد المعطي فهمي ، وشحاته عطالله ، شعبان عبد اللطيف الزرقاني ، و محمد مزيكا ، وغيرهم من القيادات الفذة ومعهم الشباب مثل أشرف محروس ومجدي عيسي ومحمد بسيوني وجمال يوسف وغيرهم
هكذا الحال في كفر الدوار الساخنة دوماً
والتي كانت هي والمحلة مصدر إزعاج لنظام السادات ..

وأختار خالد محيي الدين أن ينزل إلي كفر الدوار معقل الغضب من سياسات السادات ومعقل غضب وملاحقة السلطة للمناضلين وقتها

وفي منزل محمد متولي الشعراوي تم عقد إجتماع لكافة كوادر البحيرة الذين بقوا خارج السجون ،
رغم تحذيرات مجدي شرابيه المعهودة من الإلتزام بإجراءات الأمان السياسي وعدم تسجيل أي شئ يدل علي طلب خالد محيي الدين إلتقاط صور مع الحاضرين للإجتماع تسجيلا لحالة الصمود التي كانت عليها كوادر التجمع في تلك اللحظة ..
وكنت صاحب حظ في أن أكون أحد من تصوروا معه ..
لم تغب تلك الإبتسامة الواثقة المطمئنة إلي صلابة الموقف عن وجهه
والتي كان يراها البعض إبتسامة حديدية وهي كانت كذلك فعلاً في مواجهة النظام الحاكم
تلك الإبتسامة المضيئة والمشجعة كانت أيضًا علي وجه القائد طوال فترة إلتقاط الصور رغم أن الجو كان مشحوناً والإجتماع نفسه كان مشحوناً لأنه كان يتمحور حول سؤال " ماالعمل" في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ اليسار والوطن

وستجد كل الذين يحتفظون بصورهم مع خالد محيي الدين ممن حضروا هذا الإجتماع في نفس الموقف …
ووجه خالد محيي الدين ينفرج عن تلك الإبتسامة
فيندفع بالضرورة وجه الزميل الواقف إلي جواره في الصورة إلي حيث ذات الإبتسامة
إبتسامة التحدي للحصار ..
كلنا وقتها أخذنا من إبتسامة خالد محيي الدين طاقة جديدة للتحدي ..
ـــــــــــــــــــــــ
حمدى عبد العزيز
9 مايو 2018