عُقَدٌ واحدة من المحيط إلى الخليج-العلاج النفسي الأدبي 28-


لمى محمد
الحوار المتمدن - العدد: 5884 - 2018 / 5 / 26 - 20:13
المحور: الادب والفن     

الطب النفسي ليس علماً رائعاً و حسب.. بل هو أحد الحلول المتاحة للشفاء من ظلم الحياة.. من الحدود.. من طعنات الظهر و القلب.


عقدة الأقليات:
التي يعاني منها المثقف المنتمي لأقليات عرقيّة، قوميّة، دينيّة.. ظهرت في الحرب على سوريا و العراق..
الأقليّات التي احتملت الظلم بشهادة التاريخ و خرف الجغرافيا.. حملتْ مِعوَلَ بؤسها لتحفر في صخر الأكاذيب المتقنة أو ما أسميه عمداً أنصاف الحقائق.
و رأينا ( المثقف) يصطف بشكل مرضي ضد الأقليّة التي ينتمي إليها، فيطعن في أنصاف حقائقهم، بينما يتبنى-بلا تفكير- السائد عند الأكثرية، خوفاً منه على إحدى التسميات المكررة التي يطلقها قليلو الثقافة على حاملي الآراء المختلفة: "أقلويّ طائفي".

في المقابل برزت عقدة القطيع..و خاف ( المثقف) المنتمي للأكثرية من السباحة عكس التيار، فتبنى أنصاف حقائق أكثريته و مضى مع قطيع النسبويّة.. .
هكذا رجحت أنصاف الحقائق التابعة للأكثرية-كما حدث عبر التاريخ-.
***********


عقدة الأنا غير الناضجة:
تحتاج الأنا الطفلة للقبول و المديح بتواتر كبير، أي خلل في ذلك يتسبب في ضجر الشخص و ضعف إنتاجه العلمي و العملي.

الانتقائية في اختيار الأصدقاء تميّز الشخص الحكيم عن الشخص الذي وقف نضجه على مرحلة المراهقة..
في رحلات الأدب الكثيرة.. تُوِّجَ الخلّ الوفيّ بتاج الندرة و الانتقائية..
و شبابنا في حاجة لأن يعلم بأن جلسات التسلية و مضيعة الوقت في المقاهي و على الأرصفة لا تلد فرصاً و لا مستقبلاً...

تنتشر ظاهرة القمار في مجتمعاتنا تحت اسم (الرهان) .. وعدا أن القمار مرض و داء ليس سهل الشفاء، هو أيضاً باب جرائم سرقة و حتى قتل و يجب التعامل معه بحزم و التعامل مع مروجيّه بين شبابنا باحتقار..
جملة " الله يسامحك" التي تقولها الأمهات للابن العاق يجب أن تصبح صباح الخير للمروّجين.
و لشبابنا التائه:
كثرة قد تلبي دعوتكَ للاحتفال، عشرة سيسعفوك و أنت مريض..
ليسوا أكثر من اثنين من سيساعدانك على التنفس بعد أسبوع من الاختناق.
إن صرت مريضاً و علمت بدنو موتك.. مع من ستقضي وقتك؟
مع: من سيحزن عليك أو من يحاول إنقاذك؟
*********


عقدة الدين:
يعج الفيسبوك بأخبار تزلف الأنظمة لبعبع التطرّف.. و بما أن السبب في ذلك معروف.. يبقى السؤال الأهم:
-كيف يقبل أصحاب الدين أن يضخ دينهم في أنابيب الساسة، كيف يقبل ذوو العقول بيع عقولهم لمتطرف جاهل.. كسول.. اختار التكلم باسم الله وسيلة لغاية النفوذ و المال؟
كانت إحدى صديقاتي في دمشق تحضر مع أمها اجتماعات نسائية ضمن تنظيم ( القبيسيات)..
و سألتني يوماً:
هل تعتقدين أن ما أفعله خطأ؟ أفكارك غريبة لكنك صادقة.. و أنا لا أحس بأنك كافرة حتى من دون غطاء الرأس و بثيابك هذه...

صديقتي هذه كانت بريئة و نقية كالسماء بلا طائرات.. و كنت أثق بها أكثر مما اعتقدت:
-قد تتفاجئين و لكني لست ضد تنظيم القبيسيات.. أعرف أنهن هنّ هنّ.. في الجوار أيضاً:
السحريات في لبنان و الطباعيات في الأردن.. كل الأسماء أتت من أسماء النسوة اللواتي بدأن التنظيم في البلد...
أعتقد بأن المرأة عندما تترأس تجمعاً ما لن تكون بدموية و لا همجية..
لمَ هو من المقبول إعلان الذكور واجهات لتجمعات تحت مسميّات دينيّة أو سياسيّة، بينما يحرّم هذا على النساء؟
تعرفين أني ضد السرية في العمل و التوجه، لكن حتى أكون عادلة يجب أن يمتد ذلك إلى أية مجموعة سريّة من حولنا.. لا أن نَستَضْعِفَ المُسْتَضْعَف!
هزّت صديقتي برأسها و سألتني:
-تريدين الانضمام إلينا.. إن أردتِ فيجب أن تلتزمي باللباس الشرعي.
ابتسمتُ:
-أيتها الطيبة.. عقلي لا يقبل الأطر.

و في ذات السياق: بعد الحرب في سوريا أمسى الانتماء إلى أي تنظيم ستر حاجة و سد رمق قبل أن يكون أي شيء آخر..
من يتفلسف بالواجب و المفروض ليبدأ من نفسه و ينظم هو الآخر بسرية تجمعاً يسد رمق العقول الرافضة للتزمت الديني.. أو أن يرفض الأطر الذكورية قبل الأنثوية!
***********

حلّ عقدة:
إطلاق أيدي الكتّاب، قَص أذرعة ( المسؤولين).. تسمية السفلة بأسمائهم، إخراج الشرف من غرف النوم.. تحرير العقول.. العمل المخلص، دعم الموهوبين.. إنقاذ البسطاء.. الزواجات متخالفة الطوائف، الأعراق، القوميات.. و الأديان...
كل ما سبق سيكون علامة على نجاة بلادنا من المحيط إلى الخليج.. و حتى ذاك الوقت ستستمر البلاد بدور ( الفقاسة) التي تترك صيصانها على أبواب السفارات..
و حتى ذلك الوقت من العيب على الصيصان و ( الشلافين أو القرقات) الترنّم بوطنيتهم.

أجل للعقد في الطب النفسي حلول.. لكن المريض هو من يعطينا أدواة الحل.

قالت لي مريضتي:
-وصلتِ إلى عقلي الباطن الذي لم أره من قبل.. و جعلتيني أشاهده من الداخل..
هو كما قلتِ كثير الأثاث.. و الأبطال.. ما ينقصه؟

-ينقصه وطن.. وطن صديق أو صديق وطن!


يتبع...