الدفاع عن الجبهة من فاقدي الكرامة لن يشرفكم


نبيل عودة
الحوار المتمدن - العدد: 5877 - 2018 / 5 / 19 - 14:15
المحور: المجتمع المدني     

الدفاع عن الجبهة من فاقدي الكرامة لن يشرفكم

• لو كنتم تعقلون لطلبتم الاجتماع الفوري مع علي سلام وقبوله مرشحا رئاسيا لكم أيضا، بدل ان تواجهوا فشلا سينهي مكانتكم السياسية في الناصرة تماما.
• هل بالصدفة ان الجبهة فقدت دورها في أكثر من 15 سلطة محلية عربية، بسبب الأخطاء القاتلة التي لا تريدون ان ننتقدها؟
• لا يوجد تنظيم او انسان خارج النقد، ويجب التمييز بين النقد واللسان السيء. النقد هو تجديد للحياة، تجديد للدم وتجديد للتنظيم، والويل لمن يبقى جامدا في مكانه، يصبح كالمياه الآسنة، لا تصلح للشرب، بل لتكاثر الجراثيم.
*******
• بقلم: نبيل عودة
لست معاديا لتنظيم شاركت بتأسيسه، لكني متألم مما آل اليه حاله. انتقد ما اراه اليوم قصورا وتفككا. لا انفي الدور التاريخي العظيم للجبهة في الناصرة والذي امتد تأثيره الى كل الوسط العربي، وتجاوز خطوط الاحتلال ليؤثر بإيجابية كاملة على انتخابات السلطات المحلية في الضفة الغربية حيث انتصرت القوى الوطنية واليسارية وأربكت الاحتلال الإسرائيلي.
أقيمت الجبهة في الناصرة كعملية سياسية اجتماعية بلدية ضرورية، وواضح ان قائد الحزب الشيوعي في الناصرة، الرفيق غسان حبيب، كان المحرك النفاث والجبار في الدفع نحو تجنيد الناصرة بكل اطيافها وكل حاراتها وكل عائلاتها من اجل تحرير المدينة من تحكم السلطة الإسرائيلية المباشر، ومن اهمال المدينة العربية الأولى وحرمانها من ميزانيات التطوير، ومن منطقة صناعية متطورة، بعد معركة غير سهلة نجح الحزب والأوساط الشعبية بفرض حل للمجلس البلدي وتعيين لجنة معينة لإدارة شؤون أكبر مدينة عربية .. حتى اجراء انتخابات جديدة. وهنا بدأ العمل الجاد لبناء الجسم الجبهوي من الأكاديميين أبناء الناصرة، الى التجار والحرفيين، وصولا لطلاب الجامعات ..
طبعا سأتجاهل كيف جرى التخلص من الرفيق غسان حبيب بطريقة مذلة جدا. بعد التخلص منه، جرى التخلص من مؤسسات الجبهة، الأكاديميين، الطلاب، التجار والحرفيين. أي ان الجبهة لم تعد جبهة الا بالاسم!!
انا لست قاصرا في عرض التاريخ المشرف للحزب الشيوعي والجبهة، بإمكان القراء قراءة سلسلة نصوص كتبتها وما زلت اواصل كتابتها، تحت عنوان "يوميات نصراوي" نشرت بالانترنت بعشرات المواقع، خاصة في موقع "الحوار المتمدن" (أكثر من 50 حلقة)، استعرض فيها التاريخ المشرف للحزب الشيوعي ورفاقه، ولكني لست غبيا كي اتجاهل التفكك والتبعثر للتنظيم الجبهوي والحزبي، الذي انجز أكبر تحول ثوري في تاريخ الجماهير العربية.
بعد انتصار الناصرة التاريخي قام سكرتير الحزب الشيوعي غسان حبيب بتنظيم وقيادة مخيمات العمل التطوعي، التي أضحت مهرجانات وحدت الجماهير العربية من إسرائيل ومن المناطق الفلسطينية المحتلة. كانت أعراس عمل وفن مدت الجماهير العربية وخاصة الشباب بأجمل المشاعر الإنسانية. فهل كانت هذه جريمته ليجري التخلص المهين منه؟
الا "الميت الماشي" .. التصق بكم والتصقتم لغبائكم به.
كان يراقب ويحاول تنظيف رائحته السياسية الكريهة .. ووجدكم مؤهلين لهذه المهمة بالجهل والفقر الفكري الذي أصبح من مميزاتكم في السنوات الأخيرة. مبروك عليكم.
ربما يظن ان الناس تنسى من هو، ومن أي مستنقع حزبي صهيوني تخرج. حين باع شرفه ليتحرر من خطر السجن على أثر احداث اول أيار 1958 والتصادم مع الشرطة في الناصرة، هو قطف رأسه، وفي الجانب الآخر النظيف أطلق الشاعر حنا إبراهيم قصيدة شعبية بعد ان منعتهم الشرطة من الدخول الى الناصرة الثائرة ضد قرار منع مظاهرة أول ايار، فدخلوها من طرق وعرة، منشدين على لحن "المحوربه "وهم يشاهدون ويشاركون بأول انتفاضة حجارة فلسطينية نصراوية: "الناصرة ركن الجليل فيها البوليس مدحدل". وليت من يحفظ بقية القصيدة يرسلها لي.
كان ذلك القزم خلال نصف قرن منذ عام 1958 مجرد "ميتا يمشي". حُرر من السجن لوحده وسائر رفاقه حوكموا وسجنوا وضربوا، بل وجرى صلب الرفيق توفيق زياد على نافذة المعتقل في طبريا. ورفيق من عرابة كسر كتفه من التعذيب وبعض الرفاق قضوا في السجن أربع سنين، حين كان حضرته يمرح ويتمتع بما حرم منه رفاقه.
السيد المُحرر من الاعتقال بواسطة نشيط حزب مباي البن غريوني، صار نشيطا مركزيا في حزب بن غوريون أيضا، حزب الحكم العسكري وتشريد الجماهير العربية ومصادرة أراضيها وفرض الرقابة العسكرية على كل حياتنا بما فيها المطبوعات الصحفية والكتب، حزب الأبرتهايد ضد المواطنين العرب، ومحاولة تهجير من بقي في وطنه بأساليب لا تخجل أي نظام فاشي. المناضل الفرتيك اياه حصل على وظيفة رسمية برضاء الحكم العسكري، وربما كان لسانا (جاسوسا) كشف ويكشف أسماء رفاقه وأعضاء تنظيمه؟ ثم صار زعيما صهيونيا ناطقا بالعربية وينهق بين جملة وأخرى نهيق العملاء العرب للمؤسسات التي تسمى "أمنية"، لكن دورها قمع النضال المشرف للجماهير العربية .. هكذا أثبت الولاء والخنوع لحكومة بن غوريون وسياسة الاضطهاد القومي والتمييز العنصري، وانه "بايعها طولا وعرضا!!
بعض الرفاق قالوا في ذلك الوقت انه ربما كان جاسوسا مزروعا بالأصل؟ والا ما حررته الشرطة رغم انه نزل للشارع ليتظاهر رغم ان الشرطة تقوم بتفرق المتجمهرين .. فهل كان بطلا وصار نعامة؟ او كما تساءل احد أعضاء الشبيبة الشيوعية، الذي كان عضوا بخلية يقودها الفرتيك: هل يتغير جلد الجواسيس؟ وهل ما يقوم به اليوم له دافع وطني او سياسي نظيف، ام يواصل ما صار منهجا وطابعا لشخصيته المهترئة لا حياد عنه؟
الذي يتوهم ان الجبهة بقرة مقدسة، يجب الصمت على سلبيات تطورها، وتفكيك تنظيمها، وأخطاء قادتها هو انسان ذو عقل منفعل يفتقد للتفكير ويفتقد للعقل الفعال، لا يوجد تنظيم او انسان خارج النقد، ويجب التمييز بين النقد واللسان السيء. النقد هو تجديد للحياة، تجديد للدم وتجديد للتنظيم، والويل لمن يبقى جامدا في مكانه، يصبح كالمياه الآسنة، لا تصلح للشرب، بل لتكاثر الجراثيم. من يظن ان عودة "الميت الحي"، ليصبح مرتزقا لدى الجبهة لينظف أوساخ تعفنه من الخيانة لشعبه، فهو غبي مطلق.
لو كنت اليوم في صفوف الجبهة لطلبت منه ان يصمت صونا لما تبقى من شرف للجبهة .. فهل يطلب منه عقال الجبهة، ان يكف ويصمت صونا لما تبقى من شعبية للجبهة؟ والله أقول ذلك غيرة على مستقبلكم!!
انا جاهز لحوار عقلاني إذا شئتم، بدون تجريح، حوار حول تاريخ الجبهة، حول الفكر والأيديولوجيا التي حركتنا لتاسيس التحالف الجبهوي. راجعوا مقالاتي من المعركة الانتخابية السابقة ومنذ انتخب رامز جرايسي لأول مرة رئيسا للبلدية. ألم أكن المسوق الوحيد للجبهة ورامز جرايسي خلال كل الحملات الانتخابية؟ ألم احذر من اول مقال كتبته، في الحملة الانتخابية الأخيرة .. ان لا تنسفوا الجسور بينكم وبين علي سلام؟ لا يمكن قبول تصرفكم الخاطئ مع حليف لكم، لم يتمرد ضدكم، بل حاولتم التخلص منه بأساليب مخجلة لا يقبلها أي انسان عاقل .. بظنكم ان الأرض والسماء ملك ايديكم!! اجل خسرتم علي سلام وهزمكم، لكنكم يا للمهزلة، كسبتم شخصا يكتب نهيقه بكلمات، هل هذه هي الخانة التي وصلتم اليها في زمنكم الأسود هذا؟
إذا كانت الجبهة تقبل مثل أولئك ذوي الرائحة السياسية العفنة، فهي تسجل بذلك تاريخ وفاتها الرسمي.
استيقظوا من سباتكم العميق!!
امنيتي ان تعود الجبهة الى مكانتها الطليعية، لكن ما يجري يبعدها عن مصادر قوتها، ويجعلها قائمة لا قيمة لها بالمفاهيم السياسية والنضالية التي تشكلت الجبهة على أساسها.
علي سلام لم يعاديكم بل أنتم فرضتم عليه ان يتحداكم ويهزمكم؟ هل تعلمتم الدرس؟ وهل تظنون انكم قادرون على تجديد شبابكم مع ذوي الرائحة السياسية العفنة؟
انتبهوا لما سأقوله بكامل المنطق السياسي والعقلي: لو كنتم تعقلون لطلبتم الاجتماع الفوري مع علي سلام وقبوله مرشحا رئاسيا لكم أيضا، بدل ان تواجهوا فشلا سينهي مكانتكم السياسية في الناصرة تماما.
لم اخرج من تنظيم الجبهة انما من تنظيم لم يعد شيء يربطه بالجبهة التي شكلناها وخضنا بواسطتها معركة الشرف في الناصرة، منجزين اكبر انتصار سياسي في تاريخ العرب في إسرائيل .. ومحققين أكبر تحول سياسي للجماهير العربية قاطبة. انظر حولي اليوم ولا أرى الا هزائمكم، وخسارتكم لموقع وراء موقع .. الا تتعلمون الدروس من انفضاض الجماهير من حولكم؟ أين قياداتكم السياسية لتقوم بمراجعة عميقة وجادة وجريئة، وتحدد نهجا يعيد تدفق الدماء الجديدة لتنظيم الحزب والجبهة؟
لماذا لم يجر الحفاظ على هذا الإنجاز التاريخي السياسي العظيم؟ لماذا خسرتم تقريبا كل السلطات المحلية التي كانت تحت قيادة شخصيات من جبهتكم؟
هل نبيل عودة هو السبب؟
الجواب ليس لدي، انا لم أكن بعد انهاء عملي كموظف حزب أكثر من ناشط سياسي. لم اوفر نقدي لما رأيت من أخطاء تتراكم. لم يقع نقدي على آذان تستوعب ان ما اطرحه بات يشكل قضية حياة او موت للتنظيم الجبهوي في الناصرة وسائر البلدات العربية، فهل بالصدفة ان الجبهة فقدت دورها في أكثر من 15 سلطة محلية عربية، بسبب الأخطاء القاتلة التي لا تريدون ان ننتقدها؟ ان انتقاد الزعماء، حسب نهجكم وفكركم هي مخالفة عظيمة، تقود الى حبل المشنقة، وبما اننا في إسرائيل ولا يوجد مشانق، لذا وجهتم ضدي هجمات صبيانكم وأخيرا انضم اليكم من لا يشرفكم ان يحسب منكم .. انصحكم بقراءة كتاب حنا إبراهيم "يوميات شاب لم يتغرب" حيث يشرح هذا الموضوع بوضوح وألم!!
رغم ذلك لم ابع جبهتي، وواصلت تسويقها وانا أتألم لمكانتها الآخذة بالتفكك...
لكن ان يصل الأمر الى فرض مقاطعة على كتاباتي في صحيفة الحزب الشيوعي، رغم تدخل قادة الجبهة والحزب في الناصرة، الذي أصروا ان تنشر مقالاتي في جريدة حزبهم، الا ان اوساطا مريضة فارغة من الفكر ومن القدرة على كتابة مقال مجند، رأت بنشر الاتحاد لنبيل عودة خطرا دافقا على مكانتهم التنبلية في التنظيم الحزبي المترهل والمفلس هو أيضا .. لأن نبيل عودة، طويل اللسان في نقده، وصريح تماما في قول كلمة الحق، وهذا لا يناسب زعماء آخر زمان، الذين جبلوا من طينة ستالينية خاصة .. تجعلهم يظنون انهم اشبه بآلهة الأوليمبوس!!
لا بد من كشف سر صغير: وصل الأمر ان يجري التهجم الوقح على أصدقاء لي، جبهويين وشيوعيين .. لأنهم جلسوا بجانبي في مهرجانات الجبهة. هذا هو المنطق السياسي الذي تثقفون كوادركم عليه؟
حتى هنا .. ما كان يمكن ان أصمت.
نشرت نقدا حادا لهذه التصرفات غير العقلانية، جرى التدخل والاستفسار، وعندما سؤل قائد حزبي سابق عن مقاطعة نبيل عودة في صحيفة الحزب، رد ان "السبب هو فرع الناصرة لأنه (ز .. نمر) لا نستطيع معارضته". الآن انضم اليكم رسميا خائن للحزب وطريقه، همه ليس خدمتكم، بل تبييض صفحته من رائحة التعفن السياسي التي تزكم الأنوف.
كان مجرد مرتزق، خان شعبه ويريد قبل دفنه تحت التراب ان يبيض صفحته السوداء.
هل نقول لما تبقى من الجبهة طيبة الذكر سابقا، مبروك عليكم هذا الميت الماشي؟
امامكم حل ينقذ الجبهة ومكانتها، وقد تجعلوا من ذلك نهجا يكسبكم احتراما وشعبية، أنتم بأمس الحاجة اليها، ونحن نريدكم ان تبقوا بصف الغيورين على مستقبل مدينتنا وشعبنا: بادروا لاعتبار علي سلام، ابن جبهة الناصرة أصلا، مرشحا مشتركا لكم أيضا لرئاسة بلدية الناصرة، ستحققون بذلك تحولا سياسيا كبيرا، وتكسبون احتراما شعبيا، يعيد لكم الكثير من الشرعية السياسية.
الطابة في ملعبكم!!
[email protected]