المجلس الوطني الفلسطيني ال23: بين تحديات حماية البرنامج الوطني للاستقلال والعوده ، وبين فزاعة حماية الشرعية من البدائل


محمود خليفه
الحوار المتمدن - العدد: 5869 - 2018 / 5 / 10 - 00:40
المحور: القضية الفلسطينية     

انتهت اعمال الدورة الثالثة والعشرين للمجلس الوطني الفلسطيني، بمشاركة فاعلة ومميزة للمعارضة الفلسطينية ومنها الجبهه الديمقراطية لتحرير فلسطين ، وممثليها في أعمال الدورة، حيث كانت مشاركتها وحضورها متميزا ومؤثرا على قرارات المجلس الوطني من جهه ، وفي المداولات التي امتدت على مدار أربعة أيام،وطالت عددا من المسائل والموضوعات المختلفة والمطروحة على جدول الاعمال من جهة اخرى. وهو ما شهد به الكثير من الحضور ومن ممثلي القوى السسياسة المختلفة، ووصلت أصداؤه إلى الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي، إلى درجة وصف فيها بعض الصحفيين الجلسة بأنها كانت "دورة الجبهة الديمقراطية".وكما دللت طبيعة ومضمون المداخلات المكتوبة والمقدمة والمعممة على الاعلام من عدد من ممثلي الجبهة من عدد من الساحات والتي طالت الاوضاع الفلسطينية والاحتياجات والمهمات الملحة في لبنان وغزه وفي الجاليات وعلى مستوى العلاقات الداخلية والحريات الاساسية والعامه. عدا عن الكلمة الرسمية المعممة والتفصيلية حول رؤية الجبهة للدورة، وتصوراتها لاليات ومهمات الخروج من عنق الزجاجة، التي تحاول السياسات الامريكية بمواقفها وباجراءاتها القديمة الجديدة ولاسيما ما يتعلق بقرار ترامب حول القدس وما رشح عما قيل عنه صفقة القرن، حشر الحالة الوطنية الفلسطينية فيها ،تمهيدا لفرض حل الامر الواقع الاستسلامي الامريكي الاسرائيلي التصفوي وعلى حساب الحقوق الوطنية والمشروعة للشعب الفلسطيني
جاء انعقاد الدورة وسط ظروف محلية ودولية معقدة، وفي ظل حالة من التشكيك والتطيّر من أن هذه الدورة بمجرد انعقادها سوف تكرّس الانقسام، وتأتي بمخرجات سياسية هابطة تتراجع عن مقررات المجلس المركزي، أو تميّعها، وتمهد الطريق لتمرير صفقة القرن. وهكذا انقسمت مواقف القوى والفصائل الفلسطينية بين من قرر المشاركة مسبقا من دون وضع أية شروط أو طرح مطالب واضحة وكأن مجرد انعقاد الدورة هدف بحد ذاته، وبين المقاطعة المتسرعة والمستعجله والمحكومة بقرار مسبق .وقد حكم على الدورة بأنها ستكرّس الانقسام، في حين انفردت الجبهة الديمقراطية بموقفها المتميز.. وخاضت صراعا مبدئيا قبل أسابيع من موعد الدورة. بأن وضعت جملة من المطالب والشروط. وربطت مشاركتها بتوفير هذه الشروط. وفي مقدمتها تأكيد قرارات المجلس المركزي بدورتيه الأخيرتين2015 و2018، وتطويرها في اتجاه بناء موقف سياسي فلسطيني يقوم على القطع مع اتفاق أوسلو والتحرر من قيوده، واتخاذ قرارات واضحة بإحالة ملفات جرائم الحرب الإسرائيلية إلى الجنائية الدولية، ومتابعة الانضمام للمنظمات والوكالات الدولية لتعزيز مكانة دولة فلسطين، بالإضافة الى الالتزام باستئناف مسار المصالحة وإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، وإلغاء العقوبات المفروضة على قطاع غزة، واضطلاع المنظمة بمسؤولياتها الوطنية تجاه شعبنا في الشتات. وخاصة في مخيمات لبنان وسوريا،وإصلاح مؤسسات منظمة التحرير ودوائرها وتفعيل دورها وتعزيز مكانتها كإطار يجمع كل الشعب الفلسطيني وفئاته وتجمعاته.وبما يشمل اعادة النظر في وظائف السلطة وانهاء التنسيق الامني وتعليق الاعتراف باسرائيل والبدء بالتخلص التدريجي من مترتبات وموجبات اتفاق باريس الاقتصادي وما يتبعه من اتفاقات وتفاهمات
وقد خاضت الجبهة واصدقائها وحلفائها الديمقراطيين وبعض ممثلي حركة فتح من المنظمات الشعبية ومن النقابات المهنية والمراة ، صراعا ضاريا لتثبيت هذه المبادىء والتوجهات. كما أعلنت الجبهة رفضها الصريح لرؤية الرئيس عباس أو ما أسمي بالمبادرة التي ألقاها في خطابه أمام مجلس الأمن الدولي قبل بضعة شهور ، وعبرت الجبهة عن ذلك بوضوح في المؤتمر الصحفي الذي عقدته قيادة الجبهة في رام الله قبل يومين من انعقاد المجلس، وضمنته في كلمتها المركزية التي ألقيت في المجلس بوجود الرئيس أبو مازن شخصيا حيث جاء في الكلمة " فنحن حزب معارض في إطار ائتلاف وطني، خيارنا الغالب هو ما يجمع في الخط السياسي، لكننا لا نتردد لحظة واحدة في إشهار معارضتنا لما نعتقد أنه لا يخدم تقدم العملية الوطنية"... واختتمت الكلمة بفقرة تقول " من موقع التمسك بالبرنامج الوطني، والايمان الراسخ بالوحدة الداخلية والاخلاص بلا حدود لمنظمة التحرير والثقة اللا متناهية بالطاقات النضالية الهائلة التي يختزنها شعبنا، اتينا إلى هذا المجلس معارضين، فلا تجعلونا نقدم بعد ختام أعماله على خطوات أكثر تصميماً، على المعارضة الوطنية الوحدوية المستقلة البناءة" ودعونا نذكر انفسنا بقاعدة بديهية معروفة للجميع: المعارضة الأكثر فعلاً وتأثيراً هي تلك التي تنطلق من داخل المؤسسة وتكون في الوقت نفسه محتضنة جماهيرياً".وبما تعنيه هذه الفقرات من استعداد الجبهة ومعها عدد ليس بقليل من الاصدقاء والديمقراطيين والمستقلين لتصعيد الموقف المعارض بالانسحاب او بتعليق العضوية في الهيئات والطعن بالمخرجات وبالنتائج السياسية من حيث ما تشكله من خروج على برامج الاجماع والقواسم المشتركة والمعمول بها او على القرارات الوطنية والاجماعية للمجلس المركزي في دورتيه الاخيرتين واستبدال ذلك برؤية ومبادرة خطاب مجلس الامن لما تمثله من تراجع وسقوف هابطه ومن مخاطر البحث عن اوهام تقاطعات المواقف مع السياسات التصفوية الامريكية وحلم المفاوضات الثنائية وتجربتها العبثية للربع قرن الماضي ولم تسفر عن شيء الا مزيدا من المعاناة والخسائر الوطنية الصافية لنا والربح الصافي لجبهة الاعداء