-صوتوا لمستقبلكم-؟...... مستقبل من.. تعنون؟


نادية محمود
الحوار المتمدن - العدد: 5847 - 2018 / 4 / 16 - 02:10
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق     

تواصل قناة العراقية والدعايات الانتخابية للعديد من المرشحين والمرشحات والتي تنتشر في المدن النداء للناخبين بـ"صوتوا لمستقبلكم"! في مسعى لاقناعهم للذهاب الى صناديق الاقتراع والتصويت. واعدين اياهم بان المشاركة في التصويت ستعود بالفائدة على الناخبين ولمستقبلهم!
الا ان تفحص واعطاء قليل من التفكير لهذا النداء يثير لدى المرء التساؤل التالي: مستقبل من يعنون بالضبط؟ مستقبلنا ام مستقبلكم؟.
ان اكثر ما تبرع به البرجوازية وتتفنن هو قلب الحقائق رأسا على عقب! الجماهير تعلن المرة تلو المرة عن عزوفها عن المشاركة في الانتخابات. والجماهير توضح اسباب هذا العزوف بانه يعود الى حقيقة اكتسبتها بتجربتها الواقعية والحية ولم تتأت من فراغ، عدم قيام الحكومات السابقة التي سبق وان انتخبتها الجماهير بتقديم اية خدمات، لم توفر فرص عمل، لم توفر الكهرباء، التعليم تدهور من سيء الى اسوأ والصحة كذلك، الامان فقد، وليس غير سماع اعمال السرقة والفساد لا يترشح شيء عن هذه الحكومة والتي سبق ان رشحها الناخبون، ونزولا عند تلك الدعايات الانتخابية. لقد وضحت الجماهير اسبابها. بل وقامت بحملة واسعة وان كانت متفرقة ولا تجمعها قيادة موحدة، وهي مطالبتها بالخدمات في ظل حمية الحملات الانتخابية مرة اخرى معلنة بان لا انتخابات بدون خدمات، لا انتخابات بدون فرص عمل والبطالة في تصاعد، لا انتخابات ومئات الالاف من العمال المؤقتين في مؤسسات الدولة يصارعون من اجل حصولهم على عقود ثابتة.. وهكذا. اي ان رسالة الجماهير واضحة.
الاحزاب التي تقوم وهي لازالت في فترة الترشيح للانتخابات بخرق القانون، اي قانون الانتخابات، القانون الذي وقعته بايديها، كيف سيتسنى لها احترام اي قانون لاحقا، وحال حصولها على "الشرعية" الانتخابية! والحكومة تغدو حيالها عديمة الحيلة، عاجزة كل العجز عن تنفيذ اي اجراء قانوني بحقها جراء تلك الخروقات. شراء بطاقات التصويت، الشروع بالحملة الانتخابية قبل موعدها بشكل متحايل على القانون.. كيف يمكن لهذه الاحزاب التي ترى نفسها ان لها احقية بالسلطة، وهي التي تخرق قوانينها نهارا جهارا، يمكن ان تحترم حاجات الجماهير ومستقبلهم؟!
"صوتوا لمستقبلكم" انما هي كذبة مفضوحة فلا علاقة بين الانتخابات ومستقبل الجماهير! الا اذا كان برسم مستقبل ان لم يكن اسوأ من السنوات الماضية فهو ليس بافضل منها. ان خصلة الاحزاب البرجوازية وحاجتها تقتضي خداع وتخدير وتحميق وعي الجماهير. وتظهر الان هذه في اشدها في فترة الانتخابات. والا اذا كانت الاحزاب الحاكمة وممثليها تتمتع بـ"صراحة وشفافية"!! مشعان الجبوري مثلا الذين اعلن بـ"كلنا فاسدون وكلنا مرتشون ولم يستثني نفسه واعطي عددا من الامثلة على فساده وارتشائه)، فانها ستعترف بذات الدرجة لتقول للناخبين: اسمعوا! صوتوا من اجل مستقبلنا، صوتوا من اجل امتيازاتنا، صوتوا من اجل منافعنا، ومخصصاتنا، و"كومشيناتنا"- كلمة حنان الفتلاوي التي اشتهرت بها. ولكنها للاسف لم ترق بعد الى صراحة مشعان الجبوري!! ان الحقيقة هي ان ما هو على المحك ليس مستقبل الناس، بل مستقبل احزاب السلطة، التي تريد نهب وسلب اكثر ما يمكن مستثمرين اوضاع الفساد والفوضى وانعدام القانون، وقبل فوات الاوان!
من اجل مستقبلنا، يجب بالضبط عدم التصويت لهذه الاحزاب "المجربة"! ان دعاياتها الانتخابية التي بدأت تهجم بها عبر شاشات التلفاز ووسائل الاتصال الاجتماعي لهي الابداع في الكذب وتزييف الحقائق. من الواضح ان هذه الاحزاب جادة لحد الموت بتمسكها بالسلطة. يقول عمار الحكيم الا تريدون وجوها جديدة؟؟ لقد استبدلنا 90% من الوجوه! غيرت الاحزاب اسماءها من اسلامية الى مدنية، غيرت وجوهها، نظمت حفلات تغني فيها نساء سافرات "للعصائب"!!! وتيار الحكمة لعمار الحكيم يعزف موسيقى امريكا اللاتينية في حملته الانتخابية!! واذن يتسائل المرء وعلام كانت كل تلك الاسلاميات اذن؟ علام كان الحجاب وقتل النساء غير المحجبات!! ولما يزل لا تتجرأ امرأة لحد الان في جنوب العراق على الخروج بدون حجاب خوفا من ذلك التاريخ الاسود! وتحريم الموسيقى!! واضح تماما انه امام الحفاظ على المناصب والثروات، تتساقط كل تلك الدعوات. فكما الصحوة الاسلامية جاءت لتخدم مصالح طبقة طفيلية اتخذت من الدين غطاءا ايديولوجيا لها، ومن الطائفية كذلك، اليوم تعيش فجأة "صحوة مدنية" تقتضيها احتياجات الانتخابات والحصول على اصوات!!!
وهكذا احزاب تغير لونها بين ليلة وضحاها، سيتوقع او ينتظر منها ان تنشغل وتنكب وتفكر وتعمل على خلق "مستقبل لنا"!
ولكن اذا كان هذه الاحزاب تغير الوانها وشعاراتها فيوما صحوة اسلامية، ويوما صحوة مدنية حسب مقتضيات حاجاتها، الجماهير احتياجاتها ثابتة: فرص عمل او ضمان بطالة. كهرباء باسعار قابلة للدفع حتى من ابسط الاسر الفقيرة. خدمات. مدارس تعلم الاطفال، وطبابة قادرة على شفاء المرضى وبشكل مجاني. احترام البشر وحقوقه. الامان الاجتماعي منه والاقتصادي. هذه مطالب لم تتغير لا باسلامية ولا مدنية تلك الاحزاب. هذه المطالب رفعتها الجماهير بالامس واليوم وسترفعها غدا. اي رفعتها في الماضي وترفعها في الحاضر وسترفعها ايضا في المستقبل. هذا هو المستقبل الذي تريده الجماهير. ليس انتخاب فلان او علان. انها تريد التغيير. تريد تحقيق مطاليبها. بوجود هذا الجمع "المجرب" او الذي سينضم الى صفوفها تحت رايات نفس الاحزاب السابقة، لا يمكن تحقيق تلك المطالب. تحقيق تلك المطالب ليست مسؤولية لا الحكومة ولا الاحزاب البرلمانية الحالية ولا تلك التي تتسابق لتصل الى مقاعد البرلمان ستتمكن من حلها. ليست مفاتيح مستقبل مرفه للجماهير في ايدي هذه الحكومات، انها لا تملكه. ان الجماهير وحدها، والطبقة العاملة وحدها صاحبة المصلحة الحقيقية والوحيدة في خلق مستقبل افضل لها.