أفكار مغلوطة أم إيمانكم خاطئ أم وهم الفكرة


سامى لبيب
الحوار المتمدن - العدد: 5828 - 2018 / 3 / 27 - 22:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

- مئتان حجة تُفند وجود إله - حجة (164) إلى حجة (177) .

موضوعنا يتناول خربشات فى فكرة الإله التى تتسم بالمطلق لنحظى على تناقضات عظيمة كلما تأملنا ثنايا الفكرة مع المطلق , فبداية لا يوجد شئ إسمه مطلق فى الوجود المُدرك لتزداد الإستحالة عندما نتناول المطلق فى السلوك والصفات , فالسلوك والصفات والتصرفات يحكمها واقع وجودى مادى محدد , ولكن المؤمنين بفكرة الإله فى مأزق فهم لا يستطيعون قبول فكرة الإله المحدود كما يقعون فى إشكاليات مع فكرة اللامحدود .. يمكن تفسير المأزق الفكرى بأن فكرة الإله تم رسمها من خيال إنسانى ليضع الفكرة فى إطار حيزها الإنسانى المحدود ثم إنتبه أصحاب اللاهوت أن هذا يفقد الإله ألوهيته فوضعوا الفكرة فى غرفة بدون سقف ليتخلصوا من محدوديتها ولكنهم نسوا ان الغرفة محددة الأبعاد .
كعهدى فى سلسلة مقالات "تفنيد وجود إله" لا أعتمد على العقل والمنطق فقط لرفض وجود إله لأستخدم العقلانية والمنطقية فى التعامل مع الأطروحات الإيمانية ذاتها لأثبت هشاشتها وتناقضها لذا قد يتفاجئ المؤمن أن مفردات إيمانه خاطئه وفق مفهوم فرضية الألوهية الصحيح أو أن الحقيقة لا تتحمل فكرة وجود إله شخصانى .

164 – الصفة تعنى تحديد الماهية المادية .
إن جميع الصفات التي وصف بها هذا الإله نفسه أو للدقة الصفات التى أنتجها وألفها البشر للإله هي فى حقيقتها تنتقص من ألوهيته وقدراته لأنها وضعت لذاته حدود لا يستطيع أن يخرج منها .. فتعريف الصفات أنها حدود الشيء , كما أنها تعنى حدود تعتنى بالعالم المادى , فكيف يضع الإله حدود لذاته فى العالم المادي ثم يقال أن ماهيته لا مادية كلية , وحتى لو إختار مؤلفي الأديان أن لا تكون لهذا الإله صفة نهائيا لكان هذا الأمر صفة بحد ذاتها أى أن صفته أنه ليس له صفة وفقا لمغزى القول أنه ليس كمثله شئ ولكن هذا سيوقعهم فى ورطة وتناقض منطقي آخر لأن الذي ليس له صفة لا وجود له وليس بشيء , وكذلك ستعني أيضا المحدودية لأنه ممنوع من أي صفة .!
نستطيع أن نرى حيرة مؤلفي الدين بتركيب وترقيع وتأليف صفات لهذا الإله , والجمع بين الصفات المتناقضة كالمُعز والمُذل أو إستخدام كلمة المطلق بإسراف وبدون وعى مما سيجلب إشكاليات منطقية أخرى كما سنرى .

165 - من أين يأتى الإطلاق مع فهم وعالم نسبى .
برغم أنهم لا يدركون ما هو معنى أن تكون صفات مثل الجمال والخير والحق مطلقة وكاملة ولانهائية ، لأن الإطلاق والكمال واللانهائية مجرد أفكار عقلية فارغة من المعنى التجريبى الملموس إلا أنها أفكار إرتضوها وجعلوها تسيطر عليهم برغم أنهم لا يختبرون فى حياتهم الواقعية واليومية إلا كل ما هو نسبى وناقص ومتناهى من أشياء وصفات , ولسيطرة تلك الأفكار التجريدية غير المثبتة عليهم فإنهم يفترضون أن خالق هذا الواقع والمتحكم فيه والذى يزعمون وجوده على عكس كل مخلوقاته مطلق وكامل ولانهائى فى جميع صفاته .!


166- الله ليس كمثله شئ لذا كل ايمانكم وفهمكم خاطئ .!
الله ليس كمثله شئ رؤية فكرية عبقرية تعتنى بالألوهية وتحصنها من الإقتراب والبحث والتفكير , وأتصور أن كل الأديان ستقر بأن الله ليس كمثله شئ بالرغم أن الوكيل الرسمى لها هو الفكر الإسلامى .. بالرغم أن "الله ليس كمثله شئ" مقولة تُعظم وتُمجد الإله وتجعله فى وجود مفارق إلا أنها تنسف نسفاً كل الأديان والإدعاءات التى روجت للإله فتصير كل الصفات الإلهية كالرحيم والكريم والغفور والمنتقم والجبار الخ صفات غير حقيقية فيوجد مثلها لدى البشر كما تنهار الأساطير والقصص والأوامر الإلهية.
هناك شئ أخطر فى تلك المقولة فلنفكر فيه وهو أن" ليس كمثله شئ " تعنى أن الله لا شئ أى غير موجود .!

167- العواطف لا تستقيم مع فكرة الألوهية .
حسب الميثولوجيات الدينية المختلفة , فالإله لديه مشاعر فهو يحب و يغضب وينتقم ويفرح ويكره ويندم ويتحسر بل يسب ويلعن .. فلنتوقف عند حالة الإله المُنفعل المتفاعل وعلاقتها بمفهوم وتعريف الألوهية والكمال .. المشاعر تنال من فكرة الكمال والمطلق , فهي ردود أفعال تنتج عن أحداث غير متوقعة كحزن , غضب , فرح , حب , رضى .. فكيف يمكن لإله مطلق القدرة أى لا حدود لإمكانياته , وفى نفس الوقت عالم بكل شيء , لديه علم الماضي والحاضر والمستقبل أن يغضب وينتقم ويرضى الخ , فغضبه مثلاً سيكون إنفعال غير محدود لينال من رضاه فهو مازال غاضباً حتى الآن ولن يتوقف حتى إلى الأبد , فلو تصورت أن الغضب يتوقف فيعنى أنه ذو مشاعر إنسانية ذات إنتهاء لتنتهى وتحل مشاعر أخرى عليه ,كما أن الغضب مثلاً سينال من معرفته وقدرته , فالحدث الذى أثار غضبه لم يكن يعلم به لينفعل ويتولد لديه غضب , فليس من المعقول أنه يعلم منذ الأزل الحدث ليأتى بعد ذلك فيغضب إلا إذا كان ممثلاً .!
فى الحقيقة مؤلفى الأديان جعلوا الله يغضب وينتقم ويمكر ويتكبر ليستخدم المشاعر الإنسانية البحته التي تعتمد على المفاجأة والإنفعال ورد الفعل رغم أنه عليم علم مُسبق مطلق بكل ما سيحدث منذ الأزل , فكيف له أن يغضب ويسب ابو لهب والكفار والمنافقين رغم علمه بما سيفعلونه مسبقاً , كما نلاحظ أن الغضب والإنتقام والمكر جزء من المشاعر الإنسانية تحدث نتيجة الإنفعال الشديد الأهوج المُنفلت , فكيف يغضب الله كرد فعل لحدث يعلمه لينفعل تجاهه .. المشاعر هي ردود أفعال تنتج عن أحداث غير متوقعة إما من صدمة أو حزن أو غضب أو فرح أو حب أو كره..إلخ , فكيف لإله مطلق القدرة أن ينفعل ليمارس رد الفعل .!

168 – الله منفعلاً مفعولاً به .
أي محاولة لفهم السلوكيات التي تقوم بها الذات الإلهية ستحول هذه الذات إما إلى ذات فاعلة أو ذات مُنفعلة , مُستغنى أو تحت الحاجة , وهذا يعني أن هذه الذات الإلهية مجرد ظاهرة مادية غير مستقلة , فهي عندما تقوم بالفعل فهى تحتاج للآخر لتطبق هذا الفعل عليه, فبدون وجود هذا الآخر يصبح فعل هذه الذات عبثى مستحيل الحدوث لأنه عندئذ سيحدث على لاشيء .
لذلك فإن صاحب الفعل يحتاج دائماً لوجود المُنفعل ليمارس فعله عليه , فالفاعل يحتاج لوجود المُنفعل لذلك عندما نقول أن الله يمارس أفعالاً على مخلوقاته فهو يحتاج إلى هذه المخلوقات التي بدونها لن يكون لفعله أي معنى , وبهذا المعنى فإن الله غير مستغني عن مخلوقاته ولا مستقل عنها , وحينئذ لن يكون إلهاً .. أما عندما نقول أن المخلوقات تقوم بأفعال ليصبح الله هنا صاحب رد الفعل فهذا معناه أن الله ينفعل ويتأثر بما يفعله الآخرون وبذلك فإن الإله حينئذ غير مستقل بذاته بل هو متأثر بغيره وحينها لن يكون إلهاً .

169- إله منحازاً ليس بإله .
تحفل الكتب الدينية بتسجيل مشاهد عديدة للإله الذى ينحاز لقوم أو جماعة فهو إنحاز لليهود كشعبه المختار , وإنحاز لمن يقبل المسيح مخلصاً , وإنحاز لخير أمة أخرجت للناس .. المواقف الإلهية منحازة إنحياز شديد للمؤمنين ضد الكافرين والمشركين .. فالإله مُنحاز كأن يحب الصابرين ويكره الكافرين .
المؤمنين لا يفطنون أن هذا الإنحياز ومحبة فصيل وكره فصيل آخر ينزع الألوهية عن الإله ويضعه فى خانة وجدانية إنسانية مُنفعلة , بينما المُفترض أن الإله لا يحب ولا يكره لأن الحب والكره حالات يفتقدها الله كونها صفات تعايش لا تكون إلا في مخلوق مُنفعل وجدانياً , كذا الحب والكره هو شعور مركزه الإنسان ليكون هذا الشعور من محيطه البشرى , فعدم قدرته على إزالة ما يكرهه سيقول الإنسان حينها أنه يكره .. أما الإله فمن المُفترض أنه الخالق الكامل القادر على إزالة ما يراه , ولهذا السبب فالله لا يستطيع أن يكره , كما أن الإله لا يعيش فى محيط ينتج عنه مشاعر الكره أو الحب , أضف لذلك أن الحب والكره منطق تجريبي يكتسب من خلال الحياة , والمُفترض أن الله لا يجرب شيئ حتى يحبه أو يكرهه لأنه خالقه فرضاً .
من المُفترض أن الله لا يمكن أن يتحيز لفريق ضد فريق أو أن يقف مع جهة ضد جهة لأنه لو فعل ذلك سيكون متحيزاً لأحدهما وهذا من نواقص ونواقض الالوهية , فالإله الكامل المُنزه ليس مع أو ضد لأنه لو كان مع أو ضد فهذا يعني أن له مصلحة مع أحد دون الآخر , فالذي لا مصلحة له لا يكون مع أو ضد , ومن هنا فالإنحياز من سمات وخصائص البشر وليست من سمات الإله , لذلك لا يمكن أن يقال بأن الله مع المؤمنين ضد الكافرين لأنه لو قيل كذلك فهذا يعنى أنه متحيز أي يميل لطرف مقابل الآخر , أي أن البشر يؤثرون به وهذا مستحيل وفقا لفرضية الإله فهو على الحياد دائماً وأبداً وليس مع أحد ,فالحالة المثلى لوجوده وكماله هي الحياد وليس الانحياز .

170 – تهديد حرية ومشيئة الإله .
هل يستطيع هذا الإله أن يمنع نفسه من فعل أي شيء ؟ وهل يمكن ان يتراجع الله عن وعوده فمثلا يذكر محمد فى قرآنه : ( وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) فبهذا الوعد منع الله نفسه من مخالفة وعده , فهل هذا يعني أنه منع نفسه من فعل شيء ؟!.. فرضاً هذا الإله كان له الخيار فيما يفعل قبل الوعد ولكن بعد الوعد ألزم نفسه به لينتهى إدعاء حرية إختياره ومشيئته فهو مقيد عاجز عن مخالفة وعده ولم يعد قادرا على فعل أي شيء .
إذا أجبتم أن الإله يستحيل أن يخلف وعده فهذا يؤكد أنه عاجز وحريته ومشيئته مقيدة ,كما ينفيه أن الإله غير ونسخ آياته وتشريعاته بل تخلى عن وعده لليهود كشعبه المختار بقدوم المسيح ومحمد , أما إذا أجبتم بأن الله قادر على أن يخالف وعده فأنتم بذلك خالفتم مايدعيه هذا الإله بأنه صدوق بوعده كما جاء بآية ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ ). فكيف تجتمع صفة صدق الإله مع وعد لا يخلفه مع تهديد حريته ومشيئته ومطلق قدراته .

171 - الإله المعز المذل .
الإله المعز المذل , الضار النافع , الخافض الرافع , صفات متناقضة للإله فى ذات الوقت وبغض النظر عن أن المؤمنين ينفرون ويستقبحون صفات المُذل والضار والخافض , فلا تجد مسلم يسمى إبنه عبد المذل أو عبد الضار أو عبد الخافض , إلا ان وجود الصفة ونقيضها لا تستقيم ليبرر السذج أن الإله يذل ويضر من يشاء ويعز ويرفع من يشاء , لتتحول الصورة إلى حقيقتها الإنسانية , فالإنسان عندما يمتلك القوة فهو يمارس التعزيز والإذلال وفقا لمزاجه , لكن الممارسة تكون وقتية فلا يفطن المؤمنون أن الصفات الإلهية مطلقة أى ليس لها حدود وإنتهاء , فالإله عندما يذل فلن يتوقف ولن يتحول للنقيض بالعزة فهذا الأمر فى الإنسان فقط الذى يمارس سلوك وصفات محدودة متغيرة متقلبة .. هذا المشهد يفضح بشرية فكرة الإله ومنشأها البشرى .

172 – عبثية مالك الملك .
يقولون أن الله مالك المُلك مَالك ما فى السموات والأرض , وبالرغم أنهم يرددون تلك المقولة كثيراً فلا يفطنون أنهم يصورون الإله هكذا كإقطاعى كبير يملك الأرض وماعليها بل تلك المقولة بلا معنى عندما تبحث فى معنى الإمتلاك فهى تقوض فكرة الألوهية .
لا تتحقق الملكية إلا عندما يتنافس المتنافسون على الإستحواذ والإقتناء ليحرصوا على إثبات ملكيتهم بالعقود أو الإشهار , فلو تخيلت نفسك وحيداً على كوكب الأرض فمن العبث والجنون أن تمشى وتصرخ لتقول أنا مالك الأرض فقد إنتفت الملكية بعدم وجود منافسين , لذا لن تحتاج لتوثيق وإشهار تلك الملكية بالطبع ولكن عندما تكون الأرض آهلة بالبشر فمن الممكن أن تصرخ وتهلل وترقص لإثبات ملكيتك .
من المُفترض أن الله كامل لا يشاركه أحد الألوهية ولا ينافسه وينازعه آلهة أخرى منذ الازل حتى يُعلن أنه يمتلك الارض والسموات لذا تكون مقولة الله مالك مافى السموات والأرض هى إسقاط فكر بشرى تخيل الإله إقطاعياً .
نقطة اخرى جديرة بالتأمل .. من العبث والتفاهة أن تقول أن الملياردير فلان يمتلك 100 مليار دولار +50 سنت فهذا القول بملك السموات التى تعادل 100 مليار دولار , والأرض التى تعادل 50 سنت هو عبث ينم عن فهم ساذج للكون .

173 – عالم الغيب والجبرية .
الله يعلم الغيب مقولة يرددها المؤمنون بلا أي وعى .. فمقولة الله يعلم الغيب تعنى أنه مُدرك المستقبل وأحداثه قبل وقوعها ولا تقف الأمور عند المعرفة بل فى التحكم والهيمنة على الأحداث وإلا فشلت المعرفة , كمثال معرفة الله بنية إنسان قتل إنسان آخر بسُم فى يوم حدده لذلك فحسب منطقنا أن هذا الإنسان هو الفاعل الحقيقى للقتل ولكن حسب فكرة الإيمان بالله كعالم الغيب فلابد ان يكون الله فاعلاً وسيقتصر الإنسان كأداة للفعل فقط , فإذا قلنا أن هذا الإنسان أقدم على القتل بحريته منفرداً وأنه إختار السُم وليس المسدس ولا شأن للإله به فهذا يعنى أن الإنسان تحكم فى فعل مستقبلى غيبى يُفترض تفرد الله بعلمه لينال هذا من فكرة الله كعالم الغيب , ليقول قائل أن الله يعلم هذا الفعل منذ الأزل كمعرفة , ولكن هل يستطيع الإنسان أن يعاند ويخيب معرفة الله لينتج سلوك مغاير لمعرفته أو أن يختار وسيلة قتل مغايرة لعلم الإله أم أن الإله سيتدخل ليصير السيناريو وفق خطته ومعرفته بإستخدام التضليل والغواية والفتنة مثلاً .

174 - الله حيّ .
الله حيّ مقولة تتردد دوما وعندما تستغرب من هذه المقولة ستجد الدهشة فى عيون المؤمنين ليقولون : وهل تتصور الله ميت ؟! مقولة الحيّ تعنى أنه يتنفس ويشرب ويأكل وينمو ويتطور فهكذا كلمة حيّ إلا إذا كان لديك لغة عربية أخرى .!..الإشكالية أننا خلقنا فكرة الله ومنحناه صفاتنا ومنها الحي فليس من المعقول ان يكون الخالق ميت أو جماد فيصير الخالق أقل من المخلوق .
الإله غير موجود لأنه لا يمكن أن يكون حي , فالحي يعرف ويدرك ويخوض الموت وفيما عدا ذلك يكون مادة .. ولا شئ اسمه حي ذو وجود سرمدى , فالحى يتبدل وينمو ويندثر وفى كل لحظة بحال بينما يقولون أن الله ثابت لا يتغير ولا يتبدل ولا يُفنى فلا وجود لهذا الوجود إلا المادة , ولكن حتى المادة تتغير وتتبدل وفى كل لحظة بحال .. إذا الإله غير حى وغير موجود .
الحيّ صفة إنسانية عن جدارة وتثبت أننا من نرسم ونلون آلهتنا لذا يقع البشر دوماً فى الخطأ بمنح فكرة الإله صفاتهم , ولم يدركوا أن الإله فى فرضياتهم ذو طبيعة مغايرة أى أن كل الصفات ليست بذات معنى , ولكن ماذا نقول عن خيال فطرى انسانى برئ لم يفذلك الامور ليأتى الأحفاد ليقولوا غير محدود وغير مادى وذو طبيعة مغايرة .

175 – الظاهر والباطن .
القول بأن الله الظاهر الباطن , كذا وجوده فى الزمان وأنه خارج الزمان , كما أنه متواجد فى كل مكان وفى قول آخر خارج المكان , فكل هذا شئ غير منطقى بل أقوال عبثية فلا يوجد منطق يقول وجود أ مع عدم وجود أ , ومن هنا لا يوجد شئ اسمه واجب الوجود لوجود يحمل تناقض الشئ وعكسه .

176 – العدل والرحمة المطلقة .
كيف يتحلى الله بالرحمه المطلقة إلى جانب الإنتقام المطلق ؟ كيف يتحلى الله بصفة العدل المطلق إلى جانب العلم المطلق ؟ كيف يحاسب الله مخلوقاته ويكون حكيماً إذا كان يعلم أنهم سيرتكبونها ومع ذلك يكون عادلاً بالمطلق ؟.. إله مطلق العدل والحكمة يعني انه سيرحم المؤمن و سيعذب الكافر والشرير فلن يترك هفوة تمر , ومطلق الرحمة والمغفرة يعني انه سيرحم الجميع فلن يعذب أحداً .. لذا عندما يحقق الله العدل المطلق فلن يشوب ميزانه شائبة ولكن حينها ستسقط الرحمة والمغفرة المطلقة , وعندما يُفعل الرحمة والمغفرة لتطبق بلا حدود فستسقط العدالة المطلقة .

177 – مطلق القدرة والمعرفة .
يستحيل أن يكون الله مطلق القدرة ومطلق المعرفة فى ذات الوقت , فمن أحشاء هاتين الفرضيتين يكمن التناقض والإشكالية والإستحالة , فمطلق المعرفة يعلم كل ما كان وما سيكون بكل التفاصيل الدقيقة , ومطلق القدرة تجعله يفعل كل مايريد فى المستقبل فلا يحوله شئ , ولكن إذا إستطاع أن يُغير ويُبدل بحكم أنه كلى القدرة ففى نفس الوقت ستسقط عنه كلية المعرفة , وإذا حقق دوماً معرفته كما قدرها فهو ليس كلى القدرة .. يرجع هذا التضارب إلى أن هذه الصفات والرؤى بشرية تم إسقاطها على الإله مع إطلاق الصفات بلا حدود لتصيب فكرة الإله بالتناقض والإرتباك والعبث .

دمتم بخير .
"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " أمل الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .