وجهة نظر حول التيار الديمقراطي


غازي الصوراني
الحوار المتمدن - العدد: 5828 - 2018 / 3 / 27 - 14:50
المحور: القضية الفلسطينية     


27/3/2018

الحديث عن التيار الوطني الديمقراطي يفقد علميته ومنطقه حين يبتذل إلى مستوى النظر لكارثة أوسلو، والتعامل معها وكأنها نتيجة نهائية أو خيار وحيد ممكن لحركة الصراع الفلسطيني – الصهيوني، وبالتالي التأسيس عليها وكأنها منصة الانطلاق لأية مهام قادمة .
إن البديل المطلوب، لا بد وأن يكون من خارج أوسلو، لأن غير ذلك يضع النضال الوطني الفلسطيني ضمن دينامية سياسية اقتصادية اجتماعية في منتهى الخطورة، بحكم القيود والهيمنة التي كرستها دولةالعدو الاسرائيلي في الاتفاقات الموقعة وما تفرضه من وقائع مادية ميدانية، الأمر الذي يتيح لها تكريس مصالحها كإطار مرجعي يمكنها من استخدام عناصر تفوقها لتعزيز إنجازاتها من جانب، وقطع الطريق على محاولات النهوض الوطني الفلسطيني من جانب آخر بمساندة امريكية شديدة الصراحة والوقاحة التي تم التعبير عنها على لسان الرئيس الامريكي دونالد ترامب ومستشاريه في حديثهم عن ما يسمى بصفقة ترامب في عدائها للحقوق الوطنية الفلسطينية في الحرية والعودة وتقرير المصير والدولة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، وذلك بالتوازي مع عملية النضال السياسي الجماهيري لإنهاء الانقسام ودفنه وفق اتفاق القاهرة اكتوبر 2017 والبدء بالتحضير للانتخابات الديمقراطية للمجلس الوطني اينما كان ذلك ممكنا وللرئاسة والمجلس التشريعي كشرط لاستعادة وتجسيد وحدتنا الوطنية في اطار م.ت.ف من جهة وعبر نظام فلسطيني وطني تحرري وديمقراطي من جهة ثانية.
بناء على ما تقدم، "فإن مفهوم التيار الوطني الديمقراطي يعني رؤية الواقع ومستجداته وحركته، لخدمة الرؤية الشاملة للصراع الوطني التحرري والاجتماعي الديمقراطي التي تنطلق من العداء والنضال ضد الوجود/ التحالف الامبريالي الصهيوني وتابعه الرجعي العربي الرسمي خاصة في السعودية والخليج.
بهذا المعنى، تتضح فكرة القطع مع أوسلو ورفض ومقاومة الرباعية وصفقة ترامب والتطبيع العربي الرسمي ودويلة غزة المسخ وما يسمى بمؤتمرات ولجان الانقاذ المشبوهة ، باعتبار ذلك الرفض منهجا وخيارا وتجسيدا للمقاومة الشعبية لكافة تلك المخططات التصفوية .
هكذا تستقيم المعادلة وتنسجم، حيث يتجسد التيار الوطني الديمقراطي كعملية سياسية - اجتماعية – اقتصادية – ثقافية – كفاحية نقيضه لكل من المشروع المعادي، والفكر اليومي العاجز لليمين الفلسطيني.
يستدعي هذا الواقع من كافة القوى اليسارية والديمقراطية ( الجبهتين الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب وغيرهم من القوى والفعاليات التي تتوافق مع هذه المنطلقات ) العمل لتخطي الخلل، الذي حكم ممارسة المعارضة السياسية، إلى دور الرافعة وحامل مشروع التيار او البديل الوطني الديمقراطي المنشود. بما هو تعبير عن مشروع وطني تحرري اجتماعي ديمقراطي إيجابي في جوهره ومظهره مرتبط ارتباطا وثيقا بمنظمة التحرير الفلسطينية ومواثيقها كممثل شرعي ووحيد وإطاراً وطنياً تعددياً لشعبنا الفلسطيني.
وبالتالي فإن تخطي الأزمة التي تعاني منها القوى الديمقراطية الفلسطينية، مشروط بقدرتها على إعادة بناء ذاتها، وفق استحقاقات البديل الوطني الديمقراطي المنشود، والانتقال بالعملية من المستوى الفصائلي الضيق إلى المستوى الوطني الشامل، ومن المستوى التنظيمي المحدود إلى مستوى فهمها كعملية بنائية ترتقي عبرها القوى الديمقراطية أو التيار الديمقراطي من مستوى الفعل المحدود لبعض القوى السياسية والشخصيات الاجتماعية إلى مستوى الحالة الديمقراطية الشاملة لعموم الشعب الفلسطيني، التي بدونها يستحيل ترجمة مفهوم التيار الوطني الديمقراطي والبديل المنشود.