بانتظار رد طهران... أربعة مواقف 5 وأخير


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 5826 - 2018 / 3 / 25 - 14:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

الموقف الرابع


ظنك قاعدته: كل خلاف يمكن أن يتحول إلى اتفاق.

مد يد العون، السماع، إظهار معرفة الغير، التفاوض، البحث مجددًا عما تم البحث فيه، الاعتراف بالأخطاء أو الغلطات، إعطاء حق الشك، حق الاختلاف، حق الاختيار، حق التراجع، حق الصراخ بصوت هادئ، حق الانزواء مع أفكارك، حق الاحتفاظ بأفكارك وعدم فرضها على غيرك، حق بناء أفكارك، وبكلام علماء اللسانيات حق الفرد في أن يكون بنيته الفكرية، الاحتفاظ بحس إيجابي، التعاون بدافع إنساني، الإبداع لهدف كوني، الاستسلام للسلم، الخضوع للتقدم، القتال على كل جبهات القيم، الانتصار للغير، الإيمان للإيمان، الإيمان حرية، الحرية ثروة الإنسان في الأرض وفي السماء... من يبحث عن التعاون يرى قبل كل شيء وضعًا إشكاليًا لا شخصًا إشكاليًا.

في البدء: ثقة بالنفس وبالآخرين قوية بما فيه الكفاية لاعتبار النزاع كفضاء للتعاون لا للتصارع. هذه الثقة أمكنها أن تُحاك في وقت مبكر جدًا بأيدي آباء احترموا كلام أبنائهم ومشاعرهم، ودعموهم في السراء والضراء بدلاً من تذنيبهم أو تهديدهم. كذلك أمكنها أن تُكتسب بعمل تكون الذات محوره، وبهدف تكون الإنسانية محوره.

الناحية الإيجابية: غياب اللجوء إلى العنف، وفي نفس الوقت، غياب المفهوم المسيحاني للعنف، أثر العدوى الإيجابية على الآخرين، أثر المفاهيم الإيجابية على الشعوب، حل فعلي للمشاكل عبر استخدام الذاكرة الجمعية واستلهام أماني الأمم، تفادي الأدلجة والأسيسة، فكل شيء ليس إيديولوجيا، وكل شيء ليس سياسة، القدرة على المعاصرة، القدرة على حمل مسئولية العصر، القدرة على مقاربة كل المواضيع ذات "الخطر" بدون قلم المراقبة ولا مراقبة القلم.

الناحية السلبية: ميل للبعض إلى التركيز على الحل ورفض التحليل النقدي للأسباب، إلى الأخذ بعين الاعتبار ما يُجَمِّع وعدم الأخذ بعين الاعتبار ما يُفَرِّق، صعوبة البحث مجددًا عما تم البحث فيه أو صعوبة الاعتراف بالأخطاء تحت حجة يجب التقدم في المفاوضات وإيجاد مرتع للتفاهم وحل، الخوف من عدم الخوف من الفشل، الاطمئنان إلى التاريخ، الامتثال للظرف الموضوعي، للشرط الموضوعي، للوضع الموضوعي، دون الأخذ بعين الاعتبار الظرف الذاتي والشرط الذاتي والوضع الذاني أو عدم تقديم وتأخير الواحد عن الآخر لِهَمِّ الإسراع في التوصل إلى حل وإنقاذ ما يمكن إنقاذه أو لهموم السلطة والتزاماتها (ورطاتها).

نحو التوازن: التجرؤ على المواجهة والحديث عن الماضي لا لفصل الماضي عن الحاضر ولكن لوصل الماضي بالحاضر فمن لا ماضي له لا حاضر ولا مستقبل له، تعيين وتدبيج بكلمات واضحة ما يفرِّق، ما يسمم، ما يقلب حياة الحاكم والمحكوم إلى جحيم دانتي، قبول أنه لا يمكن إيجاد حل لكل شيء –بعض النزاعات هي مداخل للقطيعة لا مخارج لعودة الأمور إلى مجاريها، خاصة عندما لا تكون الأمور تجري في مجاريها يومَا- الاقتناع بأن العالم قرية صغيرة بمشاكله الواحدة للجميع، بامتيازاته الواحدة للجميع، الاعتراف بعدم تساوي هذه الامتيازات بين الجميع (وخلقناكم درجات) تحت شرط "استثمار أكثر استغلال أقل"، التحويل إلى كلمات ما هو سلبي من انفعالات (قلق، ضيق، انزعاج، انحراف المزاج، غضب، حزن، حذر، وحتى الكره، وحتى الرفض، رفض الآخر والرغبة في الإجهاز عليه، وحتى هذا سني وهذا شيعي وهذا كردي وهذا يهودي وهذا نصراني وهذا أمريكي وهذا فرنسي وهذا صيني وهذا سنسكريتي...) عندما تحضر انفعالات كهذه علينا قولها أو كتابتها بدلاً من تجاهلها وهمنا الانسجام في الاتصال والسلاسة. باختصار، وقوفنا أقرب إلى الواقع من مثلنا الأعلى.