أعلام العالم والسفراء


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 5811 - 2018 / 3 / 10 - 16:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

أعلام العالم.........................
قوس قزح علمها من عالمها، إضافة إلى أعلام كل بلدان العالم التي ستُرفع على سواري مقراتها. الظاهر عادي، فهذا ما تعمله المؤسسات كلها والهيئات، وغير الظاهر غير عادي، استثنائي في وضع الشرق الأوسط. بمقرنا في القدس، وجدت حلاً سحريًا لمشكلتها، وذلك كالتالي: مجرد أن نرفع علمي إسرائيل وفلسطين، مع باقي أعلام بلدان العالم، نقر حقًا للبلدين في القدس عاصمة. عبقرية هذه الفكرة! الفكرة لا صاحب الفكرة! صاحب الفكرة شيء مفروغ منه هاهاها! لكن الفكرة التي تولد من فكرة قبلها، وتلد فكرة بعدها ذات أبعاد أعمق من أبعادها، لهي شيء من التوالد الفكري، وأنا بهذا أجمع بين الوصف المنظم لتكوّن الفكرة، وبين إدراك أبعادها، وذلك لتدريب حواسي على هذا الإدراك أو ذاك، لهذه الفكرة أو تلك، غير ما يفعله الحمير من حكامنا! بفكرة رفع العلم الفلسطيني مع العلم الإسرائيلي مع أعلام كل بلدان العالم على سواري قوس قزح في القدس، ليس هناك فقط اعتراف ضمني بالقدس عاصمة لفلسطين، ولكن هناك كذلك شرط غير ضمني لهذا الاعتراف باعتراف كل بلدان العالم بالقدس عاصمة لإسرائيل. أنا بفعل إجماعي كهذا أُبطل قرارًا غير إجماعي، قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، فالعالم كله، مع قوس قزح، يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، بما فيه فلسطين، التي، القدس أيضًا عاصمتها، بشكل غير ضمني هذه المرة. الواقع ابن الوقائع (أنا هنا أتخلي عن ماركسيتي شيء طبيعي ولو بشكل مؤقت للسياق)، والوقائع لا تتوقف عند هذا الحد، لأنها تتعداه إلى واقع أبعد وأعم: مجرد أن نرفع أعلام العالم بما فيها العلم الإسرائيلي على سواري مقراتنا في العواصم العربية وباقي العواصم الشرق الأوسطية، نعترف ضمنيًا بإسرائيل، بانتظار أن يتحول هذا الاعتراف إلى اعتراف غير ضمني مع اتفاقات الاستثمار والخلق والإعمار التي ستجريها قوس قزح بينها وبين كافة الأطراف، والتي ستجريها كافة الأطراف بينها وبينها. إنها سعادة السلام في الحال! بنيامين نتنياهو عليه أن يبوس يدي "كحاخام" العقل الإسرائيلي هاهاها! على فكرة، بيريس ورابين كانا يبوسان يد ياسر عرفات الحاخام بدون كاف التشبيه، اللي بده يعرف أكتر، التفاصيل في كتاباتي. لكن بنيامين بده بعصة من دونالد، هو يعجبه هذا، متل صاحبنا كيم الكوري! هذا المعوِّق الذي يمارس عرقلة الأشغال السياسية شو بده أكتر من هيك؟ بعد إعلان رمزي عن دولة فلسطينية، حليت له مشكلة الهوية اليهودية والهوية العربية بهذا الإعلان، ففي احترام الهويات احترام للأقليات، وحليت له مشكلة اللاجئين بالتعويض المشروط بحرية التبادل وحرية التنقل، وحليت له مشكلة المستوطنين بالجنسية المزدوجة، وحليت له مشكلة العودة إلى حدود 67 بإبقاء الأمور على حالها، وهلأ حليت له مشكلة المشاكل القدس بفضل قوس قزح مع اعتراف العالم بها عاصمة لإسرائيل بأصول وعلى الأصول (عد يا قارئي إلى قراءة مقالي مرة ثانية فأنا لم أتخل عن القدس عاصمة لفلسطين)، اعتراف كل العالم، وليس فقط أمريكا! وبقوس قزح حليت له أهم الأهم مشكلة وجود إسرائيل نفسه في الشرق الأوسط، ووجود الشرق الأوسط مع إسرائيل، وجود الإنسان مع أخيه الإنسان والحيوان مع أخيه الحيوان! لَمَّا السياسة تتراجع قدام الاقتصاد، يعني نحطها على الرف، كل المشاكل تجد حلولها بشكل طبيعي، بشكل سريع، بشكل دائم، فأنا أتعامل مع السياسة كمزبلة أُخرج منها ملكات الجمال!


السفراء.........................


قوائم سفراء قوس قزح، على الرغم من أهمية كل الأسماء التي اقترحتها، سيعاد النظر فيها، عملاً بالتوالد الفكري -كما أسلفت- وبإملاء براغماتي معياره صدق الأفكار في قيمة عواقبها العملية. تعيين باراك أوباما مثلاً سفيرًا لنا في واشنطن، ودافيد كامرون سفيرًا لنا في لندن، ونيقولا ساركوزي سفيرًا لنا في باريس، انظروا كيف ستكون تعيينات أناس تحكموا في عجلة القيادة القيمة الخلاقة لعواقبها العملية (مهلاً يا قارئي هذه الأسماء أنا أسوقها كأدلة مفترضة، ولو أنها أدلة بالنقود كلها ممكنة، في الغرب الرئيس بعد الرئاسة يعود إلى قواعده كمواطن عادي سالمًا). أكثر من هذا: تعيين شيرين عبادي، جائزة نوبل للسلام، سفيرة لنا في طهران -بدون وشاح- سيكون تعيين كهذا، خاصة بدون وشاح، حدثًا لم تعهده الجمهورية الإسلامية من قبل. في أعين الغربيين هو ثورة للنظام الإسلامي العصري، وفي أعين الإيرانيين هو ثورتان للمذهب الشيعي الثوري، وذلك للمرأة الإيرانية التي ستختار بين عالم النقاب وعالم السفور، وللرجل الإيراني الذي سيختار، هو كذلك، بين عالمين لا يتعارضان مع الإسلام، عالم العنف ضد المرأة وعدم المساواة في الأجر وعالم عدم العنف ضد المرأة والمساواة في الأجر، هذا طبيعي، هذا لا مفر منه. على فكرة، أنا أثبت علميًا في أكثر من مقال أن الحجاب ليس فرضًا، الأشقاء سيفهمون ذلك مثلما كان روح الله يفهم غير ذلك، فلا يوسوس لهم الشيطان، ولا تكون المخلوقات، هي وأفعالها، "مناسبات" لوجود موجودات وأفعال أخرى بفعل الخالق. رائف بدوي سفير لنا في السعودية، بتعيين كهذا نحرره من الاعتقال ظلمًا، وندشن عهدًا حرًا بالفعل جديدًا. إيهود باراك سفير لنا في إسرائيل، خير من يمثلنا كرئيس وزراء سابق، فهو رَادَ ممرات سياسة بلده طولاً وعرضًا، وهو أكثر من سيقنع الساسة بملفات الصناعة الخاصة بإسرائيل كبلد لعاصمة من عواصم الشرق الأوسط الفذة الخمس. محمد مرسي سفير لنا في مصر -شرطنا عليه تعليق إيديولوجياه في الخزانة- سنحرره من الاعتقال ظلمًا، وسنحيّد الإخوان المسلمين تحييد أصحاب المنطق لا أصحاب الدين. في المغرب سيكون لنا سفير أحد جوائز نوبل للآداب، لوكلوزيو مثلاً، فالرباط عاصمة فذة للثقافة. وهكذا مع كل عاصمة من العواصم حسبها، أو حسب سفيرنا. أما أعظم اختيار لسفير، أعظم حدث في التاريخ المعاصر، حسن نصر الله سفير لنا في لبنان. إنه مقدود من صخر، هزم جيشًا شر هزيمة، وتربع على عروش الأفئدة زمنًا طويلاً، بمعنى أنه قادر على تبديل شكله، والنصر لنفسه، وبالعلمانية اجتياح أفئدة الشيعة وكل الباقين، بدون أية نزعة إلى إعاقة التقدم وانتشار المعرفة، فثقافة البندقية ثقافة الأمس، وثقافة التكنولوجيا ثقافة اليوم. لكن... لكن... أهم الأهم، أنا بتعيين كهذا أعيده إلى مسرح السياسة العالمي ليلعب الدور الذي هو جدير به، وليكون حزب الله حزب الحضارة لا حزب "الإرهاب"، كما يجري تصنيفه في الغرب. الشيء نفسه فيما يختص بالملفات: الأمير شارل لملف الحريات وحقوق الإنسان والحقوق المدنية، صناعي الطائرات داسّو لملف الصناعة، دومينيك ستروس-كان الرئيس السابق لصندوق النقد الدولي لملف العلاقات بين قوس قزح وصندوق النقد الدولي و و، المهندس العالمي بويغ لملف الإعمار، سيمون دو بوفوار لملف المرأة والعائلة هاهاها! قارئي يعرف لماذا أضحك!!! الأمير ويليام والأميرة كيت لملف الآفات الاجتماعية، هيلاري كلينتون لملف اللوبيات، جوليانا جولي لملف الفقر، فرانسوا هولاند لملف البيئة، زين الدين زيدان لملف الرياضة، مؤسس أطباء بلا حدود موسيو كوشنير لملف الصحة، أمين معلوف لملف شرق أوسط الأنوار... إلى آخره. ليس بالنقود وحدها تعمل الشخصيات العالمية معنا، بل وبالملفات الكبرى كذلك ذات المرامي الكبرى. من يريد من الشباب والكتاب والقراء الانضمام إلى طاقم المؤسسة الدبلوماسي لأجل المنصب الثاني في الممثلية أو الثالث أو أو أو، أو الانضمام إلى طواقم ملفاتها، يلزمه أن يقيم في عاصمة البلد أو في عواصم المقرات الرئيسية الثلاثة، فلا يحتاج إلى فيزا، ويلزمه أن يرسل مع السي في شهادة حسن سلوك، فلا يوضع موضع الشك، وهذا ما سأتكلم عنه في وقته.