خمس همسات في أذن حسن نصر الله


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 5808 - 2018 / 3 / 7 - 12:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

الهمسة الأولى

أنا منطقي مع نفسي ومع غيري، مع الناس ومع الأشياء، لِأسود نفسي، وأجعل سيدًا من غيري. أنت منطقي مثلي، ولا تغرنك اللحية والجبة والعمامة، في المرآة غيرك في الحياة. فهل هناك غير المنطقي الذي هزم إسرائيل، وهل هناك غير المنطقي الذي هدهد لبنان، وهل هناك غير المنطقي الذي تورط في سوريا، وهل هناك غير المنطقي الذي تآخى مع إيران، وهل هناك غير المنطقي الذي يغدو حسن نصر الله الإنسان في الفراش. لهذا، من باب المنطق أن تكون العلمانية قدر وقتك اليوم في لبنان، بعد أن جرب لبنان الطائفية، وجربتها، دون أن تكون الطائفية لا منطقه ولا منطقك. بتأسيسي للعلمانية في بلد الأرز والعقل، أنت تأتي عندي، أنا لا أذهب عندك، وإن كنت عندك، فتكون الأقوى. تأتي عندي بوصفك الديني والمدني، هذا ليس منطقي، هذا منطق العلمانية التي تفصل بينهما كنظام، وتصل بينهما كأمانٍ.

الهمسة الثانية

يا الله، يا حسن، بوصفك الديني روح احكم لبنان! احكم الجنوب، احكم البقاع، احكم حيين تلاتة من بيروت، أما أن تحكم لبنان، فلن يكون لك ذلك إلا في الأحلام! لكن بوصفك المدني ستحكم لبنان ورب لبنان ورب رب لبنان. أنا لا أقرأ بختك ولا بخت لبنان، فلست الدجال مثل كثيرين تعرفهم، قلت لك أنا منطقي مثلك، أنا أقرأ العلمانية، وكيف ستحكم لبنان بالعلمانية، لأن العلمانية تقول انتخابات حرة بدون مذهبية، وبصفتك الفردية ستحصد أصواتًا من الشيعة ومن السنة ومن المارونية ومن ومن ومن، من كل اللبنانيين.

الهمسة الثالثة

الأحزاب الدينية بعضها مصنوع بيد الغرب، حزب الإخوان المسلمين أحدها، الله يسترنا! وبعضها مولود من إرث ديني بعيد، حزب الله أهمها. لكن هذه أو تلك، يرفع الغرب يده عنها في الصراع الدائر، تصفي نفسها بنفسها. للغرب أجندات، أنت، المنطقي مثلي، تعرفها، وأنا أعرفها. لهذا لا علاقة بالعلمانية، لهذا علاقة بمواقع النفوذ التي أريدها أن تكون مواقع للاستثمار، مواقع للبناء، لا مواقع للهدم، فالنفوذ هدم، التي أريدها أن تكون مواقع للنقود، مواقع تمسح عن عيني الأمهات الشيعيات الدموع. لهذا كانت العلمانية للغرب ولنا اليد العطوف، فهم الغرب هذا عنده، وسيفهمه عندنا، أمريكا أول من ستفهمه عندنا، وفي اعتقادي بدأت تفهم بقلمي المستقبل عندنا وعندها، المستقبل بالعلمانية. وبالعلمانية حزب الله لا يصفي نفسه بنفسه، حزب الله يرقى بنا وبنفسه، بلحية مشذبة طيب، بس بقميص وبنطلون.

الهمسة الرابعة

ولاية الفقيه أنا لا تزعجني، أنا لا أعوي في سهوب مئات آلاف المقالات ضدها كما يعوي أصحابها، ولاية الفقيه حكم ككل حكم، لكن الأهم، المنطقي، أي حكم؟ ولاية فقيه بدون اقتصاد معاصر وحداثة من كله لن تقف على قدميها، أيوه حتى ولاية الفقيه! رب الفقيه ورب رب الفقيه لن يقف عما قريب في وجه الثورة الرقمية التي ستجتاح إيران أول ما تجتاح ثم الشرق الأوسط والعالم. الناس في العلمانية شو همها الحكم، الناس في العلمانية همها الشغل، فالعلمانية النظام الوحيد القادر على مماشاة الثورة الرقمية، ومماشاة الثورة الرقمية ما بدها تهديد الناس الدائم بشبح الحرب وباقي الأشباح لنُخضع الناس، ما يُخضع الناس هو الشغل، والناس شو همها مين يحكمها -الناس في إيران خاصة في إيران- طالما هي تعمل وتكسب وتزدهر.

الهمسة الخامسة

إسرائيل هزيمتها كانت في سياق ليسه اليوم، أنا لا أتكلم عن كم صاروخ عندك وعندها وكم مدفع، وعن إيرك أكبر من إيرها! وأهم الأهم، سياق الهزيمة لا يدوم إلى الأبد، وبكلام المتطرفين في حزب الله، لن نديمه إلى الأبد، لنكون، لنوجد، كحزب طائفي، إلى الأبد. ليس هذا ما يقوله المنطق فقط، بل والوقت. إنها سنة الزمن، إرادة العصر، إرادة التطور، شيوعية الشيعي، الشيعي الراقي في عقله، سليل الملاحم، ملحمة الحسين، وملحمة التقدم، وملحمة السلم، ملحمة الحرية للشيعي هي ملحمته. سياق النصر سيكون من هذه الناحية، ناحية ملحمة السلم، فالاسرائيليون بشر مثلنا، والمقاومة مقاومتنا ومقاومتهم في هذا السياق، سياق السلم، والعيش كجيران، سياق العيش المشترك، والمستقبل المشترك، سياق النصر الحياتي للجميع.