كلمة العراقيين في الخارج لمؤتمر تجمع عقول- جاسم المطير


قاسم حسين صالح
الحوار المتمدن - العدد: 5806 - 2018 / 3 / 5 - 21:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     


كلمة العراقيين في الخارج لمؤتمر تجمع عقول
الكاتب جاسم المطير
احييكم ، يا اصحاب العقول المتحركة، يامن انغرست حريتكم مع حرية الشعب ، كله، حرية الطيور الجريحة في بغداد لجعلها قادرة على الرفرفة.
أحي من وُلد عقله في زمان الانحطاط الثقافي، الذي مرّ بتاريخ بلادنا ، مسيطرا على بغداد وما زال مسيطرا ، مع الاسف.
احي كل من عانى من متاعب اخلاق الحاكمين، الجاهلين ، في الفترة الطويلة الماضية من حكم الطغاة والعتاة حيث اختلط الخير والشر بإناء واحد.
احييكم، يا اصحاب عقول بغداد، من بلد الغربة القسرية حيث العقول لا تكتفي بلعنات الظلام ،بل تبحث كل يوم وكل لحظة، عن وسائل تجعل النور مشعا في كل مكان وزمان.
اليوم، في اجتماع تعقدونه، بشجاعة وتصميم، يسيطر علينا مثلما عليكم ، طموح نبيل .. يسيطر عليكم وعلينا مجد العمل المنتظر، الواسع السريع ، من اجل ان يكون للجزء العاقل من الروح الشعبية والثقافية دور اكبر من الجزء الانفعالي، الغاضب والسطحي، في ادارة دولة نشأت بظرف ليس طبيعيا عام 2003 ، حيث صار حكامها الرأسماليون الجدد الاغنياء بديلا عن العقلاء العلماء ، حيث صار قادرا بالتحكم في كل مصائر الشعب وثرواته من هو متعطش للجشع بديلا عن العقل وشجاعة الرأي تحت مسمى من مسميات الديمقراطية، بمعنى بقاء الديمقراطية مهما ارتدت من اثواب شكلية لا تساعد الناس البسطاء الفقراء على الانتصار على عقل اغنياء جهلاء لأنهم لا يملكون السلطة ولا الحرية الفكرية ولا الديمقراطية الانتخابية.
عقول العلماء العراقيين غدت اليوم في اسفل السُلّم الثقافي في بلاد الابداع الانساني الاول لأن في اعلى السُلّم العراقي الحاكم يقف نوع من قادة متساهلين او خائفين من كل انواع الطغاة والبغاة وهم نقيض الصعود الى التطور والتقدمية. يقف، اليوم ، في اعلى السلطة من ليس مجدّا بمسؤولية الدولة الاتحادية او متحمسا لرفاهية الشعب او مقدرا لكفاءة العلماء. هكذا مرت 14 من السنين العجاف جمدت فيها عقول بلاد الرافدين لكي ينقب عن كنوزها طامعون ويحتل مناصب الدولة ومؤسساتها جاهلون .
بغداد ، دار السلام، بغداد دار الحكمة، غدت داراً للحرب والجهل، غدت اقل انتاجا علميا ، اقل سعادة، لأن بعض مسؤولي هذا الزمان الخامد في الحاضر الفاسد، لا يقدم للناس غير الخبيث من الفكر الطائفي والبؤس العشائري .. صار الظالم من العطاء والتعيس من الاداء متفوقا على حكمة العقول وابداع العلماء.
من دون عقولكم، ايها المجتمعون الكرام، يبقى الانحطاط الثقافي متزايدا ببغداد ، كل يوم ينحدر عنها العدل بعيدا ويتكاثر فيها البؤس ويعم الجهل بالمدينة والريف، بالزراعة والصناعة، بهذا وذاك يظل الظلم والشقاء قائمين على الناس على ضفاف النهرين الخالدين دجلة والفرات وعلى ضفاف شط العرب ا]ضا حيث اعظم الثروات البترولية.
ننتظر منكم يا عقول بغداد ان تستمروا بالسهر والتخطيط والعمل من اجل ان يكون صوتكم انسانيا عارما يرن باسماع كل من في اذنيه وقر
يا عقول الرافدين، المنحدرين من الشمال الى الجنوب مرفودين بكثير من الينابيع، نأمل ان ترن اجراس قاعة اجتماعكم اليوم لتنبيه الناس بكل مكان الى ما يلي:
1. الطغيان لا يتم القضاء عليه بالهرطقة والجهل والعناد المتبادل، بل بدستور ديمقراطي حقيقي يسهم بإعداده اصحاب عقول، ينتزعون حق الشعب في المساهمة بصياغته وامكانية تعديله ،كلما اقتضت الحاجة والتجارب.
2. ينبغي مساعدة الناس على التمييز الحق بين العدالة الاجتماعية العامة والعدالة الفردية الخاصة. العدالة الاجتماعية هي الفضيلة الشاملة يدفعها العقل الانساني الى امام ، بينما العدالة الخاصة تظل مرهونة في صالونات الحكام ومريديهم لزيادة ظلمهم على الناس اجمعين.
3. مطلوب من عقول العراق تربية الاجيال الجديدة، تربية مستقبلية جديدة النوع والاسلوب، كي لا تغرق هذه الاجيال بظلاميات الماضي. العقول النيرة تتحدى موجات تريد رمي الاجيال الشبابية المتعاقبة في روح الازمان الماضية الميتة.
4. مساعدة الجميع على اطلاق العنان للبحث العلمي والتماس كل ما يساعد الباحثين على تمجيد اكتشاف جميع ما يتجاوز القواعد الكلاسيكية في المعارف العقلية
5. العمل من اجل تحقيق الوحدة المدنية بين الناس .. ليس هناك افضل من طبيعة الروح المدنية ووسائلها الناجحة كي تجعلوا بلادنا ودودة مع الجميع ، تزهر ولا تذبل.
6. مهمة عقول الرئيسية هي البحث عن الرأي الراجح في كل جدال وحوار ..مهمتكم نبيلة يا عقول بغداد هي البحث العقلاني عن اسباب كل خطأ سياسي – اجتماعي- اقتصادي لكي يكون ينبوع المعرفة اليومية امينا في تدفقه واصيلا .
يا عقول العراق النيرة اتمنى لكم النجاح ،عن بعد، و لمؤتمركم الفلاح . يؤسفني عدم قدرتي على نيل شرف الجلوس الى جانبكم والتمتع بحسنات جرأتكم بتسمية كل اشياء مجتمعنا وبلادنا ودولتنا وحكوماتنا بالنقاط والحروف، الصريحة الواضحة، حتى يعرف كل انسان عراقي واجبه ومسؤوليته.
لكم التحية ثانية ايها الاصدقاء الاجلاء
الكاتب جاسم المطير - هولندا