احتفالية تكريمية في منتدى بغداد للثقافة والفنون ببرلين


كاظم حبيب
الحوار المتمدن - العدد: 5805 - 2018 / 3 / 4 - 13:45
المحور: الادب والفن     

اقام منتدى بغداد للثقافة والفنون احتفالاً تكريمياً ممتعاً وبهيجاً للزميلين الفاضلين الأستاذ أحمد عفاني، المهندس والإعلامي والكاتب والمثقف والناشط العربي الفلسطيني في صفوف الجالية العربية بألمانيا، ولاسيما ببرلين، والصديق الدكتور حامد فضل الله، الطبيب والكاتب والمثقف والناشط الحقوقي العربي الأفريقي السوداني، لدورهما المميز في مجال تمتين العلاقات بين أبناء وبنات الدول العربية والشعب الألماني، الذين يعيشون في كنفه وبين أبنائه وبناته ويتمتعون بثقافة هذا الشعب الرائعة، ويسعون إلى تحقيق التلاقح الثقافي بين الثقافات، ولنشرهما الكتب والكثير من المقالات والترجمات من الألمانية إلى العربية ومن العربية إلى الألمانية حول مواضيع مهمة في الثقافة والفنون وقضايا المسلمين والعرب عموماً بألمانيا. إضافة إلى كونهما من المناضلين ضد الشوفينية والعنصرية والتمييز الديني والطائفي وضد النظم الاستبدادية وغير الديمقراطية، وفي سبيل الحرية والحياة الديمقراطية والمجتمع المدني في منطقة الشرق الأوسط وفي سبيل السلام. وتضمن الحفل كلمة ألقاها الزميل عصام الياسري رئيس المنتدى حول الثقافة والمثقف ودورهما في حياة الشعوب العربية وفي الشتات العربي، وأهمية تنشيط الحياة الثقافية في صفوف الجالية وضرورة إيصالها إلى الألمان أو التمتع بالثقافة الألمانية، مؤكداً على دور المثقف العربي الديمقراطي في نشر الفكر الديمقراطي الحر والثقافة الديمقراطية والدفاع عن القيم الإنسانية والحضارية، ومنها الثقافة والفنون التي تعاني اليوم الأمرين في الدول العربية. وكان التفاتة جميلة أن تقدم الكلمة باللغة الألمانية أيضاً، بسبب حضور مجمعة من النسا والرجال الألمان من أصدقاء الزميلين والمنتدى.
ثم قدم كل من الزميل عصام الياسري ملف التكريم إلى الأستاذ أحمد عفاني، والزميل قيس الزبيدي ملف التكريم للدكتور الطبيب حامد فضل الله. تضمن الملفان كلمات تقييمية ودية من أصدقاء الزميلين بهذه المناسبة، كما تضمنا صوراً عن حياتهما ونشاطهما في الوطن وفي المانيا. ثم قدم الزميلان نبذة عن حياتهما ونشاطهما في الوطن وألمانيا في مجال الثقافة والحياة الاجتماعية للجالية في ألمانيا، إضافة على مجال الطب بالنسبة للزميل حامد فضل الله، ولاسيما في مجال الدفاع عن مصالح الجالية وحقوق الإنسان في بلدانهم.
وقد تخلل الاحتفالية عزف جميل على العود وغناء عربي من عازف العود ذاته. وقد غصت القاعة بالحضور وأجبر العديد منهم على الوقوف احتفاء بالزميلين. كان هذا التكريم هي المبادرة الثانية من جانب المنتدى في تكريم الشخصيات الثقافية والفنية والاجتماعية من مواطني ومواطنات الدول العربية وألمانيا، وكان الأول هو الزميل الفنان التشكيلي المبدع منصور البكري، الراقد حالياً في المستشفى..، نتمنى له الشفاء العاجل والعودة إلى إبداعه في الفن التشكيلي وفي النشاط الثقافي العام. وقد وضع المنتدى مشروعاً لتكريم شخصيات تعيش في المانيا وتساهم في حياة ونشاط الجالية العربية والعراقية.
وقد شاركت بهذه الاحتفالية بكلمة عن صديقي الفاضل والعزيز الدكتور حامد فضل الله التي وضعت في ملف التكريم مع بقية الكلمات، كما شاركت منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان في العراق، ألمانيا/أمرك بكلمة بهذه المناسبة وضعت في الملف أيضا. في أدناه نص الكلمتين:
الصديق العزيز الدكتور حامد فضل الله
يعتبر الصديق الدكتور حامد فضل الله واحدا من أبرز أعمدة وشخصيات الحياة الثقافية والاجتماعية العربية بألمانيا، ولاسيما ببرلين. تجمعنا صداقة ما بعد الخمسين من العمر التي غالباً ما تقوم على المبادئ وبعيداً عن المصالح، إذ تعتمد الأخوة والفهم المتبادل عند الاختلاف، والتضامن والتعاون والعمل المشترك في حقول الثقافة وحقوق الإنسان والمجتمع المدني وهموم العالم العربي المتراكمة والمتفاقمة. ومنذ بداية التسعينات أصبحنا أصدقاء لما تبقى من العمر. أرجو له ولعائلته ولكم طول العمر والصحة والعافية.
للصديق والأخ حامد فضل الله خصال لا تفوت على من يتعرف عليه. فهو إنسان متواضع، دمث الخلق وشفاف الطبع، طيب المعشر، كريم النفس، صريح ونزيه اللسان وصادق القلم، يمد يد المساعدة بأكثر من المستطاع، مما يكلفه صحته. له علاقات ودية واسعة مع العرب وغيرهم ببرلين، بغض النظر عن وجهات نظرهم السياسية، فالعلاقات الاجتماعية عنده ذات نكهة إنسانية حميمة يفترض ألَّا تضيع في أجواء اختلاف الآراء أو المواقف السياسية، له رأيه ومواقفه السياسية الإنسانية في الدفاع عن حقوق الإنسان وكرامته، وحقوق القوميات، وحقوق المرأة ومناهضة كل أشكال العنصرية والطائفية، والتمييز الديني والمذهبي، والتمييز ضد المرأة. الصديق حامد من الملتزمين بالحكمة المندائية التي تقول: "ويل لعالم لا ينفتح على غيره، وويل لجاهل منغلق على نفسه".
حين بدأت أبحث عن شخصيات ديمقراطية من دول عربية تشارك معي في تشكيل منظمة تساهم مع منظمات أخرى في الدفاع عن حقوق الإنسان في الدول العربية، وبعد أن كنت عضواً في المنظمة العربية لحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية منذ الثمانينيات من القرن الماضي، وجدت في حامد فضل الله ونخبة من الأخوة والأخوات من الدول العربية، خير عون وناشط في هذا المجال، وهو ما يزال يناضل على هذا السبيل. وفعلاً أسست "منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان في الدول العربية" في العام 1991، وقدمت الكثير من المساعدات للاجئين والمقيمين من الدول العربية، ولكنها أصبحت ميتة سريرياً!
حامد طبيب نسائية، فأضفت عليه مهنة الطب النبيلة، ولاسيما النسائية، الكثير من نكهة المرأة والود الصادق والوفا للأصدقاء والدفء الإنساني في علاقاته مع الآخرين، كما وجدت طريقها إلى كتاباته وقصصه القصيرة، التي تحمل عبق النسوة والطرافة واللقطة المميزة والذكية والمؤثرة.
حامد كاتب مقل ومتميز، كتاباته تتميز بلغة سليمة ورشيقة، يختار كلماته كما يختار الطبيب الدواء الناجع لمريضه. ويمكن للقراء أن يجدوا ذلك في كتابه الوحيد والمهم الموسوم "أحاديث برلينية" وضع فيه خلاصة تجاربه وحياته وعلاقاته منذ أن غادر السودان ليحط بألمانيا ليدرس اللغة والطب والثقافة الألمانية.
حامد مثقف عضوي هادف ومؤثر بالمعنى الغرامشي. يكتب الشعر الشعبي بالسودانية، ومقل فيه أيضاً، ويحفظ الكثير من الشعر السوداني الشعبي، ويبدع في استخدامه.
حامد قارئ نهم باللغتين العربية والألمانية، أحب الترجمة إلى جانب الكتابة. يختار منها ما يراه نافعاً للعرب، ولاسيما المسلمين، بما يساعدهم على فهم الألمان وثقافتهم، وما يفترض أن يكونوا عليه وبعيداً عن التطرف الديني أو القومي والمغالاة بها، كما يترجم ما يراه نافعاً للألمان لفهم مواقف ونهج العرب بعيداً عن مواقف الذين اكتووا بنار الحروب والإرهاب التي تركت تبعاتها وتداعياتها وأخلاقها على سلوكيات بعضهم المشينة. يقف بوضوح إلى جانب اللاجئين ويطالبهم بالاندماج بالمجتمع الألماني والأوروبي وليس الانصهار فيه، ويثني على مواقف الألمان في استقبالهم للاجئين ويطالبهم بالمزيد من قبول الآخر والتفاعل معه والتلاقح الثقافي وتوفير مستلزمات تنشيط وتسهيل عملية الاندماج بالمجتمع الألماني.
محاولات حامد الفكرية والعملية جادة في إيصال الفكر والأدب الديمقراطيين السليمين في الثقافة العربية إلى الألمان، وهي مشاركة مهمة ومحمودة وتحتاج إلى رعاية للإكثار منها. يمتلك حامد حساً نقدياً رفيع المستوى مدركاً لدور النقد وضروراته وأهميته، صريحاً وجريئاً في ممارسته، ولكنه يرفض الإساءة والتجريح!
همٌ إنساني نبيل يؤرق حامد، إنها العلاقة المتوترة وضعف التعاون والتضامن بين جاليات وأفراد الدول العربية. فالاستبداد الحكومي والحروب والإرهاب والقمع والفساد والحرمان وغياب الحريات والحياة الديمقراطية والدستورية وتفاقم الفجوة بين مستوى حياة ومعيشة الأغنياء المتخمين، والفقراء البائسين، رغم غنى الأوطان، هي الظواهر السائدة منذ عقود بالدول العربية، والتي تركت آثارها السلبية العميقة على العلاقات بين مواطنات ومواطني الدول العربية بألمانيا وعموم أوروبا. وكثيراً ما بذل حامد الجهد لإصلاح ذات البين، ومنها مثلاً دوره النبيل لإصلاح العلاقات المتوترة بين الجماعات العراقية ببرلين، والتي لم ينجح في تحقيقها، وكذا الحال في سعيه للمّ الصف السوداني بعيداً عن السياسة، فالمشتركات الثقافية والاجتماعية والإنسانية أكثر بكثير من دور السياسة في التفريق والتباعد... الود وعدم نسيان الأصدقاء والأحبة والحنين والوفاء لهم هي من أبرز خصاله الطيبة.
لا يغيب حامد عن الندوات الثقافية التي تعقدها المنتديات العربية ببرلين إلا إذا كان في وعكة صحية. ويساهم بحيوية فيها ويدعو الآخرين للمشاركة فيها، لاسيما وهو يلاحظ الإحباط الشديد في صفوف مواطني ومواطنات الدول العربية واحجامهم عن المشاركة في مثل هذه الفعاليات، باعتبارها جزءاً من الكارثة التي تعاني منها شعوب الدول العربية بحكم الاستبداد السياسي والحروب والإرهاب والخراب الاقتصادي والتدخل الأجنبي الدولي والإقليمي والإحباط النفسي والتمييز ضد المرأة، إنها جزءٌ من المهمات التي يفترض أن ينهضوا بها، وهم في الخارج، مواطنات ومواطنو الدول العربية لصالح شعوبهم.
الشكر الجزيل للأخ عصام الياسري ومنتدى بغداد الثقافي على هذا التكريم الجميل، فهو تكريم صادق لشخصية ثقافية وإنسانية نبيلة، إنه الأخ والصديق الدكتور حامد فضل الله.
كاظم حبيب
برلين في 3 تموز/ يوليو 2018

السيدات والسادة الكرام
الأخ والصديق الدكتور حامد فضل الله المحترم
اسعدنا جداً مبادرة تكريمك من قبل منتدى بغداد الثقافي ورئيسه الأخ السيد عصام الياسري. فهي مبادرة قيمة يشكرون عليها.
منذ أن تعرفنا على الأخ الدكتور حامد فضل الله في حقل النضال في سبيل الدفاع عن حقوق الإنسان في الدول العربية وعن حقوق الأجانب واللاجئين في ألمانيا في أوائل العقد الأخير من القرن العشرين، كان وما يزال يعتبر مثالاً وقدوة حسنة لأعضاء منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان في الدول العربية، وكذلك مسانداً لنضال منظمتنا، منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان في العراق/ أمرك المانيا. فمنذ سنوات وهو يتابع، بحرص كبير على شعب العراق، أوضاع البلاد والحروب المدمرة التي خاضها نظام صدام حسين والعواقب الوخيمة التي نتجت عنها، ولاسيما في مجال حقوق الإنسان، ولاسيما حق الإنسان في الحياة والعمل والكرامة. كما كان وما يزال يتابع باستياء كبير التدخلات الخارجية الدولية والإقليمية في الشأن العراقي، وما نشأ عنها من حروب وصراعات دموية، والتي ما يزال يتعرض لها العراق وما نتج عنها من موت وخراب ودمار، ولاسيما بعد غزو عصابات داعش الإجرامية للموصل ومناطق أخرى من العراق. وأدرك بحس سليم، ومنذ البدء، ما يمكن أن يتعرض له العراق بسبب الحرب التي شنتها الدول الكبرى بقيادة الولايات المتحدة في العام 2003 ضد العراق وإقامة نظام طائفي سياسي فاسد في البلاد.
أننا إذ نحيي العزيز حامد في يوم تكريمه، نرجو له الصحة الموفورة والمزيد من العطاء في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان والمجتمع المدني في الدول العربية قاطبة. مع صدق ودنا واحترامنا الكبيرين
الدكتور غالب عبد العزيز العاني
رئيس منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان في العراق/ ألمانيا أمرك
هامبورغ في، 03.03/2018